<!--
<!--<!--
( عالـم البيئــة )
منظومـة التعليـم اليابانيـة
بقلـم : د/علـى مهـران هشـام
من خلال التجربة اليابانية، نرى أن اليابانيين لم يقضوا عقوداً يبكون أطلال مدنهم المدمرة بسبب الحرب العالمية الثانية ، بل باشروا في العمل على اعادة بناء بلدهم وانطلقوا في العمل الجاد والمثمر وفى عيونهم وعقولهم عبارات الانتماء والهوية ( صنع فى اليابان ، اليابان على القمة (كان التعليم بكل ادواته ومفرداته وجودته وبيئته المتفردة هو القاطرة التى سارت باليابان نحو التميز والتفوق العالمى وتحقيق النهضة الحديثة. التعليم في اللغة اليابانية يعني " كيو- إكو ( 教育 ) " وهي تتكون من حرفين "كيو" والذي يعني التشجيع على التقليد (بمعنى تقليد ومحاكاة ما يفعله الآخرون) و حرف " إكو" يعني تربية الطفل والحرفان يعبران عن جوهر العملية التعليمية في اليابان .
يعرف سلم النظام التعليمي بـ « 6 - 3 - 3 - 4 »، أي ست سنوات للمرحلة الابتدائية، وثلاث للمتوسطة وثلاث أخرى للمرحلة الثانوية ثم أربع سنوات للجامعة. وتم ضم المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الابتدائية لتصبح السنوات التسع الزامية وبدون رسوب. تقع على المدن والقرى والبلدات مسؤولية تأسيس المدارس وتجهيزها لاستيعاب الطلاب في هذه المراحل العمرية. تفخر اليابان بأن نسبة الأمية فيها صفر في المائة، بل لقد أعلنت اليابان أنه بعد العام 2000م يعتبر الشخص الذي لا يُجيد لغة أجنبية ولا يستطيع التعامل مع الكمبيوتر وثورة الاتصالات والمعلوماتية في عداد الأميين. سئل رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبيه ماهو سر نهضة اليابان كانت الإجابة " لقد أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة القاضى وإجلال الأمبراطور " . على كل حال، يعكف أهل العلم والتقدم والتكنولوجيا فى أوربا وأمريكا على دراسة الإنجاز الاستثنائي لهذا البلد الشرقي الذي ينافسهم في صناعتهم و أسلحتهم ومخترعاتهم، كما يثير تقدم اليابان دهشة الشرقيين وإعجابهم، دون أن يتمكنوا من اللحاق به . العرب لديهم أهمية خاصة لدراسة تجربة اليابان للأسباب التالية:
اليابانيون قوم شرقيون مثلنا بدأوا مسيرتهم نحو التقدم من واقع العزلة والتخلف الحضاري كما بدأنا في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادى . اليابان حققت التحديث والتقدم والنهضة مع المحافظة على تراثها وتقاليدها الاجتماعية ومؤسساتها القومية والدينية الأصلية. لم تأخذ اليابان ولم تنبهر باللغات الأجنبية المتقدمة, وحسمت معركة اللغة تعليميًا وحياتيًا منذ البداية. فمن المعروف أنه لا يمكن لأمة أن تبدع علميًا إلا بلغتها الأم, ولا يستمع العالم لأمة تتحدث بلغة غيرها. أستطاع النظام التربوي الياباني أن يمزج بين مركزية التوجيه ووضع السياسات والخطط ولا مركزية التنفيذ في معادلة متوازنة مع اطلاق حرية التفكير والابداع وتحفيز الهمم والطاقات الكامنة للافراد .
