أنماط اضطراب الحس
(اأنظر الشكل 15).
1. آفات الأعصاب المحيطية:
تكون الأعراض عادة في آفات العصب المحيطي هي فقد الحس والمذل البسيط (الإبر والدبابيس). إن الآفات في عصب محيطي وحيد سوف تسبب كما هو متوقع اضطراباً في التوزع الحسي لذلك العصب. أما في الاعتلالات العصبية المنتشرة فإن العصبونات الأطول هي التي تصاب أولاً مما يعطي توزع (القفازات والجوارب) المميز.
إذا كانت ألياف العصب الصغيرة هي المصابة بشكل تفضيلي (كما هو الحال مثلاً في اعتلال الأعصاب الكحولي) فإن حس الحرارة والألم (وخز الدبوس) يفقدان في حين قد تستثنىي الأحاسيس التي تنقلها الأعصاب الحسية الأكبر (حس الاهتزاز ووضعية المفصل).
من جهة أخرى فإن الأعصاب الحسية الأكبر تصاب بشكل خاص إذا كان اعتلال الأعصاب من النوع المزيل للميالين (مثال متلازمة غيلان-باريه).
2. آفات الجذور العصبية Nerve Root Lesions:
غالباً ما يكون الألم مظهراً لآفات الجذور العصبية ضمن الشوك Spine أو الضفائر العصبية في الطرف. يتم الشعور بالألم غالباًَ في العضلات المعصبة بالجذر العصبي أي في القطاع العضلي Myotome أكثر من القطاع الجلدي Dermatome. يمكن استنتاج مكان الآفة في الجذر العصبي من النمط القطاعي الجلدي لفقد الحس رغم أن هذا غالباً ما يكون أصغر مما يمكن توقعه بسبب تراكب المناطق الحسية.:
3. آفات الحبل الشوكي Spinal Cord Lesions:
تصعد المعلومات الحسية الجسدية الواردة من الأطراف إلى الجهاز العصبي عبر جهازين تشريحيين منفصلين وإن التفريق في أي من هذين الجهازين تقع الإصابة له فائدة تشخيصية غالباً (اأنظر الشكل 16).
الشكل 16: السبل الحسية الجسدية الرئيسية. |
إن الألياف الواردة من أعضاء استقبال الحس العميق والألياف المتواسطة باللمس الدقيق (بما فيها الاهتزاز) تدخل الحبل الشوكي عند القرن الخلفي وتمر دون أن تتشابك إلى العمود الخلفي في الجهة الموافقة. أما الألياف التي تنقل المعلومات الحسية عن الألم والحرارة فإنها تتشابك مع عصبونات الرتبة الثانية التي تعبر الخط المتوسط في الحبل الشوكي قبل أن تصعد في السبيل الشوكي المهادي الأمامي الوحشي في الجهة المعاكسة إلى جذع الدماغ.
تؤدي الآفات المستعرضة Transverse في الحبل الشوكي إلى فقد كل الأحاسيس تحت ذلك المستوى القطعي رغم أنن المستوى الذي يتحدد سريرياً قد يختلف بـ2-3 قطع. وفي غالب الأحيان يكون في أعلى منقطة زوال الحس شريط من المذل أو فرط الحس Hyperaesthesia. إذا كان منشأ الآفة المستعرضة وعائياً (كأن تكون ناجمة مثلاً عن خثار الشريان الأمامي الشوكي) فإن الثلث الخلفي للحبل الشوكي (وبالتالي أحاسيس العمود الظهري) قد تكون مستثناة من الإصابة.
إن الآفات التي تؤذي جهة واحدة في الحبل الشوكي سوف تؤدي لحدوث الفقد الحسي لكل الأحاسيس الشوكية المهادية (الألم والحرارة) في الجهة المعاكسة وأحاسيس العمود الظهري (الاهتزاز ووضعية المفصل) في نفس جهة الآفة. ويشاهد هذا النمط في متلازمة براون-سيكوارد Brown-Sequard Syndrome.
إن الآفات في مركز الحبل الشوكي (مثل تكهف النخاع Syringomyelia) تعف عن العمودين الظهريين لكنها تصيب الألياف الشوكية المهادية التي تعبر Cross الحبل الشوكي من كلا الجانبين وتكون الإصابة على طول المنطقة التي تشغلها الآفة فقط، ولهذا السبب يكون فقد الحس افتراقياً Dissociated (من حيث الأحاسيس المصابة) ومعلقاً Suspended (لأن القطع فوق وتحت الآفة تكون مستثناة من الإصابة). ويترافق ذلك غالباً مع زوال المنعكسات إذا كانت الألياف الواردة للقوس الانعكاسية ضمن النخاع مصابة.
قد يصاب العمود الظهري لوحده خاصة في التصلب المتعدد، ويؤدي ذلك إلى شعور بالضيق مزعج مميز في الطرف المصاب مع فقد استقبال الحس العميق الذي قد يؤثر بشدة على وظيفة الطرف دون أي إصابة لحس الحرارة أو الألم.
4. آفات جذع الدماغ:
إن عصبونات الرتبة الثانية Second-Order في الحبل الظهري من الجهاز الحسي تعبر الخط المتوسط في القسم العلوي من البصلة لتصعد إلى جذع الدماغ. وفي جذع الدماغ تتوضع هذه العصبونات مباشرة إلى الأنسي من السبيل المهادي الشوكي (الذي يكون قد تصالب للتو). ولذلك فإن آفات جذع الدماغ تسبب فقداً حسياً لكل الأحاسيس في الجهة المقابلة من الجسم، أما فقد الحس في الوجه الناجم عن آفات جذع الدماغ فيعتمد على تشريح ألياف مثلث التوائم ضمن جذع الدماغ.
فالألياف الواردة من القسم الخلفي للوجه (قرب الأذنين) تهبط ضمن جذع الدماغ إلى القسم العلوي من الحبل الشوكي قبل أن تتشابك ثم تعبر عصبونات الرتبة الثانية الخط المتوسط وتصعد بعد ذلك مع الألياف المهادية الشوكية. أما الألياف التي تنقل الحس من المناطق الأمامية للوجه فإنها تهبط مسافة أقصر ضمن جذع الدماغ ولهذا فإن فقد الحس في الوجه الناجم عن آفات جذع الدماغ المنخفضة يأخذ توزع "خوذة البالاكافا Balaclava Helmet" ("وهي قبعة صوفية تغطي كامل الرأس وتحيط بالعنق)" لأن ألياف مثلث التوائم التي تهبط مسافة أطول ضمن جذع الدماغ هي التي تكون مصابة.
5. آفات نصف الكرة المخية:
ينتهي العمودان الظهريان والسبيلان الشوكيان المهاديان في المهاد ومن هناك يرسلان إلى القشر الجداري عبر المحفظة الداخلية، ولهذا السبب فإن آفات نصفي الكرة المخية تؤثر على كل أنواع الحس.
يمكن للآفات المنفصلة في المهاد (كما يمكن أن يحدث في السكتات الجوبية Lucunar الصغيرة) أن تسبب فقداً للحس في كامل نصف الجسم في الجهة المقابلة. يجب أن تكون الآفات في القشر الحسي صغيرة جداً ,(وبالتالي تؤثر على منطقة محدودة فقط). لتجنب إصابة السبل الحركية الأعمق في نصفي الكرة المخية.
يحدث في آفات القشر الجداري الكبيرة (كما هو الحال في السكتات الكبيرة) فقد شديد لاستقبال الحس العميق وحتى للإدراك الواعي لوجود الطرف (الأطراف) المصابة. وقد يكون من المستحيل تمييز فقد الوظيفة الناجم في الطرف عن الشلل.