يتم إعداد الأغذية المتخمرة Fermented foods بواسطة فعل الميكروبات تحت ظروف متحكم فيها مما يسبب تغير فيزيائي لهذه الأغذية ويسبب تغير في الكيمياء الحيوية وفي صور العناصر الغذائية المكونة لهذه الأغذية. وهذه الأغذية قد يتم إعدادها من الحبوب، البقوليات، الجذور، الخضروات، الفاكهة، الأجزاء المأكولة من أي نبات، الأسماك، اللبن أو اللحوم.
وعن طريق التخمر يصبح الغذاء أكثر قيمة غذائية وأكثر قابلية للهضم وأكثر أماناً للمستهلك وله نكهة أفضل. كما أن التخمر هو عملية حفظ ذات كفاءة عالية وتكلفة أقل نسبياً من حيث الطاقة بالمقارنة بطرق الحفظ الأخرى.
ومنذ ما يزيد على المائة عام وكثير من العلماء يبحثون فى الصفات العلاجية والوقائية المترتبة على إستهلاك غذاء متخمر يحتوى على الميكروبات المفيدة. وأكدت الدراسات والتجارب أن تناول مثل ذلك النوع من الغذاء يعطي الجسم، بالإضافة إلى مقاومة الميكروبات المرضية، الحيويLongevity without agingة والقوة لدرجة أن بعضهم يعتقد أن تناول هذه البكتريا يعطي الإنسان ما يسمى ب أكسير الحياة أى أن يعيش الإنسان فى حالة صحية تتميز بدرجة عالية من النشاط والحيوية أو كما يقولون ، أى يعيش دون أن تظهر عليه أعراض الشيخوخة، فعمر الإنسان بالسنوات شيىء مختلف تماماً عن العمر البيولوجي الذى يُظهر الإنسان أنه مازال يعيش بحيوية ونشاط شاب العشرينيات، والعلماء فى اليابان هم أكثر الناس اعتقاداً بهذا الفكر.
وتناول البكتيريا المفيدة لعلاج كثير من الحالات المرضية يطلق عليه العلاج البكتيرى أو Oral bacteriotherapy وحالياً يوجد تنافس بين شركات الغذاء ومصانع الأدوية على مستوى العالم لإنتاج أغذية ومستحضرات دوائية تحتوى على البفيدو بكترياBifidobacteria أو Lactobacilli أو كليهما معاً حتى أنه من المعتاد أن يشترى الكبير والصغير أقراص حلوى تحتوى على البفيدو بكتريا، أو قد يجدها المستهلك مع خلطة التوابل المحببة للنفس والتى يضاف بعضاً منها على السلطة، أو قد تضاف إلى كوب من العصير، أو قد تكون ضمن المجموعة الميكروبية المسئولة عن الطعم فى طبق مخلل فاتح للشهية. وسلطة المايونيز حالياً تحتوى على البفيدو بكتريا فى صورة كبسولات صغير الحجم ويتناولها الإنسان ولا يشعر بطعم غير عادى بل إن الاختبارات الحسية أوضحت إقبال المستهلك على الأغذية المحتوية على البفيدوبكتريا. وينتشر استخدام هذه البكتيريا بدرجة كبيرة حيث تستخدم فى تغذية طيور الزينة وفى خلطات علائق الحيوانات خاصة صغيرة السن. وفى القريب العاجل ستكون وجبه كل منا محتويه على عدد كبير من إكسير الشباب أى البفيدوبكتريا وسوف تكون جميع الألبان المتخمرة وكثير من الأغذية محتوية على هذه البكتيريا المفيدة.
ونظراً للإهتمام العالمي بهذه البكتيريا من الناحية الصحية والغذائية فقد رأينا أنه من الضروري أن تحتوي المكتبة العربية على كتاب يتناول الفيدو بكتريا Bifidobacteria وكل أنواع الميكروبات المفيدة الأخرى المستخدمة في تصنيع الأغذية المتخمرة من حيث معرفة ما هي الظروف المثلى لنموها، والدور الذي تلعبه في القضاء على الميكروبات الممرضة في الأمعاء، والعوامل التي تؤثر على درجة التصاقها بجدار الأمعاء، وما هي البيئات المختلفة لعزلها وتقدير نموها.
وخلال الثلاثين سنة الماضية حدث تقدم كبير في دراسة الـ Bifidobacteria وذلك بالنسبة لانتشارها وصفاتها البيولوجية وتقسيمها والدور الهام الذي تقوم به في تحسين الحالة الصحية لمن يتناولها بصفة دورية. وحالياً يوجد حوالي 90 منتج غذائي متخمر يحتوى على هذه البكتيريا منها الألبان المتخمرة ـ القشدة المتخمرة Sour cream ـ وما يسمى Frozen-yoghurt ـ أغذية الأطفال Baby’s food ـ الجبن القريش Cottage cheese ـ خلطة التوابل مع Bifidobacteria ـ خلطات سلطة المايونيز ـ وتوجد أيضاً في صورة حلوى يتناولها الكبار والصغار.
