فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

وقفة مع "استعادة غسان كنفاني" في ذكرى استشهاده الخمسين

بقلم: عمر صبري كِتْمِتّو

ناقشت ندوة اليوم السابع المقدسية كتاباً مهماً بعنوان "استعادة غسان كنفاني"، للشاعر والناقد الفلسطيني فراس حج محمد بمناسبة مرور خمسين عاماً على استشهاد الأديب والسياسي الفلسطيني ابن مدينة عكا غسان كنفاني، والذي اغتالته إسرائيل في شهر تموز يوليو عام  1972، وكانت برفقته ابنة شقيقته الشهيدة أيضاً لميس رحمها الله .

 لقد رحل غسان لكن فكره وأدبه الثوري لا زال حيّاً في قلوب الثوريين في العالم أدباء وسياسيين، وحملَة بنادق الحرية، ذلك لأن أعماله تُرجمت للعديد من اللغات، ورغم مُضِيِّ خمسين عاماً على اغتياله إلا أنه لا زال مدرسةً للنضال والأدب، قصّةً وروايةً ودراما وهرماً ونستضيء به نحن الفلسطينيين الطريق.

سأكتفي بهذا الحديث عن غسان كي أتحدث عن كتاب الندوة للأديب الشاعر فراس حج محمد الذي اختار كلمة استعادة لكتابه، ويعني أن نستعيد غسان بما فعله غسان من فعلٍ وتأثيرٍ في أدب المقاومة. فعلاً هذا ما أراده الكاتب ووصل إليه، ولهذا اتصلت به هاتفياً فيما إذا كان هذا مقصده قبل أن أكتب رأيي في هذا الكتاب، وكانت الإجابة بنعم، وهذا هو الهدف الذي جعله يستخدم في عنونته للكتاب كلمة استعادة.

أقول الآن للشاعر فراس نعم أيها الشاعر لقد استعدنا غسان، وسأُوضّحُ لماذا لمن شاركنا الندوة، ولكل من قرأ الكتاب أو استمع لتسجيل الندوة، وأولاً وقبل كل شيء لمن يقرأ الآن هذه المقالة.

الكتاب في الجزء الكبير والأول منه، لم يتحدث فيه الكاتب أو يحلل أعمال غسان، لكنه أطال الحديث عن الثقافة والمثقفين، وذلك في القسم أو الجزء الثاني من الكتاب، تحدث عن غسان وعن بعضٍ من أعماله الأدبية. هنا تحولت مداخلات المشاركين في الندوة وبلا استثناء  سوى من اثنين كنت أحدهما بالحديث عن غسان، وكان الثاني الروائي المغربي حسن مصلوحي.  وهذا ما يُدلُّ برأيي عما سعى إليه الكاتب وحوّل الكتاب بطريقةٍ ذكية للحديث عن غسان فيما كتب وأوصل إلينا رسالته.

من ناحيتي تحدثت عن غسان الذي كان أستاذي بمادة الرسم في مدرسة معهد فلسطين في دمشق، ومن ثمّ صديقي في لبنان كما كانت عائلتانا متجاورتين في عكا وفي دمشق، وكان لي شرف الإقامة في بيته مع صديقي، أخيه نعمان كنفاني مباشرةً بعد استشهاده لطمأنة زوجته الدانمركية المناضلة آني وطفليه فايز وليلى، وقد جمعنا القدر أنا وغسان بأننا متزوجان من سيدتين إسكندنافيتين؛ دانمركية ونرويجية.

لثقافة اليوم ولمثقفي اليوم كرسالة تنبيهٍ من غسان لمن يدّعون أنهم كتاب وروائيون وشعراء، وكأنه يقول لهم عودوا إلى غسان واستفيدوا منه، ورغم هذا لم يتحدث المتحدثون عن أزمة الثقافة وتراجعها، وأزمة الكتابة في فنون الأدب وتراجعه مع استثناءات لكتاب مبدعين وفق رأيه، ولهذا دفعهم وبصورةٍ غير مباشرة للعودة إلى المستوى الأدبي الذي كان عليه غسان من الأدب الملتزم الزاخر بالقيم، والإبداع وليس بالمستوى المتراجع الذي يقوم عليه الأدب الآن. كان بإمكان الكاتب أن يضع عنواناً هو "الثقافة والمثقفين اليوم"، ثم يأتي بأمثلة لكتابٍ فلسطينيين وعرب ويتحدث فيه عن كتاب ومبدعين منهم غسان، لكنه أحب أن يطرُقَ جدران الخزان لكي لا يموت الأدب مثلما مات رجال غسان في الخزان بروايته الرائعة والمبشرة بالثورة "رجال في الشمس".

كانت قراءتي للكتاب ممتعة ومؤلمة في آنٍ معا، في حديثه عن الحالة السيئة جداً لمؤسساتنا الثقافية ولاتحاداتنا العديدة لكتابنا، وللأسف لم يتطرق أحدٌ من المشاركين أعضاء الاتحاد لهذا الأمر رغم أن الكاتب أسهب بالحديث النقدي الموضوعي عن الثقافة ومؤسساتها بما فيها اتحاد الكتاب الفلسطينيين، فالجميع كان مشغولاً بغسان.

أود أن أشير إلى ملاحظةٍ لست متفقاً فيها مع الكاتب؛ لإقحامها في كتابه- وهي ليست منه- لكنه أشار إلى مصدرها وهو الناقد الأدبي الدكتور فيصل درّاج، وهي تنويه درّاج لاتهام الكاتب والصحفي الكبير محمد حسنين هيكل بتعاطفه مع اليهود عام 1924 عندما كان على باخرة سفر بحرية وهو يشرح عن لهفة اليهود الذين كانوا معه في الباخرة لرؤية مدينة يافا، وعن إلقاء الكاتب الكبير طه حسين لكلمةٍ بافتتاح الجامعة العبرية علماً بأنه كانت هناك مشاركات فلسطينية أيضاً، وكانت اللغتان العربية والعبرية في ظل الانتداب البريطاني لغتين رسميتين للبلاد، وكنا نتداول عملتنا الفلسطينية المسكوكة معدنياً والمكتوبة ورقياً قبل قيام المستعمرة الصهيونية. كما أن الكاتب فراس اتهم أمير الشعراء شوقي بأنه كتب عن كل القضايا العربية ولم يكتب عن فلسطين. وهذا ظلمٌ لمتنبي عصر النهضة أحمد شوقي، لأنه كتب عن فلسطين أكثر من قصيدة، في قصيدته السينيّة حيث يقول:

جاشت الأشواق وانزاح الكرى
 

ولظى الحب بقلبي مـؤنِسي
  

فلقد طال على القلب النوى
 

وهوى الأشواق بيت المقدسِ
  

وقصيدته الميميَّة:

لم تزلْ في أُمّتي بعضُ فِتْيَة
 

تنسُجُ الأنوار عند الظُلَمِ
  

ولنا يا قدسُ في الإيمان قوةٌ
 

تجعل الأبطال مثل القِمَمِ
  

سيذوق المجرم الباغي عُنُوَّةً
 

فاصبري يا قُدسُنا لا تسأمي
  

وفي حديثي مع المؤلف أشار أنه بعد مراجعته المجموعة الكاملة للشاعر أحمد شوقي أكد لي بأن هذه الأبيات لا توجد في المجموعة الكاملة، ولا بد من الإشارة إلى هذا، لكي أكون منصفاً وموضوعيا.

وفي النهاية أُثمّن هذا الكتاب للشاعر والأديب الفلسطيني فراس حج محمد، لأنه إضافة جيدة للأعمال الأدبية الفلسطينية.

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 179 مشاهدة

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

722,552

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.