مرشحو الرئاسة تجاهلوا ملف التعليم.. والجامعة ليس لها توجه سياسى
فايز:قبل وفاته بساعات لـ(الشروق): إصلاح أحوال البلاد يبدأ من بوابة التعليم
الدكتور علاء فايز
وفاء فايز
قبل ساعات من رحيله، أجرت «الشروق» حوارا مع الدكتور علاء فايز رئيس جامعة عين شمس، الذى لقى مصرعه، أمس الأول الثلاثاء، إثر حادث مرورى أثناء توجهه لتفقد مقر الجامعة الجديد بمدينة العبور.
الحوار الذى استمر لأكثر من ساعة داخل مكتبه، وجه فايز خلاله رسالة لرئيس مصر القادم، مفادها أن «أحوال البلد لن تنصلح إلا بإصلاح التعليم والبحث العلمى» حسب قوله، مطالبا بزيادة ميزانية التعليم إلى 15% من ميزانية الدولة، لافتا إلى تجاهل مرشحى الرئاسة وضع التعليم ضمن برامجهم الإنتخابية.
فايز قال: «ليس من حق لجنة التعليم بمجلس الشعب وضع قانون تنظيم الجامعات، وأن الأساتذة هم فقط من لهم حق وضعه»، محذرا من خطورة إقرار نظام الثانوية العامة الجديد، دون الاستعانة بآراء خبراء التعليم وأساتذة التربية، قائلا «هذا يعنى أن اللجنة تقرر كل حاجة على كيفها وميبقاش لينا لازمة ونحن نرفض ذلك».
وأشار فايز إلى أن الاوضاع السياسية الان تشهد حالة من عدم الاستقرار، ما يؤثر سلبا على العملية التعليمية، فضلا عن أن الطلاب أصابتهم حالة من التخبط الفكرى، وأحيانا ما يندفعون وراء آراء دون دراستها، مؤكدا أن مصر خسرت كثيرا بسبب عدم وضع الدستور أولا، وإلى نص الحوار:
●90 يوما مرت على توليك رئاسة جامعة عين شمس، فما هى الخطة التى وضعتها لتطوير وإصلاح الجامعة؟
ـ تم وضع خطة لتطوير النظام الإدارى والتعليمى بالجامعة منذ انتخابى فى شهر يناير الماضى، وتشمل تغيير اللوائح المالية للموظفين والعاملين، وتشكيل لائحة مالية ثابتة لكل كليات الجامعة، سيتم الانتهاء منها فى شهر يونيو المقبل، للقضاء على أى فساد داخل الجامعة، ووضع شروط للتعيين، عبر إجراء مسابقة لاختيار موظفين على درجة عالية من الكفاءة، وتكثيف الدورات التدريبية لهم، وتحسين مستوى الرعاية الطبية للأساتذة والموظفين، وزيادة الخدمات العلاجية لهم بحيث تتضمن علاج الأمراض العادية وليست المزمنة فقط، وإلغاء نسبة الـ25% من نفقات العلاج، مع تسهيل عملية صرف العلاج للموظفين فوق السبعين.
وبالنسبة لتطوير التعليم، فإن الجامعة تجرى العديد من الاجتماعات لتغيير المناهج والمقررات خلال العام الدراسى القادم، بشكل يلائم ثورة 25 يناير وإحتياجات المجتمع وسوق العمل، لأن المناهج القديمة خرجت طلابا لا يفيدون مجتمعهم، وتسببت فى زيادة نسبة البطالة، ولذلك حرصت على انشاء مكتب تشغيل داخل الجامعة، لتنظيم ورش عمل للطلاب بالكليات لتأهيلهم لسوق العمل، من خلال الاستعانة بشركات عالمية متخصصة، ومن المقرر أن ينتهى عصر الكتاب الجامعى فى الجامعة خلال ثلاث سنوات، والاعتماد على المكتبات الإلكترونية.
