رسالة من خلف القضبان إلى ابنتي الجامعية
بقلم الشيخ على الدينارى..
كل طالبة جامعية هي ابنتي لسبب بسيط هو:
أن ابنتي طالبة جامعية.. وكلما رأيت فتاة في عمر ابنتي تذكرتها وحاولت مساعدتها لو احتاجت للمساعدة.
لقد حببتني ابنتي في خلفة البنات.. وكثيرا ً ما أذكر نعم الله على فأذكر منها أنه رزقني ابنتي من فضله وبعلمه.. وأقول:
لا أدرى لو كانت ولدا ً لربما سقاني المر .
فالبيت الذي فيه بنت فيه نسمة رقيقة ورحمة وبسمة وحنان.. ولا يعرف ذلك إلا أبو البنات.
أربعة ذكور ليس بينهم بنت.. كان ذلك فى بيت قريب لنا.. وكنت كلما زرتهم وجدتهم يتشاجرون.. وإذا دخل أبوهم دخل غاضبا ً زاعقا ً:
لماذا فعلتم؟ .. ولماذا لم تفعلوا؟
فيشتعل البيت نارا ً.. وكانوا في انتظار مولود جديد فقلت:
أدع الله أن يكون بنتا ً حتى تكون في البيت نسمة تلطف هذا الجو.. وتكون كالمرهم بين هذه المفاصل والتروس التي تأكل بعضها.. وقد كان والحمد لله.
والآن نسى الأب عادته الأولى وكلما دخل سأل مسرورا ً:
أين رحمة؟
وتعرفت على رجل طيب فقال عندي خمس بنات فقلت:
إذًا بيتك كله حنان.
قال: أنا بيتي جنة والحمد لله.. وأدخل بيتي فتحيط بي بناتي بكل حب وحنان فأحمد الله كثيرا ً.
لقد حببتني ابنتي في خلفة
البنات وكثيرا ً ما أذكر نعم
الله على فأذكر منها أنه
رزقني ابنتي من فضله
وبعلمه.. وأقول: لا أدرى
لو كانت ولدا ً لربما سقاني
المر فالبيت الذي فيه بنت
فيه نسمة رقيقة ورحمة
وبسمة وحنان ولا يعرف
ذلك إلا أبو البنات
|
ومما حببني في ابنتي رغبتها واستعدادها في تكوين شخصيتها.. وعندما التقيت بها بعد ثمان سنوات من منع الزيارة وجدتها تحب أن تعيش لهدف وغاية.. فطرت فرحا ً.. رغم أنها كثيرة الأسئلة.. لكنها أسئلة تزيدني لها حبا ً واحتراما ً.
ومما زادني لله شكرا ً وحبا ً أنه سبحانه تولاني فيها ووفق أمها في تربيتها واهتمامها بقلبها وعقلها وتعليمها.. وهذا مما يزيدني للمرأة احتراما ً وتقديرا ً.. فقد تركتها وهى ابنة ثلاث سنوات.. ولا أدرى هل لو كنت معها ربيتها هكذا أم لم أستطع؟!!
بالتأكيد ما كنت سأستطيع.
لقد استمعت من الأم ما جعلني استقل صبري في المعتقل بجوار صبرها.. فقد كنت أجد على الصبر أعوانا ً.. بينما لا تجد هي على الصبر إلا تثبيطا ً وخذلانا ً.. ومما أسعدني جدا ً وجعلني أنتظر زيارة أسرتي لي هذه الموضوعات والأسئلة التي كانت تفتحها ابنتي للحوار فنقضى وقتا ً ممتعا ً للغاية.
ومن الأسئلة التي سألتها ابنتي هذا السؤال موضوع الرسالة.. وقد تم بيننا حوار ممتع وجميل.. وقد كنت أتمنى لو كانت معنا زميلاتها اللاتي ضايقتهن نظرة بعض الرجال إلى المرأة فحملت هي إليّ سؤالهن.
والآن بينما أقلب في رسائلي إليها وجدت هذه الرسالة التي أحب أن أوجهها إلى كل فتاة تؤمن بالله تعالى وتهتم بشخصيتها وإيمانها وثقافتها.
لعل فيها فائدة وأرجو الله تعالى أن لا يحرمني ثوابها وأرجو من قارئها الدعاء لي ولأسرتي.. والآن إلى نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الغالية وحبيبتي وزهرة حياتي وقرة عيني وصديقتي العزيزة: ".........".
بكل سعادةٍ وسرورٍ أكتب إليك هذه الرسالة.. وبكل شوقٍ أتحدث معك.. فقد وحشتيني.. ولا أدرى هل ستكونين مع والدتك الزيارة القادمة أم لا؟
عموماً لو جئت فسأكون في غاية السرور والسعادة بمجرد رؤيتك.. فما بالك بالحديث معك والدردشة ومعرفة أحوالك والمزاح معك؟
وأنا مجهز اللب والفول السوداني لزوم الحكايات والدردشة.. كما وعدتك من قبل أن الموضوع الذي نتكلم فيه في الزيارة سأرجع إلى غرفتي وأكتبه لك حتى يكون أكثر ترتيبا ً.. وليبقى معك تقرئينه مرة أخرى في أي وقت.
وقد كنت سعيدا ً جدا ً في آخر زيارة عندما فتحت موضوعا ً مهما ً وسألتيني هذا السؤال الهام وهو:
إن بعض الرجال يتكلمون في حق المرأة ويقولون: "أن الرجلَ أفضل من المرأةِ".
وتريدين أن تعرفي: لماذا يقول هؤلاء الرجال ذلك؟.. وما هو رأيي بصراحة في هذا الموضوع؟.. وهل أنا أيضا أرى أن الرجل أفضل من المرأة ؟
طبعا يا ست "..... " أنت وزميلاتك ضايقكن هذا الكلام فراحت كل واحدة تثبت بقوةٍ أن هذا الكلام غير صحيح.. وأن المرأة أفضل من الرجل.. عموما ً الله يسامحكن.. وتعالوا بنا نتسلسل في فهم هذا الموضوع مع بعض بالترتيب:
1- هذا الموضوع جديد غريب على المجتمعات المسلمة.. فليس هناك صراع ولا نزاع بين الرجل والمرأة في الأصل.
مما حببني في ابنتي رغبتها
واستعدادها في تكوين شخصيتها
وعندما التقيت بها بعد ثمان
سنوات من منع الزيارة وجدتها
تحب أن تعيش لهدف وغاية
فطرت فرحا ً رغم أنها كثيرة
الأسئلة لكنها أسئلة تزيدني
لها حبا ً واحتراما
|
وإنما هو موضوع أدخله إلينا أعداؤنا تحت ستار ما يسمى بالحقوق الضائعة للمرأة.. وبصراحة هناك فعلا ً حقوق ضائعة للمرأة في العالم كله.. حتى في العالم الإسلامي.. ولكن السبب الرئيسي في ذلك هو البعد عن تعاليم الإسلام.. فالناس تتعامل مع المرأة بالهوى والطبع وبالجهل بأحكام الإسلام.
هذا الجهل أدى إلى التخلف في كل شيء حتى في معاملة الرجل للمرأة.. يعنى رجع العرب إلى مفاهيمهم عن المرأة قبل الإسلام.. بينما الإسلام هو الذي أنصف المرأة ورفع شأنها.. فليست هناك مشكلة.. فما المشكلة إذا ً؟
المشكلة أن الغرب يريد أن يتخذ من هذا الموضوع مدخلا ً لنشر قيمه ومفاهيمه وعاداته وتقاليده.
يعنى هم يدعوننا ويريدون أن ينشروا في بلادنا معتقداتهم وأفكارهم وسلوكياتهم.. بينما نحن المسلمون نعتبر كثيرا ًً من هذه المبادئ في معاملتهم للمرأة وغيرها انحلالا ً وتغييرا ً للفطرة التي خلق الله الناس عليها.
والحقيقة أن الغرب لن يسكت ولن يكف عن اتهام الإسلام.. إلا إذا أصبحت المرأة في المجتمع المسلم مثل المرأة في المجتمع الغربي.. يعنى إذا تبرجت وكشفت عن جسدها وعزفت عن الزواج واستبدلته بنظام الصديق الذي تعيش معه في بيت واحد بدون زواج.. وتسافر معه خارج البلاد بدون إذن والدها.
وكذلك لن يسكت الغرب إلا عندما تتساوى المرأة مع الرجل في الميراث.. ويصبح من حق المرأة أن تتزوج من أكثر من رجل.. أو تتزوج من امرأة مثلها كما يدعو بعضهم.. وغير ذلك من الأمور الإباحية والانحلال الذي لا يرضى عنه دين ولا عقل سليم.
وسأنقل لك من كتاب معي الآن ما تستغربين منه.. يقول:
في انجلترا كان القانون الانجليزي يبيح للرجل أن يبيع المرأة حتى عام 1805م وحدد ثمنها بست بنسات.. وقد حدث أن باع رجل انجليزي زوجته عام 1931م بخمسمائة جنيه.. ولكنه قدم للمحاكمة وقال محاميه: إن القانون كان يبيح ذلك قبل مائة عام.
وكان القانون الفرنسي يعتبر المرأة ليس لها الحق في البيع والشراء دون إذن زوجها.. وينص القانون على أن القاصرين ثلاثة: الصبي والمجنون والمرأة.. فساوى بينها وبين المجنون والطفل.
وكذلك الحال في انجلترا كانت المرأة المتزوجة محرومة من الملكية المستقلة.. أي أن أموالها ليست ملكها.. وإنما ملك زوجها.
والمرأة في الغرب اسمها على اسم عائلة زوجها!.. فإذا كان اسمها "مارى" وتزوجت من عائلة "كلينتون" .. يصبح اسمها: "مارى كلينتون" .
والأم في الغرب ليس لها تقدير واحترام كما عندنا.. إذ أن الإسلام يجعل طاعة الوالدين وبرهما عبادة.. وخصوصا ً بر الأم والإحسان إليها.
2- الإسلام هو الذي رفع شأن المرأة.. وحتى نستطيع أن ندرك كيف رفع الإسلام شأن المرأة.. ننظر أولا ً كيف كان حال المرأة قبل الإسلام؟
وطبعا ً أنت تعرفين أن العرب كانوا يعتبرون أن إنجاب البنت عار يجب أن يتخلص منه الرجل ولو بدفنها حية كما جاء في القرآن:
"وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ".. وعلق القرآن على هذا الفعل المجرم و هذا الحكم السيئ بقوله تعالى: "أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ" .. وهذه العادة كانت عند بعض قبائل العرب وليس كلهم.
وكان العرب يرثون النساء.. يعنى إذا مات أبوها ورثها أخوها.. فانتقلت إليه وأصبحت ملكا ً له بالميراث مثل أي شيء.. ولذلك نهى القرآن عن هذا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء" .
أما عند غير العرب فقد كان وضع المرأة أسوأ بكثير:
فعند اليونان كانت المرأة محتقرة ولا حق لها في التصرف في ملكها.. بل ربما لا تصدقين إذا علمت أنهم كانوا يبيعون المرأة ويشترونها.
أما عند اليهود فقد كانوا إذا توفى الرجل أحرقوه.. ثم لابد أن تحرق زوجته نفسها وتحرم من الميراث إذا كان لها أخ أو إخوة.. وإذا لم يكن لها إخوة ورثت.. ولكن يحجر عليها أن تتزوج من غير عائلتها!
وكانت النظرة إليها عموما ً كنظرتهم للخدم.. وهم يعتبرونها لعنة.. فقد أغوت آدم وأخرجته من الجنة.. وهذا ما يردده بعض المسلمين اليوم عن جهل.
أما عند المسيحيين فقد كانوا حتى قبل بعثة الرسول "صلى الله عليه وسلم" يناقشون هل المرأة إنسان أم غير إنسان؟!.. وأخيرا ً توصلوا إلى أن المرأة إنسان.. ولكن.. خلقت لخدمة الرجل فحسب.
كل هذه الأفكار كانت قبل أن تشرق على الدنيا شمس الإسلام العظيمة التي رفعت رأس المرأة وقررت لها حقوقها التي يتكلم أعداؤنا الآن ويطالبوننا نحن بها.
3- كيف كرم الإسلام المرأة؟!!
كرم الإسلام المرأة بأمور كثير أذكر منها على سبيل المثال:
أ ــ بدلا ً من شعور الرجل بالعار إذا أنجب بنتا قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "من كانت له ثلاثة بنات فأدبهن ورباهن وأحسن تربيتهن وجبت له الجنة".. قالت امرأة: واثنتان يا رسول الله؟.. قال: "واثنتان ".. قالت امرأة: وواحدة؟.. قال: "وواحدة ".
ب ــ أوجب الإسلام على المرأة أن تتعلم ولا فرق بينها وبين الرجل في ذلك.. وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخصص للنساء درسا ً خاصا ً بهن يعلمهن فيه الدين والحياة .
جـ ــ وجعل الإسلام من حق البنت أن يستشيروها في زواجها ولا يزوجوها من رجل تكرهه.
