الحديث
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
(بُنيَ الإسلامُ على خمس: شهادة أن لا إله إلا لله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة, وحج البيت، وصوم رمضان). رواه البخاري ومسلم.
الشرح
ابن عمر صحابي وهو أحد العبادلة، من الصحابة الذين تأخروا حتى احتاج الناس إلى علمهم، وهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير. أما ابن مسعود فليس منهم وإن كان من الجلالة والمكانة العظيمة البينة الواضحة في الدين، خاصة في القرآن وما يتعلق به, وفي الأحكام في الحلال والحرام هو إمام، لكن مع ذلك تقدمت وفاته، فتوفي قبلهم بنحو من أربعين سنة. فاحتاج الناس إلى علم الذين تأخروا، وهذا سبب من أسباب انتشار علمهم, أما من مات قديماً فهذا مع توافر الكبار قد لا تحصل له المنزلة التي تحصل لمن تأخر بعده.
قوله "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني أنه تلقاه عنه بدون واسطة .
قوله: (بني الإسلام على خمس)
معنى البناء: وضع الشيء على مثله الى ان يرتفع
الإسلام: الانقياد والخضوع.
"على خمس"، يعني على خمس دعائم، في بعض الروايات: "على خمسة" يعني أركان. وركن الشيء جانبه الأقوى، الذي هو جزء منه داخل في ماهيته.
فيه بيان عظم شأن هذه الخمس، وأن الإسلام مبني عليها، وهو تشبيه معنوي بالبناء الحسي،
وجه الشبه أن البناء الحسي إذا انهدم بعض أركانه لم يتم، فكذلك البناء المعنوي.
فكما أن البنيان الحسي لا يقوم إلا على أعمدته فكذلك الإسلام إنما يقوم على هذه الخمس،
ـ اقتصر على هذه الخمس لكونها الأساس لغيرها، وما سواها فإنه يكون تابعاً لها.
شهادة أن لا إله إلا الله:
إعراب(شهادة) يحتمل أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف، والتقدير: هي شهادة.وهذا على الرفع، وعلى الكسر تكون بدلاً من قوله: (خمس).
معنى الشهادة: الشهادة هي الإخبار عن علم واعتقاد
معنى شهادة ان لااله الا الله: أن يقر العبد عن اعتقاد جازم أن لا إله معبود بحق إلا الله سبحانه ، ولا تتحقق الشهادة إلا بركنين:
الأول: نفي الألوهية والعبادة عن سائر الأنداد والآلهة والطواغيت من شجر وحجر وملك وجني وولي وغير ذلك .
الثاني: إثبات الألوهية والعبادة الحقة لله دون ما سواه قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) وقال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
أي: تعترف بلسانك وقلبك أن لا معبود بحق إلا الله، وهذه كلمة التوحيد، ولا يصح الإسلام بدونها، ولا بد من النطق بها، ومعرفة معناها، والعمل بمقتضاها،
(شهادة أن لا إله إلا الله) تنفي جميع ما يعبد من دون الله -جل وعلا-، وتثبت العبادة لله وحده
وأن محمدًا رسول الله
ومعنى شهادة أن محمدا عبد الله ورسوله الإقرار بأن محمدا عبد لله وأن الله أرسله لتبليغ دينه وهداية الخلق كافة قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) وقال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)
ومقتضاها: تصديقه في كل ما أخبر به، وامتثال ما أمر به، وأن تكون عبادة الله وفقاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهذان أصلان لابد منهما في قبول أي عمل يعمله الإنسان.
فلابد من تجريد الإخلاص لله وحده، ولابد من تجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام أولها الشهادتان، وهما أس الأسس، وبقية الأركان تابعة لها، فلا تنفع هذه الأركان وغيرها من الأعمال إذا لم تكن مبنية على هاتين الشهادتين، وهما متلازمتان، فلابد من شهادة أن محمداً رسول الله مع شهادة أن لا إله إلا الله.
منزلة الشهادتين
قال ابن رجب - رحمه الله -: والمقصود تمثيل الإسلام ببنيان، ودعائم البنيان هذه الخمس، فلا يثبت البنيان بدونها، وبقية خصال الإسلام كتتمة البنيان، فإذا فقد منها شيء نقص البنيان، وهو قائم لا ينتقض بنقض ذلك، بخلاف نقض هذه الدعائم الخمس، فإن الإسلام يزول بفقدها جميعًا بغير إشكال، وكذلك يزول بفقد الشهادتين
فالشهادتان هما أساس في ذاتيهما، وهما أساس لبقية الأركان، ولكل عمل يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا لم يكن العمل مبنيًا على الشهادتين فإنه يكون مردودًا على صاحبه وغير مقبول، ولا ينفع صاحبه عند الله عز وجل.
