سؤال يبدو غريبا ً.. بل ربما لن يقرأ كثير من الآباء هذا المقال بمجرد قراءة العنوان!!!
لماذا؟!
أولا لأن الإجابة عليه بدهية ولا جديد فيها يُذكر.. هكذا يتوقع بعضنا!!
وكثير من أمورنا بدهية ولا جديد فيها مادمنا لم نقف معها وقفة تأمل وبحث وتقليب في جوانبها؛ ولكننا نفاجأ بالجديد المذهل عندما نصبر أنفسنا قليلا ونقرأ أو عندما تفرض علينا الأقدار أن نقلب في جنبات الأمور.
ثانيا لأن أمور التربية ـ عند كثير منا ـ غير جديرة بالاهتمام فهي ليست قضايا عاجلة، ولا أحداث خطيرة ،ولا من قضايا السياسة المثيرة
ولكننا بالتأكيد نضطر للاهتمام عندما نبحث متحيرين عن مخرج عاجل من أزمة عنيفة أوحل سريع لمشكلة عويصة! ولكن يومئذ ربما يقال لنا بكل أسف: لقد فات الأوان وليس في التربية حلول عاجلة.
إن أحدا ً منا ربما لا يتوقع أبدا بل يستحيل أن تكون نيته في تربية أبنائه سببا رئيسيا وربما وحيدا في فشله أو متاعبه في التربية!!
كيف ذلك ؟!
وهل يحتاج هذا الأمر إلى موعظة وتذكرة وهو أكثر الموضوعات التى يعيد فيها الوعاظ ويزيدون ؟
وهل لدى الوعاظ غير هذا الموضوع الممل ؟
تعالوا بنا نذكر أنفسنا بالنية الصالحة في تربية أبنائنا.. ثم ليراجع كل منا نفسه بكل صدق وتجرد ودقة سائلا نفسه هذا السؤال:
لماذا أربى أبنائي؟
وسيهتم كل منا بالبحث عن الإجابة الصادقة لأن هذا السؤال هو ذات السؤال الذي سيوجه إليه ويحاسب عليه بين يدي الرقيب الحسيب سبحانه.
وسيهتم كذلك لأن الإجابة الصادقة ستفتح له أبوابا مغلقة إلى خروج من دائرة فشل أو تقوده للدخول إلى سلم تطوير جديد في تربية من يربيهم.
ما هي النوايا السليمة التي تملأ قلوبنا وتحركها أو تُسكنها ونحن نربى أبناءنا؟
أو ببساطة أكثر : لماذا نربى أبناءنا؟
هيا نتذكر
أولا ً:- لأن التربية حق الله تعالى فهو الذي أمر بها:-
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" التحريم
قال على رضي الله عنه: أي علموهم وأدبوهم.
ويُفصل الإمام قتادة أكثر فيقول: "تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله،وأن تقوم عليهم بأمر الله ،وتأمرهم به، وتساعدهم عليه فإذا رأيتهم على معصية ردعتهم عنها، وزجرتهم عنها.
وينص الضحاك ومقاتل على أنها حق فيقولان : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه
أما الأستاذ سيد قطب فيقول:إن المؤمن مكلف بهداية أهله, وإصلاح بيته, كما هو مكلف بهداية نفسه وإصلاح قلبه.. ويقول عن القرآن إنه: "يحمل المؤمنين تبعة أهليهم كما يحملهم تبعة أنفسهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) التحريم.
إن تبعة المؤمن في نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة . فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله, وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظر هناك".
فالتربية حق الله تعالى فالله تعالى هو الذي سيسأل عنها ويحاسب عليها (وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً) الأحزاب.. فهي أمانة في عنق الأب ومسؤولية هو مسئول عنها بين يدي الوهاب الذي وهبه هذه الذرية الرقيب الذي يعلم ما تخفى الصدور.. ونحن جميعا نحفظ الحديث المتفق عليه:
"كلكم راعٍٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته فالرجل في بيته راعٍٍ وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤلةٌ عن رعيتها".
وروى النسائي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله سائلٌ كل راع عما استرعاه أحَفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
قال ابن القيم: "إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده".. فنحن نربى أبناءنا تعبداً لله تعالى بأداء حقه هذا علينا؛ فالانشغال بتربية الابن عبادة أحب إلى الله من بعض العبادات كما روى الترمذي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع".
