جمعية مارمينا العجايبي للدراسات القبطية بالإسكندرية تأسست في نوفمبر 1954 بتوجيه من القمص مينا البراموسي المتوحد (البابا كيرلس السادس البطريرك 116 ـ فيما بعد) وذلك بغرض الاهتمام بالدراسات القبطية والنهوض بها. فعلي مدي ما يزيد علي نصف قرن من الزمان كان للمطبوعات التي أصدرتها الجمعية دور هام في إحياء الثقافة القبطية الجادة بمدينة الإسكندرية بصفة خاصة وأنحاء القطر المصري بصفة عامة، فكانت هذه المطبوعات سبباً في تأسيس معهد الدراسات القبطية بالقاهرة والذي اهتم بتأسيسه المؤرخ المصري د. عزيز سوريال عطية في يناير 1954 وأيضاً قيام المثقف المصري د. حسين فوزي بتأليف كتاب "سندباد مصري"، كما اشترك رئيس الجمعية الراحل وأحد مؤسسيها د. منير شكري في كتابة العديد من المقالات في الموسوعة القبطية التي صدرت عام 1991 عن دار ماكميلان للنشر.
كما اهتمت الجمعية في عام 2004 بإصدار مجلة "راكوتي" (أضواء علي الدراسات القبطية) والتي أشاد بها قداسة البابا شنوده الثالث في العديد من المرات بمجلة الكرازة، إذ إنها سدت فراغاً في الدراسات القبطية كانت الكنيسة في أشد الاحتياج إليه. وإذ إن الجمعية تري من واجبها أن تعلن رأيها بصراحة في التقاليد الكنسية المُتبعة في اختيار البابا البطريرك، فإنها تصدر هذا البيان للشعب السكندري بصفة خاصة والشعب القبطي بصفة عامة.
كلمة "بطريرك" اُستعملت أولاً في كنيسة أنطاكية، بينما كلمة "بابا" فقد أُطلقت علي أساقفة الإسكندرية أولاً، فكان أول من حمل لقب "بابا" هو الأنبا "ايراكلاس" (230 ـ 246م) البطريرك 13. ولهذا فإن شروط إقامة البطريرك وردت في القوانين باسم الأسقف لأنه أسقف مدينة كرسيه، ويُعتبر البطريرك الأول بين متساويين. من هذا يتضح أن البطريرك من الوجهة الكهنوتية هو أسقف، ومن الوجهة الإدارية فهو الرئيس المتقدم علي الأساقفة.
ذكر جرسيموس مسرة ـ في كتابه (تاريخ الانشقاق المطبوع بالإسكندرية سنة 1891م) 11 ـ أن ترقية رؤساء الكهنة - وهم الأساقفة والمطارنة- إلي رتبة البطريرك ليست قانونية لأنها ما خرجت عن كونها نقل أسقف من إيبارشية إلي أخري وأظن أن المحافظة علي القانون بانتخاب البطاركة من درجة الكهنة أو الشمامسة - أي راهب كاهن أو راهب شماس - أفضل وأسلم عاقبة من انتخابهم من درجة رؤساء الكهنة، ثم أضاف قائلاً: (إن الكنيسة القبطية حفظاً لهذا التقليد لا تنتخب البطاركة من الأساقفة).
حدث في القرن الثامن الميلادي في عهد البابا خائيل الأول (743 ـ 767م) البطريرك 46 أن أراد أحد الملوك أو الولاة في إنطاكية أن ينقل أحد الأساقفة من كرسيه إلي كرسي إنطاكية الذي خلا بوفاة صاحبه، عارض الأساقفة هذا النقل، وقالوا لا يجوز أن يكون الأسقف بطريركاً. فأرسل هذا الملك إلي البابا يأمره بإرسال أسقفين لإتمام هذه الرسامة، ويتوعده إن خالف أمره. ولكن البابا وجد أن الأمر جد خطير، فيقول الأنبا ساويرس - أسقف الأشمونين وصاحب كتاب سير بطاركة الكنيسة القبطية ـ وهو من آباء القرن العاشر الميلادي: (فجمع البطريرك الأساقفة بالصعيد والوجه البحري والكُتّاب وأعتكفوا علي دراسة القوانين)، كان إذاً طلباً مخالفاً للقانون والتقاليد، وفوض المجمع الكبير الأمر للبابا، فأجاب البابا علي رسالة الملك في شجاعة واستعداد لتحمل المسئولية مهما كانت النتائج: (السيف أو النار أو الرمي إلي الأسد أو النفي أو السبي، فما يقلقني ولست أدخل تحت ما لايجب ولا أدخل تحت حرمي الذي كتبته بخطي وبدأت أن لا يصير أسقف بطريركاً، فكيف يجب أن أحرم نفسي وأحلل اليوم ما حرمته بالأمس وما أنكرته أمس أرضي به اليوم وما أنكره الآباء القديسون قبلي)، وقد أُعد ذلك قانوناً يحمل اسم "قانون أنبا خائيل البطريرك 46". وكرر خليفته الأنبا مينا (767 ـ 775م) البطريرك 47 نفس الحرم.