شمول الشهادتين لكل الدين وكل الأعمال الظاهرة والباطنة.
أثر ترك الشهادتين - ومن لم يأتِ بالشهادتين فليس بمسلم إجماعًا،
أثر ترك بقية الأركان
وأما الأركان الأخرى - وهي الصلاة والزكاة والصوم والحج - فمن ترك شيئًا منها استخفافًا بها أو استحلالًا لتركها فكافر إجماعًا،
ومن ترك شيئًا منها كسلًا ففيه خلاف:
ـ فمن العلماء من يرى كفره، ومنهم من يرى عدم كفره، وقد احتج من قال بكفره بقول الله تعالى في شأن الصلاة والزكاة: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11]، وقوله في شأن الحج: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].
أثر ترك الصلاة
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:
وأما تارك الصلاة
ـ فإن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين ، خارج من ملة الإسلام إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه ،
ـ وإن كان تركه تكاسلا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه:
ـ فذهب مالك والشافعي رحمهما الله والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ، ولكنه يقتل بالسيف .
ـ وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل - رحمه الله - . وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه . وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي رضوان الله عليه .
ـ وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهما الله أنه لا يكفر ، ولا يقتل ، بل يعزر ويحبس حتى يصلي
واحتج من قال بكفره بظاهر الحديث الثاني المذكور ، وبالقياس على كلمة التوحيد . واحتج من قال لا يقتل بحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وليس فيه الصلاة .
واحتج الجمهور على أنه لا يكفر بقوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ومن مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ولا يلقى الله تعالى عبد بهما غير شاك فيحجب عن الجنة . حرم الله على النار من قال لا إله إلا الله وغير ذلك .
وانما وقع الخلاف في ترك الصلاة بسبب منزلتها في الاسلام وكونها أول ركن بعد الشهادتين والسبب الثاني ورود أحاديث صحيحة واضحة في كفر تاركها كما سبق
وأجاب أصحاب هذا الرأي على الاستدلال بأحاديث كفر تارك الصلاة بان مثلها مثل غيرها من الأحاديث التي صرحت بكفر فاعل شيء أو ترك شيء وهي محمولة على تأويل آخر غير الكفر المخرج من الملة
وأمثلة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم(قتال المسلم فسوق وقتاله كفر) فهو محمول
ـ على الكفر الأصغر غير المُخرِج من الملة والمراد به تغليظ بشاعة قتال المسلم
ـ أو محمول على كفر نعمة الأخوة في الاسلام
وسبب التأويل
ـ هو ورود أدلة على عدم التكفير بسبب الاقتتال مثل قول الله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي) فأثبت الايمان للطائفتين رغم اقتتالهما
وقوله تعالى(فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء اليه بإحسان) فأثبت للقاتل أخوته مع ولي دم المقتول
كما أن الصحابة اقتتلوا ولم يكفر بعضهم بعضا
فكذلك يجب تأويل الكفر الوارد في الأحاديث بأحد التأويلات ولايحمل على الكفر الأكبر
ـ وأما ترك شيء من أركان الإسلام غير الصلاة
فقد ورد في ذلك خلاف ضعيف عن بعض أهل العلم ولا يصح في ذلك حديث والصواب أن ترك الزكاة والصوم والحج ليس بكفر وإن كان جرما عظيما وهو مذهب عامة أهل العلم.
الصلاة
معناها لغة: الدعاء
وفي اصطلاح الشرع : أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم
منزلتها وهي أهم الأركان بعد الشهادتين، وتأتي في اليوم والليلة خمس مرات، ولهذا فإنها صلة وثيقة بين العبد وربه،
، وقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها عمود الإسلام، كما في وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل، وهو الحديث التاسع والعشرون من هذه الأربعين،( رأس الأمر الاسلام وعموده الصلاة)
وأخبر أنها آخر ما يُفقد من الدين، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة،
وأن بها يحصل التمييز بين المسلم والكافر.
معنى إقام الصلاة هو أداؤها على وجه الاستقامة والمحافظة عليها مع جماعة المسلمين؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، قال الثعالبي عن ابن عباس: أي فرضًا مفروضًا، وقال الآلوسي: أي مكتوبًا مفروضًا.
