كتب /زكرياعازر 

شارع عماد الدين ، أشهر شوارع الفن والفنانين بالقاهرة والذي شهد بزوغ فن السينما والمسرح في مصر ، تألق فيه نجوم الفن في مصر والوطن العربي، وكان يقصده كل راغب في دخول عالم الفن والشهرة، والذي ظل كذلك لفترة تقترب من النصف قرن . وشارع عماد الدين كان يشبه إلى حد كبير شوارع الفن في المدن العالمية، يشبه شارع «برودواي» في نيويورك ، حي «وست إند» في لندن ، يشبه حي «البوليفار» في باريس ، فبالماضي كان شارع عماد الدين مضيئا بابداعات يوسف وهبي و موسيقى سيد درويش و فن علي الكسار و نجيب الريحاني و طرب منيرة المهدية و ام كلثوم تألق امينة رزق و حسين رياض و استيفان روستي اما الآن فلا الشارع هو الشارع و لا الزمان هو الزمان ، بعد ان هجره اصحابه .

و يعتبر شارع عماد الدين شريان طويل في وسط البلد يمتد طوله 2.5 كم، يبدأ شمالاً من شارع رمسيس ويستمر جنوباً في منطقة عابدين ثم يواصل استمراره من خلال ميدان الأزبكيةوميدان مصطفى كامل. ويسمى الجزء الجنوبى من الشارع محمد فريد . كما سمي ميدان سوارس القديم احد ميادين هذا الشارع باسم ميدان مصطفي كامل ، واقيم به تمثال بديع من البرنز علي قاعدة مرتفعة من الرخام لهذا الزعيم الوطني . وقد سمي بشارع بعماد الدين نسبة لشيخ له ضريح بالقرب من تقاطع الشارع مع شارع الشيخ ريحان، وعليه كتابة تسجل تاريخ 1661 ميلادية، وفي بداية القرن العشرين ومع بدء حركة النهضة الفنية تركز النشاط الفني كله حول شارع عماد الدين، فأنشئت التياتروهات والسينمات والمقاهي، وكانت الأوبرا القديمة في ميدان الأوبرا بالقرب من الشارع، و انتشرت المسارح والسينمات والمقاهي ودور الغناء والطرب، وفي مقدمتها مسرح الماجستيك الذي كان يمثل عليه على الكسار، و كان هناك مسرح آخر لبس بعيد عنه لمنافسه اللدود نجيب الريحاني .

و يصف الكاتب المسرحي الراحل ألفريد فرج شارع عماد الدين فيقول : " كان عماد الدين مضيئا باستمرار، مزدحما باستمرار، وكانت به محطة النهاية لخط مترو مصر الجديدة، وكان به تقاطع معظم خطوط مواصلات القاهرة، وكان مركز شعاع للأقاليم، حيث تنتشر فرقه في عواصم المحافظات في رحلات منتظمة في الشتاء بالصعيد، وفي الصيف بالوجه البحري " . وعلى الرغم من أن الفن والفنانين قد هجروا شارع عماد الدين ، لكن مازال هناك السينمات والمسارح ، فهناك سينما بيجال، وسينما كوزموس، وسينما كايرو، وسينما كايرو، وهناك أيضا مسرح الريحاني .

و يميز شارع عماد الدين بناياته القديمة، وطرزه المعمارية التي انقرضت والتي تذكرنا بزمان مضى و لن يعود، و يعود تاريخ بعض هذه البنايات إلى الخديو عباس حلمي الثاني، والذي أنشأ ما سماه عمارات الخديو، على الطراز المعماري الإيطالي، واستخدم الرخام فيها في الأعمدة والسلالم ، لكن بعد عزل الخديو عباس (عام 1914) آلت هذه العمارات إلى أجنبي اسمه سيتون، الى ان تم تأميمها أوائل الستينيات، لتصبح مقرا للعديد من الشركات المصرية .

وكان للجزأين من الشارع، الجنوبى (محمد فريد) والشمالى (عماد الدين) خصائص مميزة نظراً لاهتماماتهما التجارية المتنوعة. وكان الجزء الجنوبى منذ البداية (أي في نهاية القرن التاسع عشر) مركزاً مالياًً لتأسيس عدة بنوك فيه مثل كريديت فونسيير والبنك العثمانى. وفي عام 1927 شجع تأسيس بنك مصر في ذلك الشارع على إقامة العديد من البنوك الأخرى والمؤسسات المالية مما ضمن الطابع المالى لذلك الشارع لعدة عقود بعد ذلك . أما الجزء الشمالى فقد ارتبط بصناعة الترفيه. فعلى جانبى الشارع تجد المسارح ودور السينما والملاهى الليلية والحانات. و اما المبانى السكنية فبها مكاتب وكلاء الفنانين ودور الإنتاج ومتعهدى الحفلات . و كان شائعا أن تجد مسرحاً أو اثنين أو سينما بجانب بعضهما البعض. وكانت بعض هذه الأماكن مقر عمل عمالقة الأداء مثل نجيب الريحاني، الذى منح اسمه الآن لأحد الشوارع الجانبية المتفرعة من عماد الدين . وحتى الخمسينيات كان هذا الشارع يعد موطناً لأثرياء المصريين والأجانب الذين قدموا إليه ليستمتعوا بالحياة الليلية المزدهرة. و في ذلك الوقت استحق ان يطلق عليه برودواي مصر و الشرق الاوسط .

و كانت الكارثة التي حلت بشارع عماد الدين مع حريق القاهرة في يناير 1952، والذي راح ضحيته العديد من دور السينما والمسارح، لعل أشهرها ملهى صفية حلمي، وحتى الآن بإمكان المار في الشارع أن يلمح آثار الحريق على عدد من دور السينما التي لم يهتم أحد بإصلاحها بالرغم من مرور كل تلك الاعوام فظلت كما هي، وتحول الشارع إلى مكان لبيع اكسسوارات السيارات والمطاعم، والأدوات الكهربائية .

وبعد يوليو 1952 وتأميم الكثير من الثروات المحلية والأجنبية ، تم تخصيص المؤسسات المالية والعمارات السكنية وقطاع كبير من مبانى شارع عماد الدين لشركات التأمين المحلية التي قامت بدورها بتأجير الشقق والمتاجر لشركات جديدة للقطاعين العام والخاص . ومن هنا بدأ الشارع يفقد رونقه لأن العديد من المسارح ودور السينما أغلقت أبوابها وتدهورت ملاهيه الليلية وأصبحت حانات من الدرجة الثالثة. وبدلاً من كونه معقلاً للفن تحول الشارع إلى قطاع مهم لإمدادات الأجهزة الكهربائية ذات الضغط العالى !!


المصدر: عزةالشيخ
janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2018 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

331,294
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية