اختبارات الوظيفة (الفيزيولوجيا العصبية السريرية)
(TEST OF FUNCTION (CLINICAL NEUROPHYSIOLOGY
عند استقصاء المرض العصبي فإن اختبارات الوظيفة ذات تطبيقات أكثر تقييداً نوعاً ما مقارنة مع اختبارات البنية (أي التصوير). ومع ذلك فإن تسجيل النشاط الكهربائي فوق الدماغ وتقييم وظيفة العصب والعضلة أمور أساسية في حالات معينة. إن الاختبارات الرئيسية هي مخطط كهربية الدماغ EEG والكمونات المثارة (EPs)ا Evoked Potentials ودراسات توصيل العصب/ مخطط كهربية العضل
(NCS/ EMG).
A. مخطط كهربية الدماغ Electroencephalography:
يمكن تحري النشاط الكهربائي الذي ينشأ في قشر الدماغ باستخدام مسارٍ كهربائية توضع على الفروة رغم التقدير بأن ذلك يتحرى 0.1-1% فقط من نشاط الدماغ الكهربي في أي وقت. إن مجموعة من المساري الكهربائية تعطي معلومات فراغية. يمكن تحري أشكال الموجة النظمية ويتم تمييزها عن بعضها بتواترها. عندما تغلق العينان فإن أكثر التواترات وضوحاً فوق القشر القذالي هو 7-13/ الثانية ويعرف هذا بنظم ألفا وهو يختفي عند فتح العينين. أما باقي حزم التواترات المشاهدة فوق الأجزاء المختلفة من الدماغ في الحالات المختلفة فهي النظم بيتا (أسرع من 13/ الثانية) ونظم ثيتا Theta ا(4-6/ الثانية) ونظم دلتا (أبطأ من 4/ الثانية). تكون التواترات الأخفض مسيطرة عند الصغار جداً وأثناء النوم.
تؤدي الأمراض المختلفة إلى شذوذات في EEG وهذه الشذوذات قد تكون مستمرة أو نوبية، بؤرية أو منتشرة. تشمل الأمثلة عن الشذوذات المستمرة الزيادة الشاملة في التواترات السريعة (بيتا) المشاهدة عند استخدام الأدوية المهدئة Sedating (مثل البنزوديازيبينات) أو البطء الواضح المشاهد فوق الآفات البنيوية مثل الورم أو الاحتشاء ومع استخدام وسائل التصوير العصبي الحديثة فإن الـEEG قد فقد استخدامه في الآفات الموضعية ماعدا في تدبير الصرع (انظر لاحقاً، وانظر الشكل 4)، ومع ذلك فمازال مفيداً في تدبير المرضى الذين لديهم اضطراب الوعي أو اضطرابات النوم، كذلك في تشخيص الأمراض المخية مثل التهاب المخ، وفي حالات معينة من الخرف Dementias (مثل داء كريتزفيلد-جاكوب).
إن أهم استخدام للـEEG هو في تدبير الصرع، ومع ذلك فإنه يجب التأكيد أنه في حالات نادرة فقط يعطى الـEEG دليلاً واضحاً على الصرع ولهذا السبب لا يعتبر الـEEG مفيداً كاختبار تشخيصي على وجود الصرع. ويستخدم بشكل شائع لتمييز نوع الصرع الموجود ولتحديد وجود بؤرة صرعية خاصة إذا كان يعتزم إجراء الجراحة للصرع.