وسنرى سويا ً الفرق الهائل الذي يظهر في الواقع بين التربية على سبيل العبادة لله وبينها على سبيل العادة أو بأي نية أخرى لغير الله.
ثانيا ً:- التربية حق الابن على أبيه:-
فهي ليست فضلا ً.. قال ابن القيم: "كما أن للأب على ابنه حقا فللابن على أبيه حقا فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة".
عاتب رجل ولده على العقوق فقال الولد: "يا أبت إنك عققتني صغيرا ً فععقتك كبيرا ً وأضعتني وليدا ً فأضعتك شيخا ً".
قال الإمام الغزالي: "فالصبي أمانة عند والديه فإن عُود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكل معلم له ومؤدب؛ وإن عُود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له) فالتقصير في تربية الابن إذًاً وزر وإساءة وتقصير في حق الله وحق الابن وواجب الأب وليس مجرد ترك لفضيلة.
سامحك الله يا شيخ وهل أصبحنا بحاجة إلى أن تذكرنا بأن التربية مسئولية وأمانة؟
نعم والله للأسف الشديد رأيت أن أذكر نفسي وإخواني بتجديد النية فالأوضاع حولنا تجعل الحليم حيران.. فقد تزاحمت وتشابكت الأمور وتشابهت حتى إن الواحد فينا يحاول تخفيف الأعباء عن نفسه بإهمال بعض الأمور والاكتفاء بالتركيز على العاجل والصارخ منها فحسب.. بل إن كثيرا ً منا يكتفي في التربية بما تيسر له من غير عناء ولا بذل جهد في المعرفة والبحث.. معتبرا ً نفسه قد أدى ما عليه بمجرد تغذية الولد وتعليمه علما ً ينفعه في دنياه وكسب رزقه.. أليس كذلك؟!.
ثالثا ً:- نربى أبناءنا حتى ينفعنا دعاؤهم في قبورنا:-
فنحن نحفظ جيدا ما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له" بل إن التربية السليمة تشمل هذه الثلاثة التي لا تنقطع عن العبد بعد موته:
فالتربية صدقة جارية وأعمال أبنائنا بعد أن تطوى صحائف أعمالنا هي ثمرة تربيتنا
كما أننا بالتربية نعلم أبناءنا علما ينفعهم ونساعدهم على العمل به.
فكيف نضمن إذا ً أن يعمل أبناؤنا صالحا ً وأن يدعوا لنا إلا بالتربية السليمة؟
إننا عندما نربى أبناءنا تربية حسنة فإننا بذلك قد غرسنا غرسا مثمرا ً يعود عليه نفعه عندما نكون أحوج الناس إلى ثمرات الأعمال في القبور.
رابعا ً:- نربى أولادنا حبا لهم ورحمة وإكراما ً:-
فهل هناك أحب إلينا من فلذات أكبادنا وحبات قلوبنا وقرة عيوننا وورثة رسالتنا؟
روى الترمذي عن أبى سعيد بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله (صلى عليه وسلم) قال: (ما نحل والد ولدا من نحلٍ أفضل من أدب حسن) أي ما وهب والد شيئا لولده أفضل من أن يهبه الأدب الحسن.
وروى ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم): "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم" وإن أبلغ إكرام هو التعليم ألم يقل ربنا جل وعلا "اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ"؟ فالأكرم هو الذي يعلم بالقلم وفى أثر: إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه
خامسا ً: نربى أبناءنا حتى نعدهم للحياة وتحمل المسئولية:-
عند كبرهم وعندما نغيب عنهم بالموت أو غيره.. وإذا تركنا أبناءنا أغنياء بالدين والخلق الحسن.. فقد تركنا لهم كل شيء وأورثناهم ما هو خير من أموال الأرض.. لأن الدين والخلق مفتاح لكل خير.
مفتاح لحب الله تعالى وحب الله مفتاح لتوفيقه وحفظه وعنايته.
مفتاح لحب الناس وحب الناس.
مفتاح للثقة، والثقة مفتاح للاحترام والإكرام، والإكرام مفتاح للسعادة والرضا وسعة الرزق.
ومن هنا كان قول النبي (صلى الله عليه وسلم) المؤيد بالوحي المدعم بالخبرة والبصيرة بالحياة وبالناس "ما نحل والد ولدا من نحلٍ أفضل من أدب حسن".
إنه يشبه قوله صلى اله عليه وسلم "وما أعطى عبد عطاءً خيرا ً وأوسع من الصبر" لأن الصبر مفتاح لكثير من أنواع الخير وأبوابه.
