علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

authentication required

مقدمة

 

أما بعد فنحن فى شهر رجب وهو من الأشهر الحرم ويستحب الإكثار من الصيام فى الأشهر الحرم

وفى شهر رجب حدثت معجزة الإسراء والمعراج

بعد 10 سنين من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

كانت قد تكالبت عليه الشدائد والمحن من كل جانب فقد اشتد التعذيب والإيذاء والتنكيل والتشريد بأصحابه الكرام وهو لايملك لهم شيئا ينقذهم مما هم فيه من العذاب

كان سنده الذى يسانده فى ذلك كله بماله ونفسه ماديا ومعنويا هى خديجة رضى الله عنها لكنها فى هذا العام قد تُوفيت

وكان دِرعه هو عمه أبو طالب رضى الله عنه ولكنه قد توفى أيضا وتركه صلى الله عليه وسلم

فضاقت حتى استحكمت حلقاتها عليه صلى الله عليه وسلم

هنا أراد الله تعالى أن يهيىء لنبيه أمرا يخرجه من هذا الضيق المُحكم ويمده بمدد من عنده ليستكمل طريقه فى أداء الرسالة والأمانة فماذا حدث؟

هل أهلك الله قريش بمن فيها؟

هل أسلمت قريش؟

هل أذن له بالهجرة؟

كلا..........

إن سُنن الله تعالى تمضي وليس فيما قدره بعلمه وحكمته  أن شيئا من ذلك يحدث أو قد حان وقته

أراد الله تعالى أن يأخذ نبيه خارج حدود الدنيا كلها

فأرسل إليه البراق ليحمله مُكرَّما من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى

وهناك لقى إخوانه الأنبياء جميعًا

لقيهم وجهًا لوجه، وقلبًا لقلب، وروحًا لروح بعد أن كان يقرأ عنهم فى القرآن رآهم رأى العين ليتحقق له عين اليقين

لقى الذين كُذبوا من قبله وأُوذوا فى سبيل الله  (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ)

ثم إنه صلى بهم إماما صلى الله عليه وسلم

ثم عُرج صلى الله عليه وسلم أى صعد إلى السموات العُلى وكلما صعد سماءً فُتحت له أبوابها ورَحب به ملائكتها.

نَبذه أراذل أهل الأرض؛ فاحتفت بها ملائكة السماء.

ورأى صلى الله عليه وسلم مكانته ومنزلته وتكريمه .

وبينما هو فى هذا المقام الأعلى وفى هذا القرب والتكريم والعلو أوحى إليه ربه سبحانه وفرض عليه الصلاة تكريما وتشريفا وصلة دائمة له بربه العلى الكبير وكذلك لِأمَّته

ولما رجع بهذا التكليف راجعه موسى عليه السلام وهو الذى عانى من أمته ماعانى وهو خبير بما يشق على الأمم وما يخف فدعاه إلى أن يرجع إلى ربه ليسأله التخفيف فيرجع والله تعالى يستجيب له مرة بعد مرة تكريما وتشريفا

إن الله تعالى لايريد له ولا لآمته العسر ولا المشقة ولاهذا هو مقصود شرعه وإنما (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وإنما مايحدث من أحداث فى الدنيا فهذه سنن الله التى لاتتبدل وطبيعة الحياة الدنيا التى أرادها الله أن تكون هكذا والله تعالى يمده بمدد يقويه على هذه الأحداث الجسام

وإنه لمن التشريف والتكريم أن يستعمله الله تعالى فى أنفاذ قدره وتبليغ رسالته

ولقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى فازاداد إيمانا ويقينا رأى الجنة والنار وسمع دف نعلي بلال الذى كان يعذب فى مكة ولايملك له شيئاسمعها فى الجنة

فلما رجع النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة ماذا وجد من أهل مكة ؟

هل وجدهم قد أسلموا؟

هل وجدهم قد أهلكوا؟

هل صدقوه؟

كلا

وإنما وجد منهم تكذيبا أشد واستهزاء أكثر سفالة وانحطاطا

وهل عافاه الله وخفَّف عنه تكليف البلاغ؟ كلا بل كلفه بإبلاغهم بماحدث فلما أخبرهم أخذ بعضهم يصفق ويصفر استهزاء