ونتيجة للأبحاث المستمرة على البفيدوبكتريا فقد استنتج الباحثون أن عدد البكتيريا المرغوبة أو المفيدة أو Probiotics يزداد ليس فقط نتيجة تناول أعداد كبيرة منها مع الطعام أو فى كبسولات ولكن يمكن الوصول إلى هذا الهدف عن طريق وجود سكريات عديدة معينة فى الغذاء Dietary polysacchaeides لا تتحلل إلا بواسطة هذه البكتيريا في القولون وتتصف بأنها سكريات ذائبة ـ قابلة للتحلل Hydrolyzable، وقابلة للتخمر Fermentable بواسطة البكتريا المعوية. ومثل هذه السكريات تمر من الجزء العلوى للقناة الهضمية ثم تصل إلى القولون. وحديثاً استخدم المصطلح Prebiotics لوصف هذه السكريات والذى يعنى أى مكون غذائي غير قابل للهضم بواسطة الإنسان والذى يشجع نمو ونشاط الـ Probiotic bacteria أى البكتيريا التى تستوطن القولون بصفة خاصة ولذلك يطلق على مكونات هذا النوع من الغذاء اسم Colonic foods أى الأغذية التى تصل إلى منطقة القولون وتعتبر مواد أولية لبكتيريا القولون. وهذا الوصف ينطبق على الألياف الغذائية الذائبة منخفضة الوزن الجزئ مثل: سكريات الأوليجو Oligossacharides مثل الرافينوز Raffinose، Fructo oligosaccharides، Galactosyllactose، Transglactosylaligosaccharide (TOS).
ويحاول علماء التغذية ومن منطلق مفهوم المصطلح Probiotics تشجيع الناس على زيادة إستهلاك الـ Prebiotics حيث أن متوسط ما يتناوله الإنسان حالياً فى الدول الغربية من هذه السكريات مازال منخفضاً وحوالى من 15ـ40 جم فقط من الكربوهيدرات هو الذى يصل إلى القولون نتيجة تناول الوجبات الغذائية التقليدية فى الدول الغربية، أى أن نوعية الكربوهيدرات التى تصل القولون لتشجيع نمو البفيدو بكتريا مازالت قليلة نسبياً ولذلك فإنه حالياً يتم التركيز على استخدام الحبوب Cereals المحتوية على الألياف الغذائية لزيادة نسبة ما يحصل عليه الإنسان من هذه النوعية من الأغذية ومن أمثلة الأغذية المحتوية على الألياف الغذائية ذات الوزن الجزيئ المنخفض (Prebiotics) كل من القمح ـ الشوفان ـ الشعير ـ Rye ـ البصل والثوم.
ويوجد حالياً ويباع فى كثير الأسواق العالمية الفركتو أوليجو سكرايد Fracto-aligosaccharides كطريقة من طرق تدعيم الأغذية وزيادة إستهلاك سكريات الأوليجو وذلك للأهمية الفسيولوجية التى تحدث للإنسان نتيجة لتخميرها بواسطة البفيدو بكتريا وهناك نظرية هامة مؤداها أن تخمر السكريات الأوليجية فى القولون ينتج عنه تكون أحماض دهنية قصيرة السلة SCFA منها البروبيونيك والخليك هذين الحمضين عندما يدخلا الدورة الكبدية Eneterophepatic circulation فإنهما يثبطا تصنيع الكوليسترول وهذه من أحد الوظائف الفسيولوجية للألياف الغذائية الذائبة.
وحالياً يوجد فى الأسواق أغذية متخمرة تحتوى على كل من البكتيريا الحية والألياف الغذائية ويسمى مثل هذا النوع من الغذاء باسم Synbiotic ومثال على ذلك نخالة الشوفان المطبوخة والمتخمرة Fermented cooked oat bran وتستخدم هذه النخالة المتخمرة فى عمل وجبة غذائية سريعة تشبه الزبادى Yoghurt type snack تتميز بأنها تحتوى على كل من Probiotic وprebiotic معاً.
ولمزيد من المعلومات فإنني على استعداد للإجابة عن تساؤلات القراء الأعزاء، كما يرجى الرجوع إلى كتابنا "الأغذية المتخمرة وعلاقتها بصحة الإنسان" ولا أجد خجلاً من أن أطلب منكم شراء هذا الكتاب حيث أن الهيئة المصرية العامة للكتاب تبيعه بمبلغ خمس جنيهات، ولذلك فهو عمل لوجه الله الكريم.
ساحة النقاش