بقلم /محمد سعيد أبوالنصر
طُرح سؤال حول كتاب (زوال إسرائيل عام 2022م نبوءة قرآنيه أم صدف رقمية) هل ستزول إسرائيل عام 2022م كما هو واضح من عنوان الكتاب ؟وهل الكتاب يكشف عن إعجاز قرآني في مسالة زوال إسرائيل ؟ وهل توجد آيات في القرآن تحدد السنة التي ستزول فيها إسرائيل ، والجواب لا يوجد دليل واضح في القرآن يؤكد على زوال دول أو هزيمة دولة بعينها في سنة كذا إلا ما حدَّث به القرآن والسنة عن الأمم السابقة وإهلاكها ومع ذلك لم يحدد سنين بعينها لأن القرآن ليس كتاب تاريخ ،ولكنه كتاب معني بالعبر من وراء ذكره للقصص ،والقرآن الكريم والسنة المطهرة يتحدثان ويخبران عن أسباب الهزيمة والانكسار، وأسباب التمكين والنصر ، فإذا وجدت أسباب النصر وتحققت تحقق النصر وتأكد بإذن الله ، أما إذا لم توجد أسباب النصر فلا يمكن أن يتحقق النصر وهذه سنن كونية يجب أن نؤمن بها ، وعلى الأمة أن تجتهد في العمل والتقدم بكل أشكاله مع الاعتماد على الله { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)} [الحج: 40]
- التعرف على سنن الله - تعالى - في نصرة دينه:
لكي تنتصر أي دولة وينتصر دين الله فلا بد من المرور على مجموعة من السنن الكونية هي طريق النصر وبعض أسباب الفوز ومن هذه السُّنن:
الابتلاء، التمحيص، التمكين، التغيير، التداول، النصر، وهي سنن نبَّه إليها القرآن الكريم
ولقد ذكر د. أنور صالح أبو زيد عوامل النصر والهزيمة في ضوء القرآن الكريم في بحث جيد مطول يمكن تلخيص ما جاء فيه مع ما يتناسب مع موضوعنا في التالي 
سنة الابتلاء: تضع المؤمن على محكِّ الاختبار، كما قال: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2-3]،
وجاء في الحديث الصحيح: ((إنما بعثتُكَ لأبتليكَ وأبتلي بِكَ، وأنزلتُ عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرؤه نائماً ويقظان، وإن الله أمرني أن أحرق قريشاً، فقلتُ: ربي، إذن يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة، قال: استَخْرِجْهم كما استخرجوكَ، واغزهم نُغْزِكَ، وأنفق فسننفقُ عليكَ، وابعثْ جيشاً نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك مَنْ عصاك))
وهذا (ورقة بن نوفل) - الذي كان لديه علمٌ بما عند أهل الكتاب - يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد سماعه خبر نزول الوحي لأول مرة: "يا ليتني فيها جَذْعاً، ليتني أكون حيّاً إذ يخرجك قومك"، فيسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعجب: ((أَوَ مُخرجيَّ هم؟!))، قال: "نعم، لم يأت رجلٌ قطُّ بمثل ما جئتَ به إلا عُودِيَ"... الحديث
إن الابتلاء هو الوسيلة لتمييز الصفوف وتمحيص القلوب، وقد جعله الله سنَّة ماضية، فحملُ الأمانة لا يصلح له كل الناس؛ بل يحتاج إلى قوم مختارين، وهم الصفوة الذين يعدّون لهذا الأمر إعداداً خاصّاً؛ ليحسنوا القيام به.
سنَّة التمحيص:
بعد الابتلاء يأتي التمحيص قال تعالى -: ﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 154].
