Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

تجنيد الأطفال على يد جماعة داعش الإرهابية

ندى محمد إبراهيم الخولى

 

تعتبر قضية تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة ظاهرة قديمة تضرب بجذورها في التاريخ العنفي ، إلا أن توثيق هذه الصور من قبل الموجة الجديدة للإرهاب أعاد فتح القضية ، فانتقلت الظاهرة من نطاق حقوق الطفل الذي كان جدلا محصورا بين اهتمامات المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية ، إلى ظاهرة عامة تطرحها وسائل الإعلام بقوة .

ومع ظهور الجماعات الإرهابية "داعش " في 2014م ، انتقل ملف تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة والعنف الفكري والعملي من كونه ظاهرة عنيفة تحاول التنظيمات نفيها أو تكذيبها إلى ظاهرة تتسابق التنظيمات المسلحة في تبنيها ، وهذا ما يحدث الآن مع داعش في الضفة السنية للإرهاب ومع أنصار الحوثيين في واحدة من تحولات الإسلام السياسي الشيعىي

"أشبال العزّ " اللقب الذي أطلقته جماعة داعش على معسكرات التدريب والقتال الخاصة بالأطفال المجندين ، وتتحدث تقارير تابعة لمؤسسات دولية عن انتماء المئات من الأطفال إلى هذا المعسكر الذي يقع في غرب الرقة ، وتحديدا في مدينة الطبقة بسوريا التي تقع تحت سيطرة داعش ، وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال بين ال7 وال14 . وبعد أن يتخرج الأطفال في هذه المعسكرات ، يتم تشكيلهم عسكريا من جديد لينضموا في مجموعات قتالية ، وغالبا ما يتم تجنيدهم كعناصر انتحارية أو جواسيس ، بسبب قدرتهم على التنقل والتخفي ومعرفة الطرق على الأرض .

وهناك معسكرات أخرى خاصة بتدريب الأطفال ، كان آخرها ما كشفه تقرير لصحافي أمريكى نشر في واشنطن بوست عن معسكرات تقيمها داعش ، يظهر فيها الأطفال الصغار وهم يطلقون النار على أهداف وهم يسيرون تحت راية سوداء ، وهي راية تنظيم ما يُسمى داعش ، ويُطلق عليهم أشبال الزرقاوي ، كما أن الأخبار التي تواترت عن إنشاء لواء باسم طيور الجنة ، وهو الاسم ذاته لمجموعة إنشادية إسلامية خاصة بالأطفال ، في محاولة للمزايدة على شرعنة هذا الاستغلال السن للأطفال الأبرياء .

يعتمد تنظيم الإرهابي على تطبيقات الألعاب المنتشرة على الهواتف الذكية في تجنيد الأطفال ، حيث يستغل هوس الأطفال بألعاب القتال والحروب ليبدأوا في نصب شباكهم والتواصل مع الأطفال عبر الدردشة الموجودة داخل بعض التطبيقات أو الرسائل الصوتية لتشجيعهم على القتال ، وتوجيهم بعد ذلك لتطبيق ما يحدث داخل هذه الألعاب وما يرونه من مشاهد مثيرة وعنيفة على أرض الواقع ، بالإضافة إلى استغلال جهل الآباء بالفئة العمرية المخصصة لكل لعبة ، ليقوم التنظيم ببث العنف في عقول الأطفال وتحبيبهم في القتال وعالم الحروب الذي يثير فضولهم ويتمنون تطبيقه .

وقد استطاع تنظيم داعش تجنيد آلاف المراهقين في البلاد الغربية من الذين يفتقدون الهوية ولا يستطيعون تحديد هدفهم في الحياة ؛ من خلال تزييف الحقائق التاريخية لأجل إقناعه برفعة مقصد التنظيم وصحة توجهه . كما القائمون على هذا التنظيم يتمتعون بالقدرة على تحديد الأهداف ودراستها والعمل على تحقيقها بشكل دقيق ومنظم . ويكثف التنظيم جهوده لترسيخ فكرة ضم الأطفال إلى صفوف مقاتليه ، يقول الخبراء إن الجماعة الإرهابية هذه تتواصل بشكل متزايد على الانترنت مستهدفة الأطفال وخاصة الشابات . وتصرح المديرة التنفيذية لمعهد الحوار الاستراتيجي " ماشاها فليتشك " أن الشابات من مختلف الدول الغربية يهاجرون إلى سوريا للتعبير عن دعمهن وتضيف إن هذه الأعداد تتزايد نتيجة الأساليب الدعائية المتطورة للتجنيد التي يستخدمها التنظيم لاستهداف الشابات بشكل خاص . كما أن الفتيات المفقودات كن على اتصال مع مدونة لداعش يُعتقد أنها مجندة شابات من بريطانيا . وسواء كانوا من الغرب أو بلد أخرى مثل سوريا أو العراق ، فالشابات هم الأكثر عرضة لرسالة الجماعة الإرهابية والوعود الكاذبة بأن داعش يحاول تقديم يد المساعدة لهم .

وقد أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسيف " 12 فبراير 2015م أن تنظيم" داعش " والجماعات المسلحة في سوريا والعراق تعمل على تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة .

فالحالة السورية أعادت فتح ملف استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة ، التي تمت من جميع الأطراف النظام والمعارضة المسلحة والمجموعات القتالية التي تكونت في سياق الأزمة السورية في الداخل السوري . ففي سوريا أكثر من 1390 مدرسة قد دُمرت في النزاع السوري منذ بدايات الثورة ، فضلا عن أن ما يقارب 5000 مدرسة أقفلت أبوابها ، وخصص منها 700 لإيواء النازحين ، وتشير التقارير إلى أن ما يزيد عن 52% من الأطفال عمر 6 و12 سنة لا يلتحقون بالتعليم الابتدائي ، وهو ما ينذر بكارثة كبري في السنوات المقبلة على مستوي الأمية ، وبالتالي سهولة التجنيد .

فهناك أكثر من 12 ألف مدرسة تابعة لتنظيمات القاعدة و "داعش " بمختلف فروعها في سوريا ، وهو ما يعنى أن الأجيال الجديدة من الأطفال الأطفال السوريين يعيشون حالة مسخ للهويّة وغسل للدماغ بأفكار عنيفة ستجعلنا أمام المئات والآلاف من أنصار التكفير والتفجير.

الأمر لا يقتصر على المجموعات الجهادية بل يتجاوزها إلى النظام السوري، حيث يقاتل عدد من الأطفال السوريين إلى جانب النظام ضمن ميليشيات الدفاع الوطني، ويتم تكليفهم بالمهام البسيطة، مثل نقاط التفتيش أو ما يعرف بالحواجز.

أما كتائب المعارضة فهي الأخرى منخرطة بتجنيد الأطفال وقتالهم في صفوفها.

وفي تقرير نشر للأمم المتحدة تبين أن هناك انتهاكات حقوقية واسعة ارتكبها تنظيم داعش المتطرف في العراق ، منها تجنيد التنظيم لنحو 3500 شخص واستعبادهم ،وأضاف التقرير أن مابين 800 إلى 900 طفل خطفوا من الموصل ثاني أكبر مدن العراق ، لتدريبهم دينيا وعسكريا ، وأن التنظيم المتطرف قتل عددا من الجنود الأطفال التابعين له عندما حاولوا الفرار من القتال في محافظة الأنبار . ومن السباب التي تحمل الأطفال ينخرطون في استخدام السلاح والعنف وتشجيع تجنيد الأطفال : أسباب ثقافية ؛  تتمثل في معايير القيم التي تؤكد على أن حمل السلاح هو علامة الرجولة قد يثير الأطفال أو يدفعهم للانضمام للمقاتلين . وبعض الأطفال قد يتجنّدون بنتيجة الضغط الاجتماعي الذي يمارس عليه .

وهناك أسباب متعلقة بالحماية مثل أن يكونوا وسيلة ليحموا أنفسهم وعائلاتهم من الانتهاكات . وقد يشكل الثأر أو الانتقام حافزا . بالإضافة إلى الأسباب الأيديولوجية كالحرب المقدسة التي تتمثل في الحروب الدينية أو العقائدية ، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية كوسيلة للبقاء أو تحسين الحالة الاجتماعية .

أما المغزى الأول من تجنيد الأطفال هو تحويلهم إلى وقود للعمليات الانتحارية ، لأسباب كثيرة تعود إلى سهولة تجنيد الأطفال وتحويلهم إلى كوادر يمكن الوثوق بها، إضافة إلى أن فشل معدلات الاستقطاب منذ بدايات الحرب على الإرهاب أسهم في البحث عن فئات جديدة للاستفادة منها ، على رأسها الأطفال والنساء .

 

وعلى صعيد الآخر تسعى داعش إلى الاستفادة من فئة الأطفال ، فأجر ومصاريف الشباب الصغار أقل بكثير من الأكبر سناً ، كما أن انضباطهم وحماستهم يمكن استغلالها في إقناعهم بالعمليات الانتحارية التي عادة ما يجد قادة التنظيم صعوبة في إيجاد أجساد مفخخة تم التأثير على عقولها .

المصدر: موقع أوريبنت نت ، " كيف يتم تجنيد أطفال في داعش ، 25 يوليو 2015 ، على الرابط التالي : http://www.orient-news-net/ar/news-show/89302 زينب السنوسي ، " التنظيمات الإرهابية تجند الأطفال عبر الانترنت " ، 15 يناير 2017 ، علي الرابط التالي : http://akhbarelyom.com/news/620976/15-1-2017/ موقع الشرق الأوسط ، " الأطفال الجهاديين " ، 25 فبراير 2015 م ، على الرابط التالي : http://arabic.com/mddleest/2015/02/25/me-25015-michael-holmes-isis-kids-propaganda محمد قاياتي ، "داعش وأهداف تجنيد الأطفال " ، شبكة الأخبار العربية ، على الرابط التالي : http://www.anntv.tv/news/showsabject.aspx?id=10359#VyTPo0x971v راجع مركز أنباء الأمم المتحدة ، "انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وقتل المدنيين بلا هوادة في العراق ، على الرابط التالي : http://http://www.un.org/arabic/news/story.asp?NewsID=24025 وليد عبد الرحمن ، " تفخيخ الأطفال " جريدة الشرق الأوسط ، العدد 13789 ، 29 أغسطس 2016 ، على الرابط التالي : http://aawsat.com/home/article/725306/ جريدة العالم العراقية ، " الأطفال ضحايا عنف المسلحين " ، العدد 1478 ، 28 إبريل 2015 ، على الرابط التالي : http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=18795

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,383

ابحث