الجنس في الطفولة
الجنس ... العالم المُغلق الغامض الذي كلما تناولته ألسنتنا في مجتمعنا الشرقي ، واجهتنا العديد من الانتقادات اللاذعة ... "عيب" ... "مايصحش" ... "دا كلام ما يتقلش" ... "دي قلة أدب" ...
المجتمع فرض علينا الحصار في هذه المنطقة الملغومة الشائكة والحساسة في حياة كل منا , وتم حظر التجول في هذه المساحة من تفكيرنا , حتى لا نصطدم مع المجتمع والقيود التي يفرضها. مع أن واحداً مثل العالم النفسي الشهير فرويد قال أن الجنس هو "الدافع والمحرك الأول لتصرفات الإنسان" .
ومنذ بداية الطفولة ... عندما يحاول الطفل اكتشاف جسده ,غالباً ما تفاجئه أول صدمة من الأم إنها الصرخة العالية التي تنفذ كالسيف إلى داخل نفسه : "عيب يا ولد" ... ورغم أن هذا المسكين الصغيرلا يعرف معنى كلمة "عيب" إلا أنه يدرك من نظرات التحذير والصوت الحاد أن أعضاؤه الجنسية سيئة ومكروهة وترتبط بأمر قذر ومحظور لا يجب التعامل معه أبداً .
صديقي ..
قد تكون أب , ولديك طفل يمر بتلك المرحلة الحرجة ... أو قد يكون هذا حدث معك منذ سنوات حياتك المبكرة ... لذا دعنا نفكر فيما يحدث في مثل هذه الحالة :
1. يتقوقع الطفل حول ذاته ويشعر أنه وحيد ؛ وأن أمامه علامات استفهام رهيبة لا يجد حوله من يساعده على فهمها أو تفسيرها.
2. لعدم تجاوب الأهل مع تساؤلات الطفل حول الجنس بالصمت أو التخويف أو إعطاء إجابات ساذجة ,لا يقبلها مع تطور إدراكه حسب المرحلة العمرية ... يشعر الطفل بأن هذه المنطقة غرفة مظلمة مليئة بالمخاطر من يدخلها يتعرض للأذى .
3. يغذي هذا الإحساس مشاعر سلبية تتراكم لدي الطفل وتقنعه بأن الجنس شر وفساد وقذارة وكل من أراد أن يعيش حياة نقية يبتعد عن هذه الدائرة .
4. يكبر الطفل قليلاً ويدخل إلى مرحلة المراهقة فتتولد بداخله صراعات عنيفة بين القيود التي تقول له إن الجنس عيب وشر وفساد, وبين طبيعته الجسدية والصراعات النفسية التي يمر بها في مرحلة حساسة ومتغيرة بين الطفولة والنضوج .
5. ورغم أن هذا الفتى يدرك أن هذه الدائرة التي في نظره سوداء ملغومة إلا أن حب الفضول يدفعه إلى مزيد من المعرفة , فيدخل الغرفة المظلمة دون مرشد أو معين ليبحث بنفسه عن إجابات شافية ؛ ويكتشف بنفسه هذا العالم الغامض في مغامرة مثيرة محفوفة بالمخاطر، ومن هنا يبني خبراته الجديدة من خلال وسائل الإعلام ... الإنترنت ...الفضائيات ... الأصدقاء ... أو المجلات والأفلام الإباحية .
6. في هذه المرحلة ينخرط نسبة كبيرة جداً من المراهقين في دائرة العادة السرية . ويجد فيها الفتى مشاعر اللذة الجنسية ذاتياً بدون شريك حيث تقوده إلى الانعزال والانطواء وقد تؤدي إلى شخصية سلبية في معظم الحالات .
7. وقد تستمر العادة السرية بكل مشاكلها إلى مرحلة متقدمة من العمر ... نعم فالبعض تستمر معهم حتى بعد الزواج , حيث يرتكز اهتمامه على الإشباع الذاتي دون شريك ... هذا الزوج يكون أناني جداً في زواجه , فالمهم عنده أن يشبع رغبته هو فقط ولا يهتم بإشباع رغبة زوجته , و تحدث شروخ ومتاعب كثيرة في هذا الزواج وقد ينتهي بالفشل .
8. نأتي أيضاً إلى كارثة حقيقية فالجنس في نظر هذا الزوج (أو قد تكون الزوجة ) مقترن منذ الطفولة بكلمة (عيب و قذارة وشر) لذلك لا يستطيع هذا الشخص إقامة علاقة حميمة يتواصل فيها مع الله , لإن هناك علاقة جنسية مع الشريك , والجنس في مخيلته من الأشياء التي تمنعه من الصلاة والتقرب إلى الله .
9. هذا الشخص لا يدرك أن الله : "... يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ " ( 1 تيمو 6 : 17) حتى العلاقة الجنسية أيضاً , فهي من خلال الزواج علاقة مقدسة نقية بحسب فكر الله , وهي تقود إلى الوحدة والتعبير عن الحب الكامل والعطاء بين الزوجين .
صديقي ..
هل اكتشفت مدى خطورة الكبت الجنسي عند الأطفال والنتائج المترتبة على ذلك ؟
يمكنك أن تجنب طفلك الكثير من مشكلات التربية الجنسية , إن سمحت له بحرية التعبير ووفرت له المعلومة النقية والصحيحة والبسيطة بقدر ما يدرك مع مراحل نموه ؛ و من المصدر الموثوق ... إن لم تفعل ذلك فسيعرف كل شيء مع الأصدقاء وفي مصادر مختلفة وفي سماء مفتوحة على الفضائيات والإنترنيت ... حتي لو منعت الفضائيات والإنترنيت من بيتك سيجده في كل مكان وفي بيوت أصحابه وأقاربه ...
وتذكـَّر أن طفلك أمانة من الله بين يديك، فلا تدفعه إلى هذه الدائرة المظلمة.
ساحة النقاش