تحقيق حول فوضى النشر في فلسطين، وكنت قد شاركت فيه، ردّا على سؤال بهذا الخصوص توجه به إلي الكاتب والصحفي يامن النوباني:
ويقول الشاعر فراس حج محمد، الذي أصدر أربعة دواوين شعرية، 'لطالما كانت الساحة الأدبية الفلسطينية تشكو من النشاطات الأدبية المتعددة الأشكال، فقد شهدت هذه الساحة ركودا فيما مضى، إلى أن ظهر جيل من الكتاب الشباب الممتلئ حيوية وطاقة، وذو أفكار خاصة فيه، بعيدا عن السير في ركاب الكتاب الكبار، فظهرت كتب كثيرة، شعرا ونثرا، نصوصا أو قصصا أو روايات، وهذا الأمر بحدّ ذاته ظاهرة صحية، ومؤشر على الاهتمام والدخول إلى معمعة الكتابة والنشر.
وأضاف: أما فيما يتعلق بمدى الرضا عن النشر غير المسؤول، فيجب علينا أولا البحث فيما هي المسؤولية؟ ومن يحدد هذه المسؤولية، لا سيما أنه لا يوجد عندنا في فلسطين دائرة مختصة بالمطبوعات والنشر على الرغم من وجود قانون بهذا الخصوص، والمسؤولية الأولى والمهمة هي ضمير الكاتب نفسه الذي ينبغي عليه أن يتأنى أحيانا في إصدار كتبه، وأن يكون حريصا على تجويد ما يكتبه، وأن يتطور مع كل جديد، فنيا وموضوعيا. وأشار إلى أن دور النشر على قلة ما تقدمه من تسهيلات للكتاب إلا أنها أحيانا تكون ضابطا تلقائيا لتدفق الكتب الرديئة، 'فدار النشر لا تدفع للكتاب، ولا تنشر لهم مجانا، ولا توجد جهات داعمة للكتاب الشباب، فلذلك تجد أن الكاتب المؤمن بذاته وموهبته مستعد أن يدفع تكاليف طباعة كتابه، وربما تذهب نسخ الكتاب هدايا أو تضيع بين المكتبات، فلا يدري الكاتب أين ذهب كتابه، فالمسألة مجازفة كبيرة، ومع ذلك من يجازف هذه المجازفة يستحق التقدير. فالأمر معقد وملتبس أحيانا لكن علينا أن ننظر إليه على أنه سوق مفتوحة، تنظم بضاعتها تلقائيا كأي بضاعة، وليس شرطا أن تكون البضاعة الكاسدة بضاعة رديئة، فكثير من الكتاب المشهورين عالميا لم يعرفوا إلا بعد موتهم، إذ جاء ناقد خبير وأنصفهم، فأعيدت طباعة كتبهم في دور النشر الكبرى، لما تدر على تلك الدور من ثروة لن تنضب بعدد القراء المحتملين على مر السنين!'. وتابع: عليه، فمسألة ضبط النشر، ليست ذات جدوى في الحقيقة، إذ إننا بتصوري لا نعيش فوضى النشر بالمعنى المخيف للمصطلح، وإن سلمنا بحاجتنا لعملية ضبط هذه الفوضى فمن سيقوم بهذه العملية؟ هل تقوم بها وزارة الثقافة أما اتحاد الكتاب أما الناشر؟ على الكتاب أن يكتبوا أو من استطاع أن ينشر فلينشر، مع ضرورة أن يتابع النقاد كل جديد، وأنا هنا أركز تركيزا شديدا على دور الناقد الخبير الموضوعي وليس هاوي القراءات الانطباعية. * شارك في هذا التحقيق الصحفي كتاب ومثقفون ودور نشر ووزارتا الثقافة والإعلام.