الحلقة الرابعة
تذكر قبل أن تنسى
الحمد لله وكفى , ليس وراء الله مرمى , وليس وراء الله منتهى، سبحان من خلق الكون فنظمه , وخلق الأنسان وكرمه ، وسن الدين وعظمه ، ووضع البيت وحرمه ، ورفع النجم وسومه ، وسخر الطير وألهمه ، وسير السحاب وكومه ، وبعث العظم ورممه ، وأنزل الكتاب وأحكمه ، ورفع القمر وقومه ، وخلق النحل وفهمه ، وحفظ ابراهيم من النار وسلمه ، وناده موسى وكلمه ، ووهب سليمان ملكا وفهمه ، وأرسل محمدا بالحق وعلمه , وأشهد ان لا اله الا الله , وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد , يحيى ويميت , وهو على كل شى قدير , وأشهد أن محمدا رسوله الكريم , وعبده الامين , أما بعد ..
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى , فتلك وصية الله تعالى لعموم الناس , ووصية الله جل في علاه لعباده المؤمنين , ووصية الله جل وعلا لجميع الأمم السابقة , ووصية الله تبارك وتعالى لبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أخى الحبيب إن كان خير الأنام , رسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – , قد وصاه ربه بالتقوى ، فأين أنت من هذه الوصية ؟ وإن كان نبى قد بلغ هذا العلو عند الله فى المقام حتى رفعه الله فوق سدرة المنتهى ، وتخطى الحجب , وخاطبه ربه وليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب ، وقد أم صلى – صلى الله عليه وسلم – بالنبين إماماً , رغم هذه المرتبة العالية , والمكانة الرفيعة لنبينا ـ صلى الله عليه وسام ـ عند ربه تعالى , قد وصاه ربه بالتقوى ؟ ةلم تكن الوصية بين الله تعالى ونبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ سرا , ولم ترسل هذه الوصية في برقية سرية , بل كانت على مسمع من جميع الخلائق , إ1 أنزل الله تعالى هذه الوصية في كتاب هو القرآن الكريم , حتى يقرأ كل من دخل الإسلام هذه الوصية الجليلة التي يوصي بها ربنا عز وجل نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ , إذن نحن أولى بهذه الوصية .
وإن كان نبى قد ختم الله بنبوته النبوات , وبرسالته الرسالات , وبلغ من علو قدره , أن ربه جل فى علاه ما خاطبه فى كتابه بلفظ اسمه مجرداً قط , بل بلقبه , فقا تعالى : ( ياأيها النبى أو ياأيها الرسول ) , وما قال الله تعالى أبداً يا محمد كما خوطب النبيون والمرسلون , وما ذلك إلا تشريفا , وإجلالا , وتعظيما لمقام نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فقد خاطب الله تعالى نبيه أدم عليه السلام , وهو أبو البشر ، نبي له قدره عند ربه , ذلك أنه قد خلقه الله بيديه , رغم ذلك خاطبه ربنا تعالى بلفظ اسمه , فقال تعالى : ( يأدم اسكن أنت وزوجك الجنة )
وخاطب ربنا تعالى نبيه نوحاً عليه السلام , وهو نبي من أولى العزم , ذلك أنه دعا قومه ما يفوق تسعمائة وخمسين عاماً , إلا أن الله تبارك وتعالى خاطبه كذلك بلفظ اسمه , فقال تعالى : ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك )
وخاطب الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام , وهو خليل الرحمن , ونبي من أول العزم من الرسل , بل بلغ من علو قدره عند ربه أن الله تبارك تعالى قد مدحه مدحا لم يمدحه أحدا من خلقه قط , فقال تبارك وتعالى في محكم التنزيل : ( وإبراهيم الذي وفى ) , إلا أن الله تبارك وتعالى خاطبه كذلك بلفظ اسمه , فقال تعالى : ( ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا ) وقال تعالى ( يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك )،
وخاطب الله تعالى نبيه داوود عليه السلام كذلك بلفظ اسمه , قال تعالى : ( يا داوود إنا جعلنك خليفة فى الأرض )
وخاطب الله تعالى نبيه موسى ـ عليه السلام – , وهو كليم الله , وهو نبي من أول العزم من الرسل , كذلك خاطبه بلفظ اسمه , قال تعالى : ( فأوجس فى نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى )
وخاطب الله تعالى نبيه زكريا عليه السلام كذلك بلفظ اسمه , قال تعالى : ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا )
وخاطب الله تعالى نبيه يحيى عليه السلام كذلك بلفظ اسمه , قال تعالى " ( يايحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا )
فهؤلاء الأنبياء الله لهم من القدر العظيم , والمنزلة العالية عند ربهم ما بلغوا , إلا أن الله رفع نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدراً أعظم , ومقاما أكبر , إذ أن الله تبارك وتعالى ما خاطبه إلا بلقبه , ( ياأيها النبي و ياأيها الرسول) , ورغم هذا كله , يوصيه ربه جل جلاله بالتقوى في كتابه في موضع , بل في موضعين اثنين , ألسنا نحن الأولى بهذه الوصية ، فاتقوا الله عباد الله , وسارعوا لمرضاته لعلكم تفلحون
إذن بعدما علمنا ما علمنا عن التقوى , وعظمتها في دينا , لما لها من جميل الأثر في حياتنا إن أحسن التمسك بها , فلا يتزكر أحدنا إن وصاه غيره بالتقوى , فالتقوى تلزم المحسن الزيادة , وتدل الغافل إلى اليقظة , وتوقظ الائم قبل أن يفيق على سكرات الموت , وحينذاك فلن ينفعك وصية ولا نصيحة
فاتقوا الله بفعل ما امر به من الطاعات .والتقرب الى الله فى جميع الاوقات ,والمحافظة على اداء الصلوات, واداء القربات, وفعل الخيرات, وترك المعاصى والمنكرات ,ومساعدة أهل الحاجات


