كيف تعمل لغة الإشارة؟
ليس من المستغرب أن يتعلم الاطفال لغة الإشارة، لأن استعاب اللغة والمهارات الحركية تتطور بشكل أسرع من القدرة على الكلام. كما يحبون التقليد: يكتشف غالبية الاطفال، على سبيل المثال، كيف يلوحون بيديهم ويشيرون إلى الأشياء قبل وقت طويل من قدرتهم على قول "باي باي" أو "انظري إلى هذا!".
وقد استوحيت فكرة تطوير لغة الإشارة مع الاطفال من الدكتور جوزيف غارسيا، الخبير الأميركي في تطور الطفل. فقد اكتشف أن الاطفال الأصحاء لوالدين أصمين يتعلمون لغة الإشارة بسهولة، كما لاحظ أن هؤلاء الاطفال أقل تطلباً من أقرانهم الذين لا يعرفون لغة الإشارة لأنهم قادرون على التعبير عن أفكارهم وحاجاتهم بسهولة أكبر. فلِمَ لا يستفيد الأهالي الأصحاء لأطفال أصحاء من ميزات لغة الإشارة أيضاً؟ فلو استطاع الطفل أن يشير بدل أن يصرخ، بحسب الدكتور غارسيا، سيكون الجميع، أي الأم والأب والطفل، أكثر سعادة. مع أن لغة الإشارة لا تضمن إنهاء الدموع ونوبات الغضب، فقد تمّ تعليم اطفال في عمر الستة أشهر "الإشارة" بنجاح. واكتسبت لغة الإشارة لدى الاطفال شعبية في بعض الدول مثل بريطانيا.
الحصول على ما يريد
ليس من الصعب تعليم طفلك لغة الإشارة مع أن الأمر يتطلب صبراً. وحتى بضعة إشارات بسيطة، مثل "الشرب" (الإبهام على الفم مع رفعه قليلاً إلى أعلى)، تشكل اختلافاً كبيراً. تقول إحدى الأمهات: "كانت إشارة "الشرب" أول إشارة جربناها مع ابنتي التي كانت تبلغ 11 شهراً حينذاك. في البداية، ظننت أنها غير منتبهة، لكن بعد حوالي أسبوع تقريباً، وبينما كانت جالسة تلعب بألعابها نظرت إليّ وأعطتني الإشارة. اعتقدت أنها تلوح بيدها للوداع، لكن انتبه زوجي إلى أنها تشير إلى "الشرب". وكان الأمر يشبه ما حدث مع الخطوة الأولى التي مشتها. كانت سعيدة وكنا كذلك! ومع تعلمها كلمات جديدة، قلّ مستوى غضبها بشكل كبير".
رابطة وثيقة وقريبة
شعرت أمّ أخرى أن لغة الإشارة منحتها رابطة وثيقة أقرب مع طفلها، والذي اصبح الآن في الشهر السادس عشر من العمر:"لديه قاموس الآن من حوالي 30 كلمة. يأتي ويخبرنا إذا كان كلبنا نائم (السبابة في كلتا اليدين تشير إلى أسفل)، وإذا سمع صوت طائرة (حركة سريعة في اليد). من الرائع معرفة ما الذي يجري داخل رأسه. كما أحب أن أتكلم معه حتى لو كان في الجهة الثانية من الغرفة. وفي أحد الايام، لاحظت أنه خائف في الملعب ولم أستطع أن أصل إليه بسهولة فأشرت له "أحبك" كبديل عن الكلام (من خلال احتضان نفسي والنظر إليه)".
تطوير المهارات اللغوية
يخشى الأهل أن يؤثر تعليم لغة الإشارة على تطور النطق لاطفالهم وتأخير النمو اللغوي الطبيعي. في الواقع، واستناداً إلى بحث حديث، فإن العكس هو الصحيح: يمكن للإشارة أن تنمي الكلام والقاموس اللغوي. فالإشارة، بحسب ما فسّر الدكتور غارسيا، تعني تعزيز وتحسين اللغة وليس استبدالها. يجب استخدامها إلى جانب الكلام العادي بحيث يتمكن طفلك من الربط ما بين الكلمة والإشارة. ولأنك تحتاجين من طفلك أن ينظر إليك، فإنه يركز بقوة على ما تقولين وفي الوقت نفسه على ما تفعلين. عندما يتمكن طفلك من ردّ الإشارة، يصبح التواصل في اتجاهين. على سبيل المثال، إذا قال طفلك إنه يسمع صوت طائرة، يمكنك الإجابة: "هل تسمع صوت طائرة؟ نعم، أستطيع أن أراها هناك. أليس صوتها عالياً؟". بهذه الطريقة، ربما تمضين وقتاً أطول تتحدثين مع طفلك، وهو أفضل طريقة لمساعدته على تطوير كلامه.
كيف أقوم بذلك؟
• كما هو الأمر مع أي مهارة جديدة، من الهام أن تتبعي إيقاع طفلك وتبقي المسألة ممتعة. وأفضل توقيت للبدء بالإشارة هو عندما يبدأ طفلك بإظهار رغبة حقيقة في التواصل. ويكون عادة بين الشهرين التاسع والعاشر من العمر. وستلاحظين أن طفلك أصبح اجتماعياً أكثر، وبدأ يصدر أصواتاً ويؤدي تعابير في وجهه للفت انتباهك.
• ابدئي مع إشارة إلى شيء يهتم به. يلتقط الكثير من الاطفال الصغار بسرعة إشارة "أكثر" المرتبطة بالطعام!
• في كل مرة تستعملين الكلمة، أري طفلك الإشارة أيضاً. استخدمي الإشارة ذاتها دائماً واعتمدي التكرار وعزّزي الكلمة الأساسية مع الإشارة بحيث يستطيع طفلك أن يرى ويسمع الرابط: "هل ترغب في المزيد؟ أنت تريد المزيد اليس كذلك؟ حسناً، لنأتي لك بالمزيد!". لا تنسي أن تقولي الكلمة وتقومي بالإشارة المناسبة في الوقت عينه.
• قد يحاول طفلك الإشارة بنفسه بعد بضعة أيام أو قد يحتاج إلى بضعة اسابيع، فكوني صبورة! اجعلي الأمر ممتعاً قدر الإمكان، لأن الاطفال يتعلمون أكثر الأشياء التي يحبون الاستمتاع بها.