اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي |
اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي |
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ |
صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ |
عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت |
سِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس |
وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها |
أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟ |
كلما مرّت الليالي عليه |
رقَّ ، والعهدُ في الليالي تقسِّي |
مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ |
أَولَ الليلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس |
راهبٌ في الضلوع للسفنِ فَطْن |
كلما ثُرْنَ شاعَهن بنَقسْ |
يا ابنة َ اليمِّ ، ما أبوكِ بخيلٌ |
ما له مولع بمنع وحبس |
أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو |
حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ |
كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا |
في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ |
نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ |
بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي |
وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجرا |
كِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ |
وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ |
نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي |
وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ |
ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ |
شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني |
شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي |
يُصبِحُ الفِكرُ وَالمَسَلَّةُ نادي |
هِ وَبِالسَرحَةِ الزَكِيَّةِ يُمسي |
وَكَأَنّي أَرى الجَزيرَةَ أَيكاً |
نَغَمَت طَيرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ |
هِيَ بَلقيسُ في الخَمائِلِ صَرحٌ |
مِن عُبابٍ وَصاحَت غَيرُ نِكسِ |
حَسبُها أَن تَكونَ لِلنيلِ عِرساً |
قَبلَها لَم يُجَنَّ يَوماً بِعِرسِ |
لَبِسَت بِالأَصيلِ حُلَّةَ وَشيٍ |
بَينَ صَنعاءَ في الثِيابِ وَقَسِّ |
قَدَّها النيلُ فَاِستَحَت فَتَوارَت |
مِنهُ بِالجِسرِ بَينَ عُريٍ وَلُبسِ |
وَأَرى النيلَ كَالعَقيقِ بَوادي |
هِ وَإِن كانَ كَوثَرَ المُتَحَسّي |
اِبنُ ماءِ السَماءِ ذو المَوكِبِ الفَخمِ |
الَّذي يَحسُرُ العُيونَ وَيُخسي |
لا تَرى في رِكابِهِ غَيرَ مُثنٍ |
بِخَميلٍ وَشاكِرٍ فَضلَ عُرسِ |
وَأَرى الجيزَةَ الحَزينَةَ ثَكلى |
لَم تُفِق بَعدُ مِن مَناحَةِ رَمسي |
أَكثَرَت ضَجَّةَ السَواقي عَلَيهِ |
وَسُؤالَ اليَراعِ عَنهُ بِهَمسِ |
وَقِيامَ النَخيلِ ضَفَّرنَ شِعراً |
وَتَجَرَّدنَ غَيرَ طَوقٍ وَسَلسِ |
وَكَأَنَّ الأَهرامَ ميزانُ فِرعَو |
نَ بِيَومٍ عَلى الجَبابِرِ نَحسِ |
أَو قَناطيرُهُ تَأَنَّقَ فيها |
أَلفُ جابٍ وَأَلفُ صاحِبِ مَكسِ |
رَوعَةٌ في الضُحى مَلاعِبُ جِنٍّ |
حينَ يَغشى الدُجى حِماها وَيُغسي |
وَرَهينُ الرِمالِ أَفطَسُ إِلّا |
أَنَّهُ صُنعُ جِنَّةٍ غَيرُ فُطسِ |
تَتَجَلّى حَقيقَةُ الناسِ فيهِ |
سَبُعُ الخَلقِ في أَساريرِ إِنسي |
لَعِبَ الدَهرُ في ثَراهُ صَبِيّاً |
وَاللَيالي كَواعِباً غَيرَ عُنسِ |
رَكِبَت صُيَّدُ المَقاديرِ عَينَيهِ |
لِنَقدٍ وَمَخلَبَيهِ لِفَرسِ |
فَأَصابَت بِهِ المَمالِكَ كِسرى |
وَهِرَقلاً وَالعَبقَرِيَّ الفَرَنسي |
يا فُؤادي لِكُلِّ أَمرٍ قَرارٌ |
فيهِ يَبدو وَيَنجَلي بَعدَ لَبسِ |
عَقَلَت لُجَّةُ الأُمورِ عُقولاً |
طالَت الحوتَ طولَ سَبحٍ وَغَسِّ |
غَرِقَت حَيثُ لا يُصاحُ بِطافٍ |
أَو غَريقٍ وَلا يُصاخُ لِحِسِّ |
فَلَكٌ يَكسِفُ الشُموسَ نَهاراً |
وَيَسومُ البُدورَ لَيلَةَ وَكسِ |
وَمَواقيتُ لِلأُمورِ إِذا ما |
بَلَغَتها الأُمورُ صارَت لِعَكسِ |
دُوَلٌ كَالرِجالِ مُرتَهَناتٌ |
بِقِيامٍ مِنَ الجُدودِ وَتَعسِ |
وَلَيالٍ مِن كُلِّ ذاتِ سِوارٍ |
لَطَمَت كُلَّ رَبِّ رومٍ وَفُرسِ |
سَدَّدَت بِالهِلالِ قَوساً وَسَلَّت |
خِنجَراً يَنفُذانِ مِن كُلِّ تُرسِ |
حَكَمَت في القُرونِ خوفو وَدارا |
وَعَفَت وائِلاً وَأَلوَت بِعَبسِ |
أَينَ مَروانُ في المَشارِقِ عَرشٌ |
أَمَوِيٌّ وَفي المَغارِبِ كُرسي |
سَقِمَت شَمسُهُم فَرَدَّ عَلَيها |
نورَها كُلُّ ثاقِبِ الرَأيِ نَطسِ |
ثُمَّ غابَت وَكُلُّ شَمسٍ سِوى هاتي |
كَ تَبلى وَتَنطَوي تَحتَ رَمسِ |
وَعَظَ البُحتُرِيَّ إيوانُ كِسرى |
وَشَفَتني القُصورُ مِن عَبدِ شَمسِ |
رُبَّ لَيلٍ سَرَيتُ وَالبَرقُ طِرفي |
وَبِساطٍ طَوَيتُ وَالريحُ عَنسي |
أَنظِمُ الشَرقَ في الجَزيرَةِ بِالغَر |
بِ وَأَطوي البِلادَ حَزناً لِدَهسِ |
في دِيارٍ مِنَ الخَلائِفِ دَرسٍ |
وَمَنارٍ مِنَ الطَوائِفِ طَمسِ |
وَرُبىً كَالجِنانِ في كَنَفِ الزَيتو |
نِ خُضرٍ وَفي ذَرا الكَرمِ طُلسِ |
لَم يَرُعني سِوى ثَرىً قُرطُبِيٍّ |
لَمَسَت فيهِ عِبرَةَ الدَهرِ خَمسي |
يا وَقى اللَهُ ما أُصَبِّحُ مِنهُ |
وَسَقى صَفوَةَ الحَيا ما أُمَسّي |
قَريَةٌ لا تُعَدُّ في الأَرضِ كانَت |
تُمسِكُ الأَرضَ أَن تَميدَ وَتُرسي |
غَشِيَت ساحِلَ المُحيطِ وَغَطَّت |
لُجَّةَ الرومِ مِن شِراعٍ وَقَلسِ |
رَكِبَ الدَهرُ خاطِري في ثَراها |
فَأَتى ذَلِكَ الحِمى بَعدَ حَدسِ |
فَتَجَلَّت لِيَ القُصورُ وَمَن في |
ها مِنَ العِزِّ في مَنازِلَ قُعسِ |
ما ضَفَت قَطُّ في المُلوكِ عَلى نَذ |
لِ المَعالي وَلا تَرَدَّت بِنَجسِ |
وَكَأَنّي بَلَغتُ لِلعِلمِ بَيتاً |
فيهِ ما لِلعُقولِ مِن كُلِّ دَرسِ |
قُدُساً في البِلادِ شَرقاً وَغَرباً |
حَجَّهُ القَومُ مِن فَقيهٍ وَقَسِّ |
وَعَلى الجُمعَةِ الجَلالَةُ وَالنا |
صِرُ نورُ الخَميسِ تَحتَ الدَرَفسِ |
يُنزِلُ التاجَ عَن مَفارِقِ دونٍ |
وَيُحَلّى بِهِ جَبينَ البِرِنسِ |
سِنَةٌ مِن كَرىً وَطَيفُ أَمانٍ |
وَصَحا القَلبُ مِن ضَلالٍ وَهَجسِ |
وَإِذا الدارُ ما بِها مِن أَنيسٍ |
وَإِذا القَومُ ما لَهُم مِن مُحِسِّ |
وَرَقيقٍ مِنَ البُيوتِ عَتيقٌ |
جاوَزَ الأَلفَ غَيرَ مَذمومِ حَرسِ |
أَثَرٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتُراثٌ |
صارَ لِلروحِ ذي الوَلاءِ الأَمَسِّ |
بَلَغَ النَجمَ ذِروَةً وَتَناهى |
بَينَ ثَهلانَ في الأَساسِ وَقُدسِ |
مَرمَرٌ تَسبَحُ النَواظِرُ فيهِ |
وَيَطولُ المَدى عَلَيها فَتُرسي |
وَسَوارٍ كَأَنَّها في اِستِواءٍ |
أَلِفاتُ الوَزيرِ في عَرضِ طِرسِ |
فَترَةُ الدَهرِ قَد كَسَت سَطَرَيها |
ما اِكتَسى الهُدبُ مِن فُتورٍ وَنَعسِ |
وَيحَها كَم تَزَيَّنَت لِعَليمٍ |
واحِدِ الدَهرِ وَاِستَعدَت لِخَمسِ |
وَكَأَنَّ الرَفيفَ في مَسرَحِ العَي |
نِ مُلاءٌ مُدَنَّراتُ الدِمَقسِ |
وَكَأَنَّ الآياتِ في جانِبَيهِ |
يَتَنَزَّلنَ في مَعارِجِ قُدسِ |
مِنبَرٌ تَحتَ مُنذِرٍ مِن جَلالٍ |
لَم يَزَل يَكتَسيهِ أَو تَحتَ قُسِّ |
وَمَكانُ الكِتابِ يُغريكَ رَيّا |
وَردِهِ غائِباً فَتَدنو لِلَمسِ |
صَنعَةُ الداخِلِ المُبارَكِ في الغَر |
بِ وَآلٍ لَهُ مَيامينَ شُمسِ |
مَن لِحَمراءَ جُلِّلَت بِغُبارِ ال |
دَهرِ كَالجُرحِ بَينَ بُرءٍ وَنُكسِ |
كَسَنا البَرقِ لَو مَحا الضَوءُ لَحظاً |
لَمَحَتها العُيونُ مِن طولِ قَبسِ |
حِصنُ غِرناطَةَ وَدارُ بَني الأَح |
مَرِ مِن غافِلٍ وَيَقظانَ نَدسِ |
