جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
لشعور بأنك تشعرين بقرب موتك في بعض الأحيان، وأن هذا الإحساس يهجم عليك هجوماً بصورة مفاجئة، وكذلك تشعرين بازدياد معدل ضربات القلب عندما تمر عليك هذه الأفكار، إضافة إلى ذلك أنك قد تمر بك أفكار عن موت بعض أولادك مثلاً، ومع أنك لم تشيري إلى أمر آخر إلا أن من المحتمل أنك يقع في نفسك أن تُصابي بشي من الأمراض الخطيرة التي تؤثر عليك وتمنعك من أداء واجباتك تجاه زوجك وتجاه أولادك أو أن هذه يصيب بعض أولادك فتخشين عليهم الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة فيمر بك هذا الخاطر، فهذا كله له وصف واحد وهو أنه نوع من المخاوف التوقعية، أي أنك لديك خوف من بعض الأمور كالموت مثلاً أو المصائب ونحوها من الأمور التي يفزع منها الإنسان، والتي تخشين وقوعها.
فهذا هو الوصف الذي لديك، وهذا الأمر بحمد الله عز وجل لازال في بدايته ويمكنك التخلص منه بيسر وسهولة دون أن يكون هنالك أي مشقة في ذلك بإذن الله عز وجل، فالمطلوب منك أن تلتفتي إلى أمرين اثنين: الأمر الأول: هو معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الشعور، والأمر الثاني: هو كيفية العلاج.
فأما الأمر الأول: وهو الأسباب التي أدت إلى هذا الشعور، فالحامل عليه هو أمران اثنان: نزغ الشيطان الذي يسول للإنسان ليحزنه قال تعالى: {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
والأمر الثاني هو: وسوسة النفس الأمارة بالسوء قال تعالى على لسان امرأة العزيز: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}. وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
فهذه الأفكار وردت عليك فحصل أن فكرت فيها ثم استرسلت فيها شيئا ما فحصل لك هذا الخوف، وأما شعورك بزيادة معدل ضربات قلبك فهذا أمر طبيعي كما هو معلوم لأنك عند الخوف تشعرين بهذا الأمر وتشعرين بشيء من الرهبة منه فيحصل لك ازدياد في ضربات القلب كما يحصل لأي إنسان عندما يخاف وقد يكون ذلك وهماً أيضاً نظراً لشعورك بالخوف على نفسك أو على عيالك، وفي جميع الأحول قد يقع لك أعراض أخرى غير هذه فمن ذلك مثلاً قلة الشهية للطعام في بعض الأحيان سيما عند ورود هذه الوساوس، ومنها ربما في بعض الأحيان الأرق عند النوم وضعف التركيز أحياناً نظراً لورود هذه الأفكار، فهذا كله من أعراضه وليس بالشرط أن يكون موجوداً لديك لأنك بحمد الله قد أفلحت في علاج هذا الأمر وأصبت دواءه، إنه الفزع إلى الله فأنت عندما تمر بك هذه الأفكار السوداء تقومين بالصلاة أي باللجوء إلى الله لأن الصلاة هي القربة التي تقربك من ربك وهي التي تلقي في نفسك اليقين وتلقي في نفسك السكينة قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
وكذلك تلاوة كتاب الله الذي هو شفاء من كل داء، شفاء من الأمراض النفسية، وشفاء من الأمراض العضوية، وشفاء من أمراض الشبهات وأمراض الشهوات، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} فهو يجمع كل ذلك.
وأمر بسيط تتأملي فيه، إنه قول الله تعالى في الآية الآنفة التي أشرنا فيها إلى كيد الشيطان (ليحزن الذين آمنوا..) فتأملي كيف قال ربنا (وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله) فبين أن خير ما يقوم به المؤمن من دفع وطرد الشيطان أن يوقن أنه لا يصيبه شيء من الضر إلا بإذن الله فإذا كان الأمر كذلك فليطمئن المؤمن ولتهدأ نفسه لأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له؛ ولذلك قال في موضع آخر: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، فهكذا فلتنظري وتتأملي في كل أمر يقع في هذه الدنيا أليس لن يقع إلا بإذن الله؟ فإن كتب الله موتي فلن يغني عنه حذري، وإن كتب الله موت من أحب فلن يغني عنه خوفي عليه، إذاً فأكل أمري إلى الله، فكل أمر قد قدره الله، قد كتب الآجال قبل أن يخلق الناس، وقد كتب الأرزاق وكتب الأعمال وكتب الشقاء والسعادة كما قال عليه الصلاة والسلام عندما يرسل الملك إلى الجنين فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتب أربع كلمات بكتب رزقه وعمله وشقي أو سعيد، وقال تعالى: {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}.
إذا فأتوكل على الله فهو المتولي أموري؛ ولذلك قال تعالى بعدها (هُوَ مَوْلانَا) أي هو متولي أمورنا ثم ختمها فقال وعلى الله فليتوكل المؤمنون. فهذا هو دواؤك وهذا هو شفاؤك وأنت لا تحتاجين إلى أكثر من هذا القدر لأنك بحمد الله قد هديت إلى علاجه وها أنت ترين بنفسك كيف أنك بمجرد أن تقبلي على الله وتقرئين كتابه وتلجئين إليه في الصلاة كيف ينكشف عنك الأمر ثم يعود الشيطان لوسوسته ونزغه فادفعي ذلك عنك بقطع الفكرة وعدم الاسترسال فيها وعدم الالتفات إليها، واعلمي أنها فكرة حقيرة مصدرها حقير ألا وهو الشيطان الرجيم. إضافة إلى ذلك الاستعانة بالله منها. قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
وأيضاً فلا بد من التشاغل عن هذه الأفكار بالأعمال الصالحة بذكر الله كما تقومين ولله الحمد، وبتحصيل العلم النافع بحفظ شيء من كتاب الله، وبالقيام ببعض الأنشطة المفيدة مع عيالك دون الالتفات إلى هذه الوساوس ودون أن تقع في نفسك على أنها ربما كانت إلهاما أو كانت شعوراً صادقا فكل هذا لا التفات له فهي مجرد وساوس تقع في النفس ليحزنك الشيطان ويخرجك من دائرة التوكل على الله إلى دائرة الجزع ودائرة الفزع، فاعرفي ذلك واحرصي عليه، وعليك أن تحرصي على العلاقات الاجتماعية مع الأخوات الصالحات فإن ذلك يعطيك دفعة إيجابية أيضاً وكذلك القيام بممارسة الرياضة اللطيفة كرياضة المشي في أوقات فراغك، فإن هذا يفرغ عن الطاقات النفسية لديك، وابشري بحمد الله فإن الأمر الذي لديك يسير وعلاجه بمتناول يدك وأنت لا تحتاجين إلا هذا القدر.
ونود أن تعيدي كتاباً إلى الشبكة الإسلامية بعد أسبوع أو أسبوعين للإشارة إلى الثمرات التي توصلت إليها في هذا الشأن ولتقديم المزيد من التوجيه والإرشاد لك والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، وأسال الله لك التوفيق والسداد.
شذرات مُتجدده مُجدده
http://kenanaonline.com/hany2012/
ساحة النقاش