حوار يكتبه: أشرف التعلبى

الكتابة بالنسبة له وطن لن يكتمل رغم كل البيوت التى بناها على أرض الورق، فيقول عن تلك البيوت التى يرسمها طوبة فوق طوبة.. «إن كتبت عن شجرة؛ فإنى أشير إلى يدي. وإن كتبت عن السماء؛ فإنى أقصد روحي. وإن كتبت عن البيت، والطريق، والناس، والبحار، والأنهار، وحتى عن الذى لم يأت بعد؛ فإنى أكتب عنى».

هو يكتب من أجل أن يرى نفسه كاملا دون نقصان، حتى أنه شكر الألم والأمل معا لاشتراكهما فى جعله كاتبا له متكىء فى قلوب مريديه، معتبرا أن أصدق أشكال الكتابة هى التى تدفعه فيها كائنات الألم لقول الحقيقة، لكنها ليست حقيقة الواقع، بل تلك الجالسة وراء الباب، تماما كامرأة مطرودة فى ليلة باردة.

جلال برجس شاعر وروائى أردنى من مواليد 1970، يعمل فى قطاع هندسة الطيران منذ سنوات طويلة، ولا يتبقى من يومه الوظيفى إلا ثلاث ساعات فقط، أنجز فيها مشروعه الأدبى.. يحب الشعر والرواية، ويكتب القصة والمقال وأدب المكان، هو مبدع عربى ثرى، وفى أعماله يطرح التساؤلات ويستفز القارئ فى محاولة للاشتباك معه، لتحريك شىء ما قابع فى وجدانه وعقله، برجس لا يريد إغضاب القارئ بل يشاركه فى ألمه وانكساراته وأحلامه.

ويقول عن ذاته أن الكتابة هروب من وحش لا تتعب قدماه، تمارين موجعة على التخفى رغم إيماننا بالحرية، صرخة لئلا يقع غيرنا فى الهاوية، أما القراءة عنده فهى سعى إلى عوالم جديدة تثير فى أجنحتنا شهوة التحليق، والهروب، والاحتماء بالخيال، وإرخاء الرأس على كتف مواس، والنظر فى مرايا تطلعنا على ما وراء وجوهنا، وعلى حقيقة ما نحن عليه.

صدر لـ«برجس» دواوين شعرية بعنوان «كأى غصن على شجر»، و«قمر بلا مَنازل»، كما كتب فى أدب المكان «رذاذ على زجاج الذاكرة»، و«شبابيك تحرس القدس»، وله مجموعات قصصية وروايات، فحازت مجموعته القصصية «الزلازل» فى 2012 على جائزة روكس بن زائد العزيزى للإبداع، ونالت روايته «مقصلة الحالم» فى 2013 على جائزة رفقة دودين للإبداع السردى عام 2014، كما فازت روايته «أفاعى النار» بجائزة كتارا للرواية العربية 2015، ووصلت روايته «سيدات الحواسّ الخمس» إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية فى 2019، ثم حصل بعدها بعامين على نفسها-الجائزة العالمية للرواية العربية- عن رواية «دفاتر الوراق».

سألت برجس حضرت من الأردن للمشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب.. ما الذى يمثله لك هذا الحضور، خاصة أن الأردن ضيف شرف فى المعرض هذه الدورة الـ54؟

معرض القاهرة الدولى للكتاب معرض مهم للغاية ليس على الصعيد العربى فقط، لكن على الصعيد العالمي، لما يميز الثقافة المصرية المترسخة فى الذائقة والثقافة الإنسانية، فنحن نعول كثيرا على مصر العزيزة.

وعلى المستوى الشخصى سعيد جدا بمشاركة المملكة الأردنية الهاشمية كضيف شرف لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، لما بين البلدين من علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية وطيدة ولها جذورها الثابتة، وما هذه الخطوة إلا بناء على الخطوات القديمة، والتى أتوقع فيما بعد ستفرج عن مزيد من متانة العلاقات والمشاريع الثقافية الكبيرة.

من هو الكاتب المصرى الذى أثر فى وجدانك؟

.. الكاتب العالمى نجيب محفوظ هو الذى أثر فى وجداني، تأثرت به من جانبين الجانب الشخصى وأفكاره، وجانب أسلوب الكتابة، أعجبنى المنهج والطريقة التى اتبعها فى الكتابة.

ما أكثر شيء تأثرت به من نجيب محفوظ؟

.. فى الحقيقة أكثر ملمح أعجبنى فى نجيب محفوظ وتأثرت به هو تحويل العادى إلى استثنائي، ثانيا الانتماء إلى ثقافة الشارع على صعيد الرواية وعلى صعيد الشخصية.. نجيب محفوظ كان منتميا للشارع المصري، ومنتميا إلى زمانه ومكانه، وبالتالى هذا الانتماء أفرز روايات ستدوم فى المكتبة الإنسانية.

قال مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية عن رواية «دفاتر الوراق» إنها تلتقى عوالم البؤس والتشرد فى ثنائية ينشبك فيها التسجيل والتمثيل، فتختلط الأزمنة والأمكنة، إلا أنها تبقى تراوح مكانها فى عالم تندمج فيه الحقيقة والخيال.. دفاتر الوراق هى حكاية عمان التى تتجاوز نفسها وزمانها، على يد روائى يبسطها أمام أهلها كما فعل محفوظ مع قاهرته، فيسير القارئ فى شوارعها ويصعد جبالها ويلتقى شخوصها ويستذكر ورّاقها ويتألم لحكاياتها ويطل منها على إقليمه وعوالمه بخدر وكدر.

تلك الرواية البديعة تفرض علينا أن نسأل «برجس» عن تقمصه شخصية إبراهيم الوراق، كأنه هو بالفعل.. فإلى أى مدى تعايشت وتوحدت مع بطل رواية دفاتر الوراق.. وكيف يتخلص الكاتب من تقمص أبطال أعماله الأدبية؟

.. الرهان الأكبر لأى كاتب هو نجاح الوصول إلى نقطة قصوى من الصدق فى العمل الروائي، حتى يصبح مقنعا للقارئ فيما يخص الشخصية والفكرة، أنا فى حياتى الأدبية لم أجد طريقة كى أصل إلى هذه النقطة أكثر من تقمص الشخصية، ربما أن هذه الطريقة يفعلها الممثل، هذه الفنان الذى يريد أن تلبسه الشخصية حتى يقنع المشاهد، لكنى لويت عنق هذه الطريقة، وبدأت أستخدمها منذ كتابة رواية «سيدات الحواس الخمس»، التى تتحدث عن عمان بكل تقلباتها وأحلامها.

وهذا التقمص وصل إلى درجاته القصوى فى رواية «دفاتر الوراق» فبعدما انتهيت من كتابة 70 صفحة منها.. وقفت مع نفسى وكنت صريحا للغاية قلت: أنت تتحدث عن رجل جاء من الجنوب الأردنى وعاش فى «عمان»، وهو شخص لديه ملامح تكاد تكون عجيبة غريبة ولديه معرفة، وكانت لديه حالة فصل بينه وبين المدينة، ويعيش منعزلا وله صفات كثيرة مختلفة.. فتوقفت هنا وقلت أنا لا أشبه هذا الشخص، وحتى أكون صادقا لابد أن أكون مثل هذا الشخص تماما، فقمت بتمزيق كل ما كتبته من هذه الرواية بكل جرأة، ودخلت فى مرحلة تجاوزت ثلاثة أو أربعة أشهر، من تقمص شخصية إبراهيم الوراق بطل الرواية، أذهب لأماكن عاش فيها، أقصد ما خططت له أن يعيش فيها فى عمان وجبل الجوفة وفى الجنوب الأردني، وتخليت عن السيارة وتبدلت كل حياتي، وكانت زوجتى هى المتضررة من هذه المسألة، لأنها تتعامل مع شخص آخر بسياق نفسى مختلف.. وأثناء هذه الفترة داهمتنى سيارة وأنا أفكر فى هذا الشخص، وهذا الحادث أفضى بى إلى تحول فى الرواية، وهى نقطة كنت أبحث عنها، وبعد خروجى من المستشفى ذهبت إلى غرفة الكتابة واعتزلت حتى أنهيت روايتى.