جَلَّلَ الثَلجُ دونَها رَأسَ شيرى |
فَبَدا مِنهُ في عَصائِبَ بِرسِ |
سَرمَدٌ شَيبُهُ وَلَم أَرَ شَيباً |
قَبلَهُ يُرجى البَقاءَ وَيُنسي |
مَشَتِ الحادِثاتُ في غُرَفِ الحَم |
راءِ مَشيَ النَعِيِّ في دارِ عُرسِ |
هَتَكَت عِزَّةَ الحِجابِ وَفَضَّت |
سُدَّةَ البابِ مِن سَميرٍ وَأُنسِ |
عَرَصاتٌ تَخَلَّتِ الخَيلُ عَنها |
وَاِستَراحَت مِن اِحتِراسٍ وَعَسِّ |
وَمَغانٍ عَلى اللَيالي وِضاءٌ |
لَم تَجِد لِلعَشِيِّ تَكرارَ مَسِّ |
لا تَرى غَيرَ وافِدينَ عَلى التا |
ريخِ ساعينَ في خُشوعٍ وَنَكسِ |
نَقَّلوا الطَرفَ في نَضارَةِ آسٍ |
مِن نُقوشٍ وَفي عُصارَةِ وَرسِ |
وَقِبابٍ مِن لازَوَردٍ وَتِبرٍ |
كَالرُبى الشُمِّ بَينَ ظِلٍّ وَشَمسِ |
وَخُطوطٍ تَكَفَّلَت لِلمَعاني |
وَلِأَلفاظِها بِأَزيَنَ لَبسِ |
وَتَرى مَجلِسَ السِباعِ خَلاءً |
مُقفِرَ القاعِ مِن ظِباءٍ وَخَنسِ |
لا الثُرَيّا وَلا جَواري الثُرَيّا |
يَتَنَزَّلنَ فيهِ أَقمارَ إِنسِ |
مَرمَرٌ قامَتِ الأُسودُ عَلَيهِ |
كَلَّةَ الظُفرِ لَيِّناتِ المَجَسِّ |
تَنثُرُ الماءَ في الحِياضِ جُماناً |
يَتَنَزّى عَلى تَرائِبَ مُلسِ |
آخَرَ العَهدِ بِالجَزيرَةِ كانَت |
بَعدَ عَركٍ مِنَ الزَمانِ وَضَرسِ |
فَتَراها تَقولُ رايَةُ جَيشٍ |
بادَ بِالأَمسِ بَينَ أَسرٍ وَحَسِّ |
وَمَفاتيحُها مَقاليدُ مُلكٍ |
باعَها الوارِثُ المُضيعُ بِبَخسِ |
خَرَجَ القَومُ في كَتائِبَ صُمٍّ |
عَن حِفاظٍ كَمَوكِبِ الدَفنِ خُرسِ |
رَكِبوا بِالبِحارِ نَعشاً وَكانَت |
تَحتَ آبائِهِم هِيَ العَرشُ أَمسِ |
رُبَّ بانٍ لِهادِمٍ وَجَموعٍ |
لِمُشِتٍّ وَمُحسِنٍ لِمُخِسِّ |
إِمرَةُ الناسِ هِمَّةٌ لا تَأَنّى |
لِجَبانٍ وَلا تَسَنّى لِجِبسِ |
وَإِذا ما أَصابَ بُنيانَ قَومٍ |
وَهيُ خُلقٍ فَإِنَّهُ وَهيُ أُسِّ |
يا دِياراً نَزَلتُ كَالخُلدِ ظِلّاً |
وَجَنىً دانِياً وَسَلسالَ أُنسِ |
مُحسِناتِ الفُصولِ لا ناجِرٌ في |
ها بِقَيظٍ وَلا جُمادى بِقَرسِ |
لا تَحِشَّ العُيونُ فَوقَ رُباها |
غَيرَ حورٍ حُوِّ المَراشِفِ لُعسِ |
كُسِيَت أَفرُخي بِظِلِّكِ ريشاً |
وَرَبا في رُباكِ وَاِشتَدَّ غَرسي |
هُم بَنو مِصرَ لا الجَميلُ لَدَيهِمُ |
بِمُضاعٍ وَلا الصَنيعُ بِمَنسي |
مِن لِسانٍ عَلى ثَنائِكِ وَقفٌ |
وَجَنانٍ عَلى وَلائِكِ حَبسِ |
حَسبُهُم هَذِهِ الطُلولُ عِظاتٍ |
مِن جَديدٍ عَلى الدُهورِ وَدَرسِ |
وَإِذا فاتَكَ اِلتِفاتٌ إِلى الما |
ضي فَقَد غابَ عَنكَ وَجهُ التَأَسّي |
ساحة النقاش