مشاعر الوالدين عند اكتشاف الإعاقة
أولا : من الملوم ؟
عند اكتشاف الوالدان الإعاقة في طفلهما يشعران بأنهما الملومان :
* لأنهما أسهما في وجود هذا الكائن الجديد ، ويشعران أن الذنب يقع عليهما لأنهما لن يرعياه الرعاية الكاملة
* أو لأنهما تسببا في حدوث شيء كان من نتيجته أن الطفل السوي تحول إلى طفل غير سوي
*لتلهف الوالد أو قلقه لإبعاد اللوم عن نفسه ، فإنه يوجهه إلى طبيب أو إلى زوجته
*ويمكن أن يتهم الزوج زوجته وتتهم الزوجة زوجها.
ولو أن تحديد المسؤولية يزيل الضرر الذي أصاب الطفل لأصبح له قيمة وهدف ولكن: بإثارة اللوم ، وتحديد من يقع عليه أمر لا معنى له ، لأنه من النادر أن يتسبب الأب أو غيره في الإضرار بالطفل عن قصد أو يتعمد بإصابته بنقصه ، أو الإساءة إليه أو إلى صحته.

ثانيا: تساؤلات الأب والأم:
وقد يتساءل الأب أو الأم : " هل أنا الذي تسببت في وجود  الإعاقة؟ هل يوجد نقص أو عيب في يجعل تكوين أطفالي ناقصا ؟ أو يدفعني لإهمالهم؟"
هذه التساؤلات عديمة الجدوى أيضا .إذ لا يستطيع أي إنسان أن يجد إجابة مؤكدة عنها وإذا علمنا مدى التعقيد في جسم الإنسان من حيث تكوينه ووظائفه ومدى التغيرات والتطورات المستمرة التي تحدث أثناء نمو الجنين لدهشنا من ثورة الاضطرابات التي تحدث في الطفل ، ويبين قانون المصادفة أن نسبة مئوية معينة من الأطفال لا يتم تكوينهم تكوينا كاملا في كل جزء من أجزاء الجسم ، وأنه في بعض الأحيان لا يتم تكوين جزء أو أكثر من أجزاء الجسم البسيطة أو الرئيسية بشكل صحيح تماما
ويمكن أن يحدث هذا في الطفل الأول أو في الطفل السابع بعد إنجاب ستة أسوياء وقد لا يحدث في طفل على الإطلاق .
إذا حدثت الإعاقة في :
1) الطفل الأول : فإنه يثير قلقا لدى الوالدين إذ لا يكون لديها دليل أنهما يستطيعان أنجاب أطفال أسوياء.
2) في الطفل الثالث أو الرابع : فإنهما يكونا قد اكتسبا الثقة والطمأنينة بمعرفة أنهما قادران على إنجاب أطفال أسوياء وأن حالة الطفل الرابع ليست إلا وليدة المصادفة التي يمكن أن يتعرض لها أي إنسان .
ثالثا : معوقات التغلب على الإعاقة :
1) ضياع الوقت في الذكريات المؤلمة : إذا عوق الطفل بعد الولادة بسبب حادث أو مرض فإن ضياع الوقت في الذكريات المؤلمة وفي الندم والأسى ( لأننا لم نفعل هذا ولم نفعل ذاك ) وكل ذلك أمر ضار بالرغم من صعوبة تجنب هذه المشاعر .
إن محاولة النظر إلى الوراء تمنع الوالدين من التفكير المستقبل.
2) ميل الزوج أو الزوجة للتفكير في احتمال أن يكون الطرف الآخر هو المسؤول :
وهذا لا يضر فقط بالعلاقة الزوجية بينهما وإنما يسيء أيضا إلى تطور الطفل في المستقبل فإذا ولد الطفل وسقف  الحلق مشقوق فمن السهل أن يقول أحد الوالدين للآخر:
إن لك عم أو خالا أو ابن عم له نفس الحالة إنها لابد حالة وراثية في أسرتك.
وإذا بحث كل شخص منا جيدا في أجداده فقد يجد من بينهم من كان مجرما .
إن وجود حالة تعويق في أحد الأقارب لا يدل على شيء بالنسبة له أو لأولاده
3) ميل الآباء لأن يقوموا للطفل بأكثر مما ينبغي : نتيجة شعور الآباء بالمسؤولية الشخصية ، هي ميلهم لأن يقوموا للطفل بأكثر مما ينبغي مما يتعارض مع صالحه ويعوق نموه وتقدمه . وبمثل هذا التصرف لا يستطيع الطفل أن يصبح شخصا مستقلا معتمدا على نفسه يواجه مشاكل الحياة .
