(1)

الدورة التدريبية القرآنية الربانية الأولى

قوة الكلمة وأهميتها وتأثيرها اللامحدود في حياة الأفراد والشعوب

  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) . البقرة.

*****

بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق لا ريب فيها

لقد وضع الله في كتابه الكريم 88 نداء، بدأت كلها بــ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُو }، ولدينا هنا الآن أول نداء من الرحمن الرحيم، يحمل في طيات كلماته بحور من الحقائق والأسرار والنعم، وبه مفتاح نجاة لكل من آمن بالله ولبى النداء، أقول كل من لبى النداء، لأن هناك من آمن بالله ولا يلبي نداءه.. وإذا استمع إليه ولى وكأن لم يسمع شيئا..

 وليس هذا لعدم إيمانه بالله، لا فهو يؤمن ولكن قلبه وعقله وذاكرته قد إمتلؤا عن آخرهم باهتمامات اخرى غير كتاب الله، فعندما يسمع آية تدخل إلى عقله كمعلومة تحتفظ بها الذاكرة المؤقته، وعندما يمر الوقت ولا يعمل بما سمع من كلام ربه تنمحي الآية من ذاكرته اتوماتيكيا، لأن العقل والذاكرة مشغولان بأشياء أخرى كثيرة جدا.. لذلك نجد المولى عز وجل يقول دائما في نهاية بعض آياته لعلكم تتفكرون، أو تذكرون أو تعقلون، أو تفقهون.

حقيقة أخرى

الذي اقوله لكم الآن هو بداية جميلة لنخط بأيدينا طريق النهاية.. نهاية الظلم والضلال والكذب والغش والخداع، وبداية طريقنا إلى الله العلي العظيم، فسنعرف ماالذي ينقصنا، لنعيش كما أراد الله لنا، وسنضع أيدينا على نقاط الضعف فينا وسبب تعاستنا، وسنحقق لأنفسنا اسباب الأمن والآمان والسعادة التى وضعها الله لكل من أطاعه.

حقيقة ثالثة

هذا النداء هو اختبار حقيقي لك ، وهو بمثابة مفتاح نجاتك، وهو كنز ثمين جعله الله العلي العظيم لأهل هذا العصر، وكلنا يعلم ما يجري ويدور في ايامنا هذه.. من ظلم واعتداء وتغيير وتزوير الحقائق والمعلومات حتى ذهبت ثقتنا بأصحاب الثقة وأصبحنا نسمع باسم الدين مالا يصدقه منطق أو عقل، الآن لا حجة لديك فهذا كلام ربك الذي لا ريب ولا شك فيه.

حقيقة رابعة

وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55)الزمر

يخاطب الله تبارك وتعالى الناس كافة، ويخاطب المؤمنين خاصة، فأحسن ما أنزل إلينا هو كتاب الله، وأحسن ما في كتاب الله بالنسبة لنا الآن هو نداءاته ووصاياه سبحان وتعالى عما يصفون علوا كبيرا.

حقيقة خامسة

لقد جعل لك الله تبارك وتعالى هذا النداء الآن خصيصا لك، حتى لا يكون لك على الله حجة، فتعذر عن عدم تلبيتك لنداءه.. فتكون ضمن من قال الله فيهم:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)الزخرف }.

 لقد فكرت كثيرا قبل ان اكتب هذه الآية لأنها قوية جدا، ولكن تقتضيني الآمانة أن أشير إليها، لما لها في مشوارنا هذا من أهمية كبيرة، فكثير منا يمر على الاية يسمعها أو يقرأها ويمر عليها مرور الكرام، وقد ثبت علميا أن الذاكرة تنقسم إلى ذاكرة مستديمة وأخرى مؤقته.. فعندما نسمع الآية ولا نعمل بها بعد فترة قليلة ننساها وتنمحي من الذاكرة لأنها كانت في الذاكرة المؤقتة. نلاحظ هذا عندما نكون في سفر فتجدنا نحفظ اسماء الشوارع وغيرها بصفة مؤقتة وننسى كل ذلك بعد فترة من الزمن، وبمجرد أن ننسى تهجم علينا شياطين الجن والإنس، فيزينون لنا كل ما هو قبيح ويغضب ربنا، فاحذر واستعذ بالله من الشيطان الرجيم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا

في الحقيقة أنا هنا بصدد معرفة قوة الكلمة وأهميتها في حياة الأفراد والشعوب، لذلك سنتكلم عن يا أيها الذين آمنوا فيما بعد، عندما نتعرف على موقعنا وموقفنا عند الله، فإن الذي يحدد موقعنا على خريطة الإيمان، ويحدد موقفنا مع خالقنا العظيم هو ما نفعل، والكلمة هي فعل اللسان، وهي أقوى ملايين المرات من فعل بقية الجوارح، فمثلا أنت كمدير شركة عندما تتصرف بيدك فأقصى ما تستطيعه هو أن تضرب إنسان أو تقتله، ولكن إذا استعملت كلمة { ستغلق الشركة} فقد طردت ألالاف من الناس إلى قارعة الطريق بغير عمل. فالكلمة بمجرد أن تخرج منك تقوم بمفعولها وتؤثر في الواقع الخارجي ولا يمكن أن تعود إلى الوراء أبدا.