يمكن أثناء النوبة الصرعية تسجيل اضطرابات عالية الفولتاج للنشاط القاعدي (بشكل عابر Transients) ويمكن لهذه الاضطرابات أن تكون معممة كما هو الحال في صرع الغيبة Absence Epilepsy في الطفولة (الصرع الصغير Petit mal) الذي يأخذ شكل شوكة وموجة بتواتر 3 دورات/ الثانية، أو أن تكون أكثر بؤرية كما هو الحال في أشكال الصرع الجزئي (انظر الشكل 4). ولكن من غير الشائع تسجيل الاختلاج نفسه ما عدا في حالة صرع الغيبة في الطفولة. ومع ذلك فإنه من الممكن غالباً تحري شذوذات صرعية الشكل بين النوب على شكل شوكات Spikes وأمواج حادة Sharp Waves وهذا يدعم التشخيص السريري. يتعزز احتمال كشف هذه الشذوذات بفرط التهوية والضوء الوامض Photic Flicker والنوم وبعض الأدوية. لاحظ أنه رغم ذلك فإن حوالي 50% من المرضى المصابين بصرع مثبت سوف يكون لديهم الـEEG الروتيني طبيعي وبالعكس فإن وجود مظاهر تشاهد غالباً مترافقة مع الصرع لا تثبت التشخيص بحد ذاتها (رغم أن معدل الإيجابية الكاذبة للمظاهر صرعية الشكل الواضحة أقل من 1/1000).
من الممكن تعزيز المعلومات الواردة من عدة وسائل. على سبيل المثال يمكن إطالة جلسة التسجيل الاعتيادية ذات الثلاثين دقيقة لتصبح 24 ساعة باستخدام شريط مسجل خفيف الوزن. وإن إضافة معلومات الفيديو إلى الـEEG يسمح بمقارنة السلوك مع النشاط الدماغي، ويمكن في حالات خاصة وضع المساري الكهربائية جراحياً (مثلاً عن طريق الفتحة البيضوية) وذلك للتسجيل من السطح الصدغي السفلي.
الشكل 4 (اضغط على الصورة للتكبير): مخططات كهربية الدماغ في الصرع. A. تفريغ صرعي معمم أولي. B. أمواج حادة بؤرية فوق المنطقة الجدارية اليمنى (بين المسريين 7 و 8) مع تفريغ معمم ثانوي. |
B. الكمونات المثارة Evoked Potentials:
إذا تم تطبيق منبه -على العين مثلاً- فإنه يكون مستحيلاً في الحالة الطبيعية تحري استجابة الـEEG الصغيرة المثارة فوق القشر القذالي لأن الإشارة سوف تضيع في ضوضاء الخلفية، ولكن إذا تم التقسيم بشكل متناسب بطريقة إلكترونية لمعطيات الـEEG الناجمة عن منبه مكرر 100-1000 مرة فإن هذه الضوضاء تزال ويمكن تسجيل الكمون المثار وقياس فترة الخفاء Latency (الفترة الزمنية بين بداية المنبه والقيمة الإيجابية العظمى للكمون المثار، P100) والسعة (المدى) Amplitude.
يمكن قياس الكمونات المثارة بعد منبهات بصرية أو سمعية أو حسية جسدية إذا وضعت المساري الكهربائية بشكل مناسب، رغم أن الكمونات المثارة بصرياً هي الأشيع استخداماً بشكل كبير (انظر الشكل 5). تشير شذوذات الكمون المثار إلى وجود أذية في المسلك المناسب إما على شكل تأخر التوصيل (زيادة فترة الخفاء Latency) أو نقص السعة أو كليهما.
ومع تطور التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) فإن استخدام الكمونات المثارة قد أصبح يقتصر على استطبابات متخصصة مثل إعطاء قياس شبه موضوعي Semi-Objective للوظيفة البصرية.
الشكل 5: تسجيل الاستجابات المثارة بصرياً (VER) يظهر تأخراً شاذاً في الأيمن. إن فترة خفاء الـP100 (نقطة الإيجابية العظمى) هي 90 ملي ثانية في الأيسر و 115 ملي ثانية في الأيمن. |
C. دراسات توصيل العصب ومخطط كهربية العضل:
Nerve Conduction Studies and Electromyography
يمكن باستخدام مسارٍ كهربائية إبرية Needle Electrodes أو سطحية تسجيل جهود العمل من الأعصاب التي تتوضع قريباً من سطح الجلد كذلك من العضلات. فإذا تم تنبيه جذع العصب بجهد كهربائي صغير فإنه من الممكن تسجيل جهد العمل المركب الناجم (مجموع كل جهود العمل للأعصاب الفردية) حالما ينتقل هذا الجهد على طول العصب. تبلغ سعة جهد العمل المركب السوي 5-30 مكرو فولط ويعتمد ذلك على العصب. إذا كان الجهد المسجل أقل من المتوقع فإن هذا يدل على نقص في العدد الإجمالي للمحاور العصبية العاملة. يمكن قياس أزمان التوصيل المركزي باستخدام التحريض المغناطيسي الكهربائي لجهد العمل في القشر أو الحبل الشوكي عن طريق التطبيق الموضعي لوشائع Coils خاصة.
