حرمة الدماء وقتل النفس
<!--الإنسان من أكرم مخلوقات الله .
<!--حفظ النفس من اسمي مقاصد الشريعة .
<!--النهي الصريح عن قتل النفس .
<!--عقوبة قتل النفس في الدنيا والآخرة .
أولاً:- أكد القرآن المجيد أن الإنسان من أكرم مخلوقات الله لقوله تعالي " ولقد كرمن بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً " .
وحسبه من التكريم أن الله تعالي خلقه بيده وأسجد له ملائكته قال تعالي " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " ، " وصوركم فأحسن صوركم " .
ثانياً:- إن حياة الإنسان هبة إلهية ومنحة ربانية – ومن ثم – كفل الإسلام لها ما يحفظها ويحافظ عليها ، وحذر من الاعتداء عليها بأي صورة من صور الاعتداء ، بمثابة الاعتداء على الأنفس جميعاً ، قال تعالي " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحيها فكأنما أحيا الناس جميعاً " .
ثالثاً: جاء النهي الصريح في القرآن المجيد عن قتل النفس بغير حق ، قال تعالي " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " . ، وقال تعالي " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً " ، وجعل من صفات عباد الرحمن " والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق".
رابعاً:- أبان القرآن المجيد عن العقوبة المترتبة على قتل النفس بغير حق ، قال تعالي " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً" .
ولننظر إلى تغليظ العقوبة في الآية الكريمة :-
1- الخلود في جهنم 2- الغضب من الله عليه واللعنة
3- العذاب العظيم " ودققَّ في وصف العذاب بالعظيم " .
ولا يخلد في النار إلا أحد رجلين الرجل يموت كافراً ، والرجل يقتل المؤمن متعمداً روى البيهقي في سننه عن معاوية t قال : " كل ذنبٍ عسي الله أن يغفره ، إلا الرجل يقتل المؤمن متعمداً أو الرجل يموت كافراً " .
وفي سنن الترمذي عن ابن عباس عن النبي r قال " يجئ المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده ، وأوداجه تشخب دماً يقول : يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش " ، فذكروا لابن عباس التوبة فتلا هذه الآية " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها ....الآية ، قال ابن عباس " ما نُسخت هذه الآية ولا بُدلت ، وأني له التوبة " استفهام الغرض منه الاستبعاد .
وهكذا تعددت أساليب القرآن المجيد في النهي عن قتل النفس وإزهاق الأرواح ... بأسلوب الأمر الصريح تارةً ، وتارةً ببيان الجزاء المترتب على الوقوع في هذا العمل البشع الشنيع " .
أما البيان النبوي فقد أفاض في التحذير من الإقدام على هذه الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء التي لا يقدم عليها إلا من تجرد من كل معنى إنساني، ومن ثم لا علاقة له بالإنسانية إلا في صورته.
والمتأمل في البيان النبوي يرى التحذير بأساليب مختلفة ،ومن اسمي الأساليب وكلها سامية – الأسلوب الوقائي :-
<!--نهى الرسول الكريم عن مجرد الإشارة بحديدة أو نصل تكون في اليد كما نهي عن حمل السلاح ؛ ففي صحيح مسلم يقول الصادق المصدوق : " من حمل علينا السلاح فليس منا " وفي حديٍث آخر " لا يشر أحدكم على أخيه بنصل أو حديدة فإن الشيطان ينزغ بينهما ...." ومن أشار إلي أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه " رواه مسلم
<!--عدّ الرسول الكريم مجرد الإشارة من الترويع المنهي عنه ، وفي موقف من مواقف التربية العملية ، نسوق نموذجاً لأسمي الوشائج الصادقة "؛ روى الترمذي عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال : " حدثنا أصحاب محمد r أنهم كانوا يسيرون مع النبي r فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلي حبل معه ، فأخذه ففزع فقال رسول الله r لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً "
<!--عدّ الرسول الكريم الإقدام على قتل النفس من الموبقات المهلكة ، وحسبنا ما جاء في الصحيحين " اجتنبوا السبع الموبقات ..." وذكر منها " وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق" ، وليس هذا فحسب ، بل إن الرسول الكريم عدّه كفراً ، في الصحيحين عن ابن مسعود t قال رسول الله r " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " ، ومن ثم !! قال علماؤنا الأجلاء في آية سورة النساء " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها " ، إن من فعل ذلك مستحلاً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " . ، وإن الروح لا يملكها إلا من منحها ووهبها ، وهو سبحانه الذي يقبضها متى شاء .
<!--في خطبة الوداع أعلن الرسولr أن كمال الدين ، وتمام النعمة فيما أنزل الله عليه " اليوم أكملت لكم دينكم ...." الآية ، في هذا اليوم أعلن الرسول حرمة الدماء والأموال والأعراض في الصحيحين " إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلي أن تلقوا ربكم ، ألا هل بلغت اللهم فأشهد " ، " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "
<!--أعلن الرسول الكريم الحرمة المطلقة للنفس ،وأنها أعظم حرمة من الكعبة المشرفة . روى الترمذي في سننه عن ابن عمر t قال : " رأيت رسول الله r يطوف بالكعبة ويقول :
" ما أطيبك وأطيب ريحك ، ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والذي نفس محمدٍ بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمةً منك ، ماله ودمه ، وان نظنَ به خيراً " .
<!--كان من هدى الصادق المصدوق إذا أمرَّ أمراً على سرية يوصيه في خاصة نفسه بتقوى الله ثم يقول : " ولا تغلَّوا ولا تعتدوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً " رواه مسلم ، وروى الحاكم في المستدرك عن عمران بن حصين t قال " ما خطبنا رسول الله r خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة " .
أما الصفوة البررة من أصحابه العظام الكرام- فحدث عنهم ولا حرج - فنورهم ولا يخبوا أبداً ، وبرهم عطاء لا ينقضي أبداً ، وبحار فضلهم مداد لا ينفد أبداً ، وحسبنا هذا الموقف " .
لما ضرب ابن ملجم -لعنة الله- سيدنا عليا – كرم الله وجهه – أوصى ابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما ، وجاء فيها يا بني عبدالمطلب لا تخوضوا دماء المسلمين خوضاً ، تقولون : قُتل أمير المؤمنين ،ألا لا تقتلوا بي إلا قاتلي ، انظروا إذا أنا مِتُ من ضربته هذه ، فاضربوه ضربة ، ولا تمثلوا به فإني سمعت رسول الله – ينهي عن المثلة ولو بالكلب العقور .
وبعد !! فقد قال الحق سبحانه وهو اصدق القائلين " قل هل ننبئكم بالآخرين أعمالاً ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " ، " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً "
إن قوما استحبوا العمى على الهوى ، كما قال الله : " وأما ثمود فهديناهم ، استحبوا العمى على الهدي " ، " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قال حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ، أو لوأولو كان ءاباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون".