بقلم : سيدمحمد الياسري
 لم يذكر لنا التاريخ ، عن المجتمعات الانسانية ، من اصغرها الى تكوين مرحلة الدولة ، وبناءها ، لم يسجل لنا ثورة على نظام دولة او تغيير اي كان هذا التغيير ، ان كان سلبيا ام ايجابيا ، جاء من دون إراقة دم الانسان ، والعجيب في الأمر حتى رسالة الانبياء ان لم يكن دم النبي واصحابه كان دم معارضيه وهلاكهم ، ونحن قلنا اي كان سلبا ام ايجابا، وان اعلى ذروة للايجاب واعدلها بتاريخ البشرية على الاطلاق هي ذروة الانبياء ، اي اعلى سمة ايجابية نحو العدل هي سمة الانبياء بالتغيير ولم نجد بتاريخ اي نبي انه لايوجد الدم في التغيير قربانا له ، وأسوأ تغيير سلبي حدث في البشرية ، هو قتل الانبياء ، او انحراف مسار الايجاب نحو السلب بعدهم وذلك عندما ينحرف الاتباع عن اوصياء الانبياء فيحدث ان يصبحوا ضحية التغيير السلبي ودمهم نبراسا للتغيير الايجابي ، وهكذا سيرة التاريخ ، التي كسرها الشعب العراقي بالثورة التي اسقطت البرلمان العراقي وهروب الحكومة العراقية من دون اراقة دم الا بعض اللكمات التي حصلت هنا وهناك ، الا في نهاية المطاف لم تستمر الثورة بتقدمها فما السبب ؟
 قد انهارت الحكومة بكل اطرافها وهرب من هرب واختبأ من أختبأ ، لكن سرعان ما تغير مسير الثورة ، وفشلت بالتغير بل وتغيرت حتى شعاراتها وتحولت تمجد بالاعداء وتندد بالاصدقاء ، والعدو من وقف ضدك بأي سبب كان مصلحته الدولية او المعتقد او المذهب او الآراء ، والصديق اي صديق من اشتركت ظرف مصلحته الدولية او المعتقد او المذهب او الاراء، فما الذي غير المسار ؟ وقد كان طريق الحكم للثورة سالك!
 لو تراجعنا قليلا الى ذاكرة الثورة ، نراها بدأت بمطالبات صغيرة كانت يمكن للدولة تنفيذها، الا ان الفساد الذي في الدولة ، لم تنتبه لتلك المطالب الصغيرة ولا براعم التي تطالب بالتغيير، فكانت الصغيرة تكبر حتى خرجت الناس من دون توقيت او تنظيم ، خالية تماما من كل الاحزاب والتيارات الحاكمة، مواطنين ، بسطاء ، ثم اصبحت اوسع فقد شاركت طبقة المثقفين، من كل الشرائح الكتاب والصحفيين والشعراء والفنانين ..الخ ، فتحولت الى افكار اعمق نحو هدف التغيير ، بعدها بدأت الفئات تتجمع ، وتتمحور الى جبهة عريضة جدا من كافة المواطنين والشرائح المتضررة والهادفة والوطنية ، كبرت بعين الحوزة ، فطالبت الحكومة بالتنفيذ ، وبدأ الصراع ، يلتف حول المظاهرات ، من قبل جميع الاحزاب ، فشل الجميع ، ثم تدخل السيد مقتدى فنجح باحتواء المظاهرة ، بعد عناء ، في بداية الامر حين اعلن المظاهرة بالجمعة واعلنوا المتظاهرين انهم سيذهبون الى ساحة ثانية او لا يظهرون مع التيار الصدري ، وبين هذا وذاك التحمت المظاهرة اخيرا واصبحت القيادة الرسمية بيد التيار الصدري الذي يملك ثلث الأتلاف ، ووزراء ، ومدراء عامين ، ونائب رئيس جمهورية ، وقادة عسكريين ، فكان بين النصر ، قاب قوسين او ادنى بالنسبة للمظاهرة ، حيث عد جمهور المتظاهر دخول سيد مقتدى نصرا بعد سند، وقوة بعد ضعف ، واستبشروا خيرا، وجاءت فكرة التكنوقراط ، التي ارهقت المظاهرة ، واصبحت الطلبات اكثر عسرا! واتخذت القوة الضاغطة اعلى ذروتها حين دخل السيد مقتدى الى الخضراء معتصما ! ففرح الجمهور ، وفرح الاعداء معا ، وكلا لنيته عامل ، واخذ البرلمانيون يجتمعون فالتف مع التيار لفيف ، كان من ابعد النواب عن التيار الصدري ، فاخذت الصورة تترتسم نحو عودة المالكي ، الذي ظل يحلم بولاية ثالثة، وخلقت ازمة ثالثة اصبح للعراق برلمان ثاني يقوده المعتصمون الذين كما قالوا انهم مع المظاهرات ، ونسوا انهم من ضمن المفسدين ، وكأنهم ارادوا ان يخرجوا من بؤرة الفساد التي خلقوها ورموهاعلى الاخرين ، فنجى باللعبة المالكي التي تدور حوله شبه الفساد وضياع الموصل والانبار وصلاح الدين اي ثلث العراق وزيادة ! فكان اول عامل فشل للثورة دولة القانون ونوابها! لقد انتبه السيد مقتدى للعبة البرلمانية ! فكان بين امرين مرّين جدا ، بين البقاء وانحراف الكتلة السياسية وعودة المالكي مرة اخرى ومجاذبات كبيرة بين اختيار الرئاسات الثلاث ، لان من المفسدين من اعتصم ! وبين العودة الى حضن البرلمان الاصل والمحصاصة المذهبية المقيتة ، وكلاهما مرارة اشد من مرارة ، الا انه نجى بالفكر الذي يحفظ الهدوء وعدم عودة العراق للانقلابات الفاشلة فرجح العودة الى ماكان عليه بشرط وضعه على البرلمانيين والساسة بانه سيكون تغيير في الوزارة التي ما فتأ الوعد الذي قُدِمَ للسيد، الا وانهار، في اول اجتماع وتصويت، فكان وزير التربية محمد أقبال ، التي رفضت كتلته التصويت على إقالته ، أول اقبال على ترك الوعود، فكان التغير جزئي ، وهكذا ، صار العودة الى الاعتصام البرلماني ضرب استحالة مع من طالب بالتغير، والبقاء يعني العودة مرة اخرى من نقطة الانطلاق المظاهرات
 خسر التيار الصدري شعبيته التي حصدها قائدهم بالاعتصام بالخضراء واخذوا اصدقاء الامس الذي مجدوا به ، على شاشات التلفزيون يلصقون التهم ومن بينهم قناة البغدادية التي بدأت تأتي بكل حاقد على سيدمقتدى ، وبدأ التمجيد السابق يتحول بليلة الى شتائم ، ومالت المظاهرات ، الى تصادم مع قوات الامن ، وظهرت الارهاصات في التيار من خلال تنوعه الثقافي ، اذ ان التيار بحد ذاته يفتقر للطبقة السياسية المثقفة ، وان في جسده سرطان ( اصحاب القضية) الذين جعلوا الطبقة المثقفة تبتعد منه ، وهم ممن يعتقدون ان السيد مقتدى هو الامام المهدي ، وظهر نشاطهم بشكل ملحوظ ، كما ان اهم مشكلة هي المندسين في التيار من المخابرات الخارجية ( عملاء) ولكل حزب او تنظيم فيه ، من الصعوبة كشفهم وقد دربوا باستخدام الطبقة البسيطة ، ولو سأل احدهم من قام ومن امر بالشعار ضد ايران ؟ كل التيار يجيبك لا ادري ، هذا دليل الخرق ، هذا لايعني ان قوة التيار تنهار ، فالسيد على الدوام يقوم بتشذيب شجرة الصدر المثمرة ، ويقلم كل الزوائد التي يصيبها السوس ، فأخذ باطلاق اول رصاصة على المفسدين ، اي كانوا ، انهم خارج التيار وان ليس لهم وجود تحت خيمة الصدر،فكانت ثورة لتهذيب وتشذيب التيار ، الذي خرج منها اكثر بهاء ورنقا، مما على السنين الماضية ، فقد استفاد السيد مقتدى من طرد المتجذرين والمحسوبين وكشف كثير ممن لايأخذ اوامره الا ان الثورة والمتطلبات اخذت تموت شيء فشيء ، حتى انتهت ونسى الناس التكنوقراط والتغيير والفساد ، ولعل الانتصارات التي قدمها الحشد الشعبي والجيش في تحرير اراضي العراق من يد داعش وانحصار داعش في مناطق محددة هو عامل بانشغال الناس بالمعركة وانتظار النصر ، الذي قدم العراق فيه خيرة ابناءه من الشباب والشيوخ الذين وقفوا صفا واحدا لدفع الخطر عن العراق ، بينما تقوم الحكومة وهي جزء من الحكومات السابقة بالتستر على الفاسدين وما يقدموه من اشخاص ، كانوا قد شذوا عن احزابهم وخرجوا عن دائرتهم ، فكانوا مثلا ليس للشعب بل للحزب الذي شذوا عنه كي لا يكرر ذلك احد ، على جميع المستويات ، الدولة فاسدة ، الصحة والتعليم والزراعة والصناعة والداخلية والخارجية والدفاع ، فساد يندي له الجبين ولا يحتاج الى تخفي ابدا بل ظاهر للعيان ، وكأنه يقول ياشعب هكذا اعمل وانك عاجز عن معاقبتي.
 لم تنته مطالبات التيار الصدري وتكرارها كبيانات او غيرها وظل المتظاهرون ينتظرون بعين الأمل عودتها بكل قوة وبعد فوات الفرصة التي هربت الحكومة فيها التي يمكن :
١- تشكيل اتلاف من البرلمانيين المؤيدين للتغير
٢- اتخاذ محمكة شرعية لمحاسبة المقصرين
٣- اتخاذ حكومة من قبل الاتلاف الجديد
٤- من خلال الحكومة المنبثقة من البرلمان والتي يؤيدها الشعب يمكن تغيير ومحاسبة المفسدين 
٥- لايمكن للدول او الامم المتحدة معارضة ذلك لانها شرعية بالبرلمان
 كل هذا فشل ، ومع موعد الانتخابات يجب ان تعود المظاهرات كي تذكر الشعب بوجود مصلحين وبعدم ترك المسألة بعودة هؤلاء الا انها جاءت مبكرة ، وحاولت تجديد الدخول الى الخضراء ، مما ادى الى اراقة الدماء من المتظاهرين والامن ، راح ضحيتها سبعة من المتظاهرين والامن علاوة على ٣٥ جريح ، اي ان مسار الثورة رجع الى سننه التاريخية وبهذا عادت ثورة الدم وهاجرت الثورة البيضاء ، التي لا توجد بكل شعوب العالم في التاريخ...
 بعدهذا الكلام الطويل ، كانت مسيرة الثورة اطول ولاتزال ، ومشكلة ثورة العراق الان مشكلة علي بن ابي طالب ع ومشكلة الثورة سابقا مشكلة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، كان يقاتل الصنم والصنم معروف اما علي بن ابي طالب ع كان قتاله اصعب لانه قاتل الصنم الذي لبس عباءة الاسلام، وهكذا كنا العراقيين كانوا يقاتلون صدام لانه صنم اشتركت كل المعارضة اسلامية وإلحادية وعلمانية ووطنية لكن عندما تهشم الصنم لبست اصنامه عباءة الشيعة والسنة والوطنية والديمقراطية والحرية وحقيقتهم هم اصنام صدام بذلك الزي ، المتنوع ... صعبة جدا هذه الثورة صعبة بدون ان ترسم بعض الحقائق منها :
١- الانتظار الذي يحدد زمن التغيير في الانتخابات.
٢- ان تستمر المظاهرة ، وجذب اكبر عدد ممكن من الشعب.
٣٣- ان تختار المظاهرة قائمة باسماء المرشحين ، ان أنتموا للاحزاب او لم ينتموا ، لكن يجب ان يكونوا واضحين نزيهين ، بعيدين عن المفسدين ليس عليهم شائبة .
٤- على المتظاهرين ان يكونوا اعلاما من حيث اظهار عيوب المفسدين واسمائهم واتباعهم
٥- على المتظاهرين اظهار لائحة العمل ، التي يحملها مرشحوهم، ماذا سيفعلون ؟ وكيف؟ ولماذا؟
٦- اظهار قائمة المرشحين ودفعهم لمعرفة الناس بهم واشعارهم ان الشعب سندا لهم.
٧٧- ترشيح رئيس الوزراء والوزراء واضح وهي فرصة لمعرفة قدرة الشخص قبل الوصول وقطع المفاوضات بعد الفوز وحصد اكبر عدد ممكن من الاعضاء
٨- ان خسروا معركة الانتخاب عليهم الانتظار لا الدخول مع الدولة بكل مفاصلها 
 في آخر المطاف اذا خسروا الانتخاب ليس بالضرورة انها مزورة لكن المفسدين نجحوا باقناع عدد اكبر من الشعب بانتخابهم بينما فشل المتظاهرين في ذلك ، وعليهم بدل الالتفاف حول المفسدين ، او التصادم بالتهم عليهم ان يدرسوا الاسباب التي ادت الى قناعة الناخب ان يصوت للمفسد والتنحي عن المصلح، والطريق الذي يتخذه المفسدين من احتيال وكذب وتصيد ، على المتظاهرين ان يتخذوا عكسه تماما كما ان لو اختار اي تيار او حزب الدخول الى صف المظاهرات عليه التخلي عن كل المراكز في الدولة، كل هذا العمل، وان لم يأت بالنتائج المرضية ، قد تكون الحفاظ على الثورة اصعب من الثورة نفسها لذا الحفاظ على المظاهرة اصعب من المظاهرة نفسها ، حين تطول يدخل بها من يشذ ومن يريد ومن يعمل لحساب المفسدين، وان دخلت او حاولت التيارات والاحزاب السياسية في المظاهرة ماهي الا لانها نابعة من رحم الشعب صادقة الوجدان نزيهة الاياد والابدان.... فدماء الثوار نور ، لكن الثورة بلا دماء هي الشمس التي تضيء على المعمورة ....

janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 15 فبراير 2017 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

328,574
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية