ما الذي تفعله امرأة محجبة في مجلة "بلاي بوي"؟ الفكرة صادمة نظراً إلى سمعة المجلة الإباحية المرتبطة في ذهن الكثيرين بصور النساء العاريات. لكنّ نور الطاغوري (22 عاماً) لم تظهر عارية في المجلة، ولم تطلّ من باب استعراض مفاتنها، بل اختارتها المطبوعة الأمريكية من بين ست شخصيات (4 نساء، ورجلين)، أسمتهم بـ"المرتدّين" (Renegades of 2016). وخصت المجلة الشخصيات المختارة ببورتريهات قصيرة مرفقة بمقابلات، توضح مكامن جموحهم، وقدرتهم على التغيير في المجتمع، كل واحد في مجاله.
مالكوم أكس مرّ من هنا
هذه ليست المرة الأولى التي تحاور فيها "بلاي بوي" شخصيات خارجة عن المألوف إن جاز التعبير، إذ سبق ونشرت خلال تاريخها مقابلات مع فلاسفة، ومفكرين، وثوّار، وفنانين، مثل فرانك سيناترا، وبرتراند راسل، ومايلز دايفس، ومالكوم أكس، وفلاديمير نابوكوف، وإنغمار برغمان، وسلفادور دالي، ومحمد علي كلاي، ومارتن لوثر كينغ، وجان بول سارتر، وفرديريكو فيلليني، وحتى فيديل كاسترو. الصورة المتداولة عن كون المضمون الذي تنشره المجلة إباحي حصراً، فكرة مغلوطة، إذ أنها شكلت خلال الستينيات حاضنة لثورة ثقافية على مستويات عدة، واعتبرت صورها في حينه أداة تحرّر. حالياً، تحاول المجلة أن تراجع ما بقي لها من إرث ثوريتها وطليعيتها في الستينيات، بعدما قررت التوقف عن نشر صور عارضات أزياء عاريات، بهدف التماهي مع ثقافة جيل جديد من القراء. وبررت المجلة قرارها بأن صور العري باتت متاحة في كل مكان على الانترنت، ولم يعد أحد بحاجة لشرائها مطبوعةً. ورأى بعض خبراء الميديا، أن خيار "بلاي بوي" ناتج عن رغبتها بتوسيع إطار جمهور قرائها، ليشمل شريحة من الشباب ترفض ما تمثله المجلة من تشييء لجسد المرأة. في هذا السياق، لا تشكّل مقابلة نور الطاغوري أمراً صادماً، كونها من الشخصيات التي يتطلع إليها جمهور قراء المجلة الجدد.
أول مذيعة محجبة
قلة ربما لم تسمع باسم نور الطاغوري، فالشابة العشرينية تشغل مواقع التواصل منذ ثلاث سنوات وأكثر بجرأتها، وبإصرارها على تحقيق حلمها بأن تكون أول مذيعة محجبة على التلفزيون الأمريكي. ففي العام 2012، أطلقت حملة عبر وسم LetNoorShine لمساعدتها على تحقيق حلمها.
حالياً، تعمل الطاغوري في منصة لإنتاج الفيديو على الانترنت تدعى Newsy، وتجري تحقيقات صحافية عن مواضيع تمس المهمشين. ومن خلال نشاطها على تويتر وإنستغرام وسنابشات، تحولت نور بسرعة إلى أيقونة للنساء المحجبات في الولايات المتحدة، لرفضها بأن تحجّم، أو توضع في خانات معينة، أو تعتذر عن رغبتها في تحقيق أحلامها وطموحاتها، لمجرد أنها محجبة. هكذا، شاركت في محاضرات تحفيزية كثيرة، وساهمت بإنتاج خطوط أزياء للمحجبات. الطاغوري أميركية من أصل ليبي، ويتابعها حالياً على تويتر نحو 28 ألف متابع، وعلى إنستغرام نحو 153 ألفاً.
أقوال جاهزة
شاركغردهل أساءت الصحافية الأمريكية من أصل ليبي إلى دينها وحجابها حين وافقت على الظهور في أشهر مجلة إباحية؟
شاركغردشخصيات مؤثرة مثل جان بول سارتر وفيديل كاسترو ومارتن لوثر كينغ أطلت على صفحات بلاي بوي في السابق
لا اعتذارية
في حديثها مع مجلّة "بلاي بوي"، قالت الطاغوري ردّاً على سؤال، إنها ستعتبر نفسها نجحت في إحداث تغيير ما في المجتمع، "حين تدرك كل الفتيات أنهنّ قادرات على فعل أي شيء يردنه من دون التضحية بما هنّ عليه كأفراد". وأضافت: "قد تكون ملابسي مختلفة قليلاً، فأنا صحافية أرتدي غطاءً على رأسي، لكن كوني راوية، ومحاضرة، ورائدة أعمال، ولا اعتذارية، فتحت الباب لآلاف الأشخاص. منذ مدة التقيت بسيدة قالت لي أنّ ابنتها في الصف السادس بدأت بارتداء الحجاب، وتعرضت لمضايقات من بعض الفتايات اللواتي كن يحاولن نزع حجابها. وأخبرتني أن ابنتها تشاهد كل فيديوهاتي، وتقول لكل من يضايقها: "فتشوا عن اسم نور الطاغوري على غوغل، ثمّ كلموني". هذا النوع من التجارب يصعقني. وأتذكر قول مايا أنجلو: "أجيء واحدة، وأقف كعشرة آلاف".
تابِعNoor Tagouri ✔@NTagouriBehind the scenes #Vlog of the announcement at 9AM with@Playboy!️FULL: https://youtu.be/z-ATnp3slaw
2:41 مساءً - 22 سبتمبر 2016
خطوة نور بإعطاء مقابلة لمجلّة "بلاي بوي" لم تأتِ من دون تبعات، إذ تعرّضت لهجوم واسع على تويتر، بين من اعتبر أنّها تسيء لدينها وحجابها بالإطلالة في مجلة إباحية، وتروّج لمفاهيم محرمة ومنبوذة في الدين الإسلامي. من ناحية أخرى، وصف البعض خطوة الطاغوري بأنها مسيئة للمرأة، إذ لا يحق لها أن تصنّف نفسها كنسوية، حين تطل في مجلة تصوّر النساء كأدوات جنسية لا أكثر، وتحول أجسادهن إلى سلع.
في المقابل، شجع كثيرون نور على خطوتها، مذكرين بمقابلات لشخصيات أمريكية وعالمية مهمة مع "بلاي بوي". ورأوا أن لا شيء إباحياً في مقابلة نور، إذ أطلت بملابسها المعتادة، وحجابها، وتحدثت عن مشاريعها وإنجازاتها. كما رأى آخرون أن في مقابلتها مع المجلة تكريس لرغبة مؤسسيها بإعطائها طابعاً جديداً، يشبه النساء أكثر، ويستعرض طموحاتهنّ ونجاحاتهنّ، عوضاً عن أجسادهنّ.
ساحة النقاش