كم من الوقت استغرقت فى كتابة «دفاتر الوراق»؟

استغرقت ثلاث سنوات ونصف السنة.. وأعدت صياغتها ثلاث مرات، حتى أكون راضيا عنها تماما.

صحراء الأردن:

يقول «جلال برجس» «إن كل ما أفعله محض محاولات للوصول إلى ناى معلق فى رأس شجرة، رأيتها فى منامات الطفولة. ومنذ ذلك الحين وأنا أمرن أصابعى على العزف، وأدرب رئتى على صحبة الهواء».

تلك العبارة دفعتنى لسؤاله.. هل دراسة هندسة الطيران وراء تحليقك فى سماء الإبداع؟

.. بكل تأكيد أثرت دراسة هندسة الطيران فى تكويني، وهو تأثير معنوى، لأن فى المحصلة الكتابة أيضا تحليق روحى فى هذه الفضاءات، وبالتالى فهمت تلك العلاقة ما بين مهنتى، العمل فى الطيران وبين الكتابة من هذا المنطلق.

أنت تكتب الشعر والرواية والقصة والمقال.. ما الذى يأسرك أكثر؟

.. تأسرنى الرواية والشعر أكثر، وهناك حالة من التوازى بين انتمائى للرواية وإلى الشعر، ودائما عندما أدخل مكتبى بغرض الكتابة أجد الشاعر يجلس على يسارى والروائى يجلس على يميني، وأنا من يسمح بهذا التدخل للشاعر والروائي، خاصة فى الكتابة الروائية.

أمضيت أكثر من 18 عاما فى مطار عسكرى صحراوي.. ما الذى تعنيه هذه الفترة من حياتك؟

.. هذه الفترة التى أمضيتها فى الصحراء الأردنية الشرقية كانت مرحلة مهمة جدا بالنسبة لي، لأنها منحتنى القدرة على تأمل نفسى على القراءة التى بدأت بالطبع بمزاج عشوائي، ثم تحولت إلى برنامج وضعته لنفسي، فأنا أتحدث عن سنوات طويلة قرأت فيها الكثير من الكتب فى مختلف المجالات، فى الآداب والفلسفة والفكر فى كل مناحى الحياة، وتنبع أهمية هذه المرحلة أننى كنت الكاتب والناقد والقارئ لنفسي، لأننى كنت أعمل فى القطاع العسكري، وبالتالى كان غير مسموح لى بممارسة الكتابة والنشر أو العمل الثقافي، وكنت ملتزما بهذا القانون.. ويمكن القول إن هذه المرحلة هى التى جنبتنى الاستسهال والتعجل فى النشر.

هل هذا الانضباط العسكرى جعلك منضبطا فى الكتابة؟

توقف لحظات، ربما كان السؤال صادما أو أراد التأنى كعادته.. فقال: لا، لم يحدث هذا، عندما أكتب لا توجد بالنسبة لى أى محاذير، أكتب بمطلق الحرية، وأمارس حريتى بشكل كبير فى الكتابة، لأن الكتابة بشكل عام يراد لها إطلاق الخيال، ويراد لها عدم الالتزام بـ»التابوهات»، وأنا أتحدث عن نسبة معينة، وليس هناك كاتب يستطيع تهشيم أو كسر «التابوهات» بشكل مطلق، لكنى أسعى إلى تجاوزها بشكل دائما.

إذن أنت تحاول التطوير والتجديد فى الرواية العربية، وهو ما يجعلك تخرج عن هذه «التابوهات»؟

.. هى محاولة وأتمنى لها النجاح، لتجاوز بعض المناطق النمطية فى الراوية العربية

لماذا تكتب الرواية ثلاث أو أربع مرات حتى تخرج إلى النور.. هل هذا تأنٍ أم خوف؟

.. أنا ضد الاستسهال، وأرى أن الكتابة الأولى عادة ما تكون متهورة متعجلة متسرعة، وبالتالى أؤمن أن الكتابة الحقيقية تنتج عن مراجعات عديدة، حتى نتأكد أن هذا النص هو الذى يستحق أن يصل إلى القارئ.

