فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

نجوم السرديات للكاتب أحمد منصور

هل تحلّ القصة القصيرة جدا الأزمة؟

فراس حج محمد/ فلسطين

عندما عرض علي صديقي  الكاتب المصري أحمد منصور هذا النص الذي عنونه بــ "نجوم السرديات"، أدركت أنه يتناول موضوعا شائكا ولكن بحساسية عالية سأحدثكم عنها بعد قراءته:

يثيرني الموضوع كثيرا، إذ إنه يتحدث عن شهريار وشهرزاد، ولي مع شهرزاد صولات وجولات عبر نصوص طويلة جمعتها في كتاب "رسائل إلى شهرزاد"، وكنت قد أسست لذلك صفحة على الفيس بوك لهذا الغرض تحت اسم "الليلة الثالثة بعد الألف، شهرزاد وحكايات منتصف الليل"، وشاركتني الكتابة فيها الكاتبة المبدعة عضو مختبر السرديات (فاطمة نزال)، إذن فالقصة لامست شجونا بداخلي، وأعادت لي شيئا من ذكرياتي، ولكن بنفس فيه من الطرافة والغرابة ما جعلني أسرّ، وأضمر القراءة التذوقية الانطباعية حول "نجوم السرديات".

جروب القصة القصيرة جدا في مختبر السرديات والفكرة الإبداعية:

ينقل الكاتب الفكرة القديمة إلى عالم الإبداع، ليقدم شيئا خاصا حول تجربة إبداعية، وهي تجربة القصة القصيرة جدا وتحديدا ما ينشر في (جروب القصة القصيرة جدا في مختبر السرديات)، لتحل محل الحكايات التي كانت ترويها شهرزاد كل ليلة لشهريار لتخلص نفسها وتخلص بنات جنسها من المصير المحتوم، فهل ستنجح هذه النجمة/ شهرزاد الإبداع أو شهرزاد القصة القصيرة جدا في هذا الاختبار/ المختبر الإبداعي؟ هاتِ نرَ!!

يقدم الكاتب مبررا إبداعيا لوجود القصة القصيرة جدا (إننا في عصر الومضات)، إن العصر مختلف إذن، فلا يناسب شهرزاد وشهريار المعاصرين الحكايات القديمة، لا بد من التجديد، فهي لا تستطيع أن تكون مثل الشعراء القدماء، فاختلاف العصر يحتم اختلاف الأداة الإبداعية، وكذلك اختلاف المصدر والمنبع، إنه هنا "مختبر السرديات" هذه الفكرة الإبداعية التي يرعاها بكل نشاط الروائي المصري فؤاد نصر الدين.

تقرر الانحياز لفن القصة القصيرة جدا بعد صراع ذاتي ليس عنيفا وإن أوحى لنا الكاتب بعنفه إلا إنه ارتفاع بحالة التوتر في السرد لتقريبه لواقع الترقب حتى في حالات التمثيل والدراما، وكأنه وضع النجمة في دور التمثيل والتقمص، وجعلنا نشعر بأنها تمثل الحالة، وهي فعلا كانت تمثل لتجسد، وتنقل لنا الأفكار، وهذه طريقة في السرد لم ألاحظها إلا نادرا عند الكتّاب، وهي طريقة مناسبة لطبيعة النص إذ إنه ليس بوليسيا ولكن درامي من أجل نقل فكرة إبداعية عقلية محضة!

ويقع السرد في الاختبار، وتقرر النجمة/ شهرزاد أن تقص على القمر شهريار ألف قصة قصيرة جدا من نصوص مختبر السرديات، يستمع لها، يقترب الفجر على البزوغ، لم نسمع للديك صياحا، ولا للسيف نواحا، ولا للمرأة صراخا وعويلا، كانت في صمت وترقب خشية المصير المحتوم، وقد نجح الكاتب فعلا في إبعادنا عن النهاية المعهودة، وأتى بنهاية مناسبة للعصر، ألم يقل لنا إننا في عصر مختلف، فينادي شهريار على العبد "مسرور"، يا ترى لماذا يناديه، لقد كان "مسرور" سياف شهريار، فهل ناداه ليقتل النجمة، ويحكم على القصة القصيرة جدا بالفشل، وبأنها لم تلب طموحاته ولم تؤد الغرض؟ ربما، وربما لأنه يريد أن يبعدنا عن النهاية المعهودة، قد يكون الهدف من وراء ذلك إعفاء مسرور من مهمته، فهل يمكن أن يكون شهريار قد غيّر أفكاره القديمة ويساير الزمن ويرضى بهذا المنجز الإبداعي الذي ما زال فتيا ينتظر الحكم من القارئ/ شهريار ومن الناقد/ شهريار؟ إنها قرأت عليه ألف قصة، فهل لم يتأثر بهذا الكم الهائل من القصص؟

تركت النهاية مفتوحة، ولكنها انتهت نهاية مهمة وهي موقف الكتاب الذي طلبوا وصاحوا بصوت واحد "سبها لبكرة الله يخليك"، والعبارة مفتوحة التأويل على أفق أوسع من مجرد جملة عامية مصرية تقال في المواقف الحرجة والقاسية، وفيها من الرجاء ما فيها، إنهم يطلبون لأنفسهم فرصة إثبات الذات وليكن الغد الآتي حكما عليها وعليهم وعلى ما يبدعون.

تلك كانت قصة "نجوم السرديات" قصة طريفة بمبتغاها وأسلوبها، فيها من الإبداع جرعة لا بأس بها، تكسر الروتين، وتقرر فتح الأسئلة الإبداعية، وهنا أسجل ملحوظة مهمة أن كتّاب القصة القصيرة جدا يحاولون توظيفها من أجل مناقشة قضايا كبرى فكرية وسياسية وفلسفية، وكذلك إبداعية، كما رأيت وأنا أتابع كثيرا من الكتّاب في أقاصيصهم القصيرة جدا وومضاتهم المكثفة.

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 223 مشاهدة
نشرت فى 21 يناير 2014 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

721,334

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.