محاولة وجيزة في قراة نص "وجع الليل" للأستاذة 

حياة مصباح

 

القصيدة:

 

..........وجع الليل...... 

لمن يبوح وجع الليل.؟

والجلباب حالك دون نور

كيف يمضي في متاهة الرقود

والجفن مبلل بندى الإشتياق 

ذات عشية عرية كان هنا...

هنا حيث أنا هنا...

حيث الركض خلف النبض يجمعنا

نسابق الأشواق ونعزف على أوتار 

الحنين أمال اللقاء...

كان هنا...وكان أنا... 

فكان ذنبي أني أحببته...

ولست عن هذا الذنب بتائبة 

ركبت في هواه قارب الوفاء

أشعلت شموع العشق لتضيئ 

سماءه...

سامرت النجوم في قاعة الإنتظار 

و مرآة الحنين ترسم ملامحا دلت

تجاعيد لوعة الغياب على محياها 

وصدى رنين حروف أربعة يدغدغ

سكون الصمت في فؤادي...

أحبكَ...نطقتها...همستها...

رسمتها.....كتبتها..

.

لكن هيهات....هيهات...

لقد صمّ السمع عليها...

وعميت عيناه على رؤيتها...

تاه الفؤاد بين بساتين الورد

فلم يعد يدري أي عطر هو لها..؟

كان هنا...وأنا هنا...

فلم يعد هنا ولا أنا...أنا 

صار قصيدي أشيب القافية

كما إبيضت شعيرات الروح

وهي تتألم من أريج الخذلان

لتتمزق خريطة الوفاء على أرصفة

الصفحات...

أصبحت حروفه كباقة ورد تستقبلك

بها غانية على أبواب المتاهة

لا نسيم لها ولا عطرا.. 

ذبلت من كثرة العرض على الواجهة

فجفت سقانها من ماء الطهار

وكان هنا... وهنا أنا... 

لكن لم أعد أنا...هنا..  

ألبست حروفي ثوب السواد

وأقمت عزاء أمالي على طاولة الزمن

سطرت آخر الحروف في قصيدة شعر

لم تكتمل وإرتعاشة أناملي تحتضر

لتكمل النهاية حيث آخر شعاع للحياة

ينسل مني للخروج....

أحبكَ...لكن هذه المرة لم أعد أنا هنا... 

أ.حياة مصباح

 

  مقاربة وجيزة من منظور دلالي صرف في قراءة النص

 

     قصيدة مربكة ملغومة ملغزة تفتكّ منها المعنى بطول المراودة تتقنّعُ وتتحجّب لتُغريك بفتنتها..وفتنتها تبدأ من عنوانها... وللعنوان في النقد الحديث دور مركزي باعتباره نصّا موازيا يوجّه القارئ وجهة في القراءة معيّنة..."وجع اللّيل" ألمٌ جرّار في ليل بتّار ..مبتدأ خبرُه القصيدة تبدّد ما استغلق منه... فإذا طرقنا الباب ازدادت حيرتنا باستفهام متكرر يتردّد كالصدى بين الجبال: لمن...؟ وكيف....؟ بعضه يستفسر وبعضه يفسّر ليستقرّ المعنى في الشوق إلى حبيب مفقود منشود...فإذا ما تبدّدت الحيرة كان الخبر عنوانا لتدقيق ما استغلق من أمور.. حبيب كان هنا الآن موجودا بلحمه ودمه ذات عشيّة والنور يتلألأ وقوافل السعادة  تجوب رحاب الذّات تملؤها وجودا نابضا حيّا مشبعا بصميم الروائع طريقا لإشباع الحواسّ...وعندما كان هنا كانت هي بمعنى الكينونة فامتلأت إلى حدّ الانفجار ..وتزاحمت الأفعال فركبت وأشعلت وسامرت ..وتمخّض الوداد فنطقت بالعشق الدفين وكانت شهادة الميلاد ..أنثى تعلن عشقها في بيئة عربيّة قاحلة جرداء لفارس مغوار يبطش ولا يُبْطشُ به...فكان الصّدّ ...كانت مطلوبة فأصبحت طالبة ...وطالبت فأفسدت لعبتَها ...وهنا تتخذ القصيدة منحى آخر  تكون فيه أداة الاستدراك "لكن" مربكة للأحداث...لكن وما أتعس لكنّ! قسمت النص نصفين وما جاء بعدها كان سوادا ، أفسد هو - لعنة الله عليه - الوداد وتنكّر للحظات الألق فشابت القافية ، استعارة لذيذة المكرع، واستحالت اللغة مأتما فكأننا في موكب جنائزيّ فُقِد فيه كلّ شيء بفقد العشق المهدور.....ولكنّني أبارك العاشق العاقّ هذا الفعل الذي حرّك الشاعرة حتّى ترسم لنا مشهدا رائقا تسافر فيه حالما وتشدك لغته بالأنين والرّنين......  هكذا بدأ لنا النصّ والأستاذة فيه رأي ....تحيّاتي..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 21 مارس 2021 بواسطة elgaribhamed

عدد زيارات الموقع

112,009