التعليم الياباني ينتهج نظام يعتمد التدريب على التفكير والتحليل والاستنتاج أكثر مما يعتمد على التلقين والنقل والحفظ. ومع مرور الزمن استقرت هذه المفاهيم في نظام تعليمي مركب، أصبح يبهر خبراء التعليم في العالم. ينقسم السلم التعليمي في اليابان إلى أربع مراحل هي كالتالي: أ - مرحلة رياض الأطفال: من سن ثلاث سنوات إلى خمس, وتهدف إلى تهيئة الأطفال للمدرسة ومساعدتهم على النمو العقلي والجسمي السليم من خلال تنمية قدراتهم على التفكير والسلوك، والقدرة على التعبير، وتقديم الأنشطة التي يحتاجها الأطفال. ب - مرحلة التعليم الابتدائي: ويقيد بهذه المرحلة جميع الأطفال الذين بلغوا السنة السادسة، وتهدف تلك المرحلة إلى إتاحة الفرصة للأطفال للنمو المتكامل طبقا لقدراتهم الجسمية والعقلية والنفسية، توازى مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادي) في مصر والدول العربية ج - مرحلة التعليم الثانوي: ويضم هذا التعليم ثلاثة أنواع من الدراسة: دراسة كل الوقت، ودراسة بعض الوقت، ودراسة بالمراسلة، ويهدف هذا النوع من التعليم إلى مد الطلاب بالمعلومات الأكاديمية والفنية التي تتناسب مع قدراتهم الجسمية والعقلية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات بالنسبة لمدارس الوقت الكامل، وأربع سنوات في مدارس المراسلة ومدارس بعض الوقت, والدراسة إما نهارية أو ليلية. د - مرحلة التعليم العالي: وهي المرحلة التالية للتعليم الثانوي، والدراسة بها متنوعة لمدة أربع سنوات أو خمس حسب نوع الكلية.
عموما، أولت اليابان للتعليم الالكترونى والفصول الافتراضية وتعليم الكبار وتعليم ذوى الاعاقة والتعليم المستمر قسطا كبيرا ( ماليا وإداريا وتشريعيا ) ، خاصة فى منظومة ومكونات البيئة التعليمية.
إن الاستفادة من هذه التجربة فى المجتمع العربى والمصرى تبدو ممكنة ، إضافة إلى استخلاص العوامل البارزة والرئيسة للبيئة والنظام التعليمى فى اليابان المتمثلة فى التالى : المواءمة بين المركزية فى وضع السياسات والخطط واللامركزية فى التنفيذ والمتابعة - المناهج – المعلم – المدرسة – كثافة الفصول – الادارة – الجودة التعليمية الشاملة – الطالب - الأسرة – العلاقة بين المنهج الدراسى وأحتياجات المجتمع – البيئة التعليمية الجاذبة – أخلاقيات وقيم المنظومة التعليمية – أحترام المعلم ( المأثورة اليابانية : أيها التلميذ عندما تمشى خلف معلمك ، ضع مسافة بينك وبينه حتى لاتدوس قدماك ظله ) – تواضع المعلم – العلاقة الابوية والاسرية بين المعلم والطالب – الادارة والارادة واتخاذ القرار . إن ترسيخ مفهوم العمل الجاد وأحترام الآخر يعتبر ضرورة ملزمة لجميع مكونات الأمة ، و ألا نكتفى فى بلادنا على إنجازات الأجداد أو نتوقف عند الفعل ( كان أو كانت أو كنا ) ، بل يجب أن نشارك المجتمع الكونى فى كل جديد وحديث والأهم أن يكون لنا دور فاعل وبارز فيه ، ولن يتأتى ذلك إلا بإصلاح وتطوير المنظومة والبيئة التعليمية فى مصـر.
وخلاصة القول، يمكن إيجاز الأسس والعوامل الرئيسية للمنظومة التعليمية اليابانية فى التالى:
# وجود خطط و سياسات واستراتيجية تعليمية واضحة وملزمة تتسم بالمرونة
والمسئولية المشتركة وضرورة الاستدامة للأمة اليابانية .
# روح الجماعة والعمل الجماعي والنظام والمسؤولية.
# الجد والاجتهاد أهم من الموهبة والذكاء.
# الكيفية المعرفية اهم من الكمية وتقديس الوقت والزمن .
# وضوح الفعالية والاستدامة بين محددات وعناصر البيئة التعليمية فى اليابان.
# ضرورة التدريب المتواصل والتحسين المستمر ( الكايزن اليابانى ).
والله المستعـان
020http://kenanaonline.com/drmahran2
ساحة النقاش