بقلم/ محمد سعيد أبوالنصر 
أولًا أتقدم بالتهنئة للطالبة ولأهلها الكرام على النجاح والتفوق لابنتهم وأسال الله لها دوام التفوق .لكن اسمحوا لي أن أناقش هذا النجاح والتفوق لمريم من خلال تناول الإعلام له في عدة نقاط ، وهذ يبين لنا كيف يفكر الإعلاميون !!!
1-في سؤالهم للطالبة انصب الاهتمام عن كونها بنت البواب ، وكان الأجدر بهم أنْ يسألوا كيف وصلت لهذا التفوق ، وكيف حققت هذا النجاح ...وحالهم في هذا يشبه حال شخص أضاع خاتمه في ليلة ما فأخذ يفتش عنه تحت مصباح الشارع. فمرّ صديق له وسأله عما يفتش، قال عن خاتم أضعته، فسأله هل أنت متأكد أنك أضعته هنا. قال: لقد أضعته هناك في العتمة، ولكن لا يوجد مصباح هناك، لذا أفتش عنه هنا ...تصف هذه القصة حال بعض الإعلاميين حينما يسأل ويفتش في الموضع الخطأ فبدل أن يسأل الشخص كيف حقق نجاحه ،ترك الموضوع برمته ..وذهب يسأل عن كونها بنت البواب ..حال هذا الإعلامي كحال فاقد الخاتم في مكان مظلم وهو يعرف ذلك لكنه جاء يبحث عنه تحت المصباح ويضلل نفسه وإذا كان هذا هو حاله مع نفسه فكيف يكون حاله مع المجتمع . ،حال هؤلاء الإعلامين هو البحث عن الشهرة وتحقيق ما يُسمى بالخبطة الصحفية سواء أكانت هذه الشهر في موضعها الصحيح ..أم بشم الهيروين كما فعلت المذيعة على الشاشة لتزداد المشاهدة وكأننا في سيرك .
2- وصف بعض الإعلامين مريم بأنها "بنت حارس العقار" هذا الوصف الكالح غاية في السوء والسخافة وعدم اللياقة وقلة الذوق ما دخل الأعمال بالتفوق، ما دخل العقل والذكاء والاجتهاد ومواصلة الليل بالنهار بنوعية عمل الإنسان، إن الإصرار على مناداتها بالمتفوقة "بنت حارس العقار" إصرار جاهل مريض فلا حراسة العقار عمل متواضع ولا أبوها يمد يده للمارة يشحذ منهم ،عمل أبو مريم كأي عمل من الأعمال المحترمة ، مادام صاحبه يحترم نفسه ويقوم بواجبه على خير وجه ، بل لا أبالغ إذا قلت إن أمثال هذه الأعمال التي ينظر إليها مجتمعنا الشرقي بأنها أعمال متواضعة أصحابها هم أشرف من عشرات الأيدي الملوثة التي تقبع تحت التكييف وتسرق الشعب بل لا أبالغ إذا قلت إن حارس العقار يده أشرف من مسئولين كبار تلوثت أيديهم بالسرقات والنهب، وكان مصيرهم السجن ، ومصير أولادهم الضياع . 
3- تنوع أعمال الأنبياء لتزيل الطبقية ولتظهر فضل العمل 
مهمة الأنبياء تبليغ الدعوة وتوصيل الرسالة وبالرغم من انْشِغَالِ الأنبياء بالدعوة إلى الله وتبليغ رسالتهم إلى أممهم وأقوامهم ، كانت لهم أعمالهم وكَانُوا يَكْتَسِبُونَ قال - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان: 20]، ولقد اختلفت أعمال الأنبياء ليكونوا الأسوة والقدوة للبشر في امتهان أنواع الأعمال المختلفة" فَآدَمُ زَرَعَ الْحِنْطَةَ وَسَقَاهَا وَحَصَدَهَا وَدَاسَهَا وَطَحَنَهَا وَعَجَنَهَا وَخَبَزَهَا وَأَكَلَهَا؛ وَنُوحٌ كَانَ نَجَّارًا، وَإِبْرَاهِيمُ كَانَ بَزَّازًا، وَدَاوُدُ كَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ، قال تعالى عنه: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80]، وقال أيضًا: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 10-11]. 
