الدروس المستفادة من إنتحار الأطفال نتيجة الإغتصاب فى المغرب
د. هويدا أبو الغيط
فجرت قضية الفتاه المغربية خديجة السويدى الجدل حول بطء إجراءات محاكمة مرتكبى جرائم الإغتصاب فقد كانت الفتاة القاصر خديجة السويدى وعمرها 16 عاما تشتغل بإحدى المقاهى، وتسكن فى غرفة بمفردها، استأجرتها هربا من العار، بعدما تعرضت للاغتصاب بشكل جماعى بمدينة بن كرير، من طرف ثمان أشخاص، وهددوها بالتشهير بسمعتها ونشروا مقاطع فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعى، التقطوها أثناء اغتصابهم لها، وهو السبب الأساسى الذى دفع بخديجة السويدى للإنتحار بحرق نفسها، لتفارق الحياة الأسبوع الماضى،
وحسب مصادر حقوقية أفادت أن الشرطة المغربية استطاعت التعرف على مرتكبى هذه الجريمة وتم إعتقال سبعة من المغتصبين وعثرت على الأدلة التى تفيد قيامهم بالفعل بابتزاز الضحية بفيديوهات صورت أثناء اغتصابها، بينما هرب الثامن ولم يقبض عليه إلّا بعد شهرين أو ثلاثة من الواقعة، وقد جرى تقديمهم إلى النيابة العامة من أجل التحقيق معهم، لكن تم الإفراج عنهم مؤقتا قبل تقديمهم إلى المحاكمة.
هذا وقد شهدت الفترة الأخيرة فى المغرب تزايد عدد الأفراد الذين يلجئون إلى الإنتحار بحرق النفس كوسيلة للاحتجاج ، بهدف شد انتباه الرأى العام، وتتعدد أسباب هذا السلوك الانتحارى وغالبا ما تتداخل الأسباب فقد ترجع إلي أسباب نفسية وإجتماعية، وكذلك الاقتصادية . كما أنه في الآونة الأخيرة ظهر صنف آخر من دوافع هذا السلوك يتمثل في استغلال النفوذ والشطط فى التعامل مع القضاء، الأمر الذى يولد احتقانا داخليا لدى الفرد الذى قد يضرم النار فى جسده.
ويقول احد الكتاب في المغرب ممن تابعوا ملف خديجة السويدي، في لقاء معDWعربية: "حرق الذات كوسيلة احتجاجية ينبع من الإحساس بامتهان الكرامة الانسانية والتهميش، وعدم القدرة على توفير أبسط مستلزمات العيش الكريم . ويقوي هذا الإحساس الشطط فى استعمال السلطة. إضافة إلى الإحساس بالظلم الاجتماعى، وعدم إهتمام الدولة بمطالب محدودي الدخل.
كما أعرب كاتب آخر عن أسفه لما لحق بخديجة ملاحظا أن "ما وقع لخديجة السويدي الفتاة القاصر، هو محصلة لإنكار العدالة واستمرار عدم المتابعة العقابية لجرائم الاغتصاب". وبالإشارة إلى أن اليتيمة خديجة غادرت منزل أمها في سن الرابعة عشرة من العمر كى تعيل أسرتها، وأن ذلك " دليل قاطع على انتهاك حقوق الطفل، وغياب سياسة فعالة لحماية حقوق الطفل والحماية من الاستغلال الاقتصادي والجنسي"
ويعتقد البعض أن "انتشار ظاهرة العنف الجنسي ضد الأطفال، هي نتيجة انتشار ثقافة الانغلاق والتربية التقليدية ، والقهر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي، وغياب التربية الجنسية و إنكار التربية على حقوق الإنسان على وسائل الإعلام العمومية. ناهيك عن شيوع الافلات من العقاب عند حدوث مثل هذه الانتهاكات، إضافة إلى تستر عائلات الضحايا والمجتمع على هذه الجرائم خاصة المقترفة في الوسط العائلي.". كما أطلعت والدة الضحية DWعربية في اتصال هاتفي، على السبب الرئيسي خلف انتحار ابنتها، وقالت أن الضحية دخلت دوامة العذاب النفسي الشديد، مباشرة بعد إطلاق سراح هؤلاء الذين ابتزوها وهددوها بتشويه سمعتها في حال رفضها التنازل على القضية وعدم تسليم مبالغ مالية.
ومن هنا يثير هذا الحادث موضوعات هامة يجب علينا طرحها للنقاش العام وهي : عمالة الأطفال بصفة خاصة الفتيات القصر للحد من فرص الاستغلال الاقتصادي والجنسي لهم ، وإجراءات محاكمة مرتكبي جرائم الإغتصاب وكيف تكون العقوبات رادعة ، أيضا الإهتمام بإخضاع الفتيات التي تم إغتصابهم للعلاج النفسي .