العراق مظاهرات الشعب وحكومة رواية البؤس: بقلم : سيد محمدالياسري
(ملاحظة : كلمة حكومة التي وردت في المقال: اقصد بها كل التيارات والأحزاب في العراق من دون استثناء.)
ثاروا الجياع ، وثاروا الجياع ، ثم ثاروا الجياع … واستمرت ثورتهم ، فمتى يثور الفكر ؟
كلما نفكر بـ “قبل ” نجد ان القبل هو عبارة عن جبروت حاكم ، وشعب مستضعف ، لم نجد كلمة قبل الا عند الذين استفادوا منها قد تمثلت لهم : نورا ، اما الشعب فقبل هذا الظرف المميت المستعصي للمضي ، ظلام دامس ، مازالوا يستخرجون فيه قتلاهم وسجنائهم وسنين عجاف وجوع مطوي وبرد لايلتحف من بغطاء وحر لايمنعه سقف، ويعددون بالمفقودين ، من مضان الحرب ، والتجبر ، والاستبداد ، والاستعلاء بيد حاكم مع اقلية اختصت بحزب قومي او اشتراكي ، او ديني ايّ كانت ديانته ، فهو ثوب قصره الانحراف وخرّقه الشذوذ ، ورقعه الطغيان …
لايمكن للـ ” قبل ” ان يعيد مضانه وظنونه ، بقدر ان المطبلين له ، من اربابه وعبيده ، اما الشعب ظل يسأل كي يقارن بين السيء والسيء ، لانه لم يدخل في تاريخه الممحل حاكما غير علي بن ابي طالب قبل اربعة عشر قرنا لهذا البلد ان يميط في عدله اللثام عن المتحكمين بالناس ، ويسترد ما سلب الى الشعب المقهور من دون ان ينتظر من احد ان يقدحه فيخاف ويرضيه على خوفه ، فالله تمثل بعدله بهذا الشخص وغاب بعده ليظل الـ ” القبل ” الوحيد الذي ليس له ” بعد “.
مشكلتنا ان القبلية جاءت منفردة ، ظل الشعب العراقي على مر عصوره الذهبية – كما يسميها المستفيدون ، والمؤرخة جلودهم من نعيم على حساب شقاء الاخرين – هو عبارة عن فئة واحدة مستفيدة تدور حولها الايدلوجيات ، من دون هوادة ثورات متعددة لم تهدأ ابدا ، حتى ان من العجيب ان يعالج التاريخ بعض الثورات بالعصيان ويعالج اخرى بالثورة والدولة والبنيان ، مع ان العاصية هي التي جاءت بالفكر والانسان والحرية والبانية – كما سماها التاريخ – ماهي الا استبداد وقهر .
اليوم العراق يعيش في ثورات وعصيان وكبت وخداع وتضليل وظل الاصل مفقود بينهما مترامي بين اخذه الى جادة يمشي بها منفردا او تشتت عليه الطريق في مسعاه ، فاخذ كل جادته الى مراد يبتغيه ، ليس المبتغى في بعضهم الا مبغى اخذت فيه مواخير الفساد تدق اعناق الرذيلة سرا ، وتلبس ثوب الفضيلة ، بعد ان ينج الدرب الى نهاية ، وما اقصره من دربٍ واطوله من طريقٍ .
لم يسأل احد يوما ما جعل الحكومة تقول : ان في المظاهرات مندسين ! او تقول عن ارهابي انه مجرم وعندما تسأل الحكومة هذا المجرم : متى دخلت في تنظيم ؟ يجيب قبل اشهر او عام او عامين ! ولم نجد منظمين قبل ان تأتي الينا مسلبة الحقوق وضياعها ، ولا قبل تأسيس شريعة باردة يشرب بها الجميع تحت غطاء التكوين الوزاري او الكتلي او الاستحقاقات الفئوية – ان جاز التعبير – التي تنتمي اما لحزب قومي او اشتراكي او ديني مثل الحلقة الاولى التي تدور لتعود الى الـ ” القبل ” المستعصي .