كم ساعة تكتب يوميا؟

.. أنا موظف وأعمل الآن فى الطيران المدني، لدى من الوقت ثلاث ساعات فقط في اليوم، فى هذه الساعات الثلاث أكتب واقرأ، وكل ما أنجزته من كتب وإبداع كانت فى هذه الساعات، وبالطبع هذه ضريبة كبرى، أولا على الصعيد الاجتماعى ليس لدى تلك التقاطعات الاجتماعية وليس دائما مسموحت بأن أرى أصدقائي، حتى على مستوى البيت والأسرة أنا دائم العزلة، هذه ضريبة لكنى سعيد بما أفعله، ليس فقط لأجلي، من أجل الوصول إلى أبعد نقطة فى هذا الفضاء الثقافي، لكن أيضا لأنى أعتبر نفسى أحد الأصوات المهمة للتعبير عن الثقافة الأردنية التى بدأت منذ سنوات عديدة فى تجاوز الحدود الأردنية نحو الحدود العربية وبالتالى نحو الحدود العالمية.

والثقافة الأردنية لها جذور مهمة وعتيقة، فالأردن بلاد جميلة بتنوعاتها الديموغرافية والسياسية والثقافية، وبالتالى أنا من أشد المنتمين لهذه الثقافة، وأكبر مثال أحتذى به فى هذا الاتجاه، اتجاه المكان والزمان الذى يخص الكاتب، وأبو الرواية العربية فى هذا الاتجاه الكاتب الكبير نجيب محفوظ.

لعبت الفلسفة دورا كبيرا فى مسيرة نجيب محفوظ الأدبية، ولم يكتب رواية إلا وترك فيها مستوى أعمق من المعانى الفلسفية.. وأنت تحدثت من قبل عن أهمية الفلسفة وعلم النفس.. لماذا الفلسفة بالتحديد؟

.. لست مهتما بالفلسفة فقط، لكنى مهتم بالفلسفة وعلم النفس، أنا مهتم بمجالات فكرية كثيرة، يجب على الكاتب أن يكون مثقفا، حتى يرسم الشخصية جيدا ويقدم الفكرة بذلك العمق، لكن ليس ذلك العمق الفج حتى لا ينفر القارئ، وانما تلك السهولة التى تحتوى مضامينها على عمق كبير.

يقول «جلال برجس»: ما الذى يعنيه أن تخطو نحو القارئ وتمد يدك إليه بورقة فيها كلمتك؟ يبدو الأمر كأنك تمشى إليه عاريا تتوكأ على عصا حقيقتك البيضاء! أم أنك تشير إلى مساحة فيما كتبت ربما يريح رأسه عليها، ويمضى معك بالحلم؟ إنهم يقرأون ليطمروا الجرح بغبار الكلمات.

بمناسبة تلك العبارة.. فى روايتك نشعر بأنك تكتب من أجل روحك، ثم نشعر فى لحظة أخرى برغبتك فى استفزاز القارئ.. ما الذى تحاول البحث عنه؟

.. أنا اكتب فى البداية لنفسي، وحينما أجد هذا النص قابلا أو صالحا لأن يصل إلى القراء أدفع به إلى النشر، وأستفز القارئ حتى يطلق الأسئلة، الراوية لا تقدم أجوبة، لكنها تطرح أسئلة، وهذه الأسئلة هى التى نعول عليها.