د ــ وللمرأة في الإسلام حق في تملك أموالها والتصرف في هذه الأموال.. ولا يشترط لصحة بيعها رضا زوجها أو إذنه.. كما هو الحال في بعض الدول إلي وقت قريب.
هـ ــ أوجب الإسلام تكريم الأم واحترامها "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ".. وقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟.. قال: أمك".. وكررها ثلاثة.
وــ والإسلام حافظ على بدن المرأة فأمرها بأن تصون هذا الجسم بالملابس الواسعة الفضفاضة حتى لا تصبح مجرد متعة للمستهترين من الرجال.. وحتى يحترمها الرجل من أجل عقلها ودينها لا من أجل جسدها.
وقد شهد بذلك كله علماء غربيون فقال بول تينو:
"ولا ننسى أن القرآن أصلح حال المرأة في الحياة الاجتماعية إصلاحا ً عظيما ً".
وقال لوبون:
"إن الإسلام حسّن حال المرأة كثيرا ً.. وإنه أول دين رفع شأن المرأة.. وإن المرأة في الشرق أكثر احتراما ً وثقافة وسعادة منها في أوربا على العموم".
والآن نسمع أعداء الإسلام وأذيالهم يحرضون المرأة ويوهمونها أن الإسلام أعطاها المهام التافهة.. وللأسف فإن الكثير من النساء خدعهن هذا الكلام.. ونسيت المرأة أن أعظم مهمة يعجز عنها الرجال هي مهمة تربية الأبناء .
وأن المرأة عندما تربى الأبناء فإنها تنجز للمجتمع أعظم إنجاز يعافى المجتمع في المستقبل من كثير من المشاكل التي بدأ الغرب يشكو منها بسبب ترك المرأة بيتها ودورها الأساسي في تربية الأبناء.
وعموما ً فإنك لا تجدين امرأة إلا وتشعر دائما بالحنين إلى بيتها وتربية أبنائها حتى لو عملت خارج البيت.
وكثير من النساء في مصر لا يضطرهن إلى العمل إلا الرغبة في توفير لقمة العيش للبيت والأولاد.. لأن مرتب الرجل وحده لا يكفى.. ولولا هذه الظروف الصعبة ما كان هذا العدد من النساء يعملن ويتركن البيت إلا النساء الراغبة في التساوي مع الرجل في أي شيء والسلام.. وهؤلاء لو قيل لهن أن من حق الرجال أن يشربوا السم فسترتفع أصواتهن بحقهن في احتساء السم مثل الرجل.
والمشكلة أننا الآن أصبحنا نحتاج إلي تحرير المرأة ليس من تسلط الرجل.. ولكن من تسلط الأفكار الغريبة التي ترددها المرأة والتي تمثل ضغوطا ً عليها .
والحقيقة أن الرجل المسلم الفاهم عندما يفهم حكمة الإسلام في تقسيم الأدوار بين الرجل والمرأة يحترم المرأة ويحب زوجته ويرحمها ويتعاون معها في أداء دورها.. ولا يجد غضاضة في مساعدة زوجته.
هذا بالنسبة لأمور الدنيا أي أنها مقسمة حسب طبيعة كل من الرجل والمرأة.. ولا يبقى إلا مسألة القوامة.. وأن القوامة للرجل.. وهذه القوامة أيضا ً جعلها الله للرجل.. لا لأفضليته ولكن لطبيعته.. فهو الذي يتحمل المسؤولية أكثر.. وهو الذي معه أداة العقل.. فيتخذ القرارات بناء على تفكير وتعقل.. وليس بناء على العاطفة.
إن المرأة إذا قال لها الطبيب سنقطع أصبع ابنك تصرخ وتقول: مستحيل مهما كان .
4- ربما بعد ذلك تسألين : يعنى الخلاصة هل الرجل أفضل من المرأة ؟.. طبعا أنت نفسك أقول لك أن المرأة أفضل .
واحتمال عندما جئت في الزيارة ومعك هذا السؤال كنت تتوقعين أن أقول لك: الرجل أفضل.. ثم نظل نناقش ونجادل.. لكن الآن قد اتضح لك أن هذا السؤال غير مطروح وغير موجود في المجتمع المسلم الفاهم الذي لا يردد ما يقوله أعداؤه.. بل يرد عليهم.
والآن أنت مستعجلة على الإجابة .
