صورة معبرة لوجه امرأة نوبية وهي تنظر إلى المدى الممتد، أو المجهول، مع ملاحظة أن النظر يتجه إلى الأسفل وليس إلى الأعلى، بما يوحي بالحيرة أو الاستسلام للزمن وتقلباته، حتى الخلفية عبارة عن جدار أصم بدون أية ملامح جمالية، وكأنها قد مسحت من الذاكرة كل ما كان لها من ماض.
وملامح المرأة وتعبيرات وجهها لها قراءة أخرى، فالتجاعيد التي تبدو حول عينيها، دليل على أن الزمان قد نال منها وأكل عليها الدهر وشرب، وآثار الوشم على شفتيها تدل على عمرها من ناحية، كما تدل على سابق عهدها واهتمامها بالجمال النوبي في شبابها من ناحية أخرى، ووضع الطرحة أو الوشاح الأسود حول رأسها بهذا الشكل دليل على الوحدة التي تعاني منها، وكل هذه الأمور تدل على أن هذه الصورة بعد التهجير بقليل، حيث إن عدم الاستقرار ترك أثره على مجمل الصورة.
وإذا كانت المرأة النوبية هي صاحبة الفضل في كل الفنون والرسومات الجدارية والنقوش البارزة والغائرة في البيوت النوبية كما أثبت ذلك كل الدراسات المتخصصة، كيف لها أن تقف أمام هذه البناية الجرداء التي تخلوا من أبسط الملامح الجمالية، حتى في اللون الذي لا معنى له، وما هي مشاعرها وهي تقف أمام الكاميرا الذي قام صاحبها بالتقاط هذه الصورة.