وإقامتها تكون على حالتين:
إحداهما: واجبة، وهي الإتيان بها على وجه مجزٍ أدي فيه الواجب.
الثانية: مستحبة، وهي تكميلها وتتميمها بالإتيان بكل ما هو مستحب فيها.
قال في الحديث (وإقام الصلاة) ولم يقل أداء الصلاة لأنه ليس مقصود الشارع فعلها فحسب وإنما مقصوده أداؤها تامة بشروطها وأركانها والمحافظة على أوقاتها ومراعاة سننها وآدابها
الزكاة ◙ الزكاة: لغة: النماء،وإيتاء أي: إعطاء
شرعًا: حق واجب في مال خاص، لطائفة مخصوصة، في زمن مخصوص.
منزلتها
هي قرينة الصلاة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما في قول الله عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:5]، وقوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:11]، وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5].ونفعها متعدٍ، ولهذا قدمت على الحج والصيام، وجاءت بعد الصلاة
وهي عبادة مالية وقد أوجبها الله في أموال الأغنياء على وجه ينفع الفقير ولا يضر الغني؛ لأنها شيء يسير من مال كثير.
صوم رمضان،
معناه لغة: الكف والامتناع والترك،
واصطلاحا هو الإمساك عن المفطرات من الفجر إلى غروب الشمس
وهوعبادة بدنية،
حج بيت الله الحرام
معناه: لغة: القصد،
شرعًا: قصد بيت الله الحرام للنسك.
عبادة مالية بدنية، وقد أوجبها الله في العمر مرة واحدة، وبين النبي صلى الله عليه وسلم فضلها، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (رمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
فوائد عامة
ـ أورد النووي هذا الحديث بعد حديث جبريل -وهو مشتمل على هذه الخمس- لما اشتمل عليه هذا الحديث من بيان أهمية هذه الخمس، وأنها الأساس الذي بني عليه الإسلام، ففيه معنىً زائد على ما جاء في حديث جبريل
ـ هذا الحديث بهذا اللفظ جاء فيه تقديم الحج على الصوم، وهو بهذا اللفظ أورده البخاري في أول كتاب الإيمان من صحيحه، وبنى عليه ترتيب كتابه الجامع الصحيح، فقدم كتاب الحج فيه على كتاب الصيام، وقد ورد الحديث في صحيح مسلم بتقديم الصيام على الحج وتقديم الحج على الصيام.
وفي الطريق الأولى تصريح ابن عمر بأن الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديم الصوم على الحج، وعلى هذا يكون تقديم الحج على الصوم في بعض الروايات من قبيل تصرف بعض الرواة، فرواه بالمعنى، وسياقه في صحيح مسلم: عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بني الإسلام على خمسة: على أن يوحد الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج.
فقال رجل: الحج وصيام رمضان؟ قال: لا، صيام رمضان والحج، هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ـ هذه الأركان الخمسة وردت في الحديث مرتبة حسب أهميتها، وبدئ فيها بالشهادتين اللتين هما أساس لكل عمل يتقرب به إلى الله عز وجل، ثم بالصلاة التي تكرر في اليوم والليلة خمس مرات، فهي صلة وثيقة بين العبد وبين ربه، ثم الزكاة التي تجب في المال إذا مضى عليه حول؛ لأن نفعها متعدٍ، ثم الصيام الذي يجب شهراً في السنة، وهو عبادة بدنية نفعها غير متعدٍ، ثم الحج الذي لا يجب في العمر إلا مرة واحدة.
ــ لم يذكر رسول االله صلى الله عليه وسلم الجهاد في الحديث مع أنه من أفضل شرائع الإسلام ففي حديث معاذ ابن جبل "أن رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" رواه الترمذي وذروة سنامه أعلى شيئ فيه ولكن الجهاد ليس من دعائم الإسلام وأركانه التي يبنى عليها لأمرين:
الأول: الجهاد فرض كفاية عند الأكثر بخلاف سائر الأركان.
الثاني: إن الجهاد لا يستمر فعله إلى آخر الزمان بل ينقطع حين نزول عيسى عليه السلام بخلاف سائر الأركان.والله أعلم بالصواب.
وقد ورد في صحيح مسلم أن ابن عمر رضي الله عنهما حدث بهذا الحديث عندما سأله رجل فقال له: ألا تغزو؟ فساق الحديث،إشارة إلى أن الجهاد ليس من أركان الإسلام،
أولاً: بيان أهمية هذه الخمس؛ لكون الإسلام بني عليها.
