المثقف العربي والانسان العربي
*********************
الشرط الثقافي-اللغة-
**************
عندما نحاول قراءة مستويات الحضارة الانسانية ،فاننا بالضرورة ،نلجا الى أس هذه الحضارة ؛وهو اللغة .فأي حضارة انسانية لم تنشأ من دون لغة .واللغة هي مهوى ومهد الثقافة التي تنبني عليها هذه الحضارة ؛اذ لايمكن لحضارة ان تتأسس خارج اطارات ثقافية مفتوحة .وكلما كانت الثقافة راقية كلما أحالت على لغة راقية ،للاشارة الى مستوى أعلى والى سقف جامع ؛وهو الحضارة .
وبما ان الرهان معقود هنا على اوالية الثقافة كمرجل تغلي فيه طبخة الحضارة ،فاننا سنركز على الثقافة ،من زاوية اللغة .باعتبار اللغة هي العنوان الذي يحيل الى مستوى الثقافة والى درجتها .ولنا ان نتساءل مع "اريك فروم " :"أليست الفروقات في المستوى الثقافي هي التي تسمح لنا بالتمييز بين درجات الرقي البشري ؟.ولعل قيمة السؤال هنا ؛تكمن في كونه يحمل في صلبه اجابة قاطعة ،للمشتغلين بهذا الميدان ،فالثقافة هي المدخل الأساس للوقوف على مستوى الحضارة للأمم .انها المقياس الذي تتعامل من خلا له الأمم مع بعضها البعض ؛وعلى حد مستوى الثقافة تنال الشعوب حظها من الرقي الانساني .فالقسمة عادلة ،ولا تحمل اي تنقيص من قيمة الشعوب .
والثقافة البشرية لها معيارها الدقيق وميزان حرارتها الأشد دقة ؛وهو اللغة ،"والحال أن العنصر الأول في كل ثقافة من الثقافات ،وفي كل حضارة من الحضارات -أعني الكلام- هو الشرط الأساسي والجوهري لأي تقدم كان " كما يرى اريك فروم.واذا كان جورج اورويل قد أقر أن الفوضى التي نعيش فيها أساسا نابعة من فوضى اللغة التي نستعملها.أفلا بازاء تحديد جوهري لأحد أهم أركان التخلف الثقافي العربي .فزيادة على ضحالة لغتنا المستعملة ؛وانا هنا لا أعني اللغة كمفهوم لساني ؛بقدر ما أحيل الى اللغة في مفهومها العام ،والتي نستعملها في التواصل مع بعضنا البعض .فهي لغة جامدة ،تحاول لن تعقد هدنة اجتماعية ،وتهدف الى ضمان استقرار سياسي ؛أكثر من ترسيخ وظيفتها الأساسية ؛والتي تكمن في التواصل .ألم نحرف كنه اللغة عن جوهرها التواصلي ؟فالتواصل في حالاته البسيطة يعني ؛التفاهم ،والتفاعل والانتاج .فهل هذه الاواليات متوفرة في عالمنا العربي؟
في التدقيق السطحي في لغتنا اليومية نجدنا خارج سياق التفاهم ،وفي درجة الصفر من التفاعل ،ومن مستوى القحط في الانتاج .وهنا لايسعنا الا أن نتساءل ،ألسنا بصدد ممارسة لغة في حدها الأدنى الأكثر تخلفا ؛للتنصيص على طبيعتنا البشرية ،وهي طبيعة معطاة سلفا ؛وبذلك نكون بازاء ارتكاب جريمة حضارية في حق هويتنا الانسانية ؟عوض العمل على الارتقاء بوجودنا ،وبشرطنا الانساني ؛ككائن يخضع التطور لمشيئته ،دون ان يخضع لاكراهات التطور ،او يكون موضوعا للتطور عكس الكائنات الأخرى .....يتبع
ساحة النقاش