بقلم : سيد محمدالياسري
يوما كنا نمسك بيد المعلم ، وعلى كتفه حملنا ، وحمّلنا الرسالة ، واليوم على اكتافنا تلاميذنا يحملون شهاداتهم ، فيها خط سنة كاملة ترجمت الى ارقام ، اخذوا من عمرنا ، سنة ، واضيفت لعمرهم سنة ، وان شاء الله سيحملون الوطن على اكتافهم فهم املنا .
المدرسة الفلاح الابتدائية للبنين
البلد: العراق
المحافظة : ذي قار
القضاء : الشطرة
الناحية : الغراف
القرية : آل صكبان / خفاجة
الصف الرابع الذي انهيت سنة معهم ، في الصباح اخرج من البيت ومعي كل تصورات الحياة ، من الم ، وهم ، من ترح وفرح ، من قهر وجبروت ، وغنى وفقر ، وعندما ادخل باب المدرسة انزع كل شيء ولا يبقى معي الا براعم الحياة كيف اصنع منها انسانا متعلما يخطو بثقة وامان وحب ويزخر بالعلوم ، احيانا انسى حتى الروتين التي تعاقب عليه الدولة ، ان اوقع بسجل الحضور كمعلم حاضر ، اراقب كي لايخرج من المدرسة تلميذا او اهرع الى طفل يسقط من لهوه حتى يكتمل عدد المعلمين فنهب كخلية نحل كلنا معا نتوزع من المقر - الادارة او غرفة المعلمين - وقبل ان ندخل الصف ، نترك اوجاعنا واقفة في الباب ونشيح النظر عنها كي لا تشغلنا عن براعمنا ، ونبتسم مع نسيان كل الجروح والهموم والمشاكل اي كانت ونوزع الابتسامة ، وان غضبنا او حزنا فان هناك تلميذ قصر عن الخطى وصار على هاوية الجهل ، فنغضب ونحزن لكن لا ننتكس، ولا نتقهقر ، نوليه اهتمامنا وعيوننا على الجميع ، لانهم كلهم ابناؤنا ، نعلمهم الحب متساو والحنان متساو ... والعطاء متساو ...
رحلة مع الصف الرابع ، انتهت بعمل حاولت ظروف الدولة بانتكاستها وكثرة عطلها ، التي تعيق مسيرة العلم ، فالعطلة خسارة يوم من العلم ونجاح يوم من الجهل ... بين هذا وذاك ربما رضيت عن النتيجة لكن نجاح ٢٥ تلميذ من ٣٣ احسست اني اخفقت بـ ٧ اكملوا بدرس او درسين ، وتوجعت لتلميذ واحد فقط اخفق في اربع دروس ، نقول اخفق فله في العام المقبل ان شاء الله جولة يعيد فيه علومه ويتأهل بها ، مع هذه الرحلة ، لم اغب يوم عنهم ،لا اجازة إلا يومين ، في زيارة الى سامراء، ويوم ثلاث قطعته كان في يوم البطاقة المدرسية التي ظلت شاهدة على فشل الدولة اتجاه التعليم حين جاءوا اربع مشرفين لنا تفضل بزيارة الصف مشرفا بدعوة مني وعند الباب تردد فقال : المعلم في الصف وسنقطع عليه هدوءه ودرسه . فقلت ليس معهم معلم الا تربتهم فتح الباب وجد الرابع منهمكين بالقراءة كل تلميذ مع نفسه بقراءة صامتة كي لا يخرج صوت من الصف ، هكذا عدت اليهم حين قطعت اجازتي ، وبقيت معهم ، هكذا تركت عطلة السبت ،...السبت الذي الغته الدولة كي ينتصر الجهل فيه ... مع تلاميذ الفلاح كنت معهم ، حتى انتهى العام ، والآن سأنتظرهم بعد عطلة صيفية اتابع فيها من أكمل ..
رضينا عن عملنا وشعرنا بالم مع الرضا لانه لم يكتمل مع الجميع ... شكرا لجميع المعلمين في الصف الرابع معلم الاسلامية : الاستاذ فاضل حيدر ، معلم الرياضيات : الاستاذ محمد عبدالكريم ، معلم العلوم : الاستاذ فرحان ضعيف ، شكرا لكل المعلمين والادارة بمديرها ومعاونيها ، والشكر الموصول لاولياء الامور ...
امنياتنا للعام المقبل ان لايكون فيه عطل كثيرة من رئاسة الوزارء وعطل من وزارة التربية ، وعطل من مجلس المحافظة ، فقد كثر اصحاب القرار ، ولم نر قرارا بصالح التلاميذ او الشعب ،فان يوما من الدوام نصرا للمعرفة ، ويوما من العطلة نصرا للجهل ، فاعينوا المعرفة على الجهل لا الجهل على المعرفة ...
امنياتنا ان ترفد المدارس بالاختصاص ، وان تهتم الدولة باللغة العربية وتعديل منهجها الهائم بالعشوائية والتخبط ، وعدم تماسكه بين المراحل ...
امنياتنا ان يجد التلاميذ مقاعد وكتب جديد وقرطاسية
امنياتنا ان يجد التلاميذ مدارس وليس دوام ثنائي وثلاثي
امنياتنا ان نجد اهتمام لعلوم وثقافة التلميذ كأنسان له مسؤولية البناء المستقبلي ...