ثانياً: تشبيه الأمور المعنوية بالحسية لتقريرها في الأذهان.
ثالثاً: البدء بالأهم فالأهم.
رابعاً: أن الشهادتين أساس في ذاتيهما، وهما أساس لغيرهما، فلا يقبل عمل إلا إذا بني عليهما.
خامساً: تقديم الصلاة على غيرها من الأعمال؛ لأنها صلة وثيقة بين العبد وبين ربه.
سادساً: ذكر العدد أولاً ثم المعدود بعد ذلك مما يجعل السامع يستوعب ما يلقى عليه، ويعي ما يلقى عليه، وهو منهج سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم في إيضاحه وبيانه لأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
ـ تلازم الشهادتين، ووجوب الجمع بينهما، وأنه لو اقتصر على إحداهما لم تنفعه.
ـ أهمية الإتيان بالصلاة على وجهها الصحيح وإقامتها.
أهمية الصوم والزكاة والحج، وأن من انتقص منها شيئًا نقص من دينه.
ـ أن هذا الحديث أصل عظيم في معرفة الدِّين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه.
ـ أن هذه الفروض الخمسة من فروض الأعيان، لا تسقط بإقامة البعض عن الباقين.
- أن من لم يأتِ بهذه الأركان الخمسة فليس في دائرة الإسلام بالإجماع.
ـ لا يقتصر دين الإسلام على هذه الأمور الخمسة بل يشمل أعمالا وشعبا كثيرة وإنما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر هذه الأركان الخمسة لأنها بمنزلة الدعائم للبنيان ، وفي رواية للمروزي بلفظ (بني الإسلام على خمس دعائم) ـ بل الأكثر ما جاء في الحديث عن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة"
فقال: "هل علي غيرهن" ؟
قال:" لا إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان"
فقال: "هل عليَّ غيره"؟
فقال: "لا إلا أن تطوع"
وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: "هل علي غيرها"؟
قال: "لا إلا أن تطوع".
قال فأدبر الرجل وهو يقول: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق" رواه مسلم
قال الإمام النووي: فإن قيل : كيف قال : "لا أزيد على هذا" وليس في هذا الحديث جميع الواجبات ولا المنهيات الشرعية ولا السنن المندوبات ؟
فالجواب أنه جاء في رواية البخاري في آخر هذا الحديث زيادة توضح المقصود قال : "فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام" ، فأدبر الرجل وهو يقول : "والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله تعالى علي شيئا" . فعلى عموم قوله "بشرائع الإسلام" ، وقوله : "مما فرض الله علي" يزول الإشكال في الفرائض .
وأما النوافل ، فقيل : يحتمل أن هذا كان قبل شرعها ، وقيل يحتمل أنه أراد لا أزيد في الفرض بتغيير صفته كأنه يقول لا أصلي الظهر خمسا وهذا تأويل ضعيف . ويحتمل أنه أراد أنه لا يصلي النافلة مع أنه لا يخل بشيء من الفرائض وهذا مفلح بلا شك وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة وترد بها الشهادة إلا أنه ليس بعاص بل هو مفلح ناج . والله أعلم .
ـ بعدأن نتعلم فقه هذا الحديث ومافيه من أحكام وتفاصيل ندرك الفرق بين العلم بالشيء والجهل به فقبل العلم به نحن نقرأ هذا الحديث فنجد فيه معان عامة معلومة شائعة فلانكاد نشعر بجديد ولكن عندما نتعلم مااشتمل عليه من أحكام نجد فيه تفاصيل هامة
فلا نغتر بسهولة كلمات النص وعموم معانيه فالقواعد العامة في الاسلام سهلة الكلمات لكنها غزيرة المعاني وفيها من التفاصيل الكثير المهم
مثال ذلك التوحيد فأسهل سورة في القرآن سورة الاخلاص رغم ان التوحيد أساس الاسلام وتفاصيله كثيرة جدا لكن الاسلام يحب ان تكون كلمات التوحيد سهلة بسيطة لأنها يحتاجها العالم والأمي فلا يصح ان تكون معقدة
ومثال آخر سورة الفاتحة سهلة الكلمات وظاهرة المعاني للأمي لكنها للعالم بحر عميق غزير المعاني والفوائد من كل جهة أي لغويا وفقهيا وغير ذلك
ساحة النقاش