مكتب الاستشارات القانونية واعمال المحاماة المستشار القانونى ابراهيم خليل و الأستاذ خالد إبراهيم المحامي بالاستئناف

استشارات قانونية جنائية ومدنية واحوال شخصية وعمل وقضاء ادارى

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

رأينا في الموضوع :

 

          إذا كان الفقه والقضاء الإداري قد قام بالتفرقة بين القرار الإداري والعمل المادي بأن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزاً وقانوناً، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.

 

أما العمل المادي فلا تتجه نية الإدارة بإرادتها إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليه آثاراً معينة، لأن مثل هذه الآثار تعتبر وليدة الإرادة  المباشرة للمشرع وليست وليدة إرادة الإدارة.

 

وبناء على هذه التفرقة بين القرار الإداري والعمل الإداري، يمكننا القول بأن الأمر بالحفظ هو عمل (إجراء) إداري ذو صبغة قضائية (جنائية) وليس قراراً إدارياً.

 

المطلب الثاني

 

الطبيعة القانونية للأمر بألا وجه لعدم الأهمية

 

آثار التكييف القانوني للأمر بألا وجه لعدم الأهمية خلافاً في الفقه، وسوف نعرض في إيجاز للآراء المختلفة لنوضح بعد ذلك رأينا في الموضوع.

 

الرأي الأول : يرى غالبية الفقه المصري أن للنيابة  العامة أن تأمر بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية وسنده في ذلك أن نص المادة (209) إجراءات جنائية والذي خول النيابة  العامة الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى قد ورد مطلقاً، ولم يحدد أسباب معينة وذلك على خلاف الأمر بألا وجه الصادر عن قاضي التحقيق([23]).

 

الرأي الثاني :  يرى جانب آخر من الفقه أنه لا يجوز للنيابة العامة أن تأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية وسند هذا الرأي:

 

   1- أن النيابة العامة تجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق الابتدائي أو حسب تعبير محكمة النقض "لا تزال تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية ولذا فهي تحتاج في تصرفها إلى قسط من المرونة".

 

2- أن المادة (209) كانت تنص على أنه "إذا رأت النيابة بعد التحقيق أن الواقعة

لا يعاقب عليها القانون أو أن الدلائل غير كافية للاتهام تصدر أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية" ثم تم تعديلها بالقانون 353 لسنة 1952 فأصبح ينص على "إذا رأت النيابة  العامة بعد التحقيق أن لا وجه لإقامة الدعوى تصدر أمراً بذلك" فأصبح التعديل يؤدي إلى إمكانية استيعاب حالة عدم الأهمية.  وعلى ذلك، بالأمر بأن لا وجه لعدم الأهمية ليس إلا إيقافاً للتحقيق عند مرحلة معينة، ولا يصل إلى حد الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى.  ولا يحول دون إعادة تحريك الدعوى الجنائية، ولا يحوز أي حجية ويرى هذا الجانب من الفقه أن الأمر بأن لا وجه لعدم الأهمية يصدر من النيابة العامة كسلطة اتهام لا كسلطة تحقيق(2).

 

 

 

رأينا في التأصيل القانوني للأمر بألا وجه لعدم الأهمية:

 

          الحقيقة أن حل المشكلة المتعلقة بالخلاف الفقهي الذي احتد حول التأصيل القانوني للأمر بألا وجه لعدم الأهمية. نقول إن حل هذه المشكلة أبسط بكثير مما يتصور الفقه وهي مشكلة ناتجة عن خلط في الفقه والقضاء بين معنيين مختلفين هما رفع الدعوى وإقامة الدعوى، فالمصطلح الأول يعني عرض الدعوى على قضاء الحكم أما المصطلح الثاني، فهو أعم وأشمل لأنه يعني إما عرضها على قضاء الحكم أو عرضها على قضاء التحقيق. أو غير ذلك.

 

1-    أنه لو تأملنا نص المادة (72) من الدستور التي تتحدث عن حماية حق المحكوم لصالحه إذا امتنع الموظف العام عن تنفيذ حكم قضائي صادر لصالحه لوجدنا أن الفقرة الأخيرة من المادة تنص على "وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة".

 

في حين أن المادة (70) من الدستور تنص على "لا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية".

 

وواضح تماما أن المشرع الدستوري حين تحدث عن عرض الدعوى على قضاء الحكم في المادة (72) استعمل لفظة "رفع الدعوى"، في حين أنه عندما تحدث عن عرض الدعوى على قضاء التحقيق أو قضاء الحكم استعمل لفظة "إقامة الدعوى".