عند المسيحيين فقد كانوا
حتى قبل بعثة الرسول
يناقشون هل المرأة إنسان
أم غير إنسان؟! وأخيرا ً
توصلوا إلى أن المرأة
إنسان ولكن خلقت لخدمة
الرجل فحسب
|
هل تتذكرين ماذا قلت لك في الزيارة؟
هل تتذكرين أنى أشرت إلي عينك.. ثم قلت لك هل عينك هذه أفضل أم الأخرى؟
وهل تتذكرين أنك قلت: أنهما سواء لا فضل لواحدة على الأخرى؟
فكذلك المرأة والرجل.. لا تستغني الحياة عن الرجل ولا تستغني عن المرأة.. ولا يستغنى الرجل عن المرأة ولا تستغني المرأة عن الرجل .
الرجل والمرأة كاليدين تغسل إحداهما الأخرى.
وكل ما في الموضوع أن الله تعالى خلق الرجل له طبيعة معينة.. وخلق المرأة بطبيعة معينة.
الرجل عقله أقوى من عاطفته.. بينما المرأة عاطفتها أقوى من عقلها.. والحياة تحتاج إلي أن يكمل كلٌ منهما الآخر حتى تسير الأمور سيرا ً سليما ً.
فالأسرة تحتاج إلى عاطفة المرأة لتعطى الأبناء الحب والحنان والعطف والرحمة والرعاية والاهتمام.. وكل ذلك لازم ومهم وضروري لتربية أي إنسان واعتدال شخصيته وتكوينه.. ومن حكمة الله أنه فطر الطفل على حب التصاقه بأمه.. لأنها الأقدر علي أعطائه العاطفة بسخاء وبتلقائية وصبر لا يستطيعه الرجل.. ألا تسمعين الناس إذا عابوا أما في قسوتها على أبنائها قالوا: إنها مثل الرجل؟
كما أن الأسرة تحتاج أيضا ً إلى عقل الرجل ليضبط الأمور ويحسمها ويضع الأمور في نصابها فيصحح الصواب ويقول هذا صواب.. ويخطئ الخطأ ويقول هذا خطأ.. ويحاسب المخطئ.. ويتخذ القرارات الصعبة في الأسرة.. والرجل الذي تغلب عليه العاطفة فلا يفعل ذلك يعاب بأنه امرأة.
ولو كانت طبيعة الرجل كالمرأة.. كلاهما على نفس الدرجة من العقل ومن العاطفة أيضاً لكانت الحياة فوضى مائعة لا حسم فيها ولا ضبط.. ولما وجد كثير من الأعمال من يقوم بها.. مثل أعمال المناجم والمحاجر وكل الأعمال الشاقة.
ولو كانت طبيعة المرأة مثل طبيعة الرجل لكانت الحياة جافة بلا مشاعر ولا حنان.. ولما وجد كثير من الأعمال من يقوم بها مثل رعاية الأبناء.
وعلى هذا الأساس قسم الإسلام الأدوار بين الرجل والمرأة.. فجعل للرجل دورا ً يتناسب مع طبيعته.. وللمرأة دور يتناسب مع طبيعتها.
إذا كان هذا في أمور الدنيا فماذا عن أمور الآخرة؟ الرجل أفضل أم المرأة؟
يقول الله تعالى : "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" .. وهذا هو الميزان.. فلا فضل لأحد على أحد عند الله إلا بالتقوى.. لا بالنوع ولا بالجنس ولا باللون ولا بالنسب ولا بالغنى والفقر ولا حتى بالقرابة مع الأنبياء.
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة رضي الله عنها:
"اعملي فإني لا أغن عنك من الله شيئاً".. فنفى أن تكون القرابة منه وحدها هي سبب تفضيل أقاربه.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : "لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى".
فكذلك لا فضل للرجل لأنه رجل ولا لامرأة لأنها امرأة.. ولكن الرجل التقي خير عند الله من المرأة العاصية.. والمرأة التقية خير عند الله من الرجل الفاسق.. فسوى الإسلام بين الرجل والمرأة تماما ً في أمور الآخرة.. فقد قال تعالى:
"مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" .
وقال:
"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ".
فلا ينقص أجر أو ثواب المرأة عند الله لأنها امرأة.. ولا يزيد أجر الرجل أو ثوابه لأنه رجل .
ولكن أريد أن أنبهك إلى أمر هام:
إن بعض الناس يقولون: ما دام القرآن سوى بين الرجل والمرأة في أمور الآخرة إذاً نسوى بينهما في أمور الدنيا.
