وفاة زويل .. وإعادة إحياء دور القدوة بالمجتمع
بقلم دكتور محمود وهيب السيد
شيعت مصر يوم الاحد الماضى ، فى جنازة عسكرية مهيبة شارك فيها الرئيس السيسى بنفسه ، جثمان العالم المصرى الحاصل على جائزة نوبل فى العلوم ، ابن البحيرة الدكتور أحمد زويل ، وقد حفلت جميع الصحف وشاشات التليفزيون بعرض إنجازاته وإسهاماته العلمية وإحصاء عدد ما حصل عليه من شهادات ودرجات علمية سواء أكاديميه وشرفيه ، لقد خسرت مصر والعالم كثيرا بفقد احمد زويل ، قامة علمية عالميه لا تتكرر فى التاريخ كثير .
والحق لقد نجحت مصر فى إخراج مراسم تشييع الجثمان على هذه الصورة اللائقه لمكانته العلمية والعالمية ، وكذلك لتعويض نقص نحن أحوج ما نكون فى هذه الأيام بالذات فى إعادة خلقه من جديد ، وهو دور القدوه الصالحة فى المجتمع ، القدوة التى يحتذى بها شبابنا فى شتى وكافة مجالات العلم والمعرفة ، وايضا جميع انشطة المجتمع التى تعود عليه بالنفع وتسهم فى الإرتقاء به ورفع شأن الوطن عاليا والإسهام فى إحداث التنمية الشامله ، فبدون القدوة التى يحتذى بها فى أى مجتمع فقد شبابه البوصله التى ترشده وتحفزه لطريق النجاح والتفوق فى مجال عمله ، بل إن غياب القدوة يجعل الشباب ضائعا ضالا للطريق فيصبح فريسة سهلة للوقوع فى الطريق الخطا ، او على الأقل الإقتداء بالنماذج السيئه ومحاولة التشبه بها .
ونحن الان .. وطوال الثلاثون سنه السابقة .. نعيش للأسف تلك المرحلة التى لم يجد فيها شبابنا قدوة له غير لاعبى الكرة والممثلين ، ومعظمهم لم يحقق أى تميز أو نبوغ فى مهنته ، أو حاول البعض ان يأخذ من الفتوة أو البلطحى التى حفلت بهم المسلسلات التليفزيونيه والأفلام ،وجسدها فيها ممثل شاب ظهر حديثا ، قدوة يسير على طريقها ويحتذى بها ، فإنتشرت أعمال العنف فى المجتمع ، وتصاحب معها بالطبع خروج على القانون من القائم عليها ، وأيضا سقوط بعض من شبابنا فى طريق المخدرات والكيف التى هى من علامات هذا النموذج لما يعطيه لهم من وهم وإحساس زائفين بالقوة والشجاعه.
من طرق صنع اى امه نهضتها وجود القدوة ، فإن لم تتواجد قامت بخلقها حتى ولو كانت غير حقيقية ، بالمبالغة فى الإشاده والنشر الواسع لأى عمل متميز قام به البعض ، حتى وإن كان لا يستدعى كل هذا الزحم الإعلامى المبالغ فيه ، هكذا فعلت امريكا حين خلقت نموذج رجل الاعمال أو البطل السوبرمان الأمريكى فى أفلام الحرب العالمية الثانية التى إنفردت هى بها وفى أفلام وروايات الخيال العلمى ، والإكثار من المهرجانات التى يتم فيها الإحتفاء بالمتميزين وجعل صورهم تتصدر اغلفه المجلات والصحف المشهورة والواسعة الإنتشار .
أما نحن فى مصر ، سنوات حكم الأسرة المباركية ، فقد أنتهى دور القدوة الصالحة فى المجتمع ، بل قل حدث تعمد فى إنهائه وإطفاء النور عن الصالح منها أو تشويهها او تشويه صاحبها لغرض ما فى نفس يعقوب ، فى المقابل حدث صعود لبعض النماذج عديمة القيمه والتميز لتكون قودة لشبابنا فى حياته ، نحن احوج ما نكون الان ونحن نضع أقدامنا على أولى عتبات إعادة بعث نهضتنا وحضارتنا من جديد للقدوة التى يحتذى بها فى جميع المجالات ، العلمية والصناعية والإجتماعية وبقية أنشطة المجتمع المختلفة ، لذا .. فقط أحسنت الدولة حين أخرجت مراسم تشييع جثمان الفقيد على هذه الصورة ، فالرجل يستحق ذلك كما أن مصر فى حاجة ماسة إليها أيضا .