) المنطقة الاقتصادية الخالصة

هي تلك المنطقة التي تمتد إلى مئتي ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي (المادة 55 و57 من اتفاقية جمايكة). وتعد المنطقة الاقتصادية أهم تطور لحق بالقانون الدولي للبحار من حيث التوفيق بين اتجاهين:

ـ أولهما نادى بامتداد السيادة الإقليمية إلى مسافات مترامية الأطراف من البحار.

ـ وثانيهما رأى أن مقتضيات استغلال هذه المنطقة لا تمنع من ضرورة كفالة ممارسة حرية أعالي البحار. وفقاً لما أقرته اتفاقية جمايكة لعام 1982 فإن المنطقة الاقتصادية الخالصة تعد جزءاً لا يتجزأ من أعالي البحار (البحر العام) ولا تملك الدولةالمشاطئة لها إلا مجموعة من الاختصاصات لا تؤثر على الطبيعة القانونية لهذه المنطقة. أي أن المنطقة الاقتصادية الخالصة لا تخضع لسيادة الدولة الساحلية.

لابد هنا من التعرض لمسألتين: حقوق الدولة المشاطئة والتزاماتها، وحقوق الدول الأخرى، والتزاماتها.

حقوق الدول المشاطئة والتزاماتها: للدولة الساحلية حق في الموارد الطبيعية الحية وغير الحية في قاع البحر وباطن أرضه ومياهه العلوية مع العمل على صيانة هذه الموارد.

ـ للدولة الساحلية حق في إقامة الجزر الصناعية والمنشآت الأخرى واستخدامها. وتنفرد الدولة الساحلية بهذا الحق من دون سواها.

ـ حق مباشرة البحث العلمي وصيانة البيئة البحرية والحفاظ عليها؛ إذ يحق للدولة أن تمارس رقابة على الأبحاث التي تجري في البحر وأن تنظمها وأن تصدر التراخيص الخاصة بذلك.

وبالمقابل تلتزم هذه الدول المشاطئة بما يلي:

ـ الإعلان عما يتم إنشاؤه من جزر صناعية أو منشآت أخرى ووضع علامات للتحذير من وجودها وإلا وجبت إزالتها كاملة.

ـ منح الموافقة على مشاريع البحث العلمي التي تقوم بها الدول الأخرى، والمنظمات الدولية بوضع القواعد والإجراءاتالمناسبة، مع الاحتفاظ بحقها في المشاركة في هذه المشاريع.

ـ التعاون من أجل حظر الاستغلال المفرط للموارد الحية.

ـ العمل على تشجيع الانتفاع الأمثل بهذه الموارد.

ـ الاتفاق على تعيين حدود المنطقة الاقتصادية مع الدول الساحلية المقابلة أو المتجاورة وفقاً للمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية [ر.الأمم المتحدة (منظمة ـ)].

حقوق الدول الأخرى والتزاماتها: وهي تتأسس على مبدأ حرية أعالي البحار فتتمتع كل الدول بحرية الملاحة والتحليق ومد الكبول البحرية والأنابيب، وعلى هذه الدول لدى ممارستها لحقوقها احترام حقوق الدول الساحلية على المنطقة الاقتصادية.

ويلاحظ أن للدول الأخرى الحق في المشاركة المنصفة في استغلال جزء مناسب من فائض الموارد الحية للمناطق الاقتصادية الخالصة للدولة الساحلية الواقعة في المنطقة ذاتها. ويتم تحديد ذلك عن طريق إبرام الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية. ويترتب على ما تقدم أن الموارد غير الحية لا تدخل في نطاق هذا الانتفاع المقرر للدول الأخرى؛ حيث أن حق استغلالها قاصر على الدولة المشاطئة المعنية. وفي مقابل هذه الحقوق تلتزم الدول الأخرى بما يلي:

ـ احترام قوانين الدول المشاطئة بخصوص ممارسة حق الصيد.

ـ التعاون من أجل إعادة ترحيل بعض الموارد الحية إلى دول الأصل.

ـ الاتفاق على التدابير اللازمة لحفظ الموارد الحية في القطاع الملاصق للمنطقة الاقتصادية.

ـ التعاون مع الدولة المشاطئة بقصد الحفاظ على الموارد الحية القابلة للترحيل بحفظها والانتفاع بها.

