الحقلة الثالثة
الطريق الصحيح
الحمد لله الذي أمات و أحيا , وأضحك وأبكى ، وأخذ وأبقى , الحمد لله الذي أنزل الماء أجرى ، وأنه هو رب الشعرى ، وهو الولى المولى ، العلى الأعلى ، الذى خلق فسوى ، والذى أخرج المرعى ، فجعله غثاء أحوى , سبحانه من لا ينام ولا ينسى , سبحانك ربنا ما أعظمك ، سبحانك ربنا ما أكرمك ، سبحانك ربنا ما أرحمك , سبحانك ربنا ما أجودك ، سبحانك ربنا ما أرأفك ، سبحانك ربنا ما أحلمك ، سبحانك خالقنا ما أعدلك ، سبحانك ربنا ما أعطفك ، سبحانك ما أوسع رحمتك , سبحانك ربنا ما قدروك حق قدرك ،سبحانك ما عبد ناك حق عبادتك ، سبحانك ما شكرناك حق شكرك ، وأشهد ألا إله إلا الله , تعطف بالعزم وقال به ، ولبس المجد وتكرم به ، و أشه أن محمدا رسول الله , صلى الله عليه وسلم , أما بعد ..
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى , مجتهدين في ذلك ما استطعنا إلى ذلك سبيلا , ابتغاء رضوان الله ورحمته , وخوفا من عذابه وبطشه .
اتقوا الله عباد الله ؛ هل تدركون ما للتقوى من أهمية , وعظمة فى هذا الدين الحنيف ؟ ما أعظمها من وصية ! وصيه أوصى بها الناس اجمعين , ما أرفعها من وصية! وصية خص الله بها عباده المؤمنين , ما أعلاها من وصية ! وصية شمل الله بها الاولين والاخرين ؛ فقد قال تعالى فى سورة النساء : ( ولله ما في السموات وما في الأرض و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم واياكم أن اتقوا وان تكفروا فأن لله ما فى السموات وما فى الارض وكان الله غنيا حميدا )
ومما يعلي من أهمية التقوى مكانة أعظم , ويرفعها إلى مرتبة أأرفع , أن التقوى هى وصية الله لجميع الامم , فالتقوى وصية رب البرية لكل امة , ولكل جماعة , فهى فى الحقيقة ليست وليدة العهد بالاسلام , بل هى وصية رب العلمين فى جميع الرسالات , وعلى لسان جميع الانبياء والرسل , فطريق الله واحد ثابت , لا يتغير , ولايتبدل , ولايميل , ولا يختلف باختلاف الرسل , ولا باختلاف الانبياء , فكل شريعة وكل دين دعوته تدور حول محور واحد ثابت , وهو تقوى الله فى جميع الامور, فلا طريق لرضوان الله الا بتقوى الله , ولا سبيل للبعد عن غضب الله الا بتقوى الله , فاتقوا الله ما استطعتم
تزود من التقوى فانك لاتدرى -- اذا جن ليل هل تعيش الى الفجر
فكم من عروس زينوها لزوجها -- وقد اخذت أرواحهم ليلة القدر
وكم من صغار يرجى طول عمرهم ---وقد ادخلت أرواحهم ظلمة القبر
وكم من سليم مات من غير علة ----- وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى يمسى ويصبح لاهيا -------- وقد نسجت أكفنه وهو لايدرى
وكم من ساكن عند الصباح بقصره ----- وعند المساء كان من ساكن القبر
فكن مخلصا واعمل الخير دائما ---لعلك تحظى بالمثوبة والاجر
فداوم على تقوى الاله ---فانها امان من الاهوال فى موقف القبر
يمكن القول بل والجزم كذلك بأن التقوى هى منهاج المسلم الصادق , وطريق المؤمن المجتهد , وسبيل العبد العامل , لاجل نيل رضا الله , ومما يزيد التقوى اهمية فى الدين, وعظمة فى الشريعة , واجلالا فى الدين , ان الله وصى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) بالتقوى فقال تعالى ( يأيها النبى اتق الله ولاتطع الكافرين والمنافقين ان اله كان عليما حكيما ) وقال الله –جل وعلا- مخاطبا نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ( واذ تقول للذى انعم الله عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق أن تخشاه )فأين نحن من التقوى ؟ أليس نحن الأولى بهذه الوصية؟
عباد الله , اسمعوا , واعوا لمقالتي هذه , ان كان نبى هو خير الخلق , ونبى الحق , وسيد الاولين والاخرين , وخير خلق الله اجمعين , وهو خاتم النبيين , وسيد المرسلين , وهو امام المتقين , يوصيه ربه بالتقوى , فما بالكم عن من هو دونه ؟ فاتقوا الله مااستطعتم.
عباد الله, اذا كان نبى هو سيد ولد ادم , مدحه ربه مدحا لم يمدحه لاحد من العلمين , وشهد له شهادة لم يشهدها لأحد من قبل ولا من بعد , شهادة من فوق سبع سموات ,سجلت فى اللوح المحفوظ , وسجلت فى القران العظيم , وفى صدور الملائكة , وفى قلوب الحفاظ لكتاب الله , وعقول الموحدين , وهذه الشهادة بتوقيع رب العالمين , وبشهادة الملائكة أجمعين , ألا وهى قوله تعالى ( وانك لعلى خلق عظيم ) , رغم هذا كله إلا أن ربه جل وعلا يوصيه بالتقوى , فأين أنتم من هذه الوصية ؟ فأتقوا الله ما استطعتم
عباد الله ان كان نبى قد رفع الله مكانه , و اعلى من منزلته , حتى اقسم الله بحياته فى كتابه , فقال تعالى " لعمرك انهم لفى سكرتهم يهمعون"" , وذكر أهل العلم والتفسير من علمائنا الأجلاء أنه : ما اقسم الله فى كتابه بحياة أحد من خلقه قط , وما هذا الا من عظيم قدره "صلى الله عليه و سلم" , و ما بلغ النبى "صلى الله عليه و سلم" هذا المقام من فراغ , أو بواسطه , او بتزكيه , او بقرعه , او بضربة حظ , بل بمبثابرة واجتهاد , وجهد و جهاد , و صبر و مصلبره, و بتقوى الله و مراقبته فى جميع الاحوال , و مراقبة الله فى جميع الاوقات , حتى وصفت السيدة عائشه "رضى الله عنها" خلقه "صلى الله عليه و سلم" فقالت ""كان قرأنا يمشى غلى الارض"" , رغم هذا كله يوصيه ربه – جل جلاله – فى موضع , بل موضعين اثنين بالتقوى , لماذا ؟ لماذا هذا كله ؟ حتى ندرك ما لأهمية التقوى , ألسنا نحن أولى بهذه الوصية ؟ فاتقوا الله ما استطعتم