●هل شملت خطة إصلاح الجامعة تطوير المستشفيات والمدن الجامعية، خاصة فى ظل المظاهرات المستمرة من قبل الطلاب والموظفين للتنديد بأوضاعها المتدهورة؟
ـ بالفعل هناك خطة لتطوير مستشفيات الجامعة، من خلال تطوير البنية الأساسية لها، سواء فى المبانى وغرف المرضى، وتثبيت الموظفين بالمستشفيات، وتكثيف وجود أفراد الأمن عليها، وتحسين وجبات الطعام للطلاب فى المدينة، وسيتم افتتاح مطعم جديد لهم، وتطوير المبانى وحجرات النوم.
●فى ظل الاعتداءات المستمرة على الجامعة، ما رأيك فيما يطالب به البعض بعودة حرس الداخلية للجامعة؟
ـ أرفض بشدة عودة حرس الداخلية، والجامعة تعمل الان بشكل مكثف على تحسين دور الأمن المدنى الموجود، لأنه من الصعب الاستعانة بأمن الشركات الخاصة لتكلفتهم المرتفعة، ولذلك تم التنسيق مع مأمور قسم الوايلى لوضع سيارات شرطة تأمين فى الشوارع المحيطة بالجامعة، لسرعة التحرك فى حالة وقوع اشتباكات واعتداءات على الجامعة من الخارج فقط، وليس التدخل فى شئونها، مع تكثيف وجود أفراد الأمن ليلا أمام بوابات الجامعة، وعند المدن الجامعية، كما أنه تم الاستعانة بأحد ضباط الجيش المتقاعدين، لتدريب أفراد الأمن المدنى على كيفية حراسة الجامعة، وتأمين الطلاب والدفاع عن أنفسهم فى حالة وجود أعمال بلطجة.
●وماذا عن مشروع امتداد حرم جامعة عين شمس بمنطقة العبور؟
ـ امتداد حرم جامعة عين شمس مخصص له 150 فدانا، ومن المقرر خلال ثلاث سنوات إنشاء كليتى للطب وللعلوم السياسية.
●فى ظل الأوضاع المتردية للجامعات، ماذا عن ميزانية جامعة عين شمس، وهل تتناسب مع احتياجات ومطالب الجامعة؟
ـ ميزانية الجامعة مليار و250 مليون جنيه تقريبا، الدولة لا تصرف منها سوى 950 مليون فقط، والباقى ندفعه من مواردنا الذاتية بالاعتماد على أموال الصناديق الخاصة، والوحدات ذات الطابع الخاص، وللأسف الميزانية ليست كافية ونحتاج من الدولة دعما أكثر لصرفه على البحث العلمى، «إحنا بندفع الرواتب بتاعتنا بالعافية».
●وماذا عن الصناديق الخاصة للجامعة، وهل تنظمها لوائح وقوانين لمنع حدوث أى تجاوزات بها؟
ـ يوجد بالجامعة 93 وحدة ذات طابع خاص، وهذه الوحدات تنظمها لوائح وقوانين تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، ولوائح الصرف تتم مراجعتها، ومن الصعب وقوع مخالفات فى هذه الصناديق، نظرا لرقابة الجهاز المركزى، أما بالنسبة لدور وزارة المالية، فالوزارة لا تسمح لنا باستثمار أموال الصناديق الخاصة فى مشروعات مفيدة، أو وضعها فى ودائع للاستفادة منها لإصلاح التعليم، وأحيانا تقوم الوزارة بخفض ميزانية الرواتب، ثم تطلب منا الصرف من الصناديق الخاصة على الرواتب، رغم أنها مخصصة فى الأصل للصرف على الرعاية الطبية وصندوق الزمالة.