وَسُلَيْمَانُ كَانَ يَصْنَعُ الْمَكَاتِلَ مِنَ الْخُوصِ، وَزَكَرِيَّا كَانَ نَجَّارًا،. 
وموسى وشعيب ومحمد صلوات الله تعالى عليهم رعاة للأغنام، وَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِمْ.
وعمل صلى الله عليه وسلم أيضاً في التجارة فخرج إلى الشام في تجارة عمه وزوجه خديجة رضي الله عنها. 
وأخبر نبيُّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه كان يعمَل برعي الأغنام؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ
وكلمة ( قراريط ) جمع قيراط وهو جزء من النقد، وقيل قراريط اسم موضع قرب جياد بمكة " 
وقد فقه صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذلك، فاجتَهدوا في العمل لكسب الرزق؛" حيث رُوِي أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كان يعمل بَزَّازًا ،
و(البَزَّازُ) : بائعُ البَزِّ ، ومَنْ يَتَّجِرُ في الثِّيابِ، ولَهُ مَعْرِفَةٌ دَقِيقَةٌ بِالثِّيابِ وَألْوانِها " وكان َعُمَر بن الخطاب يَعْمَلُ فِي الْأَدِيمِ (الجلد). وكان َعُثْمَانُ بن عفَّان تَاجِرًا يَجْلِبُ الطَّعَامَ فَيَبِيعُهُ. وَعَلِيٌّ كَانَ يَكْتَسِبُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ وقد أجر نفسه أكثر من مرَّة ليكسب قوت يومِه، وهذا كله يدلنا على شرف العمل أيا كانت نوعيته وفي الأنبياء والصحابة خير مثال .
4-الإصرار على تصنيف الناس بأنَّ هذا ابن "حارس عقار" وبأنَّ هذا ابن وزير تصنيف عنصري ممتد في بلاد العرب طولًا وعرضًا وهي صفات أقرب الى صفات أهل البداوة والجهالة ويا ليتنا أخذنا من ديننا قيمة احترام الإنسان وعمله أيا كانت نوعية هذا العمل .
5-سخافة بعض الإعلامين والإصرار على هذا السؤال هل تُصابين بالخزي حينما يُقال لك "بنت حارس العقار" المتفوقة ؟ سؤال عنصري ينم عن عقل مريض وجاهل ويصنف المجتمع إلى طبقات ، الناس سواسية كأسنان المشط ، لا فرق بين أحدهم والأخر إلَّا بما يقدمه من عمل وجهد والإسلام كفَل لكلِّ إنسان كرامته الإنسانية؛ فقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وأقرَّ مبدأ الأخوَّة بين المؤمنين؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وجعَل المعيار الوحيد للتفاضُل بينهم هو مستوى التقوى والتديُّن، والعمل الجاد فلا يكرم أحد منهم ولا يفضل على غيره إلَّا بالتقوى والعمل الصالح ؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لا فضلَ لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر - إلاَّ بالتقوى)) فبالتقوى وإجادة العمل يتفاضل البشر أيًّا كان النشاط الذي يُزاوِله، أو المجال الذي يعمل فيه الإنسان أما غير ذلك فهو لون من ألوان التعالي والغرور والكبر.
6- تمنينا من هؤلاء الإعلامين لو وفروا للطالبة منحة علمية ،أو وجدوا لها سبيلًا في التبني العلمي لموهبتها ،ورعاية لكفاءتها ..هُنا يكون الكلام أما غير ذلك فهي ثرثرة فوق النيل .

janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 20 يوليو 2017 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

331,125
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية