البلطجية تحيط بهم من كل جانب والاتاوات علي ودنه
مطلوب الاسراع في التأمين الصحي علي الصيادين وزيادة معاشاتهم
ينبغي تكثيف البرامج التدريبية في مجال الصيد
ضرورة الالتزام بتجديد رخص الصيادين
"مركب الصيد" هو سكن الصيادين وأسرهم في نيل الوراق
معاناة الصيادين في نيل الوراق مستمرة فالبلطجة تحيط بهم من كل جانب والاتاوات علي ودنه ومركب الصيد اصبح سكنا للصيادين واسرهم في نيل الوراق والمطالبة بالاسراع في التأمين الصحي علي الصيادين وزيادة معاشاتهم اصبح مطلبا ملحا .
علي امتداد " كورنيش النيل " من الوراق وحتي المعادي تصادف وانت تسير بسيارتك مجموعات من القوارب الخشبية علي صفحة النهر الهادئة وقد حولها اصحابها الي مقر لاقامتهم ومعيشتهم فالنيل لم يعد بالنسبة لهؤلاء مجرد "شريان حياة " ولكنه ايضا مصدر للرزق يسعون فيه يوميا لكسب قوتهم مما تجود به مياهه بصيد الاسماك وبيعها ليكتسبوا ما ييسر عليهم حياتهم . بعيداً عن المشهد العام لشوارع القاهرة الذي لا يختلف كثيرا يوماً بعد الآخر . ومن ناحية إزدحام الطرق وصراع السائقين وتلاسن بعضهم وارتفاع أصوات " الكلاكسات " وربما الشحاتين والباعة الجائلين اصبح أمر معتاداً .
ورغم ما يعانيه هؤلاء الصيادين جراء اقامتهم في تلك القوارب من مشاكل. حاولنا رصدها . حيث ان بعضهم يعمل دون الحصول علي تصريح بالصيد . الا انهم يرفضون مغادرتها . وتحولت القوارب بالنسبة لهم الي نمط حياة فيه العادات والتقاليد الخاصة به . واصبحت هناك تجمعات شهيرة علي امتداد كورنيش القاهرة خصوصا اسفل الكباري . وكأننا اصبحنا امام مجتمع جديد شبه مغلق حيث يتزاوج افراده فيما بينهم . ويرفضون الزواج من الخارج لانهم يعلمون بظروف بعضهم البعض . وإدراكهم صعوبة تحمل اي سيدة لتلك المعيشة ما لم تكن اعتادت عليها . وبذلك ايضا يهربون من ارتفاع نفقات الزواج ومستلزماته .
مجتمع مغلق :
ولا تشعر "أم ندي" بمعاناة الايجارات المرتفعة وارتفاع اسعار الكهرباء والغاز والمياه ووسائل المواصلات . فعلاقاتها بالشارع تتعلق بشراء مستلزمات الطبخ البسيطة وربما بعض الملابس والاواني . وإتخذت من قاربها مملكتها . فبجوارها تتواجد بعض اواني الطهي وموقد بدائي . وعلي الجانب الاخر من المركب تتواجد بعض الاغطية لاستخدامها ليلا للتدفئة من برد الشتاء القارص .
وبدأت " ام ندي" حديثها قائلة : " بلاش تصوير يا استاذة : لأن بعدها شرطة المسطحات بتعمل لنا غرامات . خلينا نتكلم افضل " . ورضخنا لرغبتها حفاظا علي لقمة عيشها هي واسرتها . . وأكملت : " زوجي عنده خمسين عاماً ونعيش هنا منذ حوالي ثلاثين عاما بعدما قدمنا من محافظة الفيوم وكانت بناتي يعشن معنا ولكنهم تزوجوا وعادوا لمحافظة الفيوم والآن اعيش انا وزوجي فقط ولكنه لم يعد قادرا علي التجديف . لهذا اقوم انا بالصيد بدلا منه . فمع الساعات الاولي للصباح اتولي رمي الشبكة وانتظار رزق الله . ثم اعطي لزوجي الاسماك لبيعها بالاسواق ونشتري مستلزمات المنزل ولوازم الصيد . وهكذا نعيش اليوم بيومه ".
غياب الخصوصية :
وتضيف " ام ندي" حياتها داخل مركب خشبي بمياه النيل قائله : " حياتنا في البحر والرزق لم تعد مثل زمان . فقد لا يعطي الصيد رزق اليوم ونضطر للانتظار لليوم التالي . وربما يعطي كيلو او اثنان بالكاد . وبعد الانتهاء من الصيد اجهز الغداء عن طريق موقد خشبي داخل القارب وغالبا ما يكون الطعام اليومي لنا هو السمك . ثم بعد الغذاء يجهز زوجي الشاي . لنقوم بعدها بالصيد مرة اخري حتي بهل الليل . فنستخدم حصير بسيط متواجدة ببطن المركب والاغطية للنوم ومحاولة الهروب من برد الشتاء . فلا يفصلنا عن مياه النيل سوي خشب المركب وكثيرا ما نصحو علي مياه الامطار او تسرب المياه عبر القارب.ولكننا اعتدنا تلك الحياة " .