●ما رأيك فى مطالب أعضاء هيئة التدريس حول رفع الرواتب، وهل ترى إمكانية لزيادتها؟
ـ زيادة رواتب أعضاء هيئة التدريس مطلب عام، وللأسف الدولة لا توجد بها موارد لزيادة الرواتب، ونحن نقوم برفعها من أموال الجودة، أو بصرف مكافآت لهم كل شهرين، لكن فى الحقيقة لابد أن نعلم جيدا لكى تزيد رواتب الأساتذة، لابد أن تكون من الموازنة العامة للدولة، وأعتقد أن الدولة لن تعطينا أموالا، وفيما يتعلق بتصريحات البعض حول رفع رواتب الأساتذة العام المقبل، لا أعتقد أن الرواتب ستزيد، ولابد ان نأخذ تصريحا رسميا من وزير المالية، وليس وزير التعليم العالى فقط، بزيادة رواتب الأساتذة، «واى تصريحات عن زيادة الرواتب مش مقنعة من وجهة نظرى الشخصية، لأنى شايف أن البلد مفيهاش مصادر لرفع الرواتب».
●ما رأيك فى ممارسة السياسة داخل الجامعة؟
ـ الجامعة من المفترض أن لا يكون لها توجه سياسى، وإنما يكون فيها تعليم سياسى، ولذلك نسمح بعقد ندوات داخل الجامعة، لتعليم الطلاب حقوقهم وواجباتهم فى الحياة السياسية، دون أن نوجهم لانتماء سياسى معين، فمهمتنا أن نعلمهم كيف يفكرون ويمتلكون أدوات الاختيار.
●كيف ترى الحركة الطلابية داخل الجامعة قبل الثورة وبعدها؟
ـ الحركة الطلابية تغيرت بعد الثورة، حيث زادت مساحة التعبير عن الرأى، ولكن الطلاب أحيانا تندفع وراء آراء من غير دراسة، بينما عندما تفهم وتحلل الطلاب الأمور وتدرسها جيدا، فالحال يختلف ويخرجون أفضل ما عندهم، ولكن الموجود حاليا يشير إلى أن الطلبة لديها بلبة فكرية، نتيجة التشتت حول فكرة هل نجحت الثورة أم فشلت؟ وهذا مردود للوضع السياسى الراهن فى البلد، وعندما تستقر الأوضاع الطلبة هتبقى «أحسن كتير من الأول وهنشوف تأثير ده على تطور الجامعات بجد».
●ما رأيك فى اللائحة الطلابية الموجودة حاليا، وما هى أهم البنود التى يجب تعديلها من وجهة نظرك؟
ـ اللائحة سيتم تشكيلها قريبا، واللائحة المعمول بها حاليا بها عدة نواقص وتحتاج للتحسين، وأهم البنود التى يجب مراعاتها فى اللائحة الطلابية الجديدة، هى أن يكون الطالب حق عرض وجهة نظره.
●وماذا عن قانون تنظيم الجامعات، وهل شاركت جميع الأقسام بالكليات فى وضع مقترحاتها؟
ـ يجب عدم التسرع فى عرض قانون تنظيم الجامعات الجديد على مجلس الشعب، إلا بعد دراسة مستوفية لكافة بنوده حتى يخرج بالصورة المناسبة، كما أرى أن الأساتذة من داخل الجامعات، هم أكثر إتقانا فى صياغة القانون ممن هم خارج الجامعة، وبالطبع أقسام الكليات شاركوا فى مناقشة القانون وأرسلوا تصورا لتعديلاته إلى المجلس الاستشارى.
●ما تأثير الوضع السياسى الراهن على المناخ التعليمى والبحثى؟
ـ للأسف الوضع السياسى الآن غير مستقر، وقد أثر ذلك على المناخ التعليمى، ولا نعلم شكل الدستور الجديد أو من هو الرئيس القادم، وأرى أن وضع الدستور الجديد أهم من معرفة من هو الرئيس الجديد، وكنت أتمنى أن يتم وضع الدستور أولا، وخسرنا كثيرا جدا، والأهم الان هو كيفية وضع دستور مناسب، وأرى أن هذه الأوضاع المضطربة تؤثر بالفعل على المناخ التعليمى فى كل حاجة، «مش عارفين نظبط الميزانية، وللأسف الوزراء الموجودين مش عارفين يحكموا على أى حاجة، لإنهم معتقدين إنهم جايين لفترة قصيرة وهيمشوا، ومعندهمش حرية للعمل لفترة طويلة، ودة بيؤثر على قراراتهم».