لكل كاتب طقوس تدفعه وتلهمه للكتابة، وهناك كتاب كبار لهم طقوس عجيبة قد لا يصدقها الناس.. ما هى طقوس «جلال برجس» التى يمارسها عند الكتابة؟

ليس لدىّ طقوس إبداعية بالمعنى الدقيق، لكن أثناء الكتابة أشرب الماء كثيرا، وأدخن ثلاث علب سجائر فى اليوم، وأشرب كثيرا من القهوة، أتناول قليلًا من الطعام حتى أبقى يقظًا، ثم أتقلب بين نظارتين للقراءة، وبين الطاولة والصوفة- مقعد مريح للاسترخاء أو سرير- مع ذلك حين أضع رأسى على وسادة النوم أشعر بأنى قطعت شوطا فى رحلة تهشيم الصخرة الرابضة على صدرى، وبعد الانتهاء من أى كتاب والدفع بها للنشر، أسارع إلى إعداد وليمة، وأطبخ، ربما هو تعويض عن خطيئتى فى العزلة.

جائزة نوبل:

من الكتاب من يرون أن الجائزة تعبير عن جودة العمل، ومنهم من يرى أنها توفر لهم بعض الدعم المادى لاستكمال مسيرة الكتابة، والبعض الآخر يتصور أنها الغاية.. أنت حصلت على جوائز كثيرة.. ما الذى تمثله الجوائز بالنسبة لك؟ وهل هى معيار لجودة العمل؟

.. الجائزة لها وهج وضوء، وللأسف الشديد هذا الوهج أو الضوء مؤقت وقد يمتد لعام، وأشد المناطق خطورة فى الجائزة هو أن يشعر الكاتب بالغرور فى هذه المرحلة، ويعتقد أنها مرحلة طويلة الأمد، فيسارع للأسف لإطالة أمد هذا الضوء وهذه الشهرة، التى من المتعارف عليه أنها مرتبطة بمغنِ أو فنان وأشخاص ليست لهم علاقة بالكاتب.

الجوائز العربية جميلة لكنها زجتنا فى منطقة ليست لنا، لم يكن معتادا على الكاتب أن يوقفه القراء فى مكان ما ويلتقطوا معه الصور، فى المحصلة نحن بشر وهذا الجانب من الغرور والنرجسية ربما يزداد فى لحظة ما، ولذلك هناك رهان كيف عليك أن تتجاوز مرحلة ما بعد الجائزة، وأرى أن الجائزة سواء جائزة «البوكر» أو «كتارا» وغيرهما من الجوائز العربية، هى وجهة نظر لعدد من الأشخاص هم لجنة التحكيم، والجانب الآخر أن الجائزة هى طريق للقراء.. رغم أن بعض المؤسسات العالمية ذكرت أن نسبة القراءة فى الوطن العربى متدنية، لكن عندما أنظر للمعارض العربية وخير مثال معرض القاهرة الدولى للكتاب والانتشار المذهل لنوادى القراءة وللمؤسسات الثقافية بدأت أشك فى تلك الإحصائيات التى تصدرها المؤسسات العالمية، وأصبحت أدفع فى اتجاه لمطالبة المؤسسات العربية أن تصدر أرقامنا الخاصة، هل نحن فى تراجع فى معدلات القراءة أم على العكس، أن هناك تزايدا كبيرا فى القراءة.

وفى الحقيقة نحن فى حاجة إلى العديد من الجوائز، بما أنها تدفع باتساع رقعة القراءة وتلقى الضوء على الكاتب وتغير الصورة النمطية عن الكاتب العربى بأنه كائن عصابى وفائض عن الحاجة، وأن الكتابة والقراءة فى هذه المرحلة ليس ترفا، وأعيد مقولة الروائى الأردنى مؤنس الرزاز أن الكتابة هى الأرق بعينة، ومسألة الترف والتسلية ما عادت موجودة رغم أننى معها، مع القارئ أن يستمتع ويرفه عن نفسه، لكن فى هذه المرحلة التى تشهد تقلبات عالمية شديدة وضحيتها الإنسان،لابد أن نكون أكثر جدية فى التعامل مع القراءة والكتابة ومع هذه المؤسسات المعنية بهذا الشأن.