وتضيف " العيب الرئيسي في حياة النيل هو غياب الخصوصية . فلا مكان لقضاء الحاجة او الاستحمام . لهذا اضطر للخروج والذهاب لاحدي المساجد للاستحمام وقضاء الحاجة " .
وتكمل : " ربما يحسدنا البعض لاننا نعيش بهدوء ولا نتحمل نفقات الحياة من فواتير وغيرها . ولكن حلمي ان اجد غرفة بها سرير ولا اصحو علي المياه وهي تغرق ملابسي . واحيانا يتحرش بنا بعض اصحاب المراكب النيلية وبعضهم يتعاطي المخدرات وزوجي رجل كبير لا يقوي علي التعامل معهم " .
لا يفكر في الغد :
تركنا " ام ندي " لننتقل الي قارب آخر يملكه صياد حفرت الشمس ملامحه السمراء وتركت المجادف علامتها علي يديه فملأتها التشققات ورغم معاناة التجديف لساعات طويلة وسط ارتفاع درجات الحرارة . الا ان " سعيد احمد " يعلو وجهه ابتسامة الرضا والسعادة . فهو علي حد قوله " لا يفكر في الغد طالما وجد قوت يومه من صيد الاسماك . فالرزق بيد الله " .
وداخل مركبه البدائي والذي يحوي علي موقد بدائي واواني واغطية ومستلزمات الصيد . يتحدث سعيد الصياد قائلا : " اعمل صياد منذ عشرون عاما . وكانت اسرتي تعيش معي في البداية ولكن التحرشات والمضايقات من البلطجية جعلني اضطر لعودتهم لمحافظة الفيوم واعتادوا زيارتي من أن لآخر . واسافر لهم كل شهر لتوفير نفقاتهم " .
معاش :
وانتقد جابر عدم وجود معاش لهم أو تأمين . موضحاً أن الصيادين لم يحصلوا على حقهم من الدولة ولم توفر لهم مسكن آدمى أو تأمين أو معاش عند المرض والوفاة .
التدريب :
ويرى أشرف زريق أمين صندوق الاتحاد التعاونى للثروة المائية أن الصيادين يواجهون مشاكل عديدة بداية من غياب التدريب على الصيد ودورات الاسعاف . ولا يوجد لهم مظلة تأمينية أو معاش عند الوفاة والمرض ، وتفرض عليهم الغرامات بشكل عشوائى رغم أنه لابد من التأكد من سلامة القوارب والتى أغلبها متهالكة ولا تصلح للعمل . ونسعى للمطالبة بتوفير تأمينات ومعاشات لهم .
وأفادت إحدى الدراسات أن انخفاض المستوى التعليمى للصيادين وسوء أحوال مناطقهم السكنية وانخفاض مستوى الخدمات الصحية ومشكلة فى الحصول على بعض السلع الأساسية مثل الخبز ، بالإضافة الى سوء الأحوال الأمنية هى أبرز مشاكل الصيادين وكذلك عدم وجود إعانات وقت وقف الصيد .
وطالبت الدراسة بضرورة توفير الدولة مدارس للصيد . إعفاء جمركى على معدات الصيد . التدريب على الاسعافات الأولية . توفير إعانات فى فترات وقف الصيد .
لا توجد تجاوزات :
ومن جانبه يؤكد اللواء أدهم محسن مسئول شرطة المسطحات المائية . لموقع أن الإدارة تتولى الرقابة والمرور على جميع قوارب الصيد المتواجدة داخل مجرى النيل . وبعضهم يتواجد به أسرة الصياد . وكانت هناك تجاوزات فى البداية من بعضهم . فقد يتورط فى التهريب أو تجارة المخدرات ولكن الآن تم إنهاء تلك التجاوزات .
وأوضح اللواء أدهم محسن أن الغرامة قد تصل لمائة جنيهاً وهى لمن لا يجدد رخصته أو ليس لديه رخصة . ويتم التأكد من مطابقة المركب لمواصفات إدارة المصايد بهيئة الثروة السمكية وكذلك وجود الرخصة والالتزام بتجديدها السنوى . مفيداً أنه لا يوجد رخصة لإقامة أسرة الصياد ولا يوجد مادة فى القانون تمنع تواجدهم . ولا يمكن طردهم أو تجريمها طالما لم توفر الدولة بديل سكنى لهم .
وأضاف لم يعد الصياد منعزل عن العالم فلدى بطاقة شخصية وضريبية ورخصة لمزاولة مهنة الصيد يتم تجديدها سنوياً من قبل إدارة المصايد التابعة لهيئة الثروة السمكية مقابل رسوم سنوية تصل لمائة جنية . كما تتولى إدارة المسطحات المائية التأكد من توافر الرخصة وسلامة المركب للصيد . ولم تعد الغرامات المالية على كل من هب ودب ولكن الأمور أصبحت تسير على ما يرام " .