4) شعور الوالدين بالإحباط والخجل والذنب : إن رغبة الوالدين في أن يقدما لطفلهما المعوق أكثر مما قد تحتاج إليه ، وخوفهما المستمر عليه من الفشل يؤدي ذلك إلى الضجر والتبرم وزيادة الاستياء ، وقد تنتاب الطفل المعوق حالات الهياج من حين لآخر وغالبا ما تسبب هذه المشاعر المضغوطة الأضرار بالوالدين والطفل المعوق والأطفال الآخرين.
5) التضحية بكل شيء من أجل الطفل المعوق :
يلجأ الوالدين إلى التضحية بكل شيء من أجل طفلها المعوق وتبلغ هذه التضحية كبيرة حتى لو كانت على حساب أخوته الآخرين . إن التضحية بكل شيء من أجل المعوق أمر خطير يمكن أن يؤدي إلى تحطيم الوالدين والحياة الأسرية والنمو العقلي والنفسي للأخوة الآخرين تجنب التضحية بكل شيء من أجل الطفل المعوق لأنه إذا لم يتوازن الموقف بطريقة عملية وواقعية ، ينبغي الالتجاء إلى مناقشة هذه الناحية مع شخص خبير كالطبيب النفسي أو الأطفال أو الأخصائي الاجتماعي .
رابعا : وأخيرا على الوالدين:
1) ألا يجزعا من وجود طفلهما المعوق في الأسرة . بل عليهما أن :
    *يظهرا الحب لابنهما المعوق دون تدليل
    *يكونا له صديقين ، ولكن بحزم
    * يكونا ثابتين ويظهران مساعدتهما له ومشاعرهما بالسعادة والفرح في المواقف الخاصة بذلك   والتشجيع لما يبذله من مجهود
2) عليهما أن يتذكر دائما أن : طفلهما سوف يتقدم ويتمكن من الوصول إلى السعادة والإحساس بالرضا إذا توفرت له البيئة المتفهمة لحاجاته النفسية ، فإشباع الحاجات النفسية في الوقت المناسب له تنتج طفلا متزنا سليما ، قادر على الاستفادة من عمليات التدريب المختلفة التي يتعلمها سواء في البيت أو في المدرسة .
خامسا: كيف تتخلص الأم من قلقها على ابنها المعوق : إن الأم ينتابها شعور بالقلق على مصير ابنها ومستقبله وتشعر بخجل ، وتفضل عزلة عن المجتمع والأصدقاء ، ولكن ينبغي أن تتخلص الأم من هذا الإحساس وألا تعزل نفسها عن المجتمع والناس والأصدقاء والجيران .
بل عليها إن كان في استطاعتها أن تشرح لهم البعض من حاجات طفلها الخاصة ، فسوف يظهر بعضهم الاستعداد لتقديم أي مساعدة ، فالقلق في مثل هذه الظروف طبيعي ولكن ينبغي أن تشرك الآخرين معها ولا تحاول التخلص من هذا الإحساس من تلقاء نفسها ، فالأصدقاء ، والجيران ، والعائلات ، والأطباء والعيادات النفسية ... الخ
سوف يقدمون لها كل مساعدة ممكنة من الناحية الطبية ، والنفسية ، والاجتماعية ، والنفسية ، والتأهيلية وبذلك سوف تجدين يساعدها ويشاركها وإحساسها ولكي تتخلص الأم من قلقها الذي تعانيه بخصوص إنها المعوق عليها إتباع ما يأتي:
1-    أن تشارك الأسرة في مساعدة طفلها على نمو ثقته بنفسه وعلى نمو قدراته الأساسية فالطفل المعوق تحتاج إلى مساندة قوية وتشجيع من جميع أفراد الأسرة
2-    أن تواظب على التردد على العيادات النفسية والاستنارة العلمية من الأخصائيين عن كيفية التعامل من الابن المعوق وكيفية تنمية قدراته المختلفة حتى يتسنى له أن يحيا حياة مستقرة بعيدة عن المعوقات النفسية وتنفيذ ما يشار به بأمانة ودقة وصبر وأخيراً:
ينبغي على الأم أن نتذكر أن طفلها المعوق يتقدم حتى إذا كان معوقاً عن الأطفال الآخرين بصورة ملحوظة وسوف يتمكن من الوصول إلى السعادة والإحساس بالرضا بطرق غير متوقعة إذا توافرت له البيئة المتفهمة لحاجاته النفسية والبدنية .

المصدر: مركز الرحمة
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 485 مشاهدة

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,317,296

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط