حرص النوبي القديم على الحفاظ بكل الجماليات مهما كانت الإمكانات ضعيفة، ولا يقتصر الاهتمام بالجمال على ما هو كائن في البيت، إنما تمتد آثار هذا الاهتمام إلى كل أماكن تواجده، لذلك نجده يهتم بتزيين كل أدواته التي يستخدمها في البيت أو في المزرعة أو أي مكان يعمل فيه، وقد تفننت المرأة النوبية في صناعة هذا الغطاء على هيئة طاقية ولكنها أكبر بحيث تستخدم كغطاء يوضع فوق الأواني الفخارية التي بها طعام ساخن، فيحتفظ الطعام بدرجة حرارته لمدة طويلة، حتى تذهب به إلى شريك حياتها في مكان عمله، وهذا الغطاء فيه ملمح جمالي يناسب الرجل الذي قد يكون معه ضيف أو من يعاونه في عمله.
ونفس فكرة غطاء الأواني التي تحتوي على أطعمة ساخنة نجدها أيضا في تقديم براد الشاي، فهذا الغطاء مصنوع من قماش متين بسمك مناسب يحمي ما بداخل الإناء من التعرض للهواء البارد الذي يفقد المشروب نكهته، وبالتالي فإن هذا الغطاء يعد من لوازم فصل الشتاء الذي يحتاج فيه الإنسان إلى المأكولات والمشروبات الساخنة، وإضافة هذه الخيوط الملونة والتي تشكل رسومات جميلة وتزيد من سمك الغطاء، تدل على رهافة حاسة التذوق الجمالي عند المرأة النوبية، وفي الوقت نفسه دليل على اهتمام المرأة بزوجها وراحته وغذائه، حيث إن هذه الاهتمامات هي من صميم فكر المرأة دون الرجل.
ومن ناحية أخرى فإن وجود مثل هذه الأغطية بالشكل التقليدي الذي يتم صناعة طواقي الرأس على منواله، أو بمعنى أدق يتم صناعته على منوال طواقي الرأس، دليل على خصوصية هذا الشكل وارتباطه بالإنسان النوبي، كما أنها دليل على المشاركة الفاعلة للمرأة في الأعمال الخارجية مع الزوج، أي أنها ليست قابعة في المنزل، ولكن لها إسهامات مع الرجل في الكفاح المشترك في سبل الحياة، وهذه المشاركة ليست جامدة أو جافة تشعر المرأة أنها مرغمة على ذلك على غير هواها، ولكنها محببة إلى نفس الزوجين تسعى من خلالها الزوجة إلى إسعاد زوجها بكل السبل المتاحة.