ورد في كتاب قوانين الرسل والمجامع المسكونية والمكانية ـ المطبوع بمطبعة المحروسة سنة 1894م ـ القوانين الآتية:
القانون 14 من قوانين الآباء الرسل: (لا يجوز للأسقف أن يترك محل سكنته - أي إيبارشيته - وينتقل مجتازاً إلي غيرها).
القانون 15 من قوانين مجمع نيقية المنعقد في سنة 235م: (لا ينتقل من مدينة إلي مدينة أسقف أو قس أو شماس. فأي من باشر أمراً مثل هذا بعد اجتماع المجمع المقدس العظيم أو تورط في أمر مثل هذا فليكن فعله هذا غير ثابت علي كل حال وليرجع مقيماً في تلك الكنيسة التي سيم فيها ذلك الأسقف أو القس).
القانون 21 من قوانين مجمع إنطاكية: (لا يجوز لأسقف أن ينتقل من إيبارشية إلي أخري ولا يلقي ذاته متعدياً لا باختيار منه ولا بإلزام الشعوب ولا بإبرام أساقفة أيضاً بل يجب عليه أن يقيم في الكنيسة التي دُعي إليها من حال الأصل ولا ينتزح عنها).
القانون الأول من قوانين مجمع سرديقيه المنعقد في سنة 347م: (لا يحل لأحد الأساقفة أن ينتقل من مدينة صغيرة إلي مدينة كبيرة أخري غيرها لأن الحُجة لهذه العلة واضحة صريحة التي من أجلها قد تصير المباشرة في مثل هذه الأمور لأنه من الممتنع أن يوجد قط اسقف سعي في النقلة من مدينة معظمة إلي مدينة أخري أصغر منها ...).
في سنة 1870 صدر قرار مجمع من أساقفة الكنيسة القبطية بعد نياحة الأنبا ديمتريوس الثاني (1862 ـ 1870م) البطريرك 111: (بعدم جواز ترقية الأسقف إلي البطريركية استناداً إلي الكتاب المقدس والقوانين والتاريخ وأقوال الآباء). ثم اختتم القرار بقوله: (لا نُسّلم ولا نسمح قط للكهنة وشعب الكرازة المرقسية بحل وتعدي هذه الحدود البابوية وكل من يطلب هذه الرتبة من الأساقفة أو المطارنة أصحاب الكراسي أو سعي فيها أو رضي بها أو أحد سعي له في شأن يطلبونه لها كاهناً كان أو رئيس كهنة أو علمانياً يكون محروماً).
مما تقدم يتضح جلياً أن الكنيسة القبطية سارت علي هذا النهج من فترة القديس مرقس كاروز الديار المصرية إلي البابا كيرلس الخامس (1874 ـ 1927م) البطريرك 112 ولم تُكسر القوانين إلا اعتباراً من سنة 1928 منذ اختيار البابا يؤانس 19 (1924 ـ 1928م) البطريرك 113 الذي كان مطراناً للمنوفية والبحيرة وقائمقام البابا. ولم تُستثن تلك الفترة إلا بإقامة الراهب القمص مينا البراموسي المتوحد (البابا كيرلس السادس البطريرك 116) في عام 1959 حينما أصر قائمقام البابا البطريرك في ذلك الوقت الأنبا إثناسيوس (1925 ـ 1962م) مطران بني سويف والبهنسا الذي أعلن تمسكه باقتصار الترشح لمنصب البطريركية علي الآباء الرهبان فقط إعمالاً بقوانين الآباء الرسل وقوانين المجامع الكنسية، ومنع الأساقفة من الترشح.
ونناشد الشعب القبطي كله بصفة عامة والشعب السكندري ـ شعب إيبارشية البابا ـ بصفة خاصة، أن يطالب ويتمسك بأن يقتصر انتخاب البابا البطريرك من الآباء الرهبان الذين لا تزيد درجتهم علي درجة قمص حسب التقاليد القديمة التي وضعها الآباء الرسل والمجامع المسكونية، كما هو متبع في إقامة أساقفة الإيبارشيات الأخري من بين الرهبان الذين لا تزيد درجتهم الكهنوتية علي درجة قمص، فلم نسمع قط ـ في تاريخ كنيستنا القبطية - أنه تمت إقامة أسقف ليكون أسقفاً علي إيبارشية أخري!!
نشرت فى 21 إبريل 2012
بواسطة kevok
Yasser kevok
موقعنا بيقدم كل حاجه انت عايزه واخر الاخبار الطازه »
أقسام الموقع
ابحث عندنا
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
235,857
عندنا فى احلى موقع
هتلاقى فى موقعنا كل اللى انت عايزه ولو ملقتش شوف انت عايز ايه واحنا نجبهولك لغاية نتك