ـ عدم أحقية الدول غير المشاطئة في استغلال الموارد الحية إلا في المناطق الاقتصادية الخالصة للدول المشاطئة المتقدمة وفقاً لترتيبات مناسبة تتم بينهما.

ـ عدم أحقية الدول غير المشاطئة في نقل الحقوق الممنوحة لها من دون موافقة صريحة من الدول الساحلية.

4) المياه الداخلية Internal waters

يقصد بالمياه الداخلية تلك الأجزاء من البحر التي تتغلغل في إقليم الدولة وتتداخل فيه، والتي بحكم موقعها تخضع لقواعد خاصة غير القواعد التي سبق ذكرها ولها علاقة بأعالي البحار والبحر الإقليمي. وتشمل المياه الداخلية، خلاف التعاريج الساحلية الواقعة بين الشاطئ وبين الخطوط المستقيمة التي تعد بداية للبحر الإقليمي: الموانئ والأحواض البحرية والخلجان والبحار الداخلية.

الموانئ والأحواض البحرية: الموانئ والأحواض البحرية على شاطئ الدولة هي الأماكن المعدة لاستقبال السفن، وتعد الموانئ والأحواض البحرية داخلة ضمن إقليم الدولة وجزءاً من أملاكها العامة، وللدولة استناداً إلى ملكيتها هذه أن تنظم دخول المراكب الأجنبية إليها، وأن تضع الإجراءات التي ترى مراعاتها لدخول تلك المراكب وأن تخضعها للوائحها الصحية والجمركية وتفرض عليها الرسوم المالية وما شابه ذلك.

ولكن ليس للدولة استناداً إلى سيادتها أن تقفل موانئها عموماً، ومن دون سبب مشروع في وجه المراكب الأجنبية، لأن ذلك يتنافى مع الغرض الذي أعدت له الموانئ، ولأن في ذلك إخلالاً بمبدأ حرية الملاحة البحرية وعرقلة للتجارة الدولية. وقد سارت الدول على فتح موانئها عامة للسفن التجارية الأجنبية، واستقر العرف الدولي على ذلك، وتأيد بما تقرر في اتفاقية جنيف سنة 1921 الخاصة بالنظام الدولي للموانئ البحرية، والتي نصت على حق جميع الدول الموقعة عليها في اتصال سفنها بالموانئ البحرية لكل منها وفي الحصول على التسهيلات والمساعدات اللازمة مع المساواة بينها في المعاملة.

لكن هذا الحكم لا ينطبق على السفن الحربية التي تقوم بأعمال السلطة العامة، إذ للدولة أن تخضع دخولها في موانئها لبعض القيود التي تتطلبها سلامتها وأمنها. كما أن لها أن تمنع دخولها عند الاقتضاء، إلا في الأحوال القاهرة، كأن يكون التجاؤها إلى الميناء للاحتماء من عاصفة أو لعطب أصابها، ولا تستطيع معه مواصلة طريقها في عرض البحر، ففي مثل هذه الحالات يتحتم على الدولة إيواء تلك المراكب من دون مراعاة للقيود التي قد تكون وضعتها على دخولها في موانئها.

والتزام الدولة فتح موانئها للمراكب الأجنبية ينصرف إلى الموانئ التجارية، أما الموانئ الحربية فللدولة أن تقفلها في وجه جميع السفن الأجنبية من تجارية وحربية محافظةً على مصالحها وأسرارها الحربية. كذلك للدولة، لأسباب خاصة تسوغ ذلك، أن تقفل بعض موانئها التجارية في وجه السفن الأجنبية، مادامت تفتح أمامها موانئ أخرى.

وغني عن البيان أنَّ للدولة أنْ تمنع دخول المراكب الأجنبية إطلاقاً إلى موانئها إذا اضطرتها لذلك حوادث تتعلق بسلامتها أو بمصالحها الحيوية، على أن يكون هذا المنع مؤقتاً وأن يزول بزوال السبب الذي أدى إليه. كذلك للدولة أن تمنع من الدخول مركباً بعينه لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو بالأمن أو ما شابه ذلك. أما سلطان الدولة على السفن الراسية في موانئها فقد سبق الكلام عنه عند دراسة ممارسة الدولة للقضاء في إقليمها.

  • Currently 38/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 624 مشاهدة
نشرت فى 7 فبراير 2011 بواسطة investmarine

ساحة النقاش

maha karamallah

investmarine
ماجستير فى العلاقات الدولية - كلية الحقوق جامعة عين شمس »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

34,810