Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 

 

اللاوزارية ( عدم التركيز الإداري Déconcentration )

د. محمد ماهر الصواف

أدي  تمسك  الوزارات بالدول النامية بسلطة صنع واتخاذ القرارات المتعلقة بالخدمات العامة المحلية إلي إهمال العوامل والظروف والأولويات  المحلية ، والبطء فى تقديمها  نتيجة انتظار التصديق والاعتماد من السلطة المركزية الأعلى كما هو فى الشكل A، وترتب علي ذلك بدورة إلي اتساع دائرة الفساد الإداري وكثرت التعقيدات الإدارية وإفتقدت الإجراءات اللازمة لتقديم الخدمات العامة مرونتها و فعاليتها ، سواء على مستوى الأقاليم أوالمدن والقري.

 وللتخفيف  من الآثار السلبية للمركزية إلي حد ما ، اتجهت الدول الي نظام اللاوزارية ( عدم التركيز الإداري   Déconcentration   ) .  ويقصد بهذا النظام   تفويض بعض السلطات والاختصاصات الإدارية والتنفيذية من المستويات التنظيمية الأعلى إلى المستويات الأدنى . وعادة ما تكون هذه المستويات الأدنى فى الهيكل التنظيمي هى الوحدات التنظيمية الإقليمية والتي يفضل تفويضها فى اتخاذ بعض القرارات حتى لا تعطل الأعمال ، إذ أن ترك الأمر للوزارات بالعاصمة لاتخاذ القرار المناسب من السلطة العليا يستغرق وقتا طويلا ومن ثم تتعطل مصالح المواطنين وتتأخر القرارات.

 

وهكذا فإن عدم التركيز الإداري يعنى  الاعتراف لبعض القائمين على إدارة فروع الوزارات بالأقاليم والمدن بسلطة اتخاذ بعض القرارات ذات الأهمية القليلة أو المتوسطة دون الرجوع أو اللجوء إلى المستوى التنظيمي الأعلى بالعاصمة. ويلاحظ أن هذه الفروع هى كيانات تنظيمية غير مستقلة وتندمج اندماجا كليا فى البناء التنظيمي للوزارة ، وليس لها موازنة مالية مستقلة ، ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية فى مواجهة الغير، أيضا يعتبر العاملين بها مرؤوسين للمستوى التنظيمي الأعلى بالوزارة ، وتملك الوزارات في مواجهتهم  سلطة التوجيه السابق، والتعقيب الأحق وتعديل ما صدر منهم من قرارات أو إلغائها ، وهم أيضا خاضعين للرقابة الفنية والإدارية والقانونية للوحدات التنظيمية الأعلى ، بمعنى أن المستوى التنظيمي الأعلى له الحق فى متابعة كيف أداء الأعمال فنيا ويرقب مدى التزام العاملين بالفروع  بمواعيد العمل وغيرة من أعمال المتابعة الإدارية والفنية ( يوضح ذلك الشكل B ).

 

 ورغم التوجه الحالي عالميا نحو نظام اللامركزية الإدارية الإقليمية(الإدارة المحلية) والذي يهدف إلي إنشاء وحدات محلية ومجالس منتخبة لإدارتها بهدف تعميق الديمقراطية ومشاركة الشعب في إدارة شئونه المحلية إلا أن غالبية  الدول النامية  تتمسك بنظام عدم التركيز الإداري . ومن المبررات التي تقدمها الوزارات للتمسك بهذا النظام ما يلي:

 

  •     ضعف ثقافة المجتمعات المحلية
  •    تعدد الأعراق والثقافات المختلفة وإختلاف الأحكام  والفتاوي الدينية والإرهاب- يسبب الصراعات ويستلزم وجود رقابة حازمة ومباشرة ما أمكن .
  •   نقص الكفاءات والخبرات لدي العاملين بالوحدات المحلية - يستلزم مراجعة ما يصدر منهم من قرارات.
  •    وأخيرا تعتقد بعض القيادات السياسية أن الأفراد بالريف غير مؤهلين للديمقراطية بالدول النامية.
<!--[if !supportLists]-->

 

 ويرى البعض أن عدم التركيز الإداري يعد أسلوبا تنظيميا ضروري فى بعض الحالات بصفة خاصة بالنسبة للوزارات التى تقدم خدمات عامه ذات صبغة قومية مثل  الخدمات المتعلقة بالأمن العام والدفاع . أيضاً بالنسبة  للشئون المتعلقة  بالسياسة الخارجية، حيث يجب أن تكون الفروع تحت الرقابة المباشرة للسلطة العليا.

ورغم ذلك على حق يميل الغالبية من العلماء والمفكرين للرأي الذي يطالب   بالحد من الاعتماد على أسلوب عدم التركيز الإداري وإحتكار الوزارات  للسلطة  لعيوبه وسلبياته ،  وينادي بالإتجاه نحو تطبيق اللامركزية الإدارية الإقليمية ( الإدارة المحلية) وسنتناول توضيح هذا الأسلوب في مقال أخر بإذن الله.

 

 

المصدر: د. محمد ماهر الصواف : الإدارة المحلية ، مدينة الثقافة والعلوم ، 6 أكتوبر 2014

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,148

ابحث