استهزاء بمن؟

بالنبي العائد من لقاء ربه فى السماء..  بالنبي الكريم المُكَّرم الذى شهد ملائكة السموات ورأى رأى العين ما فى هذه السموات من جنة ونار وغيرها

إنه طور جديد من أطوار الدعوة طور أشد تكليفا لكن النبى صلى اله عليه وسلم كان هذه المرة قد ازداد يقينا فوق يقين ولقى من ربه التكريم الذى أقر عينه

فلما أخبرهم فكذبوه وصف لهم قافلةً لهم ضلت طريقها لقد رآها رأى العين

ولما تحدوه أن يصف لهم المسجد الأقصى  وصفه لهم فقد جلاه له ربه ورفعه أمام عينيه فوصفه لهم كماهو وصف الموقن عين اليقين

لقد قوَّى الله ظهره، بتقوية يقينه، ولم يخفف حِمله وتكاليفه فمازال أمام الدعوة بعد مشوار طويل

إذًا أيها الإخوة

إن رسالة الإسراء والمعراج لكل صاحب رسالة ولكل من تكالبت عليه الهموم والأثقال وألأحمال خصوصا من كانت أحماله وأماناته تتعلق بالدعوة الى الله وكل مؤمن موحد هو فى الحقيقة من أتباع النبى صلى الله عليه وسلم فهو صاحب رسالة وهو مكلف بالدعوة ألم يقل الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم )( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي

كما أن طبيعة الحياة تجعل من هذه المصائب والمحن والفتن والامتحانات أمرا طبيعيا  لقد خلقنا الإنسان فى كبد )وإلا ماكانت الآخرة لها قيمة عن الدنيا

إنه اليقين الذى استمده النبى صلى الله عليه وسلم من الإسراء والمعراج

واليقين الذى لاغنى عنه لكل مؤمن مُوحِّد

يقين فى معية الله تعالى له

يقن فى أن مع العسر يسرا

يقين فى الجزاء والإكرام من الله تعالى

يقين فى لقاء الله تعالى والوقوف بين يديه

لكن إذا كان النبى صلى الله عليه وسلم قد تحصل على هذا اليقين من الإسراء والمعراج فهل يمكن للداعية أن يسرى او يعرج ليتحصل على هذا اليقين؟

أم من أين يمكنه أن يتحصل عليه؟

هذا ماسنعرفه فى الخطبة الثانية

الخطبة الثانية

من أين يزداد المؤمن إيمانا ويقينا؟

قلنا أن النبى صلى الله عيه وسلم عاد من الإسراء والمعراج بتشريع الصلاة

وفى سورة الإسراء قال تعالى   )وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا (

إذًا تكلمت سورة الإسراء عن الفتنة والثبات الثبات على الدين

وهو أغلى ما يحرص عليه المؤمن فى أى شدة أو مصيبة أو فتنة إنه دينه لحمه ودمه بل أغلى من لحمه ودمه إنه حريص على أن يستمسك بإيمانه وأن يثبت عليه فلا يهتز

ثم بدأت الآيات تتوالى لتوصى النبى وتوجهه وكذا توجه أتباعه فتتحدث عن أسباب الثبات على الدين فبدأت أيضا بالصلاة

(أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل)

الصلاة هى معراج الروح الى السموات والى لقاء الله تعالى

الصلاة أيها الإخوة أعظم سبب للثبات على الدين والخروج من القتنة ونزول الفرج من عند الله

يقول الأنسان أنا مختنق أنا مضطرب وفى كرب شديد وحيرة

الصلاة يا أخى..  قم فصلِّ لله تعالى

لذا كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة) وكان يقول (وجُعلت قرة عيني فى الصلاة) ويقول لبلال رضى الله عنه (أرِحنا بها يابلال)

الصلاة التى فرطنا فيها فابتعدنا عن الله فلم نتحمل أى ضغط من ضغوط الحياة

وخاصة صلاة الفجر (إن قرآن الفجر كان مشهودا) أى إن صلاة الفجر تشهدها الملائكة

الصلاة

ومنها صلاة الجمعة تجلس الملائكة على أبواب المساجد تكتب الأول فالأول ثم إذا قام الإمام على المنبر أى فى الوقت الذى ننتظره نحن فى البيوت حتى ننزل للمسجد ونقول سأسمع ألأذان وعندها أنزل للمسجد عندها تطوى الملائكة الصحف ثم تجلس تسمع الذكروانظر يوم تقرأ فى كتابك يوم القيامة كل جمعة صليتها ومتى جئت الى المسجد فى الأول أو الثانى أو الأخير أو اسمك غير موجود؟

(ومن الليل فتهجد به نافلة لك) صلاة الليل التى لاغنى عنه لكل صاحب رسالة (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) والمقام المحمود الذى سيقفه النبى صلى الله عليه وسلم هو مقام الشفاعة فبعد أن قام فى الدنيا يبلغ عن الله ويدعو إليه فيذمه سفهاء الناس ويؤذونه يقف صلى الله عليه وسلم هذا المقام الذى يهرع الناس إليه ويستشفعونه بعد أن ذهبوا لكل نبى قبله فيقول لست لها لست لها حتى إذا أتوا محمدا صلى الله عليه قال أنا لها فيسجد طويلا فيفتح الله عليه من المحامد مايحمد به ربه فيقول الله تعالى له: إرفع رأسك يامحمد، واشفع تشفع وسل تعطه فيشفع فى الناس  جزاء وفاقا على وقوفك فى مقام ذمك الناس عليه

إنها رسالة الإسراء والمعراج لكل من قام لله ووقف وقفة لوجه الله فذمه من ذمه عليها وسخر منه من سخر ولقى بسببها مالقى

رسالة بأن الله تعالى مدخر لك مقاما تقف فيه محمودا من الله ومن المؤمنين جميعا

(وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق)

 الدعاء ثم الصدق مع الله

يظل العبد الموحد فى حيرة وتخبط واختناق فماذا يفعل؟ يذهب الى المقهى!

أو يخرج ليتسلى ياللعجب ! ثم يعود وينسى الدعاء

الدعاء فأنت مؤمن

الدعاء فلك رب يفرح بدعائك ويستجيب دعاءك:

وكَم للهِ من لُطفٍ خفي     يَدِقُّ خفاه عن فَهمِ الذكي

وكم عُسرٍ أتى من بعد يسرٍ    ففَرَّج كُربة القلب الشجي

وكم أمرٍ تُساء به صباحا       فتأتيك المَسرة فى العشي

إذا ضاقتْ بك الأحوال يومًا     فثِق بالله الواحد العليِّ

(وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان هوقا )

 إنه اليقن والثقة فى أن الباطل زاهق مهما انتفش

 لماذا؟

 لأن هذه طبيعته..  لأنه يحمل أسباب  بطلانه فى داخله

(وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين)القرآن القرآن شفاء لما نشكو منه يقول أحدنا انا تعبان حيران صدرى ضيق و..و. .

وشفاؤه أن يخلو بنفسه يمسك مصحفه يقرأ كتاب ربه ورسالته إليه

أحيانا يكون الحل قريبا لكن غفلة القلب تجعله لايبصره ويأتى القرآن ليُصفى الروح والعقل فيبصر الإنسان الحل أو يرى أنه قادر على تحمل هذا الأمر لكن  قلبه لايتغذى الغذاء الذى يجعله يتحمل

(وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا )هذه طبيعة الانسان بغفلته فعليه أن يقاوم اليأس .. فاليأس ليس من الإيمان

بذلك أيها الإخوة يقوي الانسان يقينه فيقوى ظهره على تحمل طبيعة الحياة وهمومها ومشكلاتها وضغوطها يتحمل تكاليف الرسالة ولأمانة

اللهم اقسم لنا من اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا

 

دعاء   

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 314 مشاهدة

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

347,228