والتمحيصَ ينقي الصفِّ المؤمن من أدعياء الإيمان، فيقع به التمييز بين الدرِّ الثمين والخرز الخسيس
سنَّة التمكين:
بعد التمحيص يأتي التمكين سُئل الإمام الشافعي - رحمه الله -: "أيما أفضل للرجل: أن يمكَّن أو يُبتلى؟ فقال: لا يمكَّن حتى يُبتلى"
أما سنَّة التغيير: فالله - عزَّ وجلَّ - لا يغيِّر حال قوم حتى يبدلوا ويغيروا ما بأنفسهم؛ قال تعالى : ﴿ إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11] وهذا من تمام عدله وقِسطه في حكمه" ، وإذا وُجدت الأسباب فالنتائج تتبعها؛ إذ أن حدوث التغيير من الله - عزَّ وجلَّ - مترتبٌ على حدوثه من البشر سلباً وإيجاباً"
مداولة الأيام بين الناس: من السنن الربانية المداولة من الشدَّة إلى الرخاء، ومن الرخاء إلى الشدة، ومن النصر إلى الهزيمة، ومن الهزيمة إلى النصر، قال - تعالى -: ﴿ إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 140].
سنَّة النصر: 
إن سنَّة النصر لا تتخلَّف متى استوفيت الشروط، وأهمها:
الاستقامة على منهج الله، بطاعة أمره واتباع رسوله؛ قال - تعالى -: ﴿ إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وقال - جلَّ ذكره -: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ * إنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ * وَإنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171-173].
وجاءت عوامل النصر جليَّة واضحة في قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 45-46].
إن من الحقائق التي استفدناها من دروس التاريخ: أن الحق لا ينتصر لمجرد أنه حقٌّ؛ بل لابد من قوة تسنده، وفئة تعاضده، وأنصارٌ يقومون به.
فلابدَّ إذن من سلطة تنصر الحق وتقمع المنكر، كما دلَّ عليه القرآن في قول الله - تعالى -: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد: 25]؛ "ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف" .وأقصد بالسيف جيش الدولة النظامي الذي يعمل تحت مظلة الدولة وفي إطار مؤسساتها ،لا ما يعتقده البعض من الجهاد الفردي ..
عوائق النصر:
هناك عوائقٌ تقف في طريق النصر، منها عوائق خارجية وعوائق داخلية.
أما العوائق الخارجية؛ فتتمثل في أعداء هذا الدين، المتمثلين فيما يلي:
غير المسلمين من الوثنيين وغيرهم من الحاقدين على الإسلام والمنافقين الذين يتكلمون بألسنتنا لكنهم يوالون أعداء الإسلام وأهله .
وأما العوائق الداخلية؛ فتتمثل في
-الاستبداد السياسي أو عدم تمرير الديمقراطية كما هي عند مؤسسيها من الغرب .
-الانحراف في الفهم من الجماعات والفرق .
-الأمراض السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والأخلاقية كالركون إلى الدنيا والتحاسد والكبر والرياء... في نفوس أفراد الأمة. وجديرٌ بالاهتمام: أن نعلم أنه لا يمكن أن يكون للعوائق الخارجية ضررٌ، إلا في ظلِّ وجود العوائق الداخلية، وهذا يحتِّم علينا أن نُسقط أسباب ضعفنا ومهانتنا على أنفسنا، ومن ثَمَّ نتوجه إلى إصلاحها؛ لتكون أهلاً لنصر الله - عزَّ وجلَّ.
-الانهزام الداخلي : ولقد حدثنا الإمام ابن كثير عن أمر عجيب عن جندي تتريٍّ أراد قتل مسلم، ولم يكن مع التتري سلاحٌ فقال للمسلم: "ابقَ هنا، لا تتحركْ"؛ فبقي المسلم - بسبب الهزيمة الداخلية - حتى غاب الجندي التتري، ثم عاد وبيده السلاح، فذبحه!! ولم يُبْدِ المسلم أدنى مقاومة، حتى لو كانت هذه المقاومة هي مجرد الفرار!!
بل إنَّ الإمام ابن كثير - رحمه الله - يحكي لنا قصة أخرى أقسى وأكثر دلالة على أن من يهزمه عدوَّه من داخله لا يبقى أمامه إلا أن يصفِّي ساحة المواجهة معه من فلوله العاجزة المذعورة، دون جهد أو تعب؛ يحكي لنا ابن كثير: أن مُلَثّماً من جنود التتار دخل خاناً فيه الكثير من المسلمين، فبدأ في قتلهم، وهو واحدٌ وهم كثرة، وهم لا يفعلون شيئاً إلا أن يسلِّموا رقابهم للذبح، حتى رأى أحدهم أنَّ مَنْ يقوم بقتل الجميع هي فتاة ضعيفة!! هنا - وهنا فقط!! - اجتمعوا عليها فقتلوها!!