كل عام نسمع عن ترشيح أسماء عربية للحصول على نوبل والنتيجة ابتعاد تام لتلك الأسماء عن الترشح لها.. ما سبب هذا الضجيج كل عام، وما الأسباب التى تراها تبعد مبدعينا عن جائزة نوبل؟

.. ليست مسألة ابتعاد، بل على العكس الكاتب العربى يريد الحصول على جائزة نوبل، لكن يبدو أن هناك مشتركات فى الأسباب، ربما تكون أسبابا سياسية، أو أسبابا قد تكون لها علاقات بما يحدث على صعيد الكتابة الروائية، نحن نرى فى هذه المرحلة أن الكاتبة الفرنسية آنى إرنو حصلت على جائزة نوبل للآداب، وهى صاحبة كتابة ذاتية وتأملية، ويبدو أن هذا أصبح توجها فى الجوائز العالمية مثل جائزة نوبل.. وبكل تأكيد الكاتب العربى يريد جائزة نوبل، وأتصور أن فى السنوات المقبلة سينال العالم العربى جائزة نوبل للمرة الثانية بعد الكاتب المصرى العالمى نجيب محفوظ.

هل هناك أسماء عربية تستحق نوبل.. وهل الرواية العربية قادرة على الوصول للعالمية فى هذه الفترة؟

.. نحن مؤهلون ككتاب عرب للحصول على جائزة نوبل، وهناك العدد من الأسماء العربية المؤهلة إلى هذه الجائزة.

هل يمكن تحقيق ذلك بدون مشاريع ترجمة للروايات العربية إلى لغات أجنبية.. ألم تشعر أن هناك تقصيرا فى وصول أعمالنا الأدبية إلى الغرب؟

.. هناك من فازوا بجائزة نوبل ليسوا معروفين على الصعيد العربى ولا على الصعيد العالمي، والكاتبة الفرنسية آنى إرنو لم تكن معروفة على الصعيد العربى بقدر كبير وفازت بجائزة نوبل، لكن الترجمة مسار مهم، أولا حتى نتجاوز الحدود العربية إلى العالمية، ليصل مضمون الثقافة العربية الحقيقية إلى القارئ الآخر، وهذا مهم للغاية، وأتمنى أن تسعى المؤسسات الثقافية العربية لإيجاد مشاريع كبيرة للترجمة إلى لغات أخرى.

هل تعتبر الكتابة الإبداعية مهنة.. خاصة فى الوطن العربى؟

.. أنا أتمنى أن تتحول الكتابة الإبداعية إلى مهنة.. حتى لا تهضم حقوق الكاتب، التى تستنزف من قبل العديد من الجهات، وأن تتغير الصورة النمطية عن الكاتب العربي، أنه إنسان عصابى وفائض عن الحاجة.

أنت لديك مشروع إبداعى كبير.. لماذا لم تترك عملك فى الطيران من أجل التفرغ للكتابة؟

.. لأن الأدب لا يطعم خبزا فى العالم العربى.

إذن ماذا تمنحك الكتابة؟

الكتابة تمنحنى التوازن على الصعيد الشخصى، فى إحدى المرات قررت أن أعتزل الكتابة وأن أتنازل عن هذا الخيار، فشعرت بأنى كائن أعرج فعدت لها.

هناك تحولات جديدة فى الكتابة الإبداعية مثل قصص قصيرة جدا وومضات وخواطر وغيرها.. كيف تنظر لهذه التحولات والطرق السردية الجديدة؟

التحولات طبيعية جدا، نتيجة التحولات التى تحدث على الصعيد العالمى والعربى، وبالتالى القصة ابنه هذا الزمن، ابنه بيئتها ومكانها، فمن الطبيعى أن هذه التحولات سوف تحدث على هذا السياق.

elsayda

بوابة الصعايدة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2023 بواسطة elsayda

رئيس التحرير: أشرف التعلبي

elsayda
نحارب الفقر- المرض- الامية -الثأر... هدفنا تنوير محافظات الصعيد- وان نكون صوت للمهمشين »

تسجيل الدخول

بالعقل

ليس كافيا أن تمتلك عقلا جيدا، فالمهم أن تستخدمه جيدا