سادسا ً:- نربى أبناءنا دعوة لهم:-
فهم أحق الناس وأولاهم بدعوتنا قال تعالى (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الشعراء.. فواجب المؤمن أن يتجه بالدعوة أول ما يتجه إلى بيته وأهله.
واجبه أن يؤمن هذه القلعة من داخلها .
واجبه أن يسد الثغرات فيها قبل أن يذهب عنها بدعوته بعيدا ً.
هذه بعض النيات الخالصة التي تحركنا لتربية أبنائنا هي التي تجعلنا نهتم إلى حد القلق أو نطمئن نتكلم أو نسكت ونغضب فنثور أو نكظم الغيظ أو نتغافل.
ثمرات الإخلاص في التربية
الإخلاص هو روح التربية:- فهو الذي يمدها بالحياة فعندما يمارس الأب تربية ابنه بدون هذه المعاني العظيمة التي تربط التربية بالله تعالى وبالآخرة فإنها تتحول إلى مجرد مهمة ثقيلة يؤديها الأب وهو متضجر أما عندما يربى ويصبر على التربية مخلصا لله لا يبتغى بتربيته إلا وجه الله تعالى مستحضرا النيات التي ذكرناها أو أكثر منها فإنه يربى بحب لهذا العمل شأن كل عمل صالح ؛ وحب كذلك للذين يربيهم.
إن المخلصين لله يحبون أبناءهم أكثر من حب أهل الدنيا لأبنائهم.. لماذا؟
لأن المؤمن يرى ابنه الصالح نافعا له في دنياه وكذلك في أخراه لأنه سيدعو له كما ذكرنا.
ولأنه وريثه في رسالته ألا ترى أن زكريا عليه السلام دعا ربه أن يرزقه ولدا يرثه في رسالته فقال على نبينا وعليه السلام: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً) مريم.
قال ابن كثير: خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفاً سيئاً فسأل الله ولداً يكون نبياً من بعده ليسوسهم بنبوته ما يوحي إليه (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً) أي مرضياً عندك وعند خلقك, تحبه وتحببه إلى خلقك في دينه وخلقه.
ولأن الابن الصالح يجتمع له حبان حب المؤمن للمؤمن وولايته له وحب الأب لابنه.
ولأن الابن الصالح يكون برا بأبيه أكثر من بر ابن الدنيا لأبيه وهذا البر يحبب الأب فيه أكثر.
ولأن الأب الصالح يرى في ابنه عونا له على آخرته فيحبه أكثر.. ولما دخلت حسابات الآخرة وهى باقية كان هذا الحب دائما.
أما أبناء الدنيا والهوى فإذا أحبوا أبناءهم من أجل الدنيا أبغضوهم إذا زالت المنفعة الدنيوية التي أحبوهم من أجلها! فترى الابن يكره أباه، ويسبه بعد موته؛ لأنه فضل عليه أخاه !أو تزوج على أمه!
وتستغرب من بغض الأب لابنه إلى درجة غير معقولة لأنه لا يعطيه من قوته وقوت أولاده، أو لأنه لم يسكن معه.
هذا الحب الذي سببه الإخلاص يجعل التربية وجهدها من محب محبوب لمحب محبوب أي تربية حية فيها روح هي روح الحب وحياة الإخلاص.
تحقيق الإخلاص شرط لقبول العمل:- ورفعه إلى السماء؛ وجهدنا وصبرنا في التربية لا يكافئه كل ما في الدنيا من عائد أو مقابل أو شكر أو ألقاب؛ هذا إذا حدث ووجدنا هذا العائد كما تمنيناه وتعبنا من أجله؛ ولكن الدنيا بإحكامها لا توافى الإنسان بما يريد (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء) وليس كل ما يريد ولكن (لِمَن نُّرِيدُ) وليس كل من أراد العاجلة عجلناها له.
فكم من والد أعطى أبناءه ثمرة عمره منتظرا عطاءهم فلم يجد منهم إلا الهجر والحرمان والطرد والضرب.
س رفع رجل على ابنه قضية في المحكمة مطالبا تمكينه من رؤيته لأنه لم يتفضل عليه بزيارته منذ سنين.
وكم من أم ربت أبناءها للآخرة ولكن من أجل الدنيا فكانت باكورة ثمرة شقائها من أجلهم عقوقهم الشنيع لها.