يمكن أيضاً تسجيل جهود العمل الحركية المركبة (CMAPs) فوق العضلات استجابة لتنبيه العصب الحركي (انظر الشكل 6). وهذه أسهل تسجيلاً لأن العضلات تضخم الاستجابة وتكون السعات النموذجية 1-2 ميلي فولط. ويمكن عن طريق قياس زمن تأخر الاستجابة لتنبيه العصب في نقطتين مختلفتين منه حساب سرعات توصيل العصب (NCVs). ويمكن إجراء ذلك لكل من الأعصاب الحسية والحركية وتبلغ القيم النموذجية 50-60 م/ثانية. إن تباطؤ التوصيل العصبي يقترح زوال ميالين العصب المحيطي الذي قد يكون منتشراً (كما هو الحال في اعتلال الأعصاب المحيطية المزيل للميالين Demyelinating Peripheral Neuropathy) أو بؤرياً (كما هو الحال في حصار التوصيل Conduction أو شلول الضغط).
إن الاستخدام الرئيسي لدراسات توصيل العصب هو كشف الأذية على الأعصاب المحيطية وتحديد إن كانت الحدثية المرضية بؤرية أو منتشرة وهل الأذية محورية Axonal بشكل رئيسي أو مزيلة للميالين. ومن الممكن أيضاً الحصول على بعض المعلومات حول جذور العصب عن طريق التحليل الأكثر تعقيداً للاستجابات للدفعات التي تنقل في البداية بشكل معاكس للمسيرة Antidromically (أي في الطريق الخاطئ) رجوعاً إلى الحبل الشوكي ومن ثم تعود بشكل سوي المسار Orthodromically (أي الطريق الصحيح) نزولاً إلى النقطة المنبهة (الأمواج F).
يمكن غرس مسار كهربائية إبرية ناعمة بشكل متراكز Concentric داخل بطون العضلات وتسجيل الجهود من وحدات حركية فردية. ومن الممكن تسجيل النشاط الشاذ العفوي الذي ينشأ من العضلات أثناء الراحة مثل الرجفانات fibrillations (علامة على زوال التعصيب Denervation) أو الانفراغات العضلية المقوية. إن الشذوذات في شكل وحجم الكمونات العضلية يمكن أن تساعد في التشخيص التفريقي لزوال التعصيب وأمراض العضلة البنيوية. إن الاعتلالات العضلية التي تنجم عن الشذوذات الاستقلابية (تسبب افتراقاً كهربائياً ميكانيكياً Electromechanical Dissociation وليس زوالاً لبنية الليف) لا تظهر أي تبدلات على مخطط كهربية العضل بالإبرة Needle EMG.
يمكن أيضاً استخدام مخطط كهربية العضل لاستقصاء الوصل العضلي العصبي حيث أن التنبيه المتكرر للعصب بسلسلة من الدفعات الكهربائية بتواتر 3-15/ الثانية لا يؤدي في الحالة الطبيعية إلى انخفاض هام في سعة جهد عمل العضلة الناجم. ولكن يشاهد مثل هذا التناقص في الوهن العضلي الوخيم وهذا يعطينا أحد مظاهر التشخيص الرئيسية. إن تضخيم الاستجابة للتنبيه المتكرر تشاهد في متلازمة الوهن العضلي للامبرت-إيتون Lambert-Eaton رغم أنه يحدث عادة عند التنبيه بتواترات أعلى.