●بالنسبة لبرامج مرشحى الرئاسة، ما تعليقك عليها فيما يخص قطاع التعليم والبحث العلمى؟
ـ المرشحون لا يتكلمون كثيرا عن التعليم، رغم أن هذا القطاع ملىء بالكثير من القضايا المهمة، لم تتم مناقشتها مثل التعليم فى المدارس، وكيفية حل أزمة الكثافة الطلابية، ونظم القبول بالجامعات، والدرجات العلمية والشهادات، فلا يوجد دراسة مستوفية لقطاع التعليم، ورسالتى للرئيس القادم أنه لن ينصلح حال مصر إلا بإصلاح التعليم.
●وماذا عن أداء لجنة التعليم بمجلس الشعب، وما النواقص الموجودة بها؟
ـ أنا ضد إقرار اللجنة أى قانون دون الرجوع لخبراء التعليم، فهذا ليس من حقها، فاللجنة لابد أن ينحصر عملها فى دراسة وإقرار مشروعات القوانين، والمقترحات المقدمة التى يتفق عليها الأساتذة والخبراء، ويقومون بعرضها على اللجنة، فمثلا ليس من حق هذه اللجنة وضع قانون تنظيم الجامعات، هى «يتعرض عليها مقترحاتنا، وبعد كده تدرسه وتشرعه بعد ما نكون وافقنا عليه، وأرى أنه يجب أن يكون أولويات عمل هذه اللجنة الإستعانة بخبراء التعليم».
●وكيف ترى من وجهة نظرك تأثير أداء هذه اللجنة على شكل نظام الثانوية العامة الجديد؟
ـ نظام الثانوية الجديد صدر سريعا، ولم يتم عرضه على المجلس الأعلى للجامعات أو أساتذة كلية التربية، رغم أن هذا سينعكس على نظام القبول فى الجامعات، لم تذكر لجنة التعليم أسباب منطقية للعودة إلى نظام السنة الواحدة، على الرغم من تأثير هذا النظام على التعليم الجامعى، سواء فى أعداد الطلاب وقبولهم بالجامعات، ومن الطبيعى أن هذا من اختصاصات المجلس الأعلى للجامعات وليس لجنة التعليم «اللجنة مش هى اللى هتحدد لينا أعداد الطلاب بالجامعات»،وللأسف «أن لجنة التعليم من الممكن أن تقرر أى حاجة على كيفها، وميبقاش لينا إحنا لازمة، وتتدخل اللجنة فى شئون الجامعات، مما يفقدها استقلالها الذى نطالب به فى قانون تنظيم الجامعات الجديد»، ولذلك «أنا بقول إنى معتقدش أن قانون تنظيم الجامعات هيخرج من لجنة التعليم غير بموافقة الأساتذة، ومش هنقبل أن أى حد يقر علينا حاجة من غير رغبتنا».
●ما رأيك فى تمثيل الأساتذة بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور؟
ـ أنا غير موافق على تمثيل 2 فقط من الأساتذة فى هذه الجمعية، ولابد أن يكون هناك تمثيل مناسب لهم، وخاصة من أساتذة حقوق.
●ما رأيك فى فكرة إلغاء المجلس الأعلى للجامعات؟
ـ يجب أن يصدر قانون جديد للجامعات يضمن استقلالية الجامعة، وأن يحدد اختصاصات المجلس الأعلى للجامعات بدقة، وأن يقصر دوره على تطوير التعليم فقط وليس السيطرة على الجامعات.
●ما رأيك فى فكرة إلغاء نظام التعليم المفتوح والعودة للانتساب الموجه؟
ــ يجب أن نعترف أنه نظام ملىء بالمساوئ، وليس معنى ذلك أن نلغيه، وعلينا أن نعمل على تحسينه بتطوير المناهج وتدريب الطلاب وتوفير قاعات للمحاضرات وغيرها، وفى نفس الوقت التعليم المفتوح له مزايا كثيرة لا نريد خسارتها، لأنه يفيد طبقة معينة من الناس لابد أن نضعهم فى حساباتنا، «مش كل شوية نلغى نظام وبعد سنتين نرجعه تانى».