الأمان الحيوي في مزارع الأسماك المصرية
إعداد/محمد شهاب
د. علاء الدين عبد المعطى محمد عيسى، هو أستاذ أمراض الأسماك ورعايتها بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، ورئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للبيئة وصحة الأحياء المائية".
إن الأحواض الطينية لاستزراع الأسماك هي النوع الأكثر انتشارا في مصر بسبب انخفاض تكاليف التشغيل وتتميز هذه الأحواض بطبيعتها المفتوحة التي تتيح تداخل عدد كبير من العوامل البيولوجية التي تؤثر على الأسماك المستزرعة خلال دورة الإنتاج .
وتعد الأنواع المائية الوافدة (مثل إستاكوزا المياه العذبة و بعض الطيور المهاجرة) والبرمائيات والزواحف البرية أمثلة لتلك المؤثرات البيولوجية و التي تفرض اثارها الضارة على الأسماك خلال دورة الإنتاج مما يوثر تأثيرا سلبيا على عملية الاستزراع السمكي.
إن الطبيعة النشطة والانتشار الواسع لتلك الأنواع في البيئة المائية المستزرعة يؤدى في نهاية المطاف الى انتهاك نظم تربية واستزراع الأسماك وذلك من خلال نمو وانتشار العوامل الممرضة بالطرق الميكانيكية و البيولوجية المباشرة والغير مباشرة .
إضافة لما سبق فإن الإدخال المتكرر للأمهات من مصادر غير موثقة ومسحوق السمك الغير معامل حراريا وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والاستعمال الخاطئ للسماد الحيواني في تسميد الأحواض الطينية وكذلك نقل الأسماك من مناطق جغرافية مختلفة قد يؤدى الى دخول العوامل الممرضة الى المزرعة اثناء مراحل الاستزراع السمكي المختلفة والذى قد ينشأ عنه انتشار واسع للعوامل الممرضة في انظمة التشغيل المختلفة للمزرعة مما قد يؤدي إلى انهيار كامل في إنتاجية المزرعة أو موجات مفاجئة من الأمراض التي قد تؤثر سلبا على الإنتاجية النهائية للمزرعة".
وعليه فإن الحاجة الملحة لتجنب اختراق النظام الإنتاجي في المزرعة في مرحلة من مراحله قد يستوجب تصميم اليات حديثة وعملية لدراسة الدور الرئيسي الذي تضطلع به الأنواع المائية الوافدة وكذلك النواقل والحوامل البيولوجية في نقل وانتشار الأمراض داخل المزارع السمكية في مصر، بالإضافة الى تطوير الأساليب العملية للحد من دخول و تطور وانتشار العوامل المسببة للأمراض اثناء مراحل الإنتاج السمكي المختلفة وذلك بالتوازي مع اعتماد نظام تحليل المخاطر ونقاط المراقبة الحرجة في المزارع HACCP او الطرق النموذجية للاستزراع السمكيGAP في المزارع السمكية المصرية.
وتواجه اسواق تصدير الأسماك المصرية خطرا كبيرا بعد اعتماد الاتحاد الأوروبي وبعض الدول المستوردة لائحة تقر بعدم استيراد اى نوع من الاسماك المستزرعة من المزارع التي لا تطبق نظم الرقابة والجودة في كل مراحل الانتاج اضافة إلى دخول دول أخرى ناشئة من دول حوض النيل و بعض الدول العربية في مجال الاستزراع المكثف لإنتاج البلطي بنظم استزراع وتحكم متقدمة مما يشكل تنافسية عالية جدا مع الأسواق المصرية التي تعتبر من اكبر الأسواق نموا خلال الثلاثة عقود الماضية .
الأمان الحيوي في المزارع السمكية قد يمتد الى الرقابة على نوعية وطرق التسميد العضوي للأحواض الطينية نظرا لخطورة انتشار بعض الامراض من خلال زرق الطيور المستخدم في عمليات التسميد العضوي خصوصا إذا لم يعرض الزرق لعمليات تجفيف معقولة للتخلص من الفيروسات والبكتيرية الضارة .
وعلى الجانب الإيجابي فإن هناك بعض الآليات المستحدثة انتشرت في المزارع السمكية بجنوب شرق اسيا لتقليل فرص وجود أي سموم فطرية او بكتيرية بأحواض الأسماك الطينية مثل إضافة مسحوق الطمي المعقم الذى يستطيع امتزاز و جذب معظم السموم والهبوط بها الى قاع الحوض، كذلك استخدام مسحوق الطحالب الخضراء المزرقة التي تمثل مصدر بروتيني عالي الجودة و مضاد جيد للسموم ومحفز ممتاز لجهاز المناعة في الأسماك.
وختاما لك ان تعرف أخي القارئ ان استحداث استراتيجيات أمان حيوي محكمة على الرغم من تكلفته الظاهرية المرتفعة الا أنه من الممكن أن يوفر مئات الملايين من الجنيهات من خلال تقليل النافق من الاسماك نظرا لانخفاض فرص الإصابة بالأمراض، بالإضافة الى ثقة المستورد والمستهلك في المنتج وارتفاع القيمة التصديرية للأسماك الموردة من المزارع التي تحمل شهادة الهاسب أو الجاب محليا وعالميا.
ساحة النقاش