النظرية العلية:
ان النظرية العلية للادراكcausal theor of perception
هي التي ياخذ بها المذهب الواقعي النقدي فيرى اصحاب هذه النظرية ان اغلب ادراكاتنا الحسية ان هي الا وهم ولا تبدي لنا الاشياء على ماهي عليه , خلافا للواقعية اللانقدية, كما يذهب اخرون الى ان كل ادراكاتنا ليست الا هلوسة والعالم الخارجي الفيزيقي لا وجود له الا في اذهاننا, فهو افكار فحسب, لها وجود في الذهن لا غير.
قديبدو هذا غريبا اول مرة نسمعه واذا كان الراي الاول للواقعية النقدية فيه شيء من الصحة, فان الراي الثاني يبدو باطلا ولكن من الصعب اكتشاف خطئه.
فالادراك في اغلبه وهم ودليلهم على ذلك ان الاشياء في رؤيتنا لها وسمعنا وذوقنا تختلف من شخص الى اخر بل بالنسبة للفرد الواحد في ظروف مختلفة, وفي اوقات مختلفة ومن ناحية اخرى فان ماتخبرنا به الحواس التي لا تستعين بلالات عن العالم الخارجي واشيائه لا تتطابق الا في شيء ضئيل مع ما تخبرنا به العلوم الطبيعية, وذلك ان اشخاصا متعددين يدركون شيئا واحد ادراكات مختلفة وفي اوقات مختلفة فقد يبدو الماء باردا بالنسبة لي وحارا بالنسبة لغيري.....
ولهذا لا نستطيع الحكم على الاشياء بناءا على مدركاتنا فقط.
يرى رسل الذي يمثل الواقعية النقدية ان اغلب الادراكات انما هي وهم مثال ذلك اننا اذا ابصرنا قطعة نقدية فهي تسقط صورة دائرية على شبكة العين من زاوية واحدة فقط, في حين ان الصورة قد تكون بيضوية الشكل من زاوية اخرى, فتبدو القطعة على غير ماهي عليه, وياتي العقل فيصحح المظهر كي يتفق مع الواقع الذي نراه وهو القطعة النقدية.
فاذا لم يتحكم العقل في الحواس فاننا نتعرض للخداع والوهم , ويؤكد رسل اننا لا ندرك الواقع كما هو ابدا وغاية ماندرك هو مختلف مظاهره.
ان بعض الادراكات اقرب للواقع من اخرى ويصر ايضا على ان كل الادراكات ماهي الا صور ولا ينبغي ان نخلط بين الشيء وصورته فالاشياء الخارجية هي علة في المظاهر المختلفة التي تبدو للمدرك, ولذلك سميت نظريته بالنظرية العلية في الادراك, ويعني ذلك اننا ندرك الشيء الفيزيقي بطريقة غير مباشرة بادراك مظاهره .
وتسمى ايضا بالنظرية الادراكية اللامباشرة ومعنى هذا كله اننا لا ندرك الاشياء الفيزيقية ابدا, وانما ندرك مظاهرها المختلفة.
ويرى اننا نستطيع ان ندرك الشيء نفسه بلاستدلال لا بلمشاهدة, كما نستدل على وجود النار برؤية الدخان, او نرى شيئا بيضي الشكل ونعرف قوانين المنظر الخطي, ونعرف اننا في موقع زاوية منحرفة(حادة او منفرجة) فذلك كله يجعلنا نستدل على ان ذلك الشيء هو الذي تسبب في ادراكنا لهذه الصورة (ولنفرض انها القطعة النقدية مثلا).
فالمعرفة التي حصلت لنا بطريقة غير مباشرة قد تكون دقيقة او عكس ذلك.
قد تسبب عوامل اخرى خداعنا كالهلوسة والوهم او التخدير او يتعمد عالم جراح ان ينبه بعض الاجزاء من المخ بمنبهات كهربائية مناسبة تجعلنا نرى شيئا لا وجود له اي امور وهمية.
وهنا لا نستطيع ان نميز بين حالات الادراك التي هي حقيقية والتي هي وهمية, وما سببها هل التخدير او الهلوسة؟ او غيرها كالافتعال الكهربائي.
الا ان النظرية العلية تزعم ان الشيء المدرك هو العلة في احداث عملية ادراكه, ان ماذهب الي رسل من ان الشيء الواحد يبدو لاشخاص مختلفين بحيث يرى كل شخص مختلفا عن الاخرين يبدو انه على خطا , ولم يكتشف اصحاب الابستومولوجيا هدا الخطا الا اخيرا, وهو خطا وقع فيه فيلسوف لامع مثل رسل.
اذ عندما يصحح العقل الحواس فان الاشياء تبدو عادة على ماهي عليه والخداع الحسي نادرا مايحدث, فلا ينبغي ان نبالغ في النقد كما تفعل الواقعية النقدية حتى اصبح اتباعها متشائمين كما لا ينبغي ان نكون واقعيين ساذجين كي لا نكون راضيين عن انفسنا بل ناخذ حذرنا من خداع الحواس وننظر اليها بدرجة ما من الشك.
نشرت فى 29 نوفمبر 2011
بواسطة hany2012
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,794,549
ساحة النقاش