ويتساءل المرء: ما الفرق بين أن تكون فتاة ضعيفة أو رجلاً قويّاً في مواجهة هذه الكثرة من المسلمين؟
ولكنه الوهن والهزيمة الداخلية، التي تُوجِدُ في النفوس الرهبة والخوف، فتشلها عن المواجهة، وتُقعدها عن المجاهدة، فتلقي بسلاحها قبل أن تبدأ المعركة.
ولعل هذا هو السبب في أن نقرأ في التاريخ عن (برابرة التتار) وغارتهم الكاسحة التي خرَّبت بغداد، وقتلت أكثر من مليون مسلم - حسب رواية ابن كثير والسيوطي - فلم يسلم من القتل إلا من اختفى في بئر أو قناة! وقتل الخليفة رفساً وركلاً بأقدام التتار، وجرى النهر أربعين ليلة أحمر اللون من كثرة ما أريق فيه من دماء المسلمين!!
متى يتأخر النصر ؟
ذكر العلماء بعض الأمور التي يتأخَّر النصر بسببها ؛ فمن ذلك:
• أن النصر قد يبطئ؛ لأن بنية الأمة لم تنضج بعدُ نضجها، ولم تستكمل قوتها واستعدادها.
• وقد يبطئ حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخر ما تملكه من رصيد، فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً إلا وتبذله رخيصاً في سبيل الله.
• وقد يبطئ حتى تجرِّب الأمة المؤمنة آخر قواها، فتدرك أن هذه القوى وحدها - بدون سند من الله - لا تكفل النصر.
• وقد يبطئ لأن البيئة لا تصلح بعدُ لاستقبال الحق والخير والعدل، فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضةً من البيئة، لا يستقر معها قرارٌ.
• وقد يبطئ لتُزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله، فتعلم يقيناً أنه لا ملجأ ولا منجا منه - سبحانه - إلا إليه.
• وقد يبطئ لأن الأمة المؤمنة لم تتجرَّد بعدُ في كفاحها وتضحياتها لله ولدعوته، فهي تقاتل لمغنم تحققِّه، أو حميَّة لذاتها، أو شجاعة، والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله.
• وقد يبطئ لأنَّ في الشرِّ الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير، يريد الله أن يجرِّد الشرَّ منها؛ ليتمحض خالصاً.
• وقد يبطئ لأنَّ الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً، فلو غلبه المؤمنون؛ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه، فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشَّف عارياً للناس، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية.
وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ
قد يتبادر إلى الذهن سؤالٌ وجيهٌ، وهو: ماذا يحدث لو وافق المسلمون السُّنن الإلهية في التغيير واستيفاء شروط النصر، فأخذوا بالأسباب، واستكملوا الإعداد للجهاد، غير أن أعداءهم كانوا أكثر كفاءة منهم، تخطيطا وتنظيما وقوة؟
والجواب:
إن المؤمنين حين يغيِّرون ما بأنفسهم، ويستكملون أدوات النصر؛ لا يضُّرهم تفوُّق الأعداء عليهم؛ لأن سنَّةً أخرى تتدخل، وهي وعد الله بالتمكين والنصر لعباده المؤمنين: ﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، ﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ [النساء: 14]، ﴿ إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].
وقد يتأخَّر ويبطئ نصر الله لحكمة ما لكن في نهاية المطاف هو آتٍ لا محالة: ﴿ حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَاًسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].
وقد يأتي النصر في غير صورته المعروفة، وهيئته المألوفة؛ فالابتلاء والمصائب قد تحمل من الخير الخفيِّ الكثيرَ، وقد تكون سبباً لنصر أعظم وأشمل!!
وعلينا ألاَّ نيأس من نَيْل النصر، وأن نبحث عن أسبابه، وأنْ نجتهد في أن نكون جنداً من جنده، ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].

janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 125 مشاهدة
نشرت فى 22 يوليو 2017 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

328,650
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية