أوصت ندوة تطور العلوم الفقهية التي استضافتها العاصمة العمانية مسقط ونظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مؤخراً وعلى مدار أربعة أيام بمشاركة 100 من علماء ومفكري العالم الإسلامي، بضرورة ترسيخ المعاني الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف ومبادئ التفاهم والتواصل والتعاون والعيش المشترك وأن تتضافر كل الجهود لترسيخ هذه القيم ومعالجة الآفات والمعوقات التي تعطل مسيرة العيش المشترك.

ياسين سالم - حول موضوع التصدي إلى أشكال العنف، أوضحت ندوة العلوم الفقهية أن ثمة حاجة إلى بلورة رؤية إسلامية تقوم على أساس الحوار البناء ونبذ العنف بكافة أشكاله وأن التعايش بين المجتمعات أمر حتمي تفرضه المصالح المشتركة بين الأمم وتجنب العزلة والعداء والتصادم وإظهار سماحة الإسلام في التعامل مع كافة البشر بكونه فكرا راقيا ومتقدما وعنصرا لا غنى عنه في صيانة واستقرار السلم الاجتماعي في العالم.

ولفتت إلى أن معاني العيش المشترك منصوص عليها في التشريعات الإسلامية بشكل واضح في القرآن والسنة كما في قوله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» وقوله تعالى «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يردون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين» وقوله تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، كما أن في منهاج النبوة ما يؤكد على إقرار الدين الإسلامي للتعايش بين الناس على الرغم من اختلاف البشر في معتقداتهم وأفكارهم.

 

كما أشارت الندوة إلى أن العاملين الجغرافي والوجداني يمكنهما أن يسهما في رفد معاني العيش المشترك متى أحسن توظيفهما فضلا على أن للإرادة الإنسانية دور في دفع هذا التعايش لأعلى درجاته، وأن المتتبع للقرآن الكريم يجد بوضوح أن الإسلام الحنيف هو أول من دعا إلى وحدة إنسانية تقوم على أساس التفاهم والاستقرار والأمان، فقد بين الله تعالى أنه خلق الناس من نفس واحدة كما أكد الإسلام حرصه على علاقته مع أهل الذمة وذلك بإباحة الزواج من نسائهم وأن تكون مجادلتهم بالتي هي أحسن.العيش المشترك

 

وقد ناقشت الندوة 55 بحثا وورقة تناولت تطور العلوم الفقهية على مدى العصور، تناولت هذه الأوراق المصطلحات والمفاهيم للفقه الإسلامي وما لها من تأثير سلبي أو إيجابي في ردم الهوية بين المسلمين وغير المسلمين حيث تطرقت ورقة الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق وعنوانها «قراءة في فقه العيش مع الآخر في المذاهب الإسلامية والتجارب المعاصرة» إلى سماحة الإسلام وما يلعبه من دور إيجابي في التقارب بين الشعوب ونبذ العنف بكل أشكاله.

بينما حملت ورقة المفكر الإسلامي الدكتور رضوان السيد عنوان «فقه العيش وإلى أين يتجه المسلمون» حيث يرى أنه لابد من قراءة نقدية لا تقتصر فقط بربطها بالزمان والمكان بل باكتشاف ما بين الأمم من قيم بحيث تشكل هذه القيم أساسا صلبا ومؤكدا لأخلاقيات الإنسان وتصرفاته في القضايا الكبرى التي تتعلق بالوجود والمصير وهي جوهر الحياة الإنسانية، كما أن إنجاز هذه المهمة من منظور الدكتور رضوان يشكل استمرار بناء في فلسفة الواجب الإنساني وإنسانية الإنسان.

خلاف الفقهاء

كما تناولت الأوراق والأبحاث قراءات في فقه العيش ومفهوم الخلاف عند الفقهاء والخلاف الديني ومضمون مصطلح الأمان وما ينطوي عليه من آثار في ترسيخ قيم الاستقرار ومفهوم المواطنة في الخطاب التشريعي الإسلامي مع اختلاف العقائد والحصانة في الفقه الإسلامي والتشريعات الوضعية وقواعد فقه السياحة في الإسلام والدين والدولة والمواطنة في الزمن الجديد.

وحول أهمية هذه الندوة ودورها في تأصيل القيم الإسلامية قال الشيخ محمد بن أحمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان إن هذه الندوة تؤكد على أهمية التعايش بين الناس كضرورة ملحة نظرا لتداخل المصالح والمنافع في ظل العيش المشترك والإسلام يأمر بتوفير حق العيش لكل إنسان مهما كان معتقده ومهما كان دينه في إطار تعاون الناس على الخير والبر والتقوى موضحا الأهمية القصوى في الاعتناء وإظهار الجانب المضيء في الإسلام وإبراز محاسن الدين الحنيف وتوضيح حقيقة الإسلام وما يحمله من خير لكل البشر ودراسة أحكام غير المسلمين في المجتمع الإسلامي من وجهة نظر فقهية تاريخية، مشيراً إلى أن هذه الندوة التي تستضيفها السلطنة كل عام هدفها الأساسي هو ترسيخ القيم الأصيلة والمبادئ النبيلة للإسلام وما يحمله هذا الدين من تسامح وتعايش وحوار ورسالة سلام لجميع البشر.

علاقة المسلم بالمسلم

أما فضيلة الشيخ الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي جمهورية مصر العربية فأكد على أهمية هذه الندوة باعتبارها تعالج قضايا كثيرة من أهمها الاختلاف بين الفقهاء خاصة المتعلقة بين الأنا والآخر إلا أن القرآن الكريم اعترف بها على مستويات عديدة في آياته الكريمة ويمكن أن نتصور هذه العلاقة في ثلاث صور الصورة الأولى هي علاقة المسلم بالمسلم والصور الثانية هي علاقة المسلم بغير المسلم داخل الدولة والصور الثالثة علاقة المسلم بغير المسلم خارج الدولة فإن الصورة الأولى تحكمها الأخوة في الدين ومن واجب المسلم أن يعين أخاه على الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

والصورة الثانية تحكمها المواطنة والعدل والمساواة في الواجبات والحقوق والصورة الثالثة يحكمــها حسـن الجــوار وعـدم الاعتداء.

إضاءة

أوضح كثير من العلماء المشاركين في الندوة أهمية هذا اللقاء السنوي وما له من تأثير إيجابي في خلق أجواء من التسامح والتفاهم والتعايش بين البشر وأهمية العودة إلى الأصول في الدين، وعدم الانجراف إلى اجتهادات الأفراد التي قد تؤدي إلى الانطواء وعدم القبول بالآخر.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 190 مشاهدة
نشرت فى 27 إبريل 2013 بواسطة islammy7

إسلامي

islammy7
»

ابحث

عدد زيارات الموقع

180,024