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا

الآن انتبه ودقق لأنك ستجد هنا المخرج من كل ما تعاني من احزان وآلام ومخاوف واضطرابات وقلق، عش مع ما ستمسع من آيات الله بقية يومك، تتدبرها، وتفكر فيها، وتطابقها بما مر في حياتك، وبما لازلت تمر به من ظروف صعبة أو سهلة، فستجد فيها مواطن ضعفك واسباب آلامك، وكن على يقين بأنها رسالة موجهة من الله العلي العظيم إليك، إلى شخصك الكريم على الله، إذا قرأت الآية فهي مما فتح الله بها عليك، وهي رزقك، وهي آمانة في عنقك، وأنا أكثركم مسئولية عن ذلك إن لم اطبق ما أقول.

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا  كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) إبراهيم.

بدأ الله تبارك وتعالى المثل بكلمة ألم تر؟.. أي لابد لك أخي في الله أن تأخذ كلام ربك وكأنك رأيته وعشته وحققته في واقع حياتك، لأنه كلام رب العالمين، لا ريب ولا شك فيه، فعليك أن تعيشه بكل كيانك، كما تعيش أي حدث يحدث في حياتك..

لك الحمد ربي على ما فتحت به علينا من رحمتك وفضلك ورأفتك بنا، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. واجعلنا اللهم وكأننا رأينا ما تخبرنا به رؤية قلبية لا تزوغ منا أبدا حتى نلقاك يارب العالمين، اللهم اجعلنا أهلا لأن نرى كلماتك ونعيشها ونطبقها فتخرجنا بها من الظلومات إلى النور بإذنك وفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين ..

يارب العالمين أنت بنا أرحم من أنفسنا ومن أباءنا ومن الناس أجمعين، لقد اتبعنا رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، فلا تحرمنا النور الذي جاء معه.. والحقنا به بفضلك وكرمك ورحمتك ياأرحم الراحمين فقد أمرتنا أن نأخذ ما آتانا وأن ننتهي عما نهانا، وأن نتبعه ونطيعه ونستمع له صل اللهم عليه وسلم تسليما كثيرا.

إلى من نسى التمرينات أقول له عد إليها فهي خير عون لنا في هذه المرحلة، وتذكروا أننا نعمل على تحرير عقولنا أولا، قم تنشيط ذاكرتنا وتنظيفها ثانيا، ثم سندخل بكل مالنا من رصيد عند مولانا من أثر تطبيق التمرينات إلى تقوى الله، والتمرينات سأكتبها لإخواننا الجدد، الذين سينضمون إلينا إن شاء الله .

الإستغفار

وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) هود

التسبيح

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) الأحزاب.

كان لنا في النادي مقالة عن التسبيح هي نظرية جديدة في التسبيح، ربما غفل كثير منا عنها، وهي أن كل الكون يدور عكس عقارب الساعة، حتى الطواف حول الكعبة، وحتى دورة الدم في قلوبنا فإنها تبدأ من الشمال بعكس عقارب الساعة، والنظرية تقول إنك عندما تسبح ربك وتذكره بقلبك وبصدق فإنك تخرج من تيارات الدنيا الفانية والمزينة والمزيفةإلى تيارات الفلك المسبح لله.

الصدقات

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) التوبة. إذا أردت خيرا لنفسك ولأهلك وإذا أردت أن يطهر الله قلبك وينجيك من شرورها فتصدق بجزء مما تحب سواء كان مالا او طعاما او ثيابا.

الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب.

صلاتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا كثيرا ستصلح لك حياتك وتستقيم لك كل أمورك وستشعر بالنور وقد ملأ كل كيانك.

خامسا وأخيرا صلة الرحم والدعاء لإخوانك بظهر الغيب.

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) الحجرات.

هذه متروكة لحضراتكم لتبحثوا وتستمعو لما قيل في الإيمان وفي  المحبة في الله..فإنها من أقصر الطرق إلى مرضاة الله.

هذا واستغفر الله لي ولكم وانتظرونا في العدد القادم إن شاء الله...

أرجو من كل الأخوة أن يضعو أسئلتهم وأن يتركو التعليقات ليوم آخر حتى لا تضيع الصفحة ضمن باقي الصفحات، فهناك من لا يستطيع قراءة كل الصفحات، ضعوا أسئلتكم واتركوا تعليقاتكم الجميلة فستبلغني عندما أرى تطبيقكم لما فتح الله به لنا في منتدانا الموقر.