لكننا حين نربى أبناءنا لله تعالى فيكفينا أننا ننتظر الجزاء من الله وحده والله شكور(وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً) الإسراء.
ويكفينا أننا قد أعددنا للسؤال جوابا ولم نقف أمام الله مضيعين للأمانة.
ويكفينا أن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة فكل عمل صالح من أبنائنا وذرياتهم هو في ميزاننا.
وتكفينا دعوة طيبة من أحدهم.
ويكفينا أننا أكرمناهم لوجه الله فلابد أن يكرمنا الله تعالى جزاء من جنس العمل.
إننا حين لا ننتظر من وراء تربيتنا لأبنائنا عائدا ماديا ولا معنويا ً نستريح من ذل الانتظار ومرارة انقطاع وخيبه الأمل الذي أملناه من قبل.
الارتياح:- فالإخلاص من طبيعته أن يريح القلب ويشرح الصدر وذلك لأن العمل المخلص للقلب كالماء يجرى في مجراه الطبيعي ونحو غايته ونهايته الطبيعية المعروفة فلا غرابة ولا اضطراب.
في راحة القلب راحة البال:- فإذ بذل الإنسان جهده ولم يقصر فإنه لن ينكسر ولن تتلف أعصابه وتتعكر عليه حياته إذا نشأ الولد على غير القالب الذي أعده له الأب في تصوره كما يفعل البعض.. صحيح أنه سيحزن شأن كل إنسان يتمنى الخير لولده ويتمنى أن يتشرف ويفخر بابنه إلا أن هذا الحزن لن يكون بنفس العمق والشدة التي يحزنها من لا يربى إلا من أجل الافتخار والرياء.
إن النفس لم تتعود أن تحزن بعمق وأسى يتلف الأعصاب ويغير العقل إلا على أمر يخصها هي وليس من عادتها أن تحزن هذا الحزن كله على أمر لله تعالى وهذه فائدة نفيسة ذكرها بن القيم في كتاب "مدارج السالكين" وهى تعين الإنسان وتجعل له مخرجا من الهم عندما يجد نفسه تبالغ في حمل الهم من أجل أمر تدعى النفس أن همها فيه هو لله.
عندما يكون الأمر لله قد يكون هناك حزن على فواته ولكن ليس الحزن الذي تحزنه النفس على فوات مصلحتها وشهواتها
المواساة:- فإن الإنسان إذابذل الجهد ولم ينجح واساه قول الله تعالى " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"القصص.
وقوله تعالى " وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ* قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ"هود.
وكما أننا عباد لله فإن أبناءنا وكل الذين نحب لهم الخير كذلك عباد لله وله سبحانه في شأنهم حكم سوف تمضى وليس لنا من أمرهم شيء " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ"آل عمران.
" إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ" آل عمران.. وبهذا الاطمئنان تستريح أعصاب المربى وبالتالي لا يفكر ويعمل في التربية تحت ضغط أو شد أعصابٍ يضره ويضر التربية.
العون من الله:- لأن النية الصالحة يعان صاحبها من الله تعالى ويوفق لأن الله بحوله وقوته معه في سمعه وبصره وعمل يده وخطو قدمه وفى الحديث فهذا أحببته كنت سمعه الذي يسمه به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى عليها.
الاستمرار:- فالإخلاص يجعل الأب باذلا كل جهده لا يألو جهدا في تربية أبنائه "ما كان لله دام واتصل".
وحدة المقصود:- فالإخلاص يجعل صاحبه منصبا بفكره وعمله على مقصود واحد لا يتفرع ولا يتشتت ولا يدخل في مقصوده ما ليس منه
موضوع التربية والمستهدف فيها هو الابن وليس أنا وليس العائلة.
هذا عنوان يجب أن يظل واضحا أمام العين ساكنا في القلب طوال الحياة.
عندما ينجح القلب في تخليص هذا المبدأ أي في تحقيق الإخلاص فإنني لن أختار في تربية ابني أمرا ً أقصد به منفعتي أنا مثل أن أفتخر بابني أمام الناس أو يكون واجهة مشرفة للعائلة وأتجاهل مصلحة الابن أو قدراته وميوله واختياره.. ولن أختار لابني إلا ما يحقق مصلحته هو في آخرته ودنياه ومن هنا ستستمر التربية مستقيمة ويظل الأب هو مصدر التوجيه الموثوق للابن.
هذه بعض وليس كل ثمرات الإخلاص والنية السليمة في التربية.
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)
ساحة النقاش