المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اعتبرت أحداث العامرية عودة لسياسات مبارك بوابة الشروق
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم الأحد، نتائج تحقيقها في الاعتداءات الطائفية التي تعرض لها الأقباط بقرية شربات التابعة لمركز العامرية لمحافظة الإسكندرية، في نهاية شهر يناير الماضي، والتي نتج عنها اتفاق عرفي معيب قضى بالتهجير القسري لثماني أسر مسيحية برعاية المسئولين التنفيذيين والأمنيين بالمحافظة ونواب برلمانيين.
وأدانت المبادرة المصرية بأشد العبارات، فشل قوات الشرطة والجيش في حماية منازل وممتلكات أقباط القرية التي تعرضت للحرق والنهب الجماعي، على خلفية شائعة بقيام شاب مسيحي بتداول صور تجمعه مع سيدة مسلمة من أهل القرية نفسها، وذلك رغم قيام الشاب بتسليم نفسه للشرطة وقرار النيابة حبسه على ذمة التحقيقات.
وشددت المبادرة المصرية على أن جريمة الحرق العمد لا يجيز القانون التصالح فيها، وأن مسئولي المحافظة الذين رعوا الاتفاق العرفي ارتكبوا بذلك مخالفة صريحة للقانون تستوجب التحقيق الجنائي.
كما أعربت المبادرة المصرية عن رفضها الكامل لاستمرار سياسة عهد مبارك، المتمثلة في إجبار ضحايا الاعتداءات الطائفية ـ خاصة ممن لم يكن لهم دخل في سبب النزاع من الأصل ـ على القبول لنتائج صلح غير قانوني تفرض عليهم التنازل عن حقهم وقبول الاعتداء عليهم، بل وتجبرهم على إخلاء منازلهم وتقضي بتهجيرهم خارج قريتهم بدلا من توفير الحماية والمساعدة القانونية لهم من سلطات الدولة.
وشدد التقرير على ضرورة إجراء تحقيق قضائي وبرلماني عاجل ومستقل في كافة الجرائم المرتكبة ومعاقبة المتورطين فيها، على أن يمتد هذا التحقيق ليشمل دور قوات الشرطة والجيش التي تواجدت في موقع الجريمة أثناء حدوثها ولم تقدم الحماية لضحايا الاعتداءات.
وقال إسحق إبراهيم، الباحث ببرنامج حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "عار على مسئولين تنفيذيين وتشريعيين أن يوفروا الغطاء الشرعي لجرائم جنائية في صلح مزعوم ينتهي بمعاقبة الضحايا وبراءة الجناة، وما لم يتدخل القضاء المصري ومجلس الشعب المنتخب لرفع هذا الظلم وإعادة الاعتبار لسيادة القانون فإنهم سيكونون شركاء في نفس الجرائم".
يذكر أنه في 27 يناير 2012، تجمع عشرات من الشباب المسلم بقرية شربات التابعة لمنطقة النهضة بمركز العامرية في محافظة الإسكندرية، يقودهم شيخ يدعى شعبان، أمام منزل سامي جرجس، المسيحي الديانة، طالبين منه وأسرته مغادرة القرية فورا ودون حمل أية متعلقات، بحجة وجود صور ومقطع فيديو لعلاقة جنسية تجمع بين ابنه وسيدة مسلمة في القرية.
اختلفت الروايات حول بدايات الأزمة خاصة أن شهود العيان أجمعوا أنهم لم يشاهدوا الصور أو مقطع الفيديو، لكنهم اتفقوا أن أمين شرطة بقسم شرطة العامرية من سكان القرية أبلغ كلا من مراد سامي جرجس وصديق مسلم له يدعى محمد عبد السلام طعيمة في الساعة الثانية من فجر الجمعة، بأن ضابط مباحث العامرية يستدعيهما للحضور لقسم شرطة العامرية، وعندما وصلا صادر الضابط جهازي التليفون المحمول الخاصين بهما، وقال لهما إن شائعة تسري في البلد بوجود صور ومقطع فيديو لعلاقة جنسية بين الشاب المسيحي وسيدة مسلمة وأن طعيمة قام بتسريب الخبر لأهالي القرية. ووفقا لإفادات حصلت عليها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن ضابط الشرطة قال لهما عندما لم يجد الصور ومقطع الفيديو على جهازي التليفون المحمول إنه سيخلى سبيلهما عقب صلاة الجمعة وإنه يخشى على حياتهما إذا تركهما.
وعقدت جلسة عرفية يوم الاثنين 30 يناير، بعد صلاة العصر حضرها الشيخ أحمد شريف الهواري القيادي بالجماعة السلفية بالعامرية، والقس بقطر ناشد كاهن كنيسة مار جرجس بالنهضة، وعصام حسانين عضو مجلس الشعب عن حزب النور. ونتج عن الجلسة الاتفاق على:
- استكمال محاكمة المسيحي مع تهجير أسرته بالكامل.
- تنظيم جلسة أخرى أول فبراير للنظر في موضوع قيام لويس أبسخرون خليل بإطلاق أعيرة نارية في الهواء.
وعقدت جلسة صلح عرفية ثانية بمقر مباحث العامرية، بحضور العقيد خالد شلبي رئيس وحدة البحث الجنائي بالإسكندرية، والشيخ أحمد شريف الهواري، والقس بقطر ناشد، وأبسخرون سليمان و7 من ممثلي العائلات المسلمة بالقرية.
وطبقا للإفادات التي حصل عليها باحثو المبادرة المصرية من مشاركين بالجلسة، فإن الجانب المسلم وبمباركة القيادات الأمنية، أعلن عن تهجير 8 أسر مسيحية من القرية بحجة تهدئة الشارع المسلم المحتقن وهم:
- مراد سامي جرجس وأسرته، ووالده سامي جرجس وأخيه روماني جرجس وأسرتيهما.
- أبسخرون خليل سليمان وأسرته وأبنائه الأربعة وأسرهم، وهم: سليمان (متزوج ولديه ثلاثة أطفال) وعادل (متزوج ولديه طفلان) وميلاد (متزوج ولديه طفلان) ولويس (متزوج ولديه طفلة).
كما أعلن الجانب المسلم عن بيع ممتلكات الأسر المهجرة خلال ثلاثة أشهر عن طريق لجنة من الجانب المسلم يرأسها الشيخ شريف الهواري، على ألا يتم البيع إلا من خلال اللجنة وبموافقتها، وأن لا يعود المهجرون إلى القرية حتى لو لمصاحبة من يريد شراء ممتلكاتهم.
جرت محاولات خلال الأيام التالية لإقناع الجانب المسلم ببقاء أبسخرون خليل وأولاده بالقرية، وعقدت جلسة أخيرة يوم 9 فبراير بين الشيخ شريف الهواري من القيادات السلفية بالعامرية والمعين لبيع الممتلكات وأبسخرون خليل، قال فيها الجانب المسلم إن وجود أبسخرون سيترتب عليه وقوع فتنة بين مسلمي القرية المنقسمين بين فريقين الأول يريد بقاءه والآخر يصر على تهجيره من القرية وإنهم ـ أي مسلمي القرية ـ لا يضمنون سلامته أو سلامة أفراد أسرته