ضمن مشروع الكاتبة الفلسطينية جمانا سمير العتبة:
ليتنفس القلم [1]
وأي كاتب أنا لأكون أسير العنوان والموضوع؟ الكاتب فراس حج محمد .. كتاب (نسوة المدينة)
كتاب يعجّ بكثير من النساء والقصص، يشعر القارئ بمشاعره حد الامتلاء المقيت، قلم جرئ في زمن يلون المشاهد لتصل على حياء، كاتب كسر الحياء ليستقيم القلم. الكاتب فراس حج محمد عُرف بقوة ونهضه قلمه عبر كتاباته وأبيات شعره، لم يختبئ الكاتب خلف الكلمات، ولم يستطع حتى أن يجعل المشهد أجمل. بل ازداد في جرأته ليصل بالقارئ إلى مكان ربما أراد له الوصول إليه، فيكرر الحالة حتى تمتلئ الكلمات حتى تكاد تبصق ذاتها.
قصص أراد الكاتب بنهضة قلمه أن ينهض بفكرة الشراكة الفعلية للحياة، فالاختيار لا يكون في فستان أبيض، بل ما يخلفه قرار يأتي من ضغوط اجتماعية ونفسيه ليصل بالإنسان إلى رغبات لا تشبعها إلا الشاشات الزرقاء والعوالم الافتراضية، استطاع النهضوي فراس حج محمد أن يشبع القارئ مما يحدث خلف الشاشة الزرقاء وفي الهاتف وفي العلاقات بشكل عام.
من قصة كل عام وأنت هازمتي كتب "تكرر معي ذلك كثيرا. وفي كل مرة أتجاهل الأمر وأصر على ارتكاب الحماقة ذاتها". التكرار في القصص ليس مصادفة، وإنما ليرسل القارئ إلى مفترق طرق بين الواقع والافتراض. فربما أصبح عالمنا الافتراضي أساس المشاعر الصادقة أو الكاذبة، ولكنها فعلا مشاعر مكبوتة تستطيع الشاشة امتصاصها.
مع فنجان قهوة الصباح أترككم مع سطور من شأتها ان تأخذكم وراء القصة. ربما بعد قراءة الكتاب سيأتي الجواب زاحفا لفكرة ماذا بعد. وربما لا يأتي:
- كنت مقتنعا أنّه من الجميل أن تكتب كلّ ما تستطيعه لتكون أنتَ كما أنت، لا كما يريدك الآخرون.
- ماذا ستستفيد البشرية من مقال كُتب؟ وما معنى أن تكتب أصلا؟ وما الفائدة لتعابث مثل هذا العبث؟
- ومجتمع الفيسبوك الذي غدا مجتمعنا الحقيقي، ونسينا مجتمعاتنا الواقعية، فلنلتصق بهذا العالم المترامي الأطراف في الضوء الأزرق المجنون.
- سأكتب دونما خوف من سلطة أو تحقيق أو "جرجرة" أو اتصال عتاب، أو رسالة اتهام واستفسار وشرح حال وتوضيح، سأكتب مثلما كنتُ أكتبُ على طبيعتي المعدومة المجاز والكناية والتورية، واضحا وضوح الأشياء كما جاءت بفطرتها التي فطرها الله عليها.
- عندما تكون النُّصوص ملغومة ستنفجر بلا أدنى شكّ، كان ذلك نصّا ملغوما مشبوها مشوّها، كانت تُمارس طقسها المعتاد معي، كانت تحاول الهرب عندما شبّهتها بالشّمبانيا لم تكن ترفض ذلك التّشبيه، كانت خجلى مرتبكة وربّما مبعثرة. هنا البعثرة على نحو العشق إيجابيّة لتنداح في كأس اللّيل شرابا سائغا يتغلغل في أعماقي، كَوْني رجلا مجنونا بها حدّ الامتلاء.
- وصلنا إلى هذه الحافة من التوتر، فلا هي معنية بحالتي التي تركتني عليها، ولا أنا وجدت رغبة في محادثتها من جديد، وقد أشعرتني بعبثية كل ما أقوم به، ولكنني ما زلت أكتب لعلني أتخلص من سيطرة أوهامها عليّ.
- فإذا كان إعجابك بالنص قبلة، والتعليق ضمة واتحادا، فإن المشاركة هي كينونة ليست افتراضية، إنها كينونة روحية وصوفية وعقليّة، تجعلني فيك ومنك، وتجعلني أنت كما لم يكن شخص شخصا آخر بالفعل.
- {كم من مهزلةٍ هنا نعيش بها. مجرّد أنْ تكون على قيدِ وَهْمٍ أكبرُ مهزلة}
وأخيرا اخترت لكم السطور التي تحملنا لاستقامة القلم. قلم تنفس ونهض لننهض معه:
"اعترف أنك قد تغلبتَ اليوم عليّ في كل شيء من أصغر الأفعال حتى أعظمها كنت تخطط وتحسن التخطيط، وها أنا فريسة سهلة بين يديك، فكيف انزلقت معك إلى ما انزلقت إليه، ومتى؟ بعد عشرين عاما من معاشرة النساء؟ أيعقل أن يحدث لي اليوم ما حدث؟ أنسيتني كل ما أكدسه في ذاكرتي من تحذيرات مقدسة وطبية. ورحت أفعل تلك الفعلة الشنعاء. إنها بلا متعة. إنها مجرد عمل لا نشوة فيه ولا لذة، عمل عدائي ضد كل ما هو منطقيّ".
________________
[1] كاتبة مقيمة في ليبيا، تنشر منشوراتها ضمن هذا المشروع على صفحتها في الفيسبوك وصفحات مجموعات متعددة.