أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى و الشريع بمجلس الدولة بأن :
" استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم – و على ما استقر عليه إفتاؤها – أن المشرع قد اعتد بأربع طرق لشغل الوظيفة العامة منها الندب وهو أمرمؤقت بطبيعته ، إذ يتم على أساس التأقيت و لا يقوم على الدوام و الاستقرار ، فضلاً عن أنه عرضة للإلغاء في أي وقت ، و قد ناط المشرع إجرائه بالسلطة المختصة وحدها دون أن يستوجب عرضه على لجنة شئون العاملين ، و من ثم فإن الندب أمر تترخص فيه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية حتى تستطيع تلبية حاجات العمل ابتغاء حسن سيره و انتظامه و اختيار أفضل العناصر فيمن تأنس فيهم القدرة و الكفاية و الاضطلاع بمهام الوظيفة وا لنهوض بأعبائها ، و اختصاصاتها غير مقيدة في ذلك بالأقدمية ضابطاً أو معياراً لاختيار الندب طالما خلى تصرف الإدارة من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها ، لذا يجب أن تتم ممارستها لهذه السلطة في الحدود و الأوضاع التي رسمها القانون بحيث إذا ندبت العامل إلى وظيفة تعلو وظيفته مباشرة عليها مراعاة أن يتوافر في هذا العامل المنتدب وجه أفضلية له على أقرانه ممن هم أقدم منه في الدرجة بمراعاة أن الندب يعد شغلاً فعلياً للوظيفة التي انتدب إليها العامل ، و يتمتع العامل المنتدب بسائر امتيازات وسلطات هذه الوظيفة ، و من ثم يتقرر مبدأً عاماً و هو عدم جواز تخطي الأقدم بالأحدث ما لم يكن الأحدث أكفأ أو أن يكون هناك مانع يحول بين الأقدم للندب على هذه الوظيفة .
وعلى هدي ما تقدم ، و لما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أفصحت عن معيار الاختيار لشغل وظيفة مدير إدارة الشركات بإدارة الشئون التجارية بمصلحة الرقابة الصناعية عن طريق الندب هو عنصر الخبرة و الكفاءة في العمل و حسن السيرة ، و أنه عند المفاضلة بين المعروض حالته و من تم ندبها لشغل الوظيفة محل الخلاف في الرأي تلاحظ أنه بالنسبة إلى المؤهل فإن كليهما حاصل على بكالوريوس تجارة ، إلا أن المتظلم من ندبها للوظيفة تتفوق على المعروضة حالته بحصولها على مؤهل علمي أعلى و هو دبلومة تجارة شعبة استيراد ، و كذا بالنسبة إلى الدورات التدريبية فإن المتظلم من ندبها للوظيفة تتفوق على المعروضة حالته بحصولها على العديد م الدورات المتخصصة و المتنوعة من بينها ما هو متخصص في القيادة و علوم الحاسب الآلي و اللغة العربية و اللغة الإنجليزية متفوقة في ذلك على المعروضة حالته ، و أنه بالنسبة إلى الجزاءات فإن المتظلم من ندبها للوظيفة تتفوق على المعروضة حالته بحصولها على إنذار فقط عام 1989 بينما المعروضة حالته قد حصل على جزاء بخصم 20 يوماً من راتبه عام 2001 ، و بالنسبة إلى تقارير الكفاية فإن المتظلم من ندبها للوظيفة تتفوق على المعروضة حالته بحصولها على تقريركفاية بمرتبة امتياز طوال الـ 20 عاماً الأخيرة بينما المعروضة حالته بالرغم أن تقارير كفايته بمرتبة امتياز إلا أنه حصل على تقرير بمرتبة جيد جداً عام 2001 .
و خلوصاً مما تقدم ، و إن كان المعروضة حالته أقدم من زميلته التي ترقت على وظيفة مدير إدارة الشركات بإدارة الشئون التجارية بمصلحة الرقابة الصناعية إلا أنه ثابت وجه أفضلية المتظلم من ندبها للوظيفة المعروضة حالته في الكفاءة و التميز في الخبرة العلمية من جماع ما سلف بيانه ، الأمر الذي تغدو معه الجهة الإدارية قد استعملت سلطتها التقديرية في هذا الشأن دون أن تنحرف أو تسئ استعمالها عند إصدارها قرار الندب السالف البيان ".
( ملف رقم 86/6/651 – جلسة 18/1/2012 – مجلة قضايا الدولة العدد الرابع 2013 - ص 219 وما بعدها )
ساحة النقاش