ولذلك تسمعين الحديث عن أن القرآن ساوى بين الرجل والمرأة كمقدمة.. ثم يأتي الحديث عن ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء.
وهذا لبس بين الحق والباطل.. أي خلط بين الاثنين معا ً.. حتى يصبح الجزء الحق مع الجزء الباطل شيئا ً واحدا ً.. من يقبله يجب أن يقبله كله أو يرفضه كله.. يعنى إذا أعترف بأن القرآن سوى بينهما إذاً يجب أن يعترف بالمساواة في كل شيء.
ولكن الحقيقة أن القرآن هو الذي فصَّل فساوى في أمور.. كما أنه فرق في أمورٍ.. فنحن نأخذ ما جاء به القرآن كله لأنه الحق كله.. ونستسلم له كله لأن الذي سوى بينهما في بعض الأمور هو الذي فرق بينهما في أخرى.
فلا يجوز مثلاً أن نقول: تجب المساواة حتى لا يكون الرجل أفضل.. لماذا؟
لأن الله تعالى لم يفرق بينهما بسبب الأفضلية.. وإنما بسبب طبيعة كل واحد ومسؤولياته وما يناسب طبيعته كما اتفقنا من قبل.
وأخيراً يا "......." أقول لك:
لا يخلوا الأمر من وجود رجال متعصبين يقولون بغير علم ولا إنصاف.. وربما يكون أحدهم مجروحا ً من زوجته ويعانى من مشاكل فيتأثر رأيه بذلك.. وكذلك توجد نساء خفيفات العقل يرددن كل ما يقال كالببغاء وهذا يجعل المفاهيم الخاطئة أكثر انتشارا ً.
ولكن أنظري إلي معاملتي أنا وأعمامك "الإخوة" لزوجاتنا هل رأيت إلا كل احترام وتقدير؟!!
وهل تتذكرين أنى قلت لك في أول زيارة أن والدتك هذه عظيمة فأقتدي بها؟!!
وأريد أن أقول لك:
لا تسمعي لكثير مما يقال عن قضية المرأة وحقوق المرأة.. فهذه قضايا ومشاكل يمكن أن تحل بكل سهولة مثل أي مشاكل يعانى منها المجتمع بدون تشنج ولا ضوضاء.. ولا تسمعي لهذه المشاكل لأنها فعلا ً أضرت بالمرأة وجعلتها تريد تقليد الرجل في كل شيء وتقف له بالمرصاد.. وربت عقدة بين الرجل والمرأة وعندما تتزوج الفتاة تشعر كأن الرجل ذئب سيستولى على كل حقوقها.. والحقيقة أن الرجل المتدين والمرأة المتدينة لا يجدون في نفوسهم أي مشاكل ولا حواجز في هذا الموضوع.
وهل المرأة إلا أم الرجل التي أعطته وربته ومسحت له أوساخه وهو صغير؟!!
وهل المرأة إلا زوجة الرجل التي ضحت معه وتحملت وساندته في طريقه؟!!
وهل المرأة إلا أخت الرجل التي تعطف عليه وتتنازل عن حقوقها من أجله؟!!
وهل المرأة إلا بنت الرجل التي هي قطعة منه وفلذة كبده وزهرة حياته مثلك؟!!
أطلت عليك ولكن موضوع المرأة طويل وحديثي فيه معك لم ينته ولكنى لا أريد أن أثقل عليك .
وقد أعطيتك من قبل كتاب "عودة الحجاب" للأستاذ محمد إسماعيل حتى تقرئي وتستوعبي تاريخ الحرب على المرأة والحجاب.. وإن شاء الله سأرسل لك كتاب "واقعنا المعاصر" للأستاذ محمد قطب .. لأنه يشرح هذا الموضوع.
وأخيرا ً أشكرك على هذا الاهتمام.. وفتح الله عليك ووفقك.. وأسأل الله أن يرزقني وإياك حسن العمل بما نعلم.. وأنا في انتظارك.. وفى انتظار أي موضوعات أخرى نتكلم فيها إن شاء الله.
على فكرة نحن اتفقنا أننا أصدقاء فهل الاتفاق على ما هو عليه أم كان كلاما؟!!
والسلام عليكم ورحمة الله.. والدك
الثلاثاء الموافق
4-12-1432هـ
1-11-2011
|
ساحة النقاش