الإنصات وتنمية الذات لدى الأبناء
الدكتور ماهر الصواف
تعد تنمية شخصية الأبناء أمراً صعباً نظراً لتعدد العوامل المؤثرة فى تكوين شخصية الإنسان بصفة عامة، فضلاً عن ذلك يعد عملية بطئية وتحتاج لخبرة ومعرفة أولية لمؤثرات السلوك، كما ان الحالة النفسية للطفل ودرجة إشباع إحتياجاته الأساسية مثل الغذاء الصحى السليم، وما يحتاجة من حب وحنان قد تلعب دوراً هاماً فى مدى إمكانية تنمية ذاته.
ولا حاجة للقول أن كل منا يأمل ويحلم بالتأكيد أن يكون أطفالنا أذكياء، واثقين من أنفسهم، حكماء وقادرين عن التعبير عن أفكارهم وآرائهم والدفاع عنها بكل ثقة .
وفى تقديرى أن الإنصات الجيد للطفل يعد عاملاً أساسياً فى تنمية شخصيته وإحساسه بالثقة فى النفس والسعى للتعبير عن ذاته وقدراته .. ولعلنا نلاحظ سلوك الأطفال فى السعى لإشباع حاجتهم والإعتراف بوجودهم وبقدرتهم العقلية ونجدهم يقومون بأداء بعض الأفعال للفت الإنتباه إليهم، وإذا ما وجدوا تجاهلاً لما يرددنه من أقوال أو ما يقومون به من أفعال قد يلجئون لإستخدام أساليب متعددة مثل.. البكاء أو إثارة نوع من الشغب حتى يجدوا الإهتمام بهم.
إن كل إنسان وليس الطفل فقط يسعى لإشباع الرغبة إلى إثبات الذات والتميز، وإشباع هذه الحاجة هى الشحنه الدافعة نحو الرغبة للتفكير المفيد والإستجابة لما يسمعه من توجيهات وإرشادات.. ولا شك أن الإنصات الجيد للطفل يعبر عن تقبل الآخرين له ولشخصيته واحترام إنسانيتة، وذلك يدفعه ويشجعة على تقديم الأفضل من حيث الأفكار والتعبير وكلما ذات الإهتمام بما يقوله إرتفع مستوى الثقه فى نفسه والشعوره بالسعادة.
ولكن كيف نجيد الإنصات لأطفالنا ؟
عادة ونحن نسير في الشوارع أو نجلس فى المواصلات العامة نسمع الناس يتحدثون ولكن هذه الأحاديث لا تثير إهتمامنا إلا إذا كانت تتناول أمور تهمنا بصفة شخصية أو تتعلق بمعلومات نرغب في التعرف عليها . لذا يميز العلماء بين الإستماع Hear والإنصات Listen فالأول يرتبط بحاسة السمع وكثيرا ما نسمع دون تركيز فيما يقال، أما الإنصات فهو سلوك إرادى ورغبة داخلية نابعة من المستمع في التعرف علي ما يرغب المتحدث أن يبلغة وينقله من معلومات أو أفكار أو إحتياجات أو غير ذلك من أمور . وبعبارة أخرى فإن الإنصات يظهر إهتمام المستمع وشغفه فى التعرف علي ما يدور في ذهن المتحدث وإنطلاقاً من قناعته بشخصية المتحدث وسلامة أفكارة وأن ما سيدلى به من أقوال هى حتما أفكار جيدة ومفيدة وأنها ذات أهمية للمستمع لذا نستطيع القول أن الإنصات لا يعنى الاستماع فقط إنما يجب أن يعمل المستمع على تركيز إهتمامه نحو المتحدث ومتابعة ما يقوله والتعرف على أفكاره وآراءه.
والإنصات الجيد يسلتزم منا أن نفكر فيما نسمع ، ونبذل الجهد فى تلخيص ما نسمعه، ونستنتج ونتوقع ما سيتبع ذلك القول من أقوال أخرى. وإذا كان المتحدث هو الإبن أو الإبنه فعلينا أيضاً تشجيعهما على إستكمال الحديث وإظهار الإهتمام بالحديث من خلال طرح التساؤلات وإظهار الإستحسان والإعجاب شريطة عدم المبالغة. ونؤكد هنا أن إتقان الإنصات وممارسته بطريق ناجحة يولد بلا شك الثقة بالنفس لدى الأطفال ويشجعهم على المبادأة وطرح الأفكار المفيدة وتنمية الذات.