<!--<!--<!--
<!--<!--<!--
البترول جرحٌ يتجدد
جميعنا نتابع المفاوضات بين حكومة السودان وجنوب السودان حول القضايا العالقة والتى من بينها الحدود والنفط وهذه القضايا أخذت حيزاً كبيراً من التداول والجولات التى دائماً ما تفضى إلى لا شئ بمزيد من التعنت والمرواغة من حكومة جنوب السودان المسنودة من قبل المجتمع الغربى واللوبى الصهيونى التى لا تريد حلولاً أبدأً ولا حسن جوار بإحتلالها لمنطقة (دبة الفخار) فى منطقة جودة التى تتبع لشمال السودان وأقامت عليها وحدة إدارية أسمتها (وانطو) و نقطة بوليس وحامية للجيش مع أنّ كل الخدمات الأخرى من صحة وتعليم تتبع لشمال السودان، تخيل معى (الجيش والبوليس يتبع لجنوب السودان، خدمات الصحة والتعليم والسلع والخدمات الأخرى تتبع لشمال السودان وكذلك المواطنون) هذا الحال المقلوب جعل مدير الصحة لا يستطيع زيارة المستشفى الريفى هناك ليقف على سير العمل وحلحلة المشاكل التى تجابه المستشفى ولا مدير التعليم فى الشمال يستطيع زيارة المدارس والوقوف عليها من توجيه فنى وتربوى وإدارى مما جعل المعلمين هناك يتراخون تجاه الطلاب ونسبة تسربهم من المدارس أصبحت كبيرة ومخيفة ولا المعتمد ولا الوالى يستطيع زيارة دبة الفخار وإن كانت الزيارة لتقديم واجب العزاء فى فقيد هناك.
بعض من الأسر بدأت تهجر المنطقة خوفاً الفتنة حفاظاً على ما تبقى من النسيج الإجتماعى حتى لا تصطدم بأفراد الجيش الشعبى والبعض الآخر هجرها طلباً لتعليم أبنائه، هذا وضع إستثنائى لا يعقل أن يعيش مواطن بين جيشين (جيش الشمال وجيش الجنوب) فى شريط عرضه ثلاثون كيلومتر وفى حدود متوترة والقوات متحفزة من الجانبين، تفتيش وإجراءات إحترازية فى غاية الصرامة. وفى نفس الوقت المواطنون مصرون على البقاء فى أرض أجدادهم ويعتبرون مغادرتها شئ مستحيل وضرب من الخيال وخصوصاً هذه المنطقة شهدت أحداث فبراير 1956 ما يعرف بعنبر جودة المشئوم وكأنّ الزمان أستدار دورته ويريد لهذا الجرح أن يتجدد مرة أخرى، أحد الشباب قال لى لن نترك زراعتنا وبيوتنا هذا هذا لن يحدث الموت أولى ثم أردف كل أهل المنطقة مصممون على هذا، وأنا أتفق معه تماماً بحكم هذه بلدنا وزراعتنا وبيوتنا ومقابر جدودنا إلى أين نتجه؟ إلى المجهول!؟
فقط حكومة السودان يجب أن تكون جادة مع الطرف الآخر فى حسم أمر الحدود ولقد قال لى ممثل النيل الأبيض فى لجنة الحدود أنّ المنطقة الوحيدة المتوفرة فيها كل الخرط (منطقة جودة) لكن هذه لولوة من الطرف الآخر، كما أنّها تكون جادة أكثر فى أمر النفط الذى دفعت فيه الحكومة (دم قلبها) وكان لها الفضل الكبير فى إخراج الشعب السودانى من صفوف البنزين والتسول لدى الدول البترولية.
وعليه نحن أبناء هذه المناطق قدرنا موقف الحكومة آنذاك لأنها تعمل فى مشروع إستراتيجى ضخم للسودان بأكمله لجيلنا والأجيال القادمة ومرّ أنبوب النفط بحواشاتنا وبيوتنا ومراعينا فقلنا حسناً هذا خير لجميع السودانيين ويجب أن تكون النفوس كباراً والحمد لله تدفق البترول وعمّ خيره الجنوب والشمال وتناسينا قضيتنا الأساسية حتى أنقسم السودان شطرين وأصبحنا يتجاذبنا الماضى مع من أنت يا أخى مع الجنوب الجديد أم مع السودان فكانت إجابتنا نحن مع التعايش السلمى والتمازج والتزاوج والتلاقح وسنظل على ذلك. حتى فى جنوب السودان هناك قطاع كبير من الأخوة الجنوبيين لا تعجبهم سياسات وأفعال الحركة الشعبية ويتوقون إلى التعايش السلمى وقنوات الإتصال مفتوحة بيننا فى الأفراح والأتراح.
وأمّا الذى نشاهده ونقرأه فى فى الصحف وأجهزة الإعلام من تبادل للإتهامات بين الجانبين هذا لا يخدم الشعبين فى شئ ويوسع الشقة أكثر والذى يكون أكثر ضرراً وتأثراً هو مناطق الحدود (التمازج) وهى بمثابة ضحية للحرب لأنّ مسرح الحرب سيكون هذه المناطق وبالتالى ستتأثر الخدمات والمزارع والمراعى والثروة الحيوانية والمحصلة النهائية معسكرات نزوح ومنظمات تريد موطئ قدم لإحداث حالة من البلبلة والإستقطاب وسط المواطنين.
لهذه الأسباب مجتمعة، وبما أنّ بترول الجنوب يمرُّ بأراضينا ودمّر البنية التحتية للزراعة والمراعى وخاصة مجمع الجبلين للمعالجة الذى أخذ مساحة كبيرة كانت (مخرف) للقطيع الحيوانى فى فترة الخريف و(مشرع) يؤدى للنهر فى فى فترة الصيف، والثروة الحيوانية فقدت هذه الميزة وأصبحت مطاردة إذا أضِفنا لها القطيع الذى إنضم إليها من الجنوب ونحن نتحدث عن صادر هذه الثروة لزيادة الوفورات من العملات، والبنى التحتية فى تدهور فهذا لا يستقيم. وثانى الأثافى هناك بعض الأقوال بدأت تظهر فى السطح أنّ مجمع الجبلين للمعالجة غير مطابق للمواصفات العالمية ومؤثر على البيئة الطبيعية وهناك شكاوى من بعض المزارعين سمعتها كفاحاً تساقط ثمار الليمون قبل نضجها وإصفرار فى الأوراق.
لهذه الأسباب سالفة الذكر والبترول الذى يمر عبر أراضينا غير سودانى ويتلف البيئة الطبيعية السودانية ويقلّص مساحات الزراعة والرعى ويؤثر على الإنسان نحن فى هذه المناطق واجبنا درء الخطر عنّا بالقدر الذى يسمح بحياة كريمة فى بيئة معافاة مع التعويض للحواشات والبلدات والمراعى الذى غضضنا الطرف عنه فى البداية بحسبان أنّ هذا البترول حلم أهل السودان ومصلحة عامة للجميع والآن حقل عداريل الذى يأتى منه البترول يتبع لدولة الجنوب، ونلفت إنتباه المفاوض السودانى هناك لا يستكين لمسكنات الوسطاء من الإتحاد الأفريقى أوالمنظمات الأخرى فلتفعل حكومة الجنوب ما تشاء تضخ البترول فى الأنابيب أو توقفه لكننا سنأخذ حقنا بشتى السبل وإلاّ نمنع مرور البترول عبر أراضينا حتى نضمن سلامتنا.
*رئيس مجلس تشؤيعى محلية الجبلين السابق
ساحة النقاش