رعاية الصيادين :
وطالب سعيد بأن تتولى الدولة رعاية الصيادين حيث لا يوجد تأمين صحى لهم ومعاش بعد كبر السن وعدم القدرة على مزاولة المهنة . مشيراً إلى أن هناك أحد الصيادين أصيب بجلطة ولم يتمكن من العمل وأنفق ثلاثون ألف جنية . حيث استدان المبلغ من الأهالى . والآن لا يجد من يعول أسرته .
وينهى سعيد حديثه . قائلاً : " إنه يتمنى أن يتمكن من شراء موتور للمركب . بدلاً من التجديف اليدوى . حيث لم يعد يقوى على العمل ولكن سعره يصل ثلاثة آلاف جنية . ومستلزمات الصيد إرتفعت أسعارها أضعاف ما كانت عليه . فلا يتبقى لأسرتى من العمل سوى القليل " .
وبدأ عاطف الصياد حديثه قائلاً : أعيش فى مركب عرضه 160 سم مع إبنى وأخى وبها مستلزمات الحياة من ملابس وأوانى . والدولة لم توفر لنا غرفة سكنية نحمى بها أنفسنا من برد الشتاء " . مضيفاً أنه يعمل بتلك المهنة منذ ثلاثين عاما وورثها عن والده . ولكن رغم طول المدة التي عمل بها صياد إلا أن تلك المركب ليست ملكه . فهو يتمني أن يدخر 5 آلاف جنيه ليتمكن من شراء مركب .
ويعلن جابر شعبان 25 عاماً . تمرده علي مهنته قائلاً : " جسمي إعتاد برد الشتاء القارس ولكن الآن بدأت التفكير في تعلم حرفة بدلا من العمل كصياد . فزوجتي تعيش بعيداً عني . فالحياة داخل مركب لم تعد مثل زمان لكثرة التحرشات والتعديات من بلطجية المراكب النيلية . ولهذا احلم بشراء غرفة سكنية وجلب إسرتي من الفيوم والحياة وسط البشر بدلا من الحياة وسط المياه " .
ويضيف أنه لم يكمل تعليمه لان والده الصياد لم يملك المال لإنفاقه علي التعليم . ولهذا اتمني العمل بحرفة أو مهنة إخري لأتمكن من تعليم أبنائي .
بدوره أفاد عدلي سليمان جمعية الصيادين : أن هناك قرابة 3100 رخصة صيد صادرة للصيادين داخل محافظتي القاهرة والجيزة . ويتم سداد 37 جنيهاً من قبل كل صياد للجمعية للتولي رعايته عند المرض والموت .
ويضيف : " الصيادون تحت خط الفقر وللأسف إدارة الثروة السمكية تتعسف من خلال الاجراءات حيث تشترط حضور الصياد لتجديد الرخصة . رغم أن الجمعية كانت تتولي تجديد الرخص بالنيابة عن بعض المرضي وكبار السن . والتعنت في منح وتجديد الرخص .
وأشار إلي أن هناك تعنت مع الصيادين . كما أن إشترطت منح الرخصة أو تجديدها خضوع الصياد للكشف الطبي ولا يتم الموافقة علي أغلبية الصيادين المتقدمين . ولهذا يتعرضون لغرامات شرطة المسطحات المائية .
ويضيف زين العابدين اسماعيل و فيروز شاكرعضوا الاتحاد التعاوني للثروة المائية أن مصر تتمتع بمصايد متنوعة منها المصايد البحرية ومصايد البحيرات ومصايد نهر النيل وتبلغ جملتها قرابة 14 مليون فدان وبذلك تفوق مساحتها ضعف مساحة الرقعة الزراعية بالبلاد . مما يجعل الاعتماد علي الاسماك كمصدر من مصادر البروتين الحيواني أمر حتمي للمساعدة في خفض العجز في الاحتياجات البروتينية . ومن ثم يجب علي الحكومة حل هذه المشاكل فوراً .
الاسراع في الحل :
ويؤكد عبد المجيد القن عضو مجلس إدارة الاتحاد وجود هذه المشاكل جميعاً ويطالب الدولة بالاسراع في حلها خاصة التأمين الصحي والمعاش حماية لارزاق الصيادين في النيل وحفاظاً علي أسرهم من الضياع .
المصدر: الاتحاد التعاونى للثروة المائية - جريدة الصياد - العدد 74 مايو - يونية 2015
نشرت فى 29 أغسطس 2015
بواسطة fisherman
الاتحاد التعاوني للثروة المائية
Cooperative Union of Egyptian Water Resources الاستاذ / محمد محمد علي الفقي رئيس مجلس الادارة [email protected] »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
476,183