 

2-        إنه إذا تأملنا في نص المادتين (262) ، (265) إجراءات جنائية لوجدنا الآتي:

 

تنص المادة (262) على أن "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية ...."

 

وتنص المادة (265) على أن "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها...."

 

وبمقارنة النصين نجد أن المشرع في المادة (262) وهو يتحدث عن الدعوى المدنية يصفها بلفظة : "المرفوعة" أما في المادة (265) وهو يتحدث عن الدعوى الجنائية فيصفها بلفظة "المقامة" وعلة ذلك واضحة، فالدعوى المدنية تعرض على قضاء الحكم فهي دعوى مرفوعة، أما الدعوى الجنائية التي يتحدث عنها المشرع في المادة (265) فمن المحتمل أن تكون معروضة على قضاء التحقيق أو دخلت في حوزة قضاء الحكم.

 

3-    إنه إذا تأملنا في المادتين (68)، (136) من قانون المرافعات لوجدنا أن المشرع استعمل في المادة (68) عبارة "المحكمة المرفوعة إليها الدعوى" في حين أنه في المادة (136) استعمل عبارة "المحكمة المقامة أمامها الدعوى" وهذه المغايرة بين لفظة "المرفوعة" ولفظة "المقامة" لها ما يبررها. ففي المادة (68) يتحدث المشرع عن دعوى معروضة على المحكمة وداخلة في حوزتها، أما في المادة (136) فالمشرع يتحدث عن دعوى موقوفة وغير منظورة أمام المحكمة ومن ثم فهي دعوى مقامة وليست مرفوعة.

 

وبناء على ما  تقدم فإن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى إنما يعني أمرين في آن واحد

 

الأول  : عدم عرض الدعوى على قضاء الحكم

 

الثاني : عدم عرض الدعوى على قضاء التحقيق

 

ومن البدهي أن الأمر الأول يصدر من النيابة العامة كسلطة تحقيق، أما الأمر الثاني فيصدر منها كسلطة اتهام.

 

يؤكد صحة ما نذهب إليه أن قانون الإجراءات الجنائية جعل عنوان الباب الثالث من الكتاب الأول "في التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق" في حين جعل عنوان الباب الرابع من نفس الكتاب "في التحقيقات بمعرفة النيابة العامة"، أي أنه في حالة قاضي التحقيق استعمل لفظة "التحقيق" في حين أنه في حالة النيابة العامة استعمل لفظة "التحقيقات"، وهذا يعني أن النيابة العامة تمارس أكثر من نوع من التحقيق، فهناك تحقيق تجريه كسلطة اتهام وتحقيق آخر تجريه كسلطة تحقيق أما قاضي التحقيق فيمارس نوعاً واحداً فقط من التحقيق كسلطة تحقيق.

 

ويقطع في دلالة ما تقدم أن النيابة العامة حين تندب قاضياً للتحقيق فإنها تندبه للتحقيق مع شخص يكون قد اكتسب بالفعل صفة المتهم قبل مثوله أمام قاضي التحقيق، ولا يتصور أن يكون قد اكتسب هذه الصفة إلا بناء على تحقيق قامت به النيابة العامة أو بناء عل ضبطه متلبساً.

 

وبناء على ما تقدم، فإننا نرى أن الأمر بألا وجه لعدم الأهمية يصدر من النيابة العامة كسلطة اتهام

لا كسلطة تحقيق وهو بذلك قرار إداري ذو صبغة جنائية لا يحوز حجية شأنه شأن الأمر بالحفظ، على أنه يلاحظ عدة فروق بين خصائص كل منهما، على النحو التالي:

 

1-    الأمر بالحفظ لا يلزم تسبيبه في حين أن الأمر بألا وجه لعدم الأهمية يجب أن يكون مسبباً صراحة

أو ضمناً.

 

2-    الأمر بالحفظ يصدره عضو النيابة بمجرد إطلاعه على محضر جمع الاستدلالات أما الأمر بألا وجه لعدم الأهمية فلا يصدر إلا بعد إجراء عضو النيابة قدراً من التحقيق.

 

3-    الأمر بالحفظ هو إجراء إداري ذو صبغة جنائية أما الأمر بألا وجه لعدم الأهمية فهو قرار إداري ذو صبغة جنائية، ويترتب على ذلك نتيجة عملية مؤداها أن الأمر بالحفظ يجوز إلغاؤه من أي عضو نيابة وفتح باب التحقيق حتى إذا كانت درجة العضو الوظيفية أقل من الدرجة الوظيفية لمصدر الأمر بالحفظ، في حين أن الأمر بألا وجه لعدم الأهمية لا يجوز إلغاؤه إلا من عضو نيابة من نفس درجة مصدره

أو من درجة أعلى منه.

 

المطلب الثالث

 

الطبيعة القانونية للأمر بألا وجه لإقامة الدعوى

 

لا خلاف حلول الطبيعة القانونية للأمر بألا وجه لإقامة الدعوى، فثمة إجماع في الفقه والقضاء على أنه قرار قضائي يحوز حجية ويكاد يجمع الفقه على أنها حجية مؤقتة. إذ تنته بأحد الأسباب الآتية:

 

1-         إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية (المادتان 197، 213) إجراءات.

 

2-         إذا ألغى من محكمة الجنح المستأنفة أو من محكمة الجنايات (منعقدتين في غرفة المشورة) بحسب الأحوال.

 

3-         إذا كان القرار صادراً من أحد أعضاء النيابة وألغاه النائب العام في خلال ثلاثة شهور من تاريخ صدوره (المادة 211) إجراءات.

 

 

 

رأي مخالف لإجماع الفقه والقضاء:

 

نحن من جانبنا نرى أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى إذا كان صادراً من قاضي التحقيق فهو قرار قضائي خالص، أما إذا كان صادراً من النيابة  العامة فهو قرار قضائي منشوب بالصبغة الإدارية نظراً لتبعية عضو النيابة العامة للسلطة التنفيذية وعدم استقلاله الكامل وذلك على النحو الذي أوردناه تفصيلاً في المبحث التمهيدي.

 

ولذا نجد أن المشرع قد غاير في المعاملة التشريعية لكل من الأمر بألا وجه الصادر من قاضي التحقيق والآخر الصادر من النيابة العامة في المادتين (197) و (213) فنص في الأولى على "الأمر الصادر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى يمنع من العودة إلى التحقيق إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية.

 

ونص في المادة (213) على "الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى لا يمنع من العودة إلى التحقيق إلا إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197".

 

فالمشرع في حالة قاضي التحقيق استعمل لفظة دلائل أما في حالة النيابة العامة استعمل لفظة أدلة. وعلة هذه المغايرة واضحة فالذي سيقدر نشوء هذه الدلائل الجديدة هو قاضي التحقيق أما في المادة (213) فالذي سيقدر نشوء الأدلة هي النيابة العامة التي تنتمي إلى السلطتين القضائية والتنفيذية.

 

كما أننا من جانبنا نرفض تماماً القول بأن الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى يحوز حجية مؤقتة بل إننا نرفض هذا المصطلح أياً كان موضعه في أي فرع من فروع القانون.

 

وإذا نظرنا إلى الثلاث حالات التي يعتقد الفقه والقضاء أن حجية الأمر بأن لا وجه من الممكن أن تزول بهم.

 

1-    لو نظرنا إلى الحالة الأولى (المادتين 197 و213) إجراءات، لوجدنا أنه ليس صحيحاً أن الأمر بألا وجه يحوز حجية مؤقتة لأنه يزول إذا ظهرت دلائل أو أدلة جديدة، لأن ظهور هذه الدلائل أو الأدلة يجعلنا بصدد واقعة قانونية جديدة تمثل عنصر سبب جديد ومن ثم فالعودة إلى التحقيق لظهور هذه الأدلة لا يعني أن الأمر بأن لا وجه الذي صدر من قبل كانت له حجية مؤقتة وإنما مرد ذلك إلى أننا أصبحنا بصدد دعوى جديدة تختلف عن الدعوى الأولى.

 

2-    ولو نظرنا إلى الحالة الثانية (إلغاء الأمر بأن لا وجه من غرفة المشورة) لوجدنا أن الأمر بألا وجه كأي قرار قضائي يصدر من قضاء أول درجة من الممكن إلغاؤه أمام قضاء ثاني درجة ولا يشترط أن يكون ذلك سببه أن الأمر بأن لا وجه يحوز حجية مؤقتة.

 

3-    أما عن الحالة الثالثة (وهي حالة إلغاء النائب العام للأمر بألا وجه) فسوف نرى في المبحث التالي أن هذا الإلغاء لا يعني أن الأمر بأن لا وجه يحوز حجية مؤقتة.

 

المبحث الثاني

 

إلغاء الأمر بالحفظ والأمر بألا وجه

 

نتناول في هذا المبحث إلغاء الأمر بالحفظ والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية في مطلب أول لنوضح من منظور دستوري هل يحقق قانون الإجراءات الجنائية حماية قضائية للمدعي بالحق المدني إذا صدر أمر بحفظ الأوراق في جريمة تمثل جناية ولم تقم الجهات الرئاسية لعضو النيابة مُصدر القرار بإلغائه.  أم أننا في هذه الحالة يصدد ما يسميه الفقه الدستوري بالقصور التشريعي أو الإغفال التشريعي نظراً لأن القانون لا يبيح الإدعاء المباشر إلا أمام محاكم الجنح فقط وليس الجنايات.

 

ثم نتحدث في مطلب ثان عن إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى، فنركز على الطبيعة القانونية لاختصاص النائب العام بإلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى من منظور دستوري والنتائج العملية لذلك.

 

 

 

المطلب الأول

 

إلغاء الأمر بحفظ الأوراق والأمر بأن لا وجه لعـدم الأهميـة

 

          بعد أن انتهينا في المبحث السابق إلى أن الطبيعة القانونية للأمر بحفظ الأوراق أنه عمل إداري ذو صبغة قضائية وإلى أن الطبيعة القانونية للأمر بألا وجه لعدم الأهمية أنه قرار إداري ذو صبغة قضائية. وكلاهما يصدران عن النيابة العامة كسلطة اتهام. وهذه الطبيعة الإدارية لكل منهما تجعل كلاً منهما ليس بمنأى عن الرقابة القضائية طبقاً للمادة (68) من الدستور التي تقرر حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. فهل أتاح قانون الإجراءات الجنائية بالفعل للمضرور من الجريمة الصادر فيها أمر بالحفظ أو أمر بألا وجه لعدم الأهمية. هل أتاح له فرصة الطعن القضائي، أم لم يتح له ذلك فنكون بصدد ما يسميه الفقه الدستوري بالقصور التشريعي.

 

موقف الفقه المصري من هذا الموضوع :

 

          ذهب رأي فقهي إلى جواز الطعن في أمر الحفظ أمام محكمة القضاء الإداري لأنه أمر إداري وليس أمراً قضائياً([24]). وذهب رأي آخر إلى القول بأنه "إذا كان القانون يخول المدعي حق الطعن في قرار قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى، فإنه يجب أن يكون هذا  الحق من باب أولى في قرار النيابة بحفظ الأوراق، كما أن المدعي المدني رغم تخويله حق رفع دعواه مباشرة في الجنح والمخالفات، قد فقد ضمانة الطعن في قرارات النيابة بالحفظ في الجنايات([25]).

 

          وذهب رأي إلى أنه لا يترتب على عدم جواز الطعن في أمر الحفظ ضرر بالمجني عليه إذا كانت الجريمة جنحة أو مخالفة، إذ يجوز غالباً طرق سبيل الادعاء المباشر فيها، ولكن الضرر يكون جسيما إذا كانت الجريمة جناية حيث لا يجوز الادعاء المباشر([26]).

 

          وذهب رأي آخر إلى أن عدم إباحة الطعن في أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة في جناية هو قصور في التشريع ، ولكنه محدود الأثر من الوجهة العملية ، لأنه من المستبعد عملاً أن تعمد النيابة العامة إلى حفظ الجناية بناء على محضر جمع الاستدلالات ، دون أن يقتضي الأمر منها تحقيقاً بالمعنى الضيق، وإذا أريد صرف النظر عن الدعوى بعد هذا التحقيق فلا يكون ذلك الإ أمراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى وهو ما يجوز للمدعي بالحق المدني الطعن فيه بالاستئناف([27]).

 

رأينا في هذه المسألة :                                         

 

          نحن من جانبنا نرى أن المشرع أتاح بالفعل للمدعي بالحق المدني فرصة الطعن القضائي على الأمر بحفظ الأوراق، سواء تعلقت الجريمة بجنحة أم بجناية، وليس في حالة الجنحة فقط كما يعتقد الكثيرون. وآية ذلك أن المادة (305) إجراءات جنائية التي تنص على "إذا تبين للمحكمة الجزئية أن الواقعة جناية أو أنها جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد، تحكم بعدم اختصاصها وتحيلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها"

 

          هذا النص استعمل فيه المشرع لفظة "تبين" وورد في الفصل التاسع من الباب الثاني المتعلق بالحكم في الدعوى الجنائية "هذه  اللفظة" تعني أن المحكمة قامت بالفعل بالتحقيق في الدعوى وفحص أدلة الثبوت والنفي ضد المتهم، ثم اتضح لها أن القضية متعلقة بجناية لا بجنحة، فكان لزاما عليها أن تحيلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها، وهذا يعني أنه لا يتصور ًأن تقوم النيابة العامة بحفظ أوراق القضية دون تحقيق قضائي بعد أن تبين لقضاء الحكم بالفعل أن الواقعة جناية، وهذا يعني أن عبارة "لاتخاذ ما يلزم" قصد بها المشرع أمرين لا ثالث لهما، أولاً: أن تتولى النيابة العامة التحقيق في الواقعة بنفسها أو أن تندب لذلك قاضيا للتحقيق.

 

          ومفاد ما تقدم أن المشرع أتاح للمدعي بالحق المدني حق اللجوء إلى محكمة الجنح، سواء تعلقت الواقعة بجنحة  أم بجناية ، يؤكد صحة ما نذهب إليه أن النيابة العامة حين تصدر أمراً بحفظ الأوراق فإنها لا تحدد في الأمر بالحفظ إن كانت الجريمة تمثل جنحة أم جناية ، فمثلاً حين تصدر النيابة العامة أمراً بحفظ الأوراق لعدم الجريمة ، فإن مثل هذا الأمر لا يفيد إن كانت الجريمة جنحة أم جناية.

 

          وهكذا نرى أنه ليس ثمة قصور تشريعي على الإطلاق وأن المشرع الجنائي حقق للمدعي المدني حماية قضائية كاملة عملاً بالمادة (68) من الدستور، إذا صدر أمر بحفظ الأوراق في الجريمة سواء تعلقت الجريمة بجناية أم بجنحة.

 

          ومن البدهي أن الأمر بألا وجه لعدم الأهمية نظراً لأنه لا يصدر إلا في جنحة فهو خاضع لرقابة محاكم الجنح عن طريق الإدعاء المباشر أمامها.

 

المطلب الثاني

 

إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى

 

يلغى الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى إما بواسطة محكمة الجنايات أو الجنح منعقدة في غرفة المشورة وذلك بناء على طعن من المدعي بالحقوق المدنية وذلك طبقاً للمادة (210) إجراءات، وإما بواسطة النائب العام طبقاً للمادة (211) إجراءات. وسوف نتناول الحالة  الأخيرة فقط في هذا المطلب ثم نتناول في المبحث القادم الحالة الأولى لنوضح ما بها من مسائل دستورية.

 

المادة (211) إجراءات جنائية :

 

تنص المادة (211) على "للنائب العام أن يلغي الأمر المذكور في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره ما لم يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة بحسب الأحوال برفض الطعن المرفوع في هذا الأمر"

 

والسؤال الذي يطرح نفسه – هنا – ما هي الطبيعة القانونية لاختصاص النائب العام بإلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى؟

 

يكاد يجمع الفقه والقضاء على أن اختصاص النائب العام– هنا – هو اختصاص قضائي، والصحيح – عندنا – أنه ليس اختصاصً قضائياً ولكنه اختصاص ولائي فقط Jurisdiction gracious   وسوف نعرض فيما يلي لأسباب ذلك من منظور قانوني وأيضاً من منظور دستوري.

ibrahimkhalil

المستشار القانوني إبراهيم خليل محام بالنقض والدستورية والإدارية العليا عضو اتحاد المحامين العرب عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي عضو جمعية الضرائب المصرية عضو جمعية إدارة الأعمال العربية والأستاذ خالد إبراهيم المحامي بالاستئناف موبيل 01005225061 - 01021141410 القاهرة مصر

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2013 بواسطة ibrahimkhalil

ساحة النقاش

المستشار القانونى ابراهيم خليل

ibrahimkhalil
المستشار القانوني إبراهيم خليل بالنقض والدستورية والإدارية العليا الاستاذ خالد ابراهيم عباس المحامي بالاستئناف عضو اتحاد المحامين العرب عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي عضو جمعية الضرائب المصرية عضو جمعية إدارة الأعمال العربية موبيل 01005225061 01021141410 القاهرة مصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,490,947

المستشار القانوني إبراهيم خليل

المستشار القانوني إبراهيم خليل محام بالنقض والدستورية والإدارية العليا عضو اتحاد المحامين العرب عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي عضو جمعية الضرائب المصرية عضو جمعية إدارة الأعمال العربية  موبيل 01005225061   تليفون 23952217 القاهرة مصر