التخمر Fermentation
لايمكن على مستوى الإنتاج التجاري أن ينظر لعملية التخمر على أنها فن فقط ولكن هي بالدرجة الأولى علم، فإجراء التخمر ليس مجرد وضع المحلول المراد تخميرة في المخمر ثم تلقيحة بالخميرة ثم تركه مدة زمنية حتى يتم إنتاج الإيثانول، ولكن بالإضافة إلى العمليات الروتينية الخاصة بتنظيف وتعقيم المخمرات والأجهزة الملحقة بها هناك عمليات مهمة لابد من أخذها في الاعتبار حتى يتم التخمر بنجاح وهي كما يلي:
حسابات المحصول المتوقع Expected yield
الخميرة من الكائنات غير الهوائية اختياراً وفي وجود الهواء فإنها تنمو حتى تعطي وزن جاف من خلايا الخميرة يصل إلى 50% من وزن السكر الذي تم تمثيله. ويجب أن يظل تركيز السكر منخفض أثناء تكاثر الخميرة وذلك عن طريق الإمداد المتزايد به وذلك لتجنب التأثير المثبط للسكر والمعروف بتأثير الجلوكوز "Glucose effect" (التأثير المثبط لسكر الجلوكوز يرجع إلى وجود كمية كبيرة أي دفعة واحدة من السكر سهل التمثيل ونتيجة سهولة تمثيله في المراحل الأولى تتراكم نواتج وسطية لأن الخلية لا تستطيع ملاحقة هذه النواتج وبالتالي تتسبب النواتج الوسطية المتراكمة في توقف التفاعل). ولذلك فإن العملية المتبعة في التخمير هي الحفاظ على تركيز منخفض من السكر، عندما يكون المقصود هو إنتاج خميرة جافة نشطة أو عندما يكون المقصود هو إنتاج البروتين الحيوي ولكن لا يتم ذلك في عملية إنتاج الإيثانول حيث تكون الخميرة تحت ظروف شبه لا هوائية.
بالنسبة لكمية الأكسجين المطلوبة في عملية إنتاج الإيثانول فهي قليلة وعادة ما يتم إدخال حوالي 8-20 مجم أكسجين ذائب/لتر وذلك قبل التلقيح بالخميرة. وعلى الرغم من وجود بعض الأكسجين المضاف والضروري لنمو الخميرة تبدأ الخميرة في تصنيع الإيثانول من السكريات القابلة للتخمر وعادة ما يكون وزن خلايا الخميرة المتكونة تحت هذه الظروف أقل من 5% من وزن السكر الذي يتم تمثيله. وتقوم الخميرة بأكسدة إلى حامض البيروفيك من خلال عملية الجليكوليسز Glycolysis التي سبق الإشارة إليها.
وفي العملية التي نحن بصدد شرحها وهي حسابات المحصول المتوقع، نذكر بأننا نتحدث عن الذرة (على سبيل المثال) كمصدر للكربوهيدرات والتي تحتوي على نسبة عالية من النشا. وكما ذكرنا فإن النشا C6H10O5)n ) يتم تحلله بواسطة الإنزيمات المضافة إلى جلوكوز n C6H12O6 الذي يصبح جاهزاً للتخمر بواسطة الخميرة. وعندما يكون عدد وحدات الجلوكوز(n) كبير في جزئ النشا فإن ينتج عن ذلك 2nCH3CH2OH و2 n ثاني أكسيد الكربون.
وبالأخذ في الاعتبار أن الوزن الجزئي للجلوكوز هو 180 و الإيثانول 46 وأن كل جزئ جلوكوز يعطي 2 جزئ إيثانول، فمن الناحية النظرية كل جزئ جلوكوز يعطي 2 جزئ إيثانول، أي أنه يمكن القول أن كل 100 جرام جلوكوز تعطي 51.1 جرام إيثانول، وبنفس الطريقة نجد أن كل 100 جرام من النشا تعطي 56.7 جرام إيثانول.
هذا من الناحية النظرية ولكن في الواقع لا يمكن لأي ميكروب أن ينتج إيثـانـول بنسبة 100% من القيمة النظرية بسبب استهلاك بعض من السكر في نمو الخميرة وكذلك بسبب تحول بعض من السكر إلى نواتج وسطية أخرى. وعلى أية حال فإن هناك اختلاف كبير في كفاءة سلالات الخميرة المستخدمة في عملية الإنتاج وهناك جهود كبيرو تبذل في مجالات علوم البيولوجي والهندسة الوراثية والتقنية الحيوية للحصول على سلالات تعطي نسبة عالية من القيمة النظرية . بناءً على ما سبق ، يمكن حساب كفاءة عملية التخمير من المعادلة الآتية :
النسبة المئوية لكفاءة التخمير =
وزن الإيثانول المنتج مضروبا في 100/ القيمة النظرية للإيثانول
انتبه من فضلك
هنـاك طريقـة أخـرى لحسـاب الكفـاءة وتطبق في كثيـر من حسابـات صناعـة الإيثـانول وتعتمد على محتوى الحبوب من النشا ولكن يجب أن يكون الحساب على أساس محتوى الحبوب الجافة من النشا وليس الحبوب الرطبة. ففي للقمح على سبيل المثال، فإن كمية مقدارها واحد طن عند مستوى رطوبة 12% تحتوي على 880 كيلـو جـرام من الحبـوب ، وبما أن القمـح يحتـوي على نسبة نشـا تسـاوي 63% فإن كل طن يحتوي على 554 كيلو جرام من النشا. وعندما يتحلل النشا يزداد الوزن الجزيئي لنواتج التحلل بسبب تحلل الروابـط ويكـون النـاتـج مسـاويـا 554 ´ الـوزن الجزيئي للجلوكوز/الوزن الجزيئي لـوحـدة تكويـن سلسلـة النشـا ، أي 554 ´ 180/162 أي 616 كيلـوجـرام من السكـر ، وكما ذكرنـا فإن القيمة النظرية لإنتاج الإيثانول من السكر تساوي 51.1% مما يعني أن القيمة النظرية لإنتاج الإيثانول من واحد طن قمح تساوي 616 ´ 51.1/100 أي 315 كيلو جرام من الإيثـانـول . وإذا كـان مـن المعلـوم أن معظـم سـلالات الخميـرة المستخـدمـة تعطي محصول من الإيثـانـول يسـاوي من 90 إلى 93% من القيمة النظرية فهذا معناه أن كل طن قمح رطب يعطي ناتج نهائي من كحول الإيثانول مقداره 360-372 لتر مع الأخذ في الاعتبار كثافة الكحول.
وليس من الشائع وجود عملية إنتاج إيثانول بكفاءة أكثر من 93% من القيمة النظرية وخصوصاً على المستوى التجاري. وعلى أية حال فإن كفاءة التخمير تختلف عن كفاءة الخميرة حيث أن كفاءة التخمير تتكون من كفاءة الخميرة ، وكفاءة عملية التقطير ، وكفاءة التسكير. وربما تكون كفاءة التسكير من العوامل الهامة جداً حيث أن وجود نسبة عالية من النشا غير المتحلل في المهروس يؤدي إلى فقد كبير في إنتاج الإيثانول بالنسبة للقيمة النظرية. ومن النادر أن يقاس هذا العامل عند إنتاج الإيثانول على المستوى التجاري رغم أن كثير من العلماء ومنذ وقت مبكر نسبياً مثل Wallace سنة 1986م ذكروا حقيقة علمية مؤداها أن الفقد في إنتاج الإيثانول قد يصل إلى 20% من القيمة النظرية أو أكثر وأن أسباب ذلك على الترتيب هي الفشل في استخلاص كامل للنشا من الحبوب، وعدم اكتمال تسكير الدكسترين ، وتكون سكريات غير قابلة للتخمر، واستخدام الخميرة للسكريات في عملية التكاثر والنمو، وتكون نواتج وسطية غير مرغوب فيها بواسطة الخميرة أو بواسطة ميكروبات التلوث إن وجدت.
ومن المهم هنا أن نشير إلى أن الخميرة المتنامية، أي التي يزداد عددها باستمرار حتى ولو بقيمة قليلة أثناء عملية التخمر، تنتج إيثانول بطريقة أكفأ وأسرع من الخميرة التي تنمو إلى حد معين ثم تتوقف عن النمو. وقد وجد أن الخميرة المتنامية تعطي طاقة ونواتج تمثيل ضعف ما تعطيه الخميرة التي تتوقف عن النمو، ولذلك فإن كل الجهود تبذل لجعل ظروف التفاعل مناسبة لكل من إنتاج الإيثانول ونمو الخميرة في نفس الوقت. وفي هذا الصدد لابد من الأخذ في الاعتبار توافر المواد الغذائية للخميرة في بيئة إنتاج الإيثانول، ولابد من المعرفة الدقيقة لتركيب المادة الخام للتأكد من أنها تحتوي على كل العناصر الغذائية اللازمة لحياة الخميرة و إضافة العناصر الناقصة، فعلى سبيل المثال فإن المولاس ينقصه مادة البيوتين اللازمة لحياة الخميرة كما أن المولاس والفاكهة ينقصهما النيتروجين الميسر الذي تحتاجه الخميرة لتخليق البروتين والأحماض النووية. كما أن محاليل الجلوكوز ينقصها النيتروجين والكبريت والفوسفات وهي كلها عناصر ضرورية لحياة الخميرة.
نكمل في مقال قادم